شياطين النار.. الهملالي محققاً ومخرجاً

2020.12.18 | 23:04 دمشق

hqdefault.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا يمكن أن تجد مطابقاً لما عرضته فضائية النظام في فيلمها (شياطين النار) سوى استدعاء شخصيات مخفر مسلسل (ضيعة ضايعة) وبالتحديد شخصية الهملالي رجل الأمن الذي يظهر عند الكوارث، ولا يفعل شيئاً سوى تكرار غضبه وبلاهته في ملاحقة المجرمين المفترضين، والتحقيقات البوهيمية التي عادة لا تصل إلى أي نتائج.

شياطين النار في جزئه الأول يحكي كيف أدارت عصابة ممولة من الخارج إحراق غابات الساحل وحمص في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي مدفوعة بحقد أسود على بلد الصمود الذي أنجز انتصاره على الإرهاب، وكيف تم التحضير لعمليات الحرق عبر خبراء في الصيد عقدوا اجتماعات بين اللاذقية وطرطوس وكلهم ينتمون إلى عائلة واحدة من آل (فارس)، وذلك مقابل المال الممول من جهة لم تتم تسميتها.

يروي المجرمون بكل سعادة كيف نفذوا الحرائق، ولا تبدو عليهم أي علامات الندم، وهنا أراد (الهملالي) الذي كتب السيناريو وأخرجه أن يقول إن المخفر أو الفرع الذي اعتقلهم لم يمسهم بسوء، وإنهم لم يضربوا كفاً واحداً على عكس ما يحصل في سجون النظام وفروعه.

تترافق الاعترافات مع موسيقا ومؤثرات صوتية، وصوت المعلق الأجش الذي يقول ما لم يقدر على ترديده المجرمون كونهم من شريحة مجرمة أميّة لا تحتمل مقولات كبيرة ولا حتى عنواناً فخماً كشياطين النار.

أبو زهير المشغّل حسب الفيلم كبير عائلة فارس مطلوب لجرائم  كبيرة وسمعته سيئة هو من وزع الأموال وأعطى الأوامر

الفيلم تم إنتاجه قبل إعلان داخلية النظام القبض على هذه العصابة، وتم تصويره بنفس طريقة (الشرطة في خدمة الشعب) حيث يقطع المخرج اعترافات المجرمين بالانتقال إلى حكايات الأهالي العاطفية عن ضياع أرزاقهم وموت أحبتهم، وفي موقف أكثر تأثيراً يحمل أحدهم ابن أخيه ويسأل: (من سيعوضه حنان أبيه) مترافقة مع خلفية موسيقية مؤثرة.. ليأتي بعدها السؤال الكبير من المعلق: (من المشغّل؟).

أبو زهير المشغّل حسب الفيلم كبير عائلة فارس مطلوب لجرائم  كبيرة وسمعته سيئة هو من وزع الأموال وأعطى الأوامر، ومن ثم يظهر شخص ليعترف بالجريمة بين أشجار الزيتون حراً لا أصفاد في يديه ولا علامات ضرب على عينه اليمنى كما يظهر المجرمون عادة في حضرة علاء الدين الأيوبي.

لقد فعلها الهملالي مخرجاً ومحققاً في الجزء الأول من الفيلم، وانتهى إلى اللقطة الأخيرة حيث المعلق يرثي شجر الزيتون ويمد (أبو يوسف) أحد الضحايا يده إلى الحب المحروق.. ولكن الممول الخارجي لم يظهر مما استدعى تعليقاً من موالية قديمة: (شو هالبلد اللي بيحرقها أبو زهير بخمسة آلاف دولار).

صحفي محلي يضع عنواناً موازياً لما شاهده على فضائية النظام مستذكراً التوصيف الشهير (قنوات سفك الدم السوري) حيث لا يمكن أن تعنون ما شاهدته إلا بعبارة ممائلة (قنوات سفك العقل السوري).

هذا كله يستدعي السؤال الذي يشغل بال البعض في كثير من حواراتهم عن موالي النظام: هل الموالون حمقى أم متواطئون؟ مضطرون أم مقتنعون بالروايات التي يقدمها النظام لهم فيتابعون نومهم الهانئ كي يستيقظوا صباحاً على الخراب الذي يعيشونه، ويتوعدون معارضي الهملالي بمزيد من الموت والحرائق؟.

كلمات مفتاحية