لاجئون في بلاد اللجوء - تركيا

2019.07.16 | 00:07 دمشق

+A
حجم الخط
-A

ها هي العنصرية تمتد أذرعها لتطال اليوم اللاجئين السورين في تركيا بعدما عصفت رياحها في لبنان، حيث لم ترحم طفلاً ولا امرأة ولا رجلاً ولا شيخاً، من خلال ما تطلقه بعض الأحزاب المعارضة من إشاعات وتصريحات وشعارات مناهضة للاجئين السوريين، لاسيما بعد فوز المعارضة ببلدية إسطنبول مؤخراً.

 وزادت عمليات الشغب والافتراءات لتتحول إلى اعتداءات علنية على اللاجئين السوريين إثر زيادة جرعات الشحن العنصري من قَبل بعض أحزاب المعارضة لتثير الفتن في البلاد وتزعزع أمنها. ضاربين عرض

كثير من الأحيان يتضح أن الفاعل ليس سورياً وآخرها الأحداث التي جرت في إسطنبول إكيتلي كوتشوك تشاكمجة

الحائط كل مصلحة عامة وكل إيجابيات هذا الشعب المقهور وما حققه من نجاحات وتنمية في البلاد، متربصين له على أدنى العثرات لتحويلها لقضايا كبرى. ونسب كل سلبية تحدث للسوريين كونهم يتحدثون العربية مع العلم أن تركيا احتضنت الكثير من اللاجئين العرب عراقيين ليبيين مصريين يمنيين ولا يقل عددهم عن السوريين.

وكثير من الأحيان يتضح أن الفاعل ليس سورياً وآخرها الأحداث التي جرت في إسطنبول إكيتلي كوتشوك تشاكمجة، تبين بما صدر عن الأمنيات أنها لم تكن إلا افتراءات وإشاعات أطلقتها الأحزاب المعارضة ومنهم مرشحة حزب الصالح لبلدية الفاتح ايلاي أكسواي التي سبق أن أعلنت عن عنصريتها وكرهها للسوريين عبر تصريحات ولافتات نشرت في الطرقات فترة التحضيرات للانتخابات البلدية التركية في آذار الماضي، فمن منا لا يذكر مقولتها (لن أسلم الفاتح للسوريين)؟ واليوم تخرج بتغريده على حسابها (تمّ التحرّش بطفلة تركية في منطقة إيكيتيلّي" من قبل رجل سوري) لتثير بها الرأي العام وتخلق بلبلة وشغباً في الشارع التركي ولتتحول تلك الافتراءات من لفظية إلى اعتداءات أدت إلى نزول أتباعهم إلى الشارع احتجاجا على وجود السوريين في البلاد وحدوث اشتباكات استدعت تدخل قوى الأمن لفض الاشتباك باستخدام الغازات المسيلة للدموع، والنتائج كانت خسائر بممتلكات السوريين وإصابات جسدية بالغة، ترافقت تلك الساعات بهاشتاغات تحريضية تأجيجيه من قبيل (فليغادر السوريون) التي شارك بها خمسون ألف تركي، واعتداءات أخرى في حي الصناعة المركزي بمدينة الإزيغ حيث هجم أتراك على سوريين وقطعوا عليهم الطرق وسرقوا ممتلكاتهم، وطردوا البعض من أماكن عملهم وطلبوا منهم الرحيل عن البلاد وكانت النتائج إصابات بالغة لبعض السوريين المعتدى عليهم وخسائر مالية كبيرة، وللأسف الشديد كان تدخل قوى الأمن لفض الاشتباك إلا أنه لم يتم القبض على المعتدين للمساءلة القانونية ونيل العقاب إضافة لعدم استجابة عناصر الأمن لحصر الخسائر والممتلكات المنهوبة وهذه إشارة لتواطؤ هؤلاء مع المعتدين.. والكثير من الحوادث.

على أعقاب تلك التغريدات والممارسات ظهر على الطرف الآخر أحزاب وأناس تستهجن تلك الحملات الممنهجة المقيتة  التي تهدف بنهاية المطاف إلى ترحيل السوريين وإحداث شرخ بينهم وبين المجتمع التركي، ليس فقط من باب الإنسانية وإنما أيضا حرصا على أمن البلاد واستقرارها في ظل ما تمر به تركيا، حيث بدأت حملات التهدئة والتوعية من خلال كشف الحقائق والمُساءلة القانونية واعتقالات لناشطين محرضين على وسائل التواصل الاجتماعي، وإطلاق هاشتاغات مناصرة ومساندة للاجئين بما فيهم رئيس بلدية إسطنبول (السيد إمام أوغلو) بأولى تصريحاته بعد تسلمه رئاسة البلدية حيث قال (إن التعاطي مع قضيه اللاجئين في إسطنبول يجب أن يكون من البوابة الإنسانية وليس الأمنية) ونفى حادثة التحرش التي تسببت بأحداث ايكتيلي وأن لا أساس لها.

ربما الكثير مثلي انتابته حيرة وشك بتغيير موقف رئيس بلدية إسطنبول الذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض الذي لم يهدأ يوما بتوجيه تصريحات لاذعه بحق السوريين، والبعض تفاءل بهذا التصريح الإيجابي، إلا أنه سرعان ما أزال هذا الشك لدينا بعد أقل من 48 ساعة ليعود لعنصريته عندما خرج باليوم التالي بتصريحات تحمل بطياتها فتنة وتحريضاً غير مباشر من خلال الحديث عن كثرة التواجد العربي، في مدينة إسطنبول، مدعيًا أن بعض المدن والأحياء أصبح فيها عدد الأجانب أكثر من المواطنين الأتراك. ولابد أن ندرك أنها لم تكن إلا لغاية في نفس يعقوب.

وسط هذه الحملات العنصرية وحملات الحقد والكراهية والتي تطالب بترحيل السوريين من البلاد لأسباب منها أنهم سبب في انهيار اقتصادي وآخر ارتفاع الأسعار والغلاء وأخرى زيادة البطالة وتقديم إعانات ومساعدات مالية من صندوق الدولة وغيرها وغيرها التي تشن بين حين وآخر اتجاه اللاجئين في هذه الدول التي تعي يقينا أنه ما كان يوما السوري عبئاً أو عالة على تلك المجتمعات.

فكم من تصريحات صدرت عن بعض المسؤولين وآخرها تصريح رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان نفت وبشكل قطعي تلك الادعاءات وأنه ما من ليرة أنفقت على السوريين من خزينة الدولة وما من معاشات صرف إلا على الأتراك الفقراء أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وما يتلقاه السوريون من فتات لا يكاد يسد رمق يومين أو ثلاثة فهو من الاتحاد الأوروبي ومنظمات المجتمع المدني الخيرية هذا فيما لو وصلت أصلا.

أيضا كم من تصريحات عن المزايا والإنتاجية والنمو الاقتصادي الذي ساهم به السوري في البلاد، لم يتوقف الأمر على تلك التصريحات بل هناك إحصائيات قامت بها مراكز للدراسات وبالأرقام تثبت مدى المساهمة التي قدمها السوري في عملية النمو الاقتصادي في تلك البلدان التي لم تعط اللاجئ حقوقه كما نص عليها ميثاق الأمم المتحدة من تأمين مسكن ومعيشة كريمة وتعليم وطبابة وتأمينات ورواتب واعتبرتهم ضيوفاً، أضف إلى ذلك الجانب العلمي الذي يمتلكه أصحاب البطاقات البيضاء والزرقاء التي ساهمت في رفع الإنتاجية .وتحسين الأداء في الكثير من المجالات .. على سبيل المثال لا الحصر وباعترافات من أطباء أتراك فإن الأطباء السوريون يمتلكون خبرات ومهارات عملية تفوق ما تلقاه التركي بسنوات طويلة.

كما أن من اعتمد على نفسه وقام بتأمين كافة احتياجاته من مسكن ومأكل وفواتير ومواصلات ... من خلال الأجر الذي يتقاضاه لقاء عمله، ويترتب عليه ضرائب ومصاريف كما المواطن الأصلي، بل هو يحمل الجزء الأكبر لأن الدخل لا يتناسب مع ساعات العمل ولا يعامل كالموطن الأصلي من حيث الأجور والتأمينات هذا فيما يتعلق بالطبقة العاملة ومع هذا حقق الكثير من النجاحات وساهم بعملية النمو وزيادة الإنتاجية وحركة السوق، كيف؟ إليك أمثلة بسيطة:

زيادة بحركة السوق العقارية من أجار وتأجير وزيادة الطلب عليها، وإن ارتفعت الإيجارات فهذا لا يعود على السوري وإنما على طمع المؤجر وزيادة الطلب.

زيادة في الإنتاج والأرباح في كل من: القطاع الصناعي (عمال معامل بكافة أشكالها) القطاع الزراعي (مزارعين) القطاع العقاري (عمال بناء) ... ويعود لرخص اليد العاملة بالتالي زيادة في العمال والوارديات والخبرات والمهنية في العمل، وإن تسبب بارتفاع نسبة البطالة كما يدعي المعارضون والعنصريون فالسبب لا يعود على العامل السوري وإنما على رب العمل الذي استغل حاجة هؤلاء بدفع أجور تعادل نصف أجر التركي إضافة لحرمانه من حقوقه التي نص عليها القانون التركي من تأمينات وأذونات عمل. وهذا ما لا يستطيع فعله مع العامل التركي.

أما على صعيد أصحاب المشاريع الصغيرة، ساهمت بشكل كبير في حركة السوق والتداول النقدي من خلال المنشآت الفردية

بلغ نسبة الشركات السورية 25% من الشركات الأجنبية إذ بلغ عدد الشركات المسجلة ما يقارب 200 ألف شركة اعتباراً من 2016

كالمحلات التجارية من أطعمة وألبسة وإلكترونيات ومكاتب عقارية وورش صغيرة..، وزيادة الطلب على المحلات التي كانت مغلقة وتم تفعليها وتشغيلها من قبل السوريين أدى إلى ارتفاع آجارها مما أدى إلى ارتفاع السلع. وهنا نقول هل السبب يعود على السوري أم على المؤجر الذي طمع بزيادة الأجار مما أدى إلى الغلاء؟!

نأتي لأصحاب رؤوس الأموال من خلال الاستثمارات والأعمال في سوق العمل بكافة القطاعات الصناعي والزراعي والتجاري والسياحي والعقاري والتعليمي أيضا.

وفق تقرير صدر عن المؤسسة الدولية بالشراكة مع البحوث الاقتصادية والاجتماعية UTESAN  وجامعة إسطنبول ميديبول بلغت نسبة الشركات السورية 25% من الشركات الأجنبية إذ بلغ عدد الشركات المسجلة ما يقارب 200 ألف شركة اعتباراً من 2016 بالتالي فإن السوريين يحتلون الواجهة في الأنشطة الاقتصادية التي أنشأتها شركات أجنبية، إضافة إلى أن هذه الشركات أتاحت 98 ألف فرصة عمل للأتراك والسوريين.

كما أشارت بإعلان جمعية رجال ورواد الأعمال السوريين (سياد) أن قيمة استثمار السوريين بلغت المليار ونصف المليار دولار.

أما على الصعيد العلمي والتعليمي فكثير ما أثبت أبناؤنا اندماجهم ومنافساتهم مع ذويهم والتفوق عليهم بكثير من المراحل الدراسية والإبداعية رغم الظروف النفسية التي يعانون منها جراء التهجير والظروف المعيشية القاسية.

أما على صعيد المتخرجين والأكاديميين لم يأتِ اختيارهم للتجنسين عبثاً، وإنما لما أثبتوه من جدارة ومهنية وخبرات كبيرة بكافة المجالات.

يبقى السؤال : ما الأضرار التي تسبب فيها السوري في بلاد اللجوء ليكون ورقة يستخدمها كل من فضل مصلحته الخاصة على حساب العامة؟  

نحن لا ننكر أن هناك بعض الفاسدين الذي يهدفون للإساءة إلى العامة وبات معلوم للجميع لأي جهات ينتمون بما فيهم الطرف المعارض كما صرح رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو وطالب بترحيلهم.