icon
التغطية الحية

أغنية الفيفا "توكو تاكا".. استغراق في صورة الشرق الراقص

2022.11.19 | 16:02 دمشق

استاد الجنوب وسط الدوحة
استاد الثمامة مستوحى من الثقافة والتقاليد ـ الحساب الرسمي لـ qatar2022
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، عن الأغنية الرسمية لبطولة كأس العالم في قطر 2022، تحت عنوان "توكو تاكا"، وبمشاركة 3 فنانين وهم مالوما، وميريام فارس، ونيكي ميناج.

وجرى الإطلاق الرسمي لأغنية "الفيفا" أمس الجمعة، في حين سيكون اليوم السبت عرضها الحيّ الأول، في افتتاح مهرجان الدوحة للجماهير بمشاركة المغنين الثلاثة.

وبعد ساعات من إطلاق أغنية الفيفا، طالت انتقادات الأغنية لحنا وكلمات ورقصات، باعتبار أنها لا تعبر عن هوية دولة قطر والهوية العربية الإسلامية عموما. وربما كانت الأغنية محاولة من الفيفا للتعبير عن عالمية الحدث الكروي وتمازج "الحضارات" والثقافات من خلال الغناء بالعربية والإنجليزية واللاتينية في أغنية واحدة، في وقت أعاد فيه المونديال الحديث عن صراع الحضارات والهويات. 

الانتقادات ليست الأولى التي تطول أغاني الفيفا، فقد أزعجت أغنية "واكا واكا" التي أدتها شاكيرا الفنانة ذات الأصول اللبنانية جنوب أفريقيا وهي الأغنية الرسمية للفيفا في مونديال جنوب أفريقيا 2010.

اعترض الجنوب أفريقيون على تمثيل امرأة أجنبية لهم بدلا من الاستعانة بفنان محلي، وطالب اتحاد فناني جنوب أفريقيا بمقاطعة حفل الافتتاح، بالإضافة إلى كثير من الاعتراضات والتظاهرات التي أدت إلى إضافة الفريق الموسيقي الأفريقي Freshlyground – والذي شارك في توزيع الأغنية أيضا – وعدد آخر من فنانين جنوب أفريقيا إلى الحفل لتأدية العرض مع شاكيرا.

الرغبة في إظهار الخصوصية الثقافية لدى الدول المستضيفة للمونديال أمر طبيعي، كما أن إظهار عالمية الحدث الكروي وجمعه لأعراق وثقافات وطوائف وأديان أمر طبيعي أيضا خاصة في زمن الغزو الروسي لأوكرانيا وما أفرزه من نتائج على الصعيد العالمي اقتصاديا وسياسيا وإنسانيا، وبحسب تعبير الفيلسوف شارلز تايلر فإن الهوية هي "فكرة أخلاقية قوية".

وبحسب قناة الجزيرة، فإن مركز عبد الله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية القطرية دشن مبادرة تهدف إلى تعريف جماهير كأس العالم 2022 بالإسلام من خلال مواد دينية مترجمة بلغات عدة.

ونشر المركز على موقع وزارة الأوقاف القطرية رابطًا يحتوي على كتيب ديني ترجم إلى 6 لغات رئيسية هي الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والروسية والبرتغالية، ويحتوي كل رابط على لغة محددة بها الكتيب الخاص بالتعريف بالدين الإسلامي تحت عنوان "فهم الإسلام".

في أغنية "توكو تاكا" يشق الباص طريقا صحراويا إلى ما لا نهاية، وترقص ميريام فارس ونيكي ميناج ومالو على أنغام مختلطة، ولكن الشرق ليس "رقصا" ومسبحة دبكة كما أن الخليج وقطر ليسوا صحراء خاوية، وكأن الفيديو كليب غلب عليه الاستغراق في الاستشراق، حيث يكون الشرق شرق سندباد أو شهرزاد، شرقا ساحرا مثيرا للعواطف والأحلام.. هذا الشرق أنتجه الفكر الاستشراقي، الشرق يرقص وله أنغامه كما أنه يفكر أيضا وله أفكاره. 

الشرق كما روجه الغرب ليس الشرق نفسه، إنما هو شرق أنتجه الفكر الاستشراقي على صورته "ملائما للثقافة السائدة الطاغية".

في حين سيرى الواصل إلى قطر بنية تحتية متطورة وأحدث التقنيات الخدمية، حيث ستنطلق النشاطات الترفيهية الرسمية لـ "مهرجان الفيفا للمشجعين" اليوم 19 من تشرين الثاني، قبل يوم واحد من صافرة البداية لمنافسات كأس العالم 2022.

ولا يقتصر مهرجان الفيفا للمشجعين على العروض الموسيقية والترفيهية فحسب؛ ولكنه يمنح زواره فرص الاطلاع على جوانب الثقافة المحلية، وتذوق العديد من أصناف المأكولات من أرجاء العالم، وممارسة الألعاب، إلى جانب بث مباشر لجميع مباريات البطولة على شاشات ضخمة في الهواء الطلق، ضمن مناظر طبيعية خلابة، بما يحقق الخصوصية الثقافية والعالمية في وقت واحد، إلا أنه يعد وقتا صعبا، حيث يصعد اليمين المتطرف الأوروبي وتعلن البوتينية العسكرية عن نفسها، وتبحث الترامبية عن طريق العودة إلى البيت الأبيض، لذا يمكن أن تكون أغنية الفيفا نتاجا للأزمة التي تسود العالم وحالة الفوضى التي أحدثها الغزو الروسي لأوكرانيا من حيث تعزيز الحمائية الأوروبية وتهميش بقية العالم.

 لم يعد العقل من سمات الغرب والقلب والعواطف من خصائص الشرق كما يدعي "المستشرقون"، كما لم يعد الحديث عن عقل غربي وآخر عربي أو عقل مسلم فعالاً في ضجيج الأزمات التي يمر بها العالم، فما يجمعنا في هذه المرحلة التاريخية هو عقل واحد علينا أن نقوم بتهدئته.