icon
التغطية الحية

دراسة لمعهد غالوب: تأييد واسع في الرقة والحسكة للتدخل التركي

2019.11.14 | 22:33 دمشق

20191031_2_39086447_49034950_1.jpg
تلفزيون سوريا - ترجمة وتحرير ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كشف استطلاع رأي أجراه معهد غالوب الدولي للأبحاث أن التدخل العسكري التركي في سوريا يحظى بتأييد واسع لدى السوريين في عموم الرقة والحسكة، وأن الغالبية تفضل عودة حكم تنظيم "الدولة" على سيطرة نظام الأسد على المنطقة.

ورصد معهد غالوب بفرعيه في كل من لندن ودمشق هذه النتائج، من خلال استطلاع للرأي على مدار الأيام العشرة الماضية، وتم تطبيقه على عينة تمثل 600 شخص بالغ من عموم الرقة والحسكة، أي المنطقتين اللتين تركز فيهما التدخل التركي. وبسبب عدم التمكن من الوصول إلى تلك المدن والقرى التي تتعرض للهجوم في الوقت الحالي تم إدراج 100 كردي ضمن هذه الدراسة ممن هربوا من تلك القرى خلال الأسبوع الماضي.

وكشفت النتائج أن ثلاثة من بين كل خمسة أشخاص (أي 58%) يؤيدون قرار الرئيس ترمب القاضي بسحب القوات من مناطقهم، إلا أن النتيجة كانت مختلفة تماماً عند استطلاع رأي الأكراد وهذا أمر متوقع (أي أن 33% يؤيدون هذا القرار في حين يعارضه 67% منهم). إلا أن المفاجئ هو أن النسبة ذاتها (57%) تؤيد التدخل العسكري التركي. وهنا لابد من الأشارة إلى أن العرب يؤيدون ذلك على نطاق واسع (بنسبة 64%)، في حين أبدى الأكراد حماسة أقل تجاه ذلك (77% يعارضونه، بينما يؤيده 23% منهم بشكل يثير الدهشة والاستغراب).

وأرجع المعهد النتائج التي تم التوصل إليها إلى ثلاثة أسباب ممكنة للانقسام الظاهر في رأي الأكراد تجاه التدخل التركي:

أولها: الانقسام العميق بين الكرد أنفسهم، فالكثير من الأكراد في سوريا على خلاف أيديولوجي مع حزب الاتحاد الديمقراطي اليساري المرتبط بحزب العمال الكردستاني الذي يتمتع بقيادة غير سورية. ثم إن الكثير من هؤلاء قد نزحوا حالياً وباتوا بانتظار النهاية الناجحة للعملية العسكرية التركية حتى يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم.

ثانياً: إن عدداً من الشباب الكرد هربوا إلى تركيا وإلى مناطق عملية غصن الزيتون هرباً من التجنيد لدى حزب الاتحاد الديمقراطي، وهكذا فإن التدخل التركي الذي يهدف إلى هزيمة ودحر حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات قسد يصب في مصلحة تلك الفئة من الناس. بيد أن هؤلاء لا يرحبون بعودة نظام الأسد للسيطرة على مناطقهم لأنهم سيجبرون عندئذ على القتال ضمن صفوف جيشه، ولهذا تعتبر السيطرة التركية الوسيلة الأسلم لعدم تورط هؤلاء بشكل شخصي في العنف.

ثالثاً: إن الأهم من كل ذلك هو أن الكثير من الكرد الذين انحازوا في البداية للثورة السورية يعتبرون حزب الاتحاد الديمقراطي شريكاً متعاوناً مع الأسد كونه قام بتسليم العديد من الناشطين للنظام. ولهذا تعتبر تركيا الآن الطرف الأضعف ارتباطاً بنظام الأسد مقارنة بحزب الاتحاد الديمقراطي.

وخلال سنوات عديدة أظهر الرأي العام بأن تركيا تعتبر الدولة الوحيدة التي تتمتع بنفوذ إيجابي بخصوص بعض الأمور في الداخل السوري، فقد عبر كثيرون في الرقة والحسكة بأنهم يرغبون في أن يعيشوا تحت الحكم التركي، وبأنهم يحسدون الأتراك على الرخاء النسبي الذي يعيشونه، وذلك لأنهم تحولوا إلى أمة قوية قادرة على الوقوف في وجه الأسد. وقد كشف الاستطلاع أن 55% من هؤلاء الذين يعيشون في هاتين المحافظتين يعتقدون أن لتركيا أثراً ونفوذاً إيجابياً في المنطقة يشبه النفوذ والتأثير الذي تمتع به التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة (وهؤلاء نسبتهم 24%)، وكذلك يشبه النفوذ الذي تتمتع به روسيا (وهؤلاء نسبتهم 14%)، ويشبه أيضاً النفوذ الإيجابي للولايات المتحدة (ونسبة هؤلاء 10%) وكذلك النفوذ الإيجابي لإيران (ونسبة هؤلاء 6%).

وقد أدت نتائج هذا الاستطلاع إلى تسليط الضوء على النتائج المقلقة والمحتملة لهذا التدخل، فتبين لنا بأن ثلاثة أشخاص من بين كل أربعة منهم (أي ما تعادل نسبته 69%) يوافقون على الفكرة القائلة بأنه "في حال سيطر الأسد على مزيد من الأراضي في المنطقة عندها سأؤيد استخدام العنف للدفاع عن حقوقنا". ومع انحياز قوات سوريا الديمقراطية الآن لنظام الأسد (قوبل هذا الاتفاق بنسبة تأييد تعادل 23%) يبدو أن النظام لا بد أن يسيطر على معظم الأراضي في شمال شرق سوريا، وبالطبع وافق 79% من المشاركين في هذا الاستطلاع على الفكرة القائلة بأن "انسحاب القوات الأميركية من سوريا سيزيد من احتمال سيطرة الأسد على مزيد من المناطق". كما وافق ثلاثة من بين كل أربعة أشخاص تقريباً (أي 70%) على الفكرة التي ترى بأنه: "في حال كسب الأسد مزيداً من الأراضي فلا بد أن تسيطر إيران على سوريا بشكل أكثر فاعلية".

غير أن أكثر نقطة أثارت حفيظة المراقبين هو أن 57% من السكان الذين يتفقون مع الفكرة القائلة بأن "العيش تحت حكم تنظيم "الدولة" أفضل من العيش في ظل سيطرة الأسد". ومؤخراً أجرى معهد غولاب الدولي مقابلات مع نساء هرَبن من مخيم الهول فتبين أن معظمهن لديهن الفكرة ذاتها والتي ترى بأن فرصة عودة التنظيم وأشباهها ستصبح أكبر بعد سيطرة الأسد على مزيد من الأراضي، وليس انسحاب القوات الأميركية من البلاد هي من ستزيد احتمال عودة ذلك التنظيم.

ويعتقد كثيرون في الغرب أن تنظيم "الدولة" قد هُزم على الصعيد العسكري بكل تأكيد، ولكن على الصعيد الفكري والأيديولوجي ثمة كثير من الأمور التي يمكنها أن تقوم بها. إذ إن 62% ممن شاركوا في الاستطلاع يرون بأنه من المحتمل جداً/ نوعاً ما أن يزيد تنظيم "الدولة" من سيطرته من جديد خلال الشهور القادمة، ومن السذاجة أن نعتقد بأن سوريا قد تخلصت من التنظيم بصورة نهائية.

وأفاد معهد غالوب بأنه قام بإجراء مقابلات شخصية مع عينة تمثل تلك البيئة وتضم 601 من الأشخاص البالغين، أعمارهم من 18 فما فوق في عموم محافظتي الرقة والحسكة، أما العمل الميداني فقد تم ما بين 13-25 من شهر تشرين الأول من عام 2019، وأوضح المعهد أن هامش الخطأ في الإحصائيات يصل إلى 95% أما نسبة الثقة فتعادل +/-4%، وتعتبر المعلومات التي قدَّمتها هذه الدراسة تمثل السكان بقسمَيهم العرب والكرد في عموم هاتين المنطقتين.