icon
التغطية الحية

أستانـا 9.. صنع المستحيـل! وجنيف بين الحيـاة والمـوت

2018.05.19 | 21:05 دمشق

مؤتمر صحفي يضم وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا(الأناضول)
تلفزيون سوريا-حسام محمد
+A
حجم الخط
-A

حمل مسار أستانا 9 الذي انتهى قبل يومين في جعبته ملفيين أساسيين في مصير سوريا، تمحورا حول قضية المعتقلين السوريين ومستقبل إدلب، ورغم التفاؤل الكبير الذي أطلقته الدول الضامنة، وحتى وفدي النظام والمعارضة، إلا أن التخوف من الغد، ما زال سيد المواقف، خاصة مع تواتر الأحاديث عن رغبة الدول الراعية الجنوح نحو سوتشي عوضاً عن جنيف.

الباحث في الشؤون الروسية- التركية "باسل الحاج جاسم"، قال "لموقع تلفزيون سوريا" إن أي مسار محادثات ناجح، يجب أن يكون له بداية ونهاية، ومسار أستانا في حال استمراره بجولة عاشرة سيدخل بعدها في مرحلة جديدة بالتأكيد.

المنتظر الآن من نتائج الجولة التاسعة، وفق المصدر، متعلق بتحقيق تقدم ما في ملف المعتقلين، هذا الملف الإنساني الذي تم ترحيله عن أكثر من جولة سابقة، ولم يسبق أن تمكن أي محفل استضاف محادثات حول سورية أن يقدم في موضوع المعتقلين أي جديد.

 

درعا وإدلب.. سلم أم حرب؟

وأضاف "من المبكر القول أن درعا وإدلب باتت خارج المعارك، مع أن لكل منطقة منهم خصوصية في جانب ما، وحالة مختلفة بالمجمل، القادم في درعا سيكون بداية لامتحانين، الأول صمود الاتفاق الروسي الأميركي الأردني، والثاني امتحان لما تريده تل أبيب في جوارها السوري، مع تلازم لا يخفى على أحد بين الأمرين". 

أما فيما يخص إدلب، وبعد جمع الكثير من المجموعات والفصائل مختلفة التوجهات فيها، بالإضافة لوجود "هيئة تحرير الشام"، فمصيرها مايزال يكتنفه الكثير من الغموض، من عدة نواحي لعل أبرزها أن تلك الفصائل التي فشلت في التعامل و إدارة مناطقها و فهم توجه القوى الدولية والإقليمية الفاعلة على الأرض السورية وتمسكت بتفرقها، بالتأكيد لن يكون حالها أفضل في إدلب، وما الهدوء الظاهري الذي تعيشه المدينة اليوم إلا مرحلي.

ووفق الباحث من الطبيعي أن يكتنف إمكانية التوصل لحل للوضع في سورية صعوبات كبيرة، بسبب تباين مواقف مختلف الأطراف، في شأن طبيعة هذا الحل ومخرجاته، بعد أن تم حرف الأمور من خلال ظهور منظمات إرهابية متطرّفة، وأخرى انفصالية، وهو ما غير الأولويات إقليميا ودوليا في سورية.

وبجميع الأحوال علينا الاستمرار بمراقبة الجنوب السوري والمصير الذي ينتظره، فطالما لم يتدخل طرف ما هناك عسكريا (سواء بشكل مباشر، أو عبر إقامة نقاط مراقبة على غرار ما يشهده الشمال )،فإمكانية التوصل لتفاهمات سورية _ سورية تبقى واردة.

 

أستانا صنع المستحيل!

ويقول "الحاج جاسم" إنه يجب عدم إغفال حقيقة أنه خلال الست سنوات من المأساة السورية، فإن أستانا للمرة الأولى تخرج فيها كل الأطراف المجتمعة بتوافق كامل (سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هذا التوافق)، بمن فيهم الطرفان السوريان (نظام وفصائل عسكرية معارضة).

ويوضح أن اتفاقية إقامة مناطق خفض التوتر أو التصعيد في سورية، التي نتجت عن محادثات أستانا، قلبت جميع الحسابات رأساً على عقب، ولا سيما الأميركية وأداتها الانفصالية التي تدعمها.

فلم يعد يخفى على أحد هدف واشنطن آنذاك، في دعم المجموعات المسلحة التي تطلق عليها اسم «قوات سورية الديمقراطية»، للسيطرة على خط عفرين– إدلب، في تكرار السيناريو نفسه، عندما سلمت تل أبيض وعين العرب ومنبج للامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف إرهابياً في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بعد طرد تنظيم الدولة من تلك المناطق.

إلا أن اتفاق الدول الأربع المشاركة في المحادثات (روسيا، تركيا، إيران، سورية النظام والمعارضة العسكرية)، فوّت الفرصة على الولايات المتحدة الأميركية من أجل تكرار تنفيذ هذا المخطط.

صحيح أن كثر يعتبرون هذا الاتفاق أفقد المعارضة منطقتين لصالح الروس و النظام، إلا أن شقا  كبيرا من السبب وراء ذلك يتعلق بالجزئية التي ذكرتها أعلاه، بتمسك بعض الفصائل بمواقف لا علاقة للسوريين بها وفشلها في إدارة المناطق و استمرار فرقتها، بل واقتتالها أيضاً.

 

أقل من تحالف وأكبر من اتفاق

وفي السياق ذاته لابد من الإشارة أن فصائل غوطة دمشق وقعت منفردة و بعيدا عن أستانا ما عرف اتفاقات خفض التصعيد، جيش الإسلام وقع مع الروس في القاهرة و فيلق الرحمن في جنيف، بالإضافة للعامل الإقليمي و الدولي المرتبط بتغير مواقف الأطراف الداعمة للمعارضة و خلافاتها البينية

ما بين روسيا و تركيا اليوم هو أقل من تحالف لكنه في نفس الوقت أكبر من اتفاق، و لموسكو وأنقرة مصلحة مشتركة بالسلام في المنطقة، و كلاهما بحاجة الآخر سوريا، ونوايا و خطط واشنطن السورية التي ضربت عرض الحائط مصالح الطرفين و قبلهم السوريين، يقول الحاج جاسم.

ويضيف أن الفرملة التي يعيشها مسار جنيف و فشله في تحقيق أي تقدم خلال سنوات من انطلاقه، هو ما فتح المجال لمبادرات أخرى منافسة و داعمة تحريكية، وهو ما يكشف عن  رضى دولي غير معلن على ما يجري في سورية بانتظار رسم واقع جديد على الأرض يناسب جهات ما لتتدخل بعدها لتفعيل مقررات جنيف التي وقتها لن تكون في صالح سورية و ما تبقى من السوريين، فالكل يعلم أن انطلاقة جنيف كانت مع واقع بعيد كل البعد عن واقع اليوم، ويمكن القول أن جنيف سيبقى بين الحياة والموت، لن ينسف، لحين الحاجة الدولية لانعاشه.

 

مزيج سياسي عسكري

إن أكثر ما يلفت الانتباه في جولة أستانة 9، من وجهة نظر السياسي السوري "درويش خليفة"، هو جعلها مزيج سياسي عسكري من قبل من حضروها، وما عزز تواجدها السياسي وجود عضو من الهيئة السياسية للائتلاف في هذه الجولة.

النتائج لم تكن واضحة مقارنةً مع الضخ الإعلامي لهذه الجولة وما لحقها من تصريحات من قبل وفدي النظام والمعارضة وقبولهم بمخرجاتها، على ما يبدو ليس كل ما يقال للإعلام يعبر عن وجهة نظر الطرفين.

كان المفروض على المعارضة وفصائلها، وفق "خليفة" أن تركز على قطاع إدلب كونه الخزان البشري الذي يحتوي كافة مناهضي السلطة الحاكمة والعمل على كسب ضمانات حمايته من إجرام النظام وحلفائه.

ويتابع"ما نلحظه من خلال متابعتنا لجولات أستانا بأنه دائما هناك طرف يطالب بمطلب خارج الإطار الموضوع لما أنشئت له أستانا، وهذه المرة كان مطلب الروس بفتح طريق حلب دمشق المطلب الغير متوقع بالنسبة لجمهور المعارضة".

ويرى "خليفة" أن الروس يحاولون إيصال رسالة، مفادها بأن المعارك في نهاياتها وعلينا تقديم المكأفأة للذين وقفوا مع النظام وهم يقصدون هنا صناعيي حلب وتجار دمشق.

 

البصمة الأمريكية

واعتبر "خليفة" أن غياب المراقب الأميركي عن هذه الجولة كان بمثابة رسالة للحاضرين بأن افعلوا ما شئتم فلن تمر أي تسوية دون وضع بصمتنا عليها، وهم يدركون بأن سيطرة الأمريكيين على سوريا المفيدة اقتصاديا سيجعل من الجميع يهرول لعندهم في الخواتيم.

وأشار إلى أن الروس يحاولون عبر طرحهم لتكون النسخة القادمة في سوتشي، كتأكيد منهم على دفن مسار جنيف وفتح مساراتهم التي من خلالها يستطيعون فرض رؤيتهم للحل الذي يرونه مناسباً، وهذا يحتاج لجهد كبير لتحقيقه إذا ما تمت الموافقة الأمريكية عليه.