icon
التغطية الحية

أزمة امتحان الرياضيات في إدلب تتفاعل.. سخط وغضب وفضيحة والوزارة ترد |صور

2021.06.14 | 11:32 دمشق

200241978_1991814070965604_578644676291804397_n.jpg
إسعاف الطلاب الذين تعرضوا لحالات إغماء يوم الأحد 13 حزيران (الدفاع المدني)
إدلب - فائز الدغيم
+A
حجم الخط
-A

شهدت محافظة إدلب ومحيطها يوم أمس الأحد حالة سخط واستياء شعبي كبير - مازالت مستمرة حتى اليوم - وذلك عقب خروج الطلاب من امتحان مادة الرياضيات في الثانوية العامة في الشمال السوري، الامتحان الذي وُصفت أسئلته بالصعبة للغاية بحسب مدرسين للمادة، ما أدى لحدوث عدة حالات إغماء في صفوف الطلبة خلال الامتحان، كما تسبب بانسحاب عشرات الطلبة من قاعة الامتحان من دون إكماله.

ونشر المئات من الطلاب وذويهم وحتى مدرسي الرياضيات على مواقع التواصل الاجتماعي تعيلقاتهم على الأسئلة التي وضعتها وزارة التربية وتحدثوا عن صعوبة الأسئلة، وبعضهم أشار لتضمين أسئلة من خارج الكتاب وتخصيص كثير من العلامات لهذه الأسئلة.

السخط الكبير دفع مديرية التربية والتعليم بمحافظة إدلب لإيقاف التعليقات على منشورها على فيس بوك الذي يتحدث عن سير العملية التعليمية في مادة الرياضيات، وذلك بعد وصول عدد التعليقات الغاضبة والساخرة إلى أكثر من 700 تعليق خلال أقل من ساعتين.

 

 

إجماع على الصعوبة البالغة لأسئلة الرياضيات

رصد موقع تلفزيون سوريا كثيرا من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وتحدث مع عدد من الطلاب المتفوقين وعدد من معلمي المادة في محاولة لتقييم صعوبة الأسئلة التي وردت في امتحان الرياضيات الذي يخصص له في سوريا 60 علامة، هي الأكبر بين جميع المواد الأخرى.

وأكد جميع من تحدث إليهم موقع تلفزيون سوريا أن الأسئلة كانت صعبة للغاية، في حين قال أحد معلمي المادة إنها الأصعب منذ 1990.

محمد علي الحسين طالب في الثانوية العامة قال لموقع تلفزيون سوريا إنه صُدم بمسألة الرياضيات الأخيرة وأنه من المتفوقين بشهادة مدرسيه ونتائج الاختبارات التي لطالما كان يجريها خلال العام الدراسي، لكن المسألة الأخيرة والتي خصصت لها 13 درجة من 60 درجة قال إنها من خارج الكتاب و"تعجيزية".

وأضاف الحسين: عندما رأيت المسألة وعجزت عن حلها بدأ رأسي يؤلمني للغاية وشعرت بالانكسار الكبير فحُملي بدأ يتلاشى أمامي وأخبرنا المراقبين بأنها من خارج الكتاب وطلبنا قدوم مندوب الامتحانات إلا أننا لم نلق استجابة، فما كان مني إلا تسليم الورقة والخروج من الامتحان منسحباً.

أحد مدرسي الرياضيات في إدلب تحدث لموقع تلفزيون سوريا مفضلاً عدم ذكر اسمه، قال "إن هذا الامتحان قضى على أحلام عشرات الآلاف من الطلبة"، وأن من وضعه يتقصد الإضرار بالطلبة ونسف أحلامهم، ولا يراعي الظروف التي يعيشونها.

ومن جهته انتقد محمود الدغيم (والد أحد الطلاب) الأسئلة وصعوبتها وقال متسائلاً: "بناء على ماذا وضعت وزارة التربية هذه الأسئلة؟ ما الذي قدمته التربية للطلاب خلال العام الدراسي؟ اضطررت لاستدانة المال ونقل ابني من المدرسة إلى معهد خاص بسبب رداءة التعليم في المدرسة".

وتابع الدغيم "أن هذه الحالة عامة ومعظم طلاب الثانوية العامة يتوجهون للدورات الخاصة والمعاهد التعليمية بسبب ضعف التعليم في المدارس، وعقّب الدغيم ساخراً: هل يستطيع مدرسو الرياضيات حل هذه المسألة؟"

عالم الرياضيات السوري جمال أبو الورد علق حول موضوع صعوبة أسئلة الرياضيات عبر منشور على صفحته في فيسبوك قائلاً: "الأسئلة بشكل عام قوية وهي موجهة للطلاب الذين مستواهم العلمي فوق الوسط وبالنسبة لطلاب الصف الثالث الثانوي العلمي حسب المنهاج تعتبر أصعب الموجود.. وخاصةً المسألة الأخيرة"

وتابع أبو الورد قائلاً: "هكذا أسئلة كان المفترض أن توجه للطلاب الذين يعيشون حياة دراسية طبيعية وليس طلابنا.. كان من المفترض أن يكون هناك تدرج في وضع الأسئلة مع مراعاة وضع الطلاب ويكون هناك سؤال واحد فقط موجه للطلاب المتفوقين من أجل معرفة القدرات العقلية ويتم من خلاله المفاضلة من حيث تعيين الطلاب الأوائل.. الأسئلة بشكل عام تأخذ طابع الصعوبة بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية.. ويجب أن يكون هناك مراعاة بأن مستويات الطلاب وقدراتهم ليست كمستوى المدرسين".

 

 

فضيحة ومفاجأة: "ابلع بس لا تقول لحدا"

الأستاذ باسل اليوسف مدير أحد المعاهد التعليمية في مدينة إدلب فجّر مفاجأة عبر نشره صوراً لمحادثات بين أحد مدرسي الرياضيات وبعض الطلاب، توضح إرسال المدرس مسبقاً لطلاب محددين إجابة السؤال الذي ورد في الامتحان، علما أن السؤال ورد بزيادة عما هو في الكتاب وكان هذا المدرس قد أرسله لطلابه بذات الزيادة وحرفيتها.

وبحسب ما تظهره صورة محادثة الواتساب بين الأستاذ وطلابه، أتبع الأستاذ المسألة بعبارة "إبلع، بس لا تقول لحدا" والتي تعني خبِّئ هذا السؤال، وقد تم إرسال السؤال والزيادة المتعلقة به مع الإجابة لبعض الطلبة في الفترة ما بين 23 و30 من شهر أيار الماضي.

وجاء في نص منشور اليوسف: " حسب خبرتي بدراسة بعض الشخصيات اللئيمة التي تضع الأسئلة الامتحانية يقوم الأستاذ واضع الأسئلة بالتركيز على بحث هامشي وتدريب طلابه عليه، ثم يضع هذا السؤال كسؤال رئيس في الامتحان النهائي مما يؤدي إلى ضربة قوية لطلاب منافسيه، وبالتالي يظهر بمظهر الأستاذ الحريف المبدع ويتباهى بدرجات طلابه عندما تصدر النتائج".

برسم مديرية التربية

ويعتبر اليوسف أن غاية هذا المعلم الذي شارك في كتابة الأسئلة، هو تفوق طلابه من دون غيرهم في امتحان شهادة الثانوية العامة، وبناء اسم للمعهد الذي يعمل فيه، لكون المعاهد التعليمية في إدلب تشهد تنافساً كبيراً فيما بينها وتتباهى بعدد طلابها المتفوقين والذين يحصلون على الدرجة الكاملة في مادة ما.

 

 

وللتحقق مما ذكره اليوسف في منشوره، تواصل موقع تلفزيون سوريا مع مسؤول دائرة الامتحانات في مديرية التربية والتعليم بمحافظة إدلب الأستاذ محمد ناجي وطرح عليه عدداً من الأسئلة، إلا أن الناجي لم يرد عليها.

وتضمنت هذه الأسئلة سير العملية الامتحانية ومراعاة الأسئلة لكافة المستويات الفكرية للطلاب من عدمه وتعليق الموجهين التربويين الاختصاصيين في مادة الرياضيات على الأسئلة وجدية وجود أسئلة من خارج الكتاب من عدمه وكيفية التعامل مع درجات السؤال الأخير إن كان فعلا من خارج الكتاب؟

مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا تحدثت عن حصول اجتماع مغلق لموجهي الرياضيات في مديرية التربية والتعليم بإدلب ليقرروا ما إذا كانت فعلاً المسألة الأخيرة من خارج المنهاج أم لا، وإن كانت فعلاً من خارج الكتاب فإما ستعطى علامتها كاملة لجميع الطلاب أو أن العلامة ستتوزع على بقية الأسئلة.

إغماء وانهيار نفسي وهروب من المنزل

الدفاع المدني السوري قال على لسان منسقه الإعلامي موسى زيدان إن فرقه المنتشرة في جميع المراكز الامتحانية قامت بالاستجابة لثمان حالات إغماء لطلاب خلال تقديم امتحان الرياضيات منها عمليتا نقل وإسعاف.

 

 

وذلك فضلا عن حالات التهدئة والاستجابة التي يقوم بها المراقبون ضمن القاعة للطلبة من دون الحاجة لطلب المساعدة من فرق الدفاع المدني.

وليل أمس تداولت مواقع التواصل الاجتماعي أخباراً عن وفاة أحد الطلاب جراء إصابته بسكتة قلبية بعد امتحان الرياضيات، إلا أن تقرير الطب الشرعي في إدلب ذكر أن سبب الوفاة نقص الأوكسجين الناجم عن التقيؤ الذي أدى لاستنشاق بقايا طعام مما أدى لحدوث الوفاة.

أما عن أسباب حدوث التقيؤ ونقص الأكسجة فأوضح مدير مركز الطب الشرعي في إدلب الدكتور زاهر الطقش بأن الأسباب كثيرة ولا يمكن حصرها بسبب أو اثنين أبرزها الحالة النفسية أو العصبية للشخص وربما تناوله أشياء تسبب التقيؤ. وهو ما أكده أحد الممرضين من خلال التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي حول منشور وفاة الطالب قائلا: توفي نتيجة تناوله جرعة دوائية زائدة أدت لحدوث نزف هضمي وتمت محاولة إنعاشه لنصف ساعة لكن من دون استجابة.

أيضاً الطبيب أحمد الجرك تحدث من خلال التعليقات على فيسبوك أن سبب الوفاة هو تناول جرعة دوائية زائدة وليست أزمة قلبية.

ونشر مكتب شؤون الجرحى والمفقودين خبراً عن اختفاء طالبين بعد توجههم لتقديم امتحان الرياضيات في إحدى مدارس إدلب، ويُعنى المركز بحالات الاختفاء والخطف وغيرها ليتبين بعدها أن الطالبين لم يعودا إلى المنزل بعد الامتحان بسبب خوفهم من ردة فعل والدهم  لعدم قدرتهم على الإجابة على جميع الأسئلة في الامتحان وعادا إلى منزلهما بعد ساعات من انتشار خبر اختفائهما.

ما الغاية من زيادة صعوبة الأسئلة هذا العام؟

يرى العديد من المختصين أن تنسيقاً سرياً غير معلن حصل بين الجامعات والتربية لتخفيض أعداد الطلاب الناجحين في المرحلة الثانوية وخاصة من أصحاب العلامات التامة والذين سيدخلون كليات الطب البشري وطب الأسنان والصيدلة، وجاء ذلك بناء على ارتفاع عدد المقبلين على تقديم امتحان شهادة التعليم الثانوي في إدلب هذا العام إلى 12500 طالب وطالبة مقارنة ب 7500 طالب وطالبة في العام الماضي، بحسب تصريحات مديرية التربية والتعليم بمحافظة إدلب لموقع تلفزيون سوريا مسبقاً.

والعام الفائت حصل 15 طالباً في إدلب على المجموع التام في الثانوية العلمية.

جامعة إدلب أيضاً تحدثت لموقع تلفزيون سوريا في تقرير سابق عن استيعابها 4500 طالب مستجد في العام الحالي، وعملها على تجهيز بنى تحتية لاستقبال 6000 طالب مستجد في العام المقبل.

وبناء على ما سبق ذكره من إحصائيات بالإضافة إلى ضعف الإمكانيات، يدّعي كثير من الطلاب أن وضع أسئلة صعبة للغاية في مادة الرياضيات وما سبقها في مادة الفيزياء يعد أمراً مقصوداً.

الغاضبون والساخطون انتقدوا ما حصل يوم أمس في امتحان الرياضيات لعدة أسباب أبرزها تقصير التربية بحق الطلاب ودفعهم للتوجه للمعاهد الخاصة، وعدم مراعاة ظروفهم التي يعيشونها وتأثيرات السنتين السابقتين اللتين شهدتا أعنف العمليات العسكرية على إدلب وأكبر موجات النزوح، حيث كان خلالهما التعليم شكلياً وغير منتظم وكاف، بحسب مختصين.

وأشار المنتقدون إلى أنه يمكن لوزارة التربية رفع سوية الخريجين في الجامعات عبر تشديد الدراسة الجامعية، وليس على طلاب الثانوية العامة.

الوزارة تجيب على التساؤلات وتبرر

أكد الدكتور بسام صهيوني وزير التربية والتعليم في حكومة الإنقاذ السورية لموقع تلفزيون سوريا أن "كل حرف جاء في أسئلة الامتحانات موجود في المقرر".

وأضاف: سارت العملية الامتحانية بشكل مميز هذا العام بسبب التحضيرات والترتيبات منذ أشهر عديدة لكل متطلبات العملية الامتحانية من مطبوعات وتجهيزات لوجستية وبنك الأسئلة وكيفية اختيار المراقبين ورؤساء المراكز والمراكز الامتحانية.

وأوضح أن مَن يضع أسئلة الامتحانات "موجهون مختصون ومدرسون أكفاء لهم خبرة كبيرة في التعليم، ولا شك أنهم يراعون المستويات.. المعايير المتبعة في اختيار الأسئلة هي الشمولية الوضوح وأن تكون من المنهاج المقرر قولاً واحداً وذات مستويات متعددة تراعي مستوى جميع الطلاب".

وفي سؤالنا حول إمكانية أن تقوم التربية بحذفها وإعادة توزيع الدرجات على ما يتبقى من سلم التصحيح أو اتخاذ أي إجراء من شأنه تقليص الضرر الذي لحق بالطلاب؛ أجاب الدكتور بسام صهيوني: بالنسبة لتعليق الموجهين ستكون هناك جلسة علنية مسجلة ستنشر على الإعلام تتعلق بمناقشة سلم تصحيح الأسئلة.

وتابع: الإجراءات المتعلقة بهذه المادة من حيث مناقشة سلم التصحيح وما يتعلق بالمادة يعود إلى أصحاب الاختصاص من موجهين وأساتذة مادة الرياضيات.. نتعامل مع أي انتقاد كمؤسسة تعتمد قوانين وأصول العمل التربوي حيث تؤخذ القرارات في مجالس نظامية تعمل على مبدأ التشاور مع أصحاب الاختصاص التعليمي والإداري.