icon
التغطية الحية

أصوات محملة بذكريات مؤلمة.. هكذا يعيش سوريون احتفالات "رأس السنة" بهولندا

2024.01.01 | 13:58 دمشق

احتفالات رأس السنة في هولندا - تلفزيون سوريا
احتفالات رأس السنة في هولندا - تلفزيون سوريا
هولندا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

في عام مع حلول شهر كانون الأول يبدأ كثير من الهولنديين بإشعال الألعاب النارية للاستمتاع بالأصوات والألوان التي تُصدرها الأمر الذي يُعيد كثيرا من السوريين المقيمين في بلاد الطواحين إلى "ذكريات مؤلمة" عاشوها تحت القصف في وطنهم الأم.

"أوجاع الماضي تلاحقنا"

ويقول اللاجئ السوري (ليث س) المقيم قرب لاهاي لموقع "تلفزيون سوريا"، "ما زالت إلى الآن ورغم مرور سنوات على إقامتي في هولندا أفزع كلما سمعت صوت الألعاب النارية خصوصاً تلك اللي تشبه صوت القنابل".

ويضيف ليث وهو أب لثلاثة أطفال "كلما سمعت تلك الأصوات أعود بالذاكرة إلى عام 2014 حين كان نظام الأسد يقصفنا في عربين وحينذاك كنت أخفف عن أطفالي وأقول لهم إنها أصوات ألعاب نارية!".

وأردف ليث "ما زالت أوجاع الماضي تلاحقنا حتى في اللحظات الجميلة كبداية السنة الجديدة".

بدوره يقول اللاجئ السوري (شاهين ق) لموقع تلفزيون سوريا "أصبحت أكره شهر كانون الأول بسبب أصوات الألعاب النارية خصوصاً حينما يشعلوها الأطفال في حيّنا في المساء"، مضيفاً: "تعود بي الذاكرة مباشرة لعام 2013 حين كانت قوات النظام تدك حي الوعر في حمص".

ويعبر اللاجئ السوري عن استغرابه من الذين يستمتعون بتلك الأصوات القوية المرعبة قائلاً: "ما الجميل بأصوات القنابل والصواريخ (..) ربما كان على هؤلاء الذين يفجرونها أن يعيشوا في حالة حرب كما عاشها السوريون في وطنهم"، ويضيف ضاحكاً "هناك سيستمتعون بالمجان!".

أما اللاجئة السورية (شيرين ع) المقيمة في مدينة زوترمير فتقول لموقع "تلفزيون سوريا"، "كنت في السابق أفزع عند سماعي أصوات الألعاب النارية خصوصاً في أول سنة لي في هولندا".

وتضيف "أما الآن بات الأمر عادياً رغم أني ما زلت أتذكر ما عشته من أوقات صعبة في سوريا في ظل قصف طيران النظام وروسيا على مدينة حلب".

ويعتبر أكثر المتأثرين من أصوات الألعاب النارية طالبي اللجوء الذين يقيمون في مراكز الإيواء خصوصاً الذين قدموا مؤخراً من مناطق كانت تشهد قصفاً كريف إدلب، ويقول حسن المنحدر من مدينة حمص "أصوات الألعاب النارية خصوصاً تلك التي تشهب القنابل تفزعني وأحياناً أصحوا من النوم خائفاً ومرتعباً بسببها".

ويتابع اللاجئ السوري الذي كان مهجراً في مدينة إدلب قبل وصوله إلى هولندا: إن "الأصوات مزعجة جداً وتعيد لي ذكريات مؤلمة في حمص وإدلب حين خسرت كثيرا من أقاربي وأصدقائي في القصف سواء في إدلب أو في حمص".

احتفالات رأس السنة في هولندا - تلفزيون سوريا

"اضطراب ما بعد الصدمة"

بدورها تعلق الاختصاصية النفسية سيمون ديلاري على الموضوع، موضحة أنها تعالج العديد من اللاجئين الذين يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.

وتضيف سيمون التي تعمل في المركز الوطني للصدمات النفسية في مدينة ديمن وفقاً لموقع "أر تي إل نيوز" إن "نحو 30 بالمئة من اللاجئين من مناطق الحرب يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة".

وتقول: "لقد مر هؤلاء الأشخاص بالعديد من المواقف غير السارة وغالباً ما يعانون من الكوابيس والمخاوف"، وتضيف "إذا سمعوا انفجارات غير متوقعة، فقد يصابون بالرعب ويعانون من تذكر إعادة التجربة".

وتضيف ديلاري أنه "قد يعاني بعض الأشخاص بسبب تجارب مؤلمة مروا بها ولهذا السبب من المهم أن يُمنح المقيمون في مراكز طالبي اللجوء، على سبيل المثال، الفرصة لحماية أنفسهم"، مبينة "إذا علموا أن الأمر قادم، فيمكنهم الاستعداد على سبيل المثال، من خلال إلهاء أنفسهم أو معرفة أن الألعاب النارية لا تهدد الحياة".

%40 من السوريين يعانون مشكلات نفسية

من جانبه يقول الاستشاري والطبيب النفسي "آرام حسن" في تصريح لموقع "تلفزيون سوريا" إنه "بحسب الدراسات التي أُجريت فإن أربعين بالمئة من السوريين يعانون من مشكلات نفسية ونحو عشرين بالمئة منهم لديهم صدمات نفسية".

ويضيف بأنه مركز "كوتيم" الاستشاري في مدينة روتردام الهولندية عالج تقريباً 112 حالة من السوريين تعاني من صدمات نفسية"، مشيراً إلى أن "أغلب تلك الحالات كانت من الرجال بسبب مشكلات اجتماعية كما أن هناك كثيرا من الأطفال وهذا معروف".

"منظمات تساهم بالـتوعية"

أما منظمة "مساعدة اللاجئين" في هولندا بدورها تشير إلى أن ليلة رأس السنة الجديدة يجب أن تكون ممتعة لكل من يعيش في هولندا، وتقول المسؤولة الصحفية في المنظمة فاليري كيركلز: "نريد أن نجعل الناس يدركون أن هناك أيضاً لاجئين يعيشون بيننا ولا يشعرون بالمتعة مع الألعاب النارية بسبب تجاربهم المؤلمة".

وتنصح المنظمة الأشخاص الذين ما زالوا يرغبون في إشعال الألعاب النارية بإشراك اللاجئين من المنطقة "وهذا يخلق ارتباطات إيجابية".

كما تنصح المنظمة الهولندية بعدم السؤال عن التجارب المؤلمة التي مر بها شخص ما في وطنه.

بدورها تحرص الوكالة المركزية لاستقبال طالبي اللجوء (كوا) في الفترة التي تسبق ليلة رأس السنة الجديدة، على تقديم معلومات للمقيمين في مراكز طالبي اللجوء حول الألعاب النارية وتقول نيكول رايجماكيرز من "كوا" وفق ما ذكر موقع "آر تي ال نيوز": "لقد نشرنا أيضاً معلومات حول هذا الأمر على موقعنا الإلكتروني" وتضيف "هذه المقالات متوافرة بعشر لغات".

كما أن موظفي كوا موجودون أيضاً في الموقع لتقديم المساعدة، وتقول رايجماكيرز: "على سبيل المثال، لدينا موظفون يمكن للمقيمين التحدث معهم إذا انزعجوا من أصوات الانفجارات.. ونحن نبذل قصارى جهدنا لضمان أن يكون جميع المقيمين في مراكز طالبي اللجوء على علم جيد بهذا الأمر".

وعلى مدار السنوات العشر الأخيرة وصل عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى هولندا هرباً من الحرب التي شنها نظام الأسد على المدن الثائرة ضد حكمه والتي أسفرت عن سقوط عشرات آلاف القتلى من السوريين.

ويقدر عدد السوريين في هولندا بأكثر من 150 ألفاً، حصل معظمهم على الجنسية الهولندية في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة، وأبرزها اللغة الهولندية وإقامتهم خمس سنوات في البلاد.