icon
التغطية الحية

أول أسرة سورية لاجئة في "كيلونا" ترد الجميل مقدماً

2022.03.03 | 13:33 دمشق

بطاقة دعوة لحفل عشاء خيري لصالح أسرة الشحود بعد وصولها إلى كندا
بطاقة دعوة لحفل عشاء خيري لصالح أسرة الشحود بعد وصولها إلى كندا
كوست ريبورتر - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

منذ وصول محمد الشحود برفقة أسرته ليصبحوا أول عائلة سورية لاجئة في كيلونا بولاية كولومبيا البريطانية في كندا، لم يفوت هذا الرجل أي فرصة ليقدم يد العون لأي لاجئ أو مهاجر وصل حديثاً إلى تلك البلاد، إذ إن محمداً يشعر بسعادة غامرة وهو يقدم المساعدة، سواء أكانت مساعدة في الترجمة من الإنكليزية إلى العربية أو العكس، أو المساعدة في كتابة الوثائق التي ستقدم للحكومة، أو الذهاب مع اللاجئين الذين وصلوا حديثاً إلى موعد طبيب، أو غير ذلك.

يقول محمد الذي كانت أسرته المؤلفة منه ومن زوجته وأولادهما الخمسة أول أسرة سورية تحصل على تمويل من قبل اللجنة المركزية للاجئين في أوكاناغان في عام 2015: "إنني مستعد لمساعدة أي أسرة بحاجة إلى مساعدة وبإمكاني أن أقدمها لها، وهذا الأمر ليس محصوراً بالأسر السورية فحسب".

بحسب ما أوردته وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن الحرب الدائرة في سوريا أجبرت أكثر من 5.6 ملايين نسمة على مغادرة البلاد، إلى جانب 6.7 ملايين نسمة يعتبرون نازحين داخلياً.

وفي استجابة لهذا النزاع، أطلقت كندا عملية خاصة باللاجئين السوريين، وهي عبارة عن مبادرة شملت 25 ألف لاجئ سوري وتهدف إلى إعادة توطينهم في عموم أنحاء كندا خلال 100 يوم فقط، وكان ذلك ما بين تشرين الثاني 2015 وشباط 2016.

خلال الأشهر الستة الأولى لأسرة الشحود في كندا، يخبرنا محمد بأنه لم يكن هنالك أي سوريين غيرهم في تلك المدينة، والآن يقدر عددهم بما لا يقل عن 75-80 أسرة سورية، معظمهم يعرفهم محمد بشكل شخصي، حيث يعلق على ذلك بقوله: "إنها ليست جالية كبيرة، لكنها أصبحت أكبر، ولذلك أجد أنه من واجبي وواجب أسرتي والجالية التي أنتمي إليها أن نقدم المساعدة، وهذا لا شيء، لأنه لا يستغرق أكثر من بضع دقائق أو ساعة باليوم".

ففي نهاية الأمر، يمكن القول إن المساعدة التي قدمتها كندا هي التي ساعدت محمد شحود وعائلته على الهروب من النزاع الدائر في سوريا ليصلوا إلى بر الأمان.

الهروب من الحرب

في آذار 2012، أي بعد مرور عام على اندلاع الثورة السورية، أصبح الحي الذي تقطنه أسرة الشحود في حمص خطراً، وذلك بسبب اقتحام عناصر من قوات النظام تلك المنطقة.

تتذكر أسرة الشحود كيف حفروا فتحات في الجدران في بيتهم وفي البيوت المجاورة حتى يستخدموها كممرات للهرب، ويعلق محمد على هذا بقوله: "إن خرجت من بيتك إلى الشارع فلابد وأن تقتل، ولهذا هربنا سيراً على الأقدام وبالملابس التي كنا نرتديها، ولم نأخذ أي شيء معنا على الإطلاق".

وبعد أن قطعوا مسافة 50 كلم سيراً على الأقدام، وصلوا إلى مدينة صغيرة خارج حمص، فأقاموا هناك لمدة 40 يوماً، ومع ازدياد الوضع سوءاً في سوريا، قررت أسرة الشحود أن الوقت قد حان للرحيل عن البلاد، وفي نيسان 2012، وصلت تلك الأسرة إلى دولة الأردن المجاورة سيراً على الأقدام.

يعلق محمد على تلك التجربة قائلاً: "عثرنا على أشخاص ساعدونا، حيث قدموا لنا ملابس وشيئاً لننام عليه"، وأضاف بأن الشرطة الأردنية ساعدتهم هي أيضاً، ويقول عنها: "لقد رحبوا بنا بما أنهم يحمون الناس، إذ كنا عبارة عن مخيم صغير".

أمضت تلك الأسرة ليلتين في المخيم قبل أن تعثر على شقة في مدينة المفرق، فقامت باستئجارها، وبقيت الأسرة تعيش هناك لمدة ثلاث سنوات.

ويخبرنا محمد بأنه بالرغم من أن عمل اللاجئ يعتبر مخالفاً للقانون هناك، إلا أنه أمضى جل وقته في الأردن وهو يبحث لنفسه عن عمل في مزاد الحيوانات حتى يعيل أسرته، كما حصلوا على بعض الدعم الذي قدمته الأمم المتحدة.

رد الجميل على الدوام

في نهاية المطاف، سألت الأمم المتحدة من أسرة الشحود إن كانت ترغب بالسفر والعيش في كندا حتى يتم تمويلهم من قبل اللجنة المركزية للاجئين في أوكاناغان ضمن مبادرة تعاونية تجمع ما بين ثلاث كنائس في كيلونا، وهي الكنيسة الموحدة، وكنيسة وينفيلد الموحدة، وكنيسة روتلاند الموحدة.

وفي عام 2015، انتقلت تلك الأسرة إلى كيلونا عبر فرانكفورت في ألمانيا، مروراً بفانكوفر، ويتحدث محمد عن ذلك فيقول: "لقد رحبت اللجنة المركزية للاجئين في أوكاناغان بنا في المطار، وقدموا لنا كل شيء يلزمنا لنستقر هنا".

وبعد مرور سبع سنوات تقريباً على تلك الحادثة، لم يفقد محمد شحود شغفه بمساعدة الآخرين، وقد ساعده في ذلك الدعم واللطف الذي تلقاه هو وعائلته، ولهذا قرر أن يواصل العمل والمساعدة حتى آخر يوم في حياته، إذ برأيه، طالما أن المرء يتنفس، فعليه أن يبذل الجهد لمساعدة الآخرين، ويعلق على ذلك بقوله: "كل شيء حصلت عليه ثمة شخص ما قدمه لك، أي هناك شخص آخر بطريقة أو بأخرى، إذ ثمة شخص قدم ذلك الشيء لك وعليك أن ترد الجميل، أي أن رد الجميل مستمر على الدوام".

المصدر: كوست ريبورتر