icon
التغطية الحية

أزمة المساكن في اليونان تشرد طالبي اللجوء

2023.10.27 | 11:01 دمشق

آخر تحديث: 27.10.2023 | 11:01 دمشق

مهاجرة برفقة رضيعها في إحدى الساحات بمدينة أثينا عاصمة اليونان - تاريخ الصورة : تشرين الأول 2020
مهاجرة برفقة رضيعها في إحدى الساحات بمدينة أثينا عاصمة اليونان - تاريخ الصورة : تشرين الأول 2020
InfoMigrants - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كغيرها من الدول الأوروبية، تعاني اليونان من أزمة نقص في المساكن، فقد شهد الاقتصاد اليوناني الذي عاش حالة جمود امتدت لأكثر من عقد، زيادة في الاستثمارات في سوق العقارات خلال السنوات القليلة التي تلت تطبيق مبادرات مثل برنامج التأشيرة الذهبية لدخول البلد، والذي يهدف لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية ورفد قطاع السياحة.

ومن خلال هذا البرنامج، اشترى مستثمرون من دول مثل إسرائيل وروسيا والصين عدداً كبيراً من العقارات في المدن اليونانية، ما تسبب بارتفاع فاحش في إيجارات العقارات.

إلا أن هذا البرنامج أدخل على اقتصاد البلد ما يقارب من مليار يورو خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023 وذلك وفقاً للبيانات التي نشرتها وزارة الهجرة واللجوء في اليونان، لكن الغلاء الذي طرأ على الإيجارات دفع بالناس لترك البلد والخروج منها.

أثينا للبيع

يحدثنا خريستوس نيكولايديس وهو المنسق اليوناني لفرع منظمة المنارة الإغاثية غير الحكومية في أثينا عن تحول أثينا إلى مدينة سياحية، ويعلق على الزيادة الهائلة في المحال والحانات والمطاعم الجديدة التي افتتحت خلال السنوات القليلة الماضية.

ويخبرنا نيكولايديس أن الشقة المؤلفة من غرفتين الواقعة في الطابق الأول من بناء يقع وسط أثينا كان إيجارها يصل تقريباً إلى 300 يورو بالشهر في عام 2019، ولكن الآن، أصبح محظوظاً من يعثر على شقة صغيرة مؤلفة من غرفة واحدة في الطابق الأرضي بهذا السعر.

 

 

في الوقت الذي تحاول فيه مدن كثيرة على رأسها برلين قوننة الإيجارات السياحية المخصصة لفترات قصيرة وتنظيمها، بل وحظرها في بعض الأحيان، كتلك الإيجارات التي تتم عبر موقع Airbnb، تبدو الحكومة في أثينا كمن يفعل العكس في محاولتها للتشجيع على السياحة بشكل أكبر، وهذا ما زاد من حدة أزمة عدم توفر المساكن أمام الأهالي والقاطنين.

يبلغ الحد الأدنى للرواتب الشهرية في اليونان بالنسبة لوظيفة بدوام كامل 780 يورو (أي ما يعادل 670 يورو كراتب صاف في الشهر)، ويعد هذا الراتب ضئيلاً مقارنة بمعظم الدول الأوروبية، مثل ألمانيا (التي يبلغ الحد الأدنى للرواتب فيها 1621 يورو بالشهر) أو البرتغال (بواقع 823 يورو بالشهر).

اليونان.. أعلى نسبة إيجارات مقارنة بالدخل

أصبحت تكاليف السكن في اليونان هي الأعلى بين جميع دول الاتحاد الأوروبي، ويشير معدل زيادة النفقات التي تصرف على السكن إلى وجود نسبة من السكان تصرف 40% أو أكثر من دخلها الاستهلاكي على السكن.

هذا وقد لوحظت أعلى نسب زيادة الإنفاق على السكن في المدن لدى كل من اليونان (بواقع 32.4%)، والدنمارك (21.9%)، وهولندا (15.3%). أما بالنسبة للأرياف، فقد أصبحت نسب الإنفاق على الإسكان أعلى في اليونان (بواقع 22.0%)، وتأتي بعدها بلغاريا (13.3%) فرومانيا (10.8%).

تظهر البيانات بأن الرقم يصبح أعلى مع من يستأجرون المساكن في اليونان، إذ في عام 2020، أنفق 79% من الأسر التي تستأجر بيوتاً 40% أو أكثر من دخلها الاستهلاكي على السكن.

إلى جانب المصاعب المالية، ينبغي على المستأجرين خوض سلسلة مضنية من العقبات البيروقراطية، إذ يخبرنا نيكولايديس بأن معظم أصحاب البيوت يطلبون معاملات ومستندات تكلف كثيراً، بينها إقرارات ضريبية تعود لسنوات سابقة.

وقد تتحول هذه الشروط لعقبات كبيرة أمام المواطنين اليونانيين، لكنها تصبح أصعب بالتأكيد مع اللاجئين وطالبي اللجوء، إذ يقول نيكولايديس بأن معظم اللاجئين الحاصلين على حق اللجوء في اليونان أصبحوا على حافة التشرد.

مساكن للاجئين

دفع إغلاق مخيم إيليوناس في أثينا عام 2022 طالبي اللجوء إلى السكن في مخيمات أقيمت في مناطق بعيدة جداً في اليونان، ويخبرنا نيكولايديس بأن تلك المخيمات منعزلة إلى حد كبير، ولا تصل إليها المواصلات، ولا الخدمات العامة، وتفتقر إلى المدارس والتعليم.

وبعيداً عن مخيم مالاكاسا المخصص للاستقبال وتحديد الهوية، تسمح معظم المخيمات اليونانية لقاطنيها بالتجول بحرية داخل المخيم وخارجه من الناحية النظرية.

غير أن نيكولايديس يشير إلى عدم توافر أي مواصلات عموماً فضلاً عن الغلاء الفاحش في أسعار سيارات الأجرة التي يستقلها الراكب بالقرب من المخيمات، وهذا ما يجعل من أمر التجوال بحرية أمراً مستحيلاً من الناحية العملية بالنسبة لطالبي اللجوء.

لا دعم للمستضعفين

خلق انتهاء برنامج الدعم الطارئ للاندماج والإسكان المخصص لطالبي اللجوء المستضعفين في أواخر العام الماضي تحديات جديدة وسط أزمة الإسكان الراهنة.

فقد أطلق هذا البرنامج في عام 2015 ليؤمن مساكن ملائمة ورعاية صحية للأسر المهاجرة ممن لديها عدة أطفال، ولأصحاب الإعاقات وللناجين من التعذيب وغيرهم من الفئات، وفي عام 2020، سلمت مفوضية اللاجئين إدارة البرنامج للحكومة اليونانية، لتنهيه من جهتها بعد عامين وتحديداً في كانون الأول من عام 2022، على الرغم من التزام المفوضية الأوروبية بمواصلة دفع التمويل المخصص للبرنامج حتى عام 2027.

 

 

أجبرت هذه الخطوة الفئات المستضعفة على الانتقال من المساكن الخاصة إلى مخيمات تقع في أماكن قصية، حيث يتم تقييد الدعم المخصص لهم، ولا يحصلون على فرصة كافية للاندماج، هذا إن حصلوا عليها أصلاً.

يخبرنا رودي كيمبيوكا مؤسس RAD Music International وهي منظمة غير ربحية تدعم اللاجئين وطالبي اللجوء في جزيرة ليسبوس اليونانية، بأن الوضع مماثل على هذه الجزيرة، ويقول: "لا تدعم الحكومة الفئات المستضعفة، بل يعيش هؤلاء داخل المخيم، من دون أن تقدم لهم الحكومة مساكن منفصلة".

ويؤكد كل من كيمبيوكا ونيكولايديس بأن تلك الفئات المستضعفة من الناس المعترف بأنهم لاجئين قد تضررت هي أيضاً، إذ يقول كيمبيوكا: "معظمهم نساء عازبات برفقة أطفالهن ممن تقدموا بطلب لجوء"، ولهذا يبدو الوضع ميؤوساً منه بالنسبة للمتضررين.

ارتفاع نسبة التشرد

تشمل بقية التحديات التي يواجهها اللاجئون في اليونان عدم توافر الدعم بعد انتهاء عملية تقديم طلب لجوء، ولكن هنالك برنامج دعم الاندماج في اليونان أمام المستفيدين من الحماية الدولية وهو مخصص للاجئين المعترف بهم ويمول الاتحاد الأوروبي برنامج الاندماج هذا وتديره المنظمة الدولية للهجرة.

ولكن حتى يصبح المرء مؤهلاً للدعم بموجب هذا البرنامج، ينبغي عليه أن يحصل على حماية دولية كما يجب أن يتوفر لديه عقد إيجار لمدة ستة أشهر.

بيد أن هذا البرنامج وضع لمتابعة الدعم الحكومي الذي يحصل عليه اللاجئون لمدة ستة أشهر بعد حصولهم على صفة لاجئ، غير أن هذا الدعم قد تقلص من ستة أشهر إلى شهر واحد كما يخبرنا نيكولايديس، مما يجعل عملية الانتقال مستحيلة من الناحية العملية.

لذا، فإن الوحيدين الذين يمكنهم الاستفادة من البرنامج هم من ما يزالون مؤهلين للحصول على الدعم بموجب برنامج الحكومة الذي يمتد لستة أشهر، أو هؤلاء الذين لديهم مدخرات أو وظيفة.

وتعقيباً على ذلك يقول نيكولايديس: "إن لم تكن لديك مدخرات فستجد نفسك وحدك، أي أنك ستعيش حالة التشرد أو تقيم عند أصدقائك، أو تتقدم بطلب للمنظمات غير الحكومية التي تدير المشاريع السكنية، إلا أنها جميعاً قد بلغت حدها من حيث الطاقة الاستيعابية"، ويتابع: "بل حتى من يشملهم برنامج دعم الاندماج في اليونان أمام المستفيدين من الحماية الدولية يعانون هم أيضاً ويقيمون عند أصدقائهم أو يغدون متشردين بسبب عدم قدرة البرنامج على تأمين سكن لهم، إذ هنالك مصاعب جمة"، ويضيف بأن هذه الفئة في وضع مناسب للاندماج من الناحية النظرية، لأن لديها وثائق قانونية، إلا أنهم أضحوا يعيشون في الشوارع، لأن هذه هي حقيقة الوضع.

فقد تحولت مشكلة التشرد إلى قضية حساسة في أثينا، وهذا ما جعل نيكولايديس يعلق قائلاً: "كانت تلك مشكلة أيضاً عندما كان البرنامج يمارس نشاطاته فعلياً، ولكن ما تزال لدينا مشكلة التشرد أو الحاجة لدعم في السكن، وما يزال الوضع مستمراً على هذا المنوال حتى الآن، وهنا لن أتطرق للحديث عن القادمين الجدد الذين وصلوا إلى البلد وليس لديهم أي عمل".

ويضيف: "قطعاً زادت نسبة التشرد، إذ إننا نقدم لهم خياماً فحسب، لعدم توافر أي خيار آخر... باستثناء إن كان لديك أصدقاء أو جالية تدعمك بشكل أو بآخر".

المنظمات تحاول سد النقص

يخبرنا نيكولايديس بأن المنظمات غير الحكومية تحاول سد النقص بيد أن هذا لا يكفي، ويقول: "إننا نقدم الأغذية والألبسة ونستقبلهم ونحاول مساعدتهم، أي أننا نقدم كل شيء بوسعنا تقديمه".

ويتابع نيكولايديس بأن المنظمات تلعب دوراً غاية في الأهمية على تلك الجزيرة بما أنها تسد الاحتياجات الأساسية من مأكل وملبس وطبابة، ويضيف: "لا بد أن يسوء الوضع جداً إن لم تكن تلك المنظمات موجودة".

 

المصدر: InfoMigrants