icon
التغطية الحية

"أبو ليندا".. صورة للحراك الكُردي ضمن الثورة السورية

2018.10.04 | 18:01 دمشق

الناشط السياسي محمد نادر "أبو ليندا" (أرشيف)
لبنان- محمد حسن – تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كان نظام الأسد في سوريا يتخذ من صمت السوريين شرطاً أساسياً لبقائهم على قيد الحياة ومنحهم القليل من الكرامة، تلك الأساليب الممنهجة التي اعتمدها النظام ليحكم سيطرته على البلاد، مما اضطر الكثير من النشطاء لمغادرة البلاد بعد أن تعرضوا لضغوطات أمنية، باحثين عن وطنٍ آخر يتيح لهم التحدث بصوتٍ عالٍ وبحرّية من دون ملاحقة أو اعتقال بسبب النشاط السلمي.

 

النضال السياسي أخلاقي!

ومع اندلاع الحراك السلمي في سوريا، برز عشرات الناشطين السوريين المناهضين للنظام، الذين غادر معظمهم إلى أوروبا منذ عشرات السنين، واستطاعوا دعم الحراك الذي انطلق من سوريا، وشاركوا بتسجيل بصمة الثورة السورية في أذهان العالم كله بالعمل السياسي والتحركات حول العالم، ومن بين هؤلاء الناشطين الهاربين من بطش النظام، الناشط السياسي محمد نادر "أبو ليندا" (64 عاماً) والذي يقيم في بيروت منذ عام 2009.

عمل "نادر" بالنشاط السياسي مع الأحزاب الكردية المناهضة للنظام منذ عام 2004، وهو من العرقية الكردية من مدينة عامودا بمحافظة الحسكة، انضم لحزب الوفاق الديمقراطي الكردي السوري عام 2007، (المنشق عن حزب العمال الكردستاني PKK حليف النظام)، وتم انتخابه عضو اللجنة المركزية بـحزب الوفاق في كردستان العراق، وعُين مسؤولاً عن منطقة الجزيرة شمال شرق سوريا آنذاك.

يقول "محمد نادر" في لقاء مع موقع تلفزيون سوريا عن نشاطه السياسي مع الأحزاب الكردية: "أنا لا أتقيد بقواعد وسلوكيات حزبية في عملي السياسي مع الأحزاب الكردية، وإنما أتقيد بالعمل الأخلاقي، وأكره التبعية السياسية ولا أخضع لأي أجندات خارجية".

وينفي نادر الأحاديث المتداولة عن رغبة الأكراد بإقامة دولة انفصالية كردية، ويصفها بـ "الوهم"، وأوضح في حديثه: "أن حزب العمال الكردستاني هو أخطر تكتل كردي على الحركة الكردية، وأن الأكراد ضحية لا حول لها ولا قوة" مؤكداً أن القضية الكردية مرتبطة مع القضية السورية وحقوقنا المشروعة في وطننا سوريا الكرامة والحرية وديمقراطية وهو ما طلبناه جميعاً في سوريا وما نزال"، وأضاف "أن حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وحزب العمال الكردستاني PKK، قاموا بتهجير الأكراد المعارضين للنظام قسراً أو تم اغتيالهم أو اعتقالهم، وهم ضد الحقوق الكردية في سوريا، حفاظاً على النظام ".

من وجهة نظر " نادر" يرى بأن حزب العمال الكردستاني PKK وحزب الاتحاد الديمقراطي PYD جزء لا يتجزأ من النظام الذي دعمهم بعد خلافاته مع تركيا، وفتح لهم معسكرات تدريبية في عنجر على الحدود اللبنانية السورية أثناء حقبة احتلالهم للبنان، وقد تعاونوا مع النظام طيلة سنوات الثورة السورية.

لم يسلم "نادر" من النظام، حيث تعرض للاعتقال في ثمانينيات القرن الماضي أثناء خدمته العسكرية الإلزامية في اللواء 156 بريف دمشق، بعد أن قام بتوزيع بيان للحزب الشيوعي صادر عن اللجنة المركزية بالمكتب السياسي ضد الجبهة الوطنية التقدمية وأحالوه لهيئة الأركان العامة للتحقيق، وتعرض هناك للتعذيب في أول أيام اعتقاله وكان المسؤول المباشر عن التحقيق بملفه آنذاك رئيس الاستخبارات العسكرية علي دوبا وهو واحد من أكثر ضباط المخابرات وحشية في سوريا.

مناهض للنظام في الوطن والمنفى

هرب الناشط "محمد نادر" من سوريا بسبب ملاحقة النظام له بعد أن علموا بنشاطه السياسي مع حزب الوفاق الديمقراطي الكردي السوري في منطقة الجزيرة، وغادر إلى لبنان سراً بعد معاناة طويلة في الاختباء، ويقول: "بعد أن تمت ملاحقتي من قبل النظام وتم تعميم اسمي على كافة المعابر الحدودية السورية عام 2008، قمت بالاختباء في مقر حزب الوفاق في عفرين لمدة شهر، ريثما تم ترتيب مغادرتي إلى لبنان عام 2009 مقابل مبلغ مالي عن طريق مساعد كردي من عفرين يعمل في الهجرة والجوازات، وغادرت سوريا بشكل نظامي بعد إعلامي بأنه تم إزالة اسمي من الملاحقة ل24 ساعة فقط".

وما يزال "نادر" يعمل بالنشاط السياسي في لبنان، وقد عُين نائب رئيس الممثلية للمجالس الوطنية الكردية في لبنان عام 2012، وسرعان ما قرر الانسحاب من حزب "الوفاق" مطلع عام 2013، بسبب تراجع مبادئ الحزب وتعاونهم مع حزب العمال الكردستانيPKK"، بعد زيارة رئيس الحزب "فوزي شنكال" لقوات PKK وهذا ما جعل "نادر" ينسحب من العمل مع "الوفاق" ليبقى مستقلاً في نشاطه منذ عام 2013.

وشارك مع تنسيقية لبنان لدعم الثورة السورية عام 2011 كـ ممثل للتيارات الكردية إلى جانب المحامي نبيل الحلبي والوزير الحالي لشؤون النازحين معين المرعبي وعدد من المحاميين والناشطين الحقوقيين آنذاك، وكانت التنسيقية من أوائل الحركات التي نشطت في لبنان لدعم الحراك السلمي في سوريا، ومن أبرز أنشطتها الوقفات الاحتجاجية التي بقيت تُنظّم أمام السفارة السورية في بيروت قبل انتقالها إلى منطقة بعبدا ذات الخصوصية الأمنية لقربها من وزارة الدفاع اللبنانية.

ويقول "نادر" "لقد انضممت لحزب الوفاق بسبب انشقاقهم عن "PKK" الذين يتبعون منذ تشكيلهم للنظام"، ويتابع "تركت العمل السياسي الكردي، وبدأت العمل كـ مستقل في مجال حقوق الإنسان، وكرست جهدي للعمل على قضية اللاجئين والثورة السورية ضد نظام الأسد، ولن تتغير لديّ فكرة الثورة".

"الاحتلال الفكري أصعب من الاحتلال العسكري"

وأكد في حديثه على أن مصير الأكراد يرتبط مع مصير سوريا، كـ باقي السوريين، ويقول: "إن الاحتلال الفكري أصعب من الاحتلال العسكري، ولو كان هناك 100 كردستان وبقيت سوريا على حالها لن نستفيد شيء، وإن الشيء الوحيد الذي يربطني بالعمل السياسي هو خلاصنا من نفاق النظام لتعود كرامتنا وحريتنا".

وشدد "نادر" على أن الائتلاف الوطني لقوى الثورة السورية سبب رئيسي بإجهاض الثورة السورية، وأضاف: "يجب على الائتلاف احتضان العرقية الكردية وعدم تحريض الفصائل المعارضة على الأكراد والذي يُعتبر تمييزا بين السوريين".

وحمّل "نادر" مسؤولية عداء بعض فصائل المعارضة لمناطق الأكراد لقوى المعارضة السياسية، ولفت إلى أن هناك فرقا شاسعا بين الأكراد المدنيين والPKK الموالين للنظام، ونوّه "نحن سوريون، يجب أن تعلم القيادات السياسية والفصائل المعارضة أن الأكراد هم سوريون وجزء لا يتجزأ من الثورة السورية، تماماً كـ الصورة النمطية عن الطائفة العلوية بأن جميعها يعمل لصالح النظام وجميعنا نعلم أن نسبة كبيرة من الطائفة العلوية هي ضد النظام، ولكنهم غير قادرين على البوح لأنهم يعرفون من هو النظام فعلياً وهذا ما يساهم في تدمير سوريا لأن سوريا اعتادت على التنوع العرقي والطائفي".

وختم حديثه: "إن الثورة السورية كانت بين سوريين أحرار ومن يمثلون الحرية، وبين مجرم ديكتاتور سفاح يقود البلد رغماً عنّا جميعاً، قبل أن تزرع عصابات الأسد الفتنة الطائفية والمناطقية والعرقية لصراع داخلي بين الأحرار، وهو ما جعل الثورة السورية في تراجع، ولن تعود الثورة ما لم نتمسك بالقضية التي جعلت سوريا تنتفض عن بكرة أبيها".