جرس إنذار عودة "داعش" يُقرع في سوريا

2021.05.07 | 06:00 دمشق

20180218103421.png
+A
حجم الخط
-A

خلال الأسبوع الماضي تبنى تنظيم الدولة، أكثر من 20 عملية نفذتها خلايا تابعة له في 6 محافظات سورية، ما ينذر بعودة مقلقة لوجود التنظيم في مناطق مختلفة من سوريا.

يتجاوز تأثير ذلك الوجود حدود مكافحة داعش التي أعلنت مسؤوليتها عنها قوات التحالف الدولي منذ سنوات في سوريا، لا سيما  أن أسباب النشاط الإرهابي المتوسع خلال الآونة الأخيرة، يتعلق بعدة عوامل ومستويات داخل تفاعلات الملف السوري.

لقد أدت عوامل عدة إلى تصاعد أنماط الأنشطة الإرهابية لا سيما الانفلات الأمني واستمرار الأسباب المؤدية لزعزعة الاستقرار في المنطقة، بالتزامن مع تراجع اهتمام الدول المؤتلفة ضمن إطار التحالف الدولي في ظل الانشغال بمواجهة الآثار العالمية لجائحة كورونا.

كذلك يبرز عامل مهم يؤثر في فتح المساحات لعودة النشاط الإرهابي، والذي ينطلق من استثمار التنظيم للصراعات الدولية على الملف السوري، لا سيما التوترات الروسية الأميركية في حسم الحل السوري والتناحر على الشمال السوري شرقه وغربه. يتسق مع ذلك ضبابية الوجود الأميركي في مناطق شمال شرقي سوريا والتعامل مع قوات سوريا الديمقراطية "قسد" وكذلك آلية المواجهة الناجعة لتنظيم داعش هناك، لا سيما  أن رقعة التحرك الإرهابي الأكبر تكمن في تلك المنطقة.

لعل ما يراه البعض بأن الدور الوظيفي للتنظيم الإرهابي لم ينته بعد في سوريا،  خاصة  أن دولا مثل الولايات المتحدة و روسيا تربط بقاء وجودها العسكري في سوريا بانتهاء الحرب على داعش/الإرهاب، هو ما تنتج عنه إطالة أمد محاربة التنظيم.

لعل ما يراه البعض بأن الدور الوظيفي للتنظيم الإرهابي لم ينته بعد في سوريا،  خاصة   أن دولا مثل الولايات المتحدة و روسيا تربط بقاء وجودها العسكري في سوريا بانتهاء الحرب على داعش/الإرهاب، هو الذي قد تنتج عنه إطالة أمد محاربة عناصر التنظيم وفلوله.

لذلك لا يبدو أن المعضلة التي خلّفها ظهور تنظيم داعش على الأرض السورية انتهت بشكل تام،  خاصة بعد أن استعاد التنظيم خلال الفترة الأخيرة نشاطه تدريجياً في سوريا، الأمر الذي يستوعب المخاوف والتحذيرات المتكررة من احتمال اتساع نطاق عملياته وتعاظم أثرها إلى أن يصل لاستعادة  نشاطه بشكل كبير وواسع خلال الفترة المقبلة.

وزارة الدفاع الفرنسية، كانت حذرت في العاشر من نيسان الفائت، من أن التنظيم الإرهابي عاد مجدداً للظهور في العراق وسوريا، وبات قادراً على التحرك رغم انهزامه جغرافياً.

وقبل التحذير الفرنسي، دق قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي، ناقوس الخطر من عودة تنظيم داعش، معتبرا أن التنظيم سيستمر على شكل تمرد، وسيحاول تجديد نفسه في الشرق الأوسط وخارجه، وتطوير أهدافه، مؤكدا على ضرورة استمرار اليقظة، وتعزيز التعاون، ودعم الشركاء المحليين لهزيمة داعش، ومنع انتعاش أفكاره المتطرفة. إلا أن ما أكد عليه ماكنزي لم يجد آليات حقيقية لتفعيل سبل المواجهة التي يصرح عنها "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن.

رغم الخسارات التي تلقاها التنظيم فإنها لم تكن بمثابة الضربة القاضية له، رغم أنها أدّت إلى انهيار خرافة مشروعه في "الدولة الإسلامية" كجغرافيا ومفهوم، إلا أن التنظيم حافظ على إمكاناته المالية والأمنية والعسكرية. تجسّد ذلك فعليا، في الانتقال من أسلوب الهجوم الشامل على المدن والمناطق والسيطرة عليها، إلى أسلوب شبيه بـ "حرب العصابات".

التنظيم حافظ على إمكاناته المالية والأمنية والعسكرية. تجسّد ذلك فعليا، في الانتقال من أسلوب الهجوم الشامل على المدن والمناطق والسيطرة عليها، إلى أسلوب شبيه بـ "حرب العصابات"

إن الحديث عن احتمالية عودة جديدة لتنظيم داعش يتعلق بقراءة الهجمات والتحركات التي شنها التنظيم مؤخرا، والتي تكشف بأن هذه الهجمات تستند على قدرة مالية وتخطيطية متينة تتواءم والتقارير التي تحدثت عن أرصدة تمويلية كبيرة ما تزال تؤمن للتنظيم القدرة على تنفيذ مخططاته والبناء عليها وتحديد الخطوات الأولى من مرحلة جديدة تستفيد من أخطاء الماضي وتتسم بمرونة كبيرة من قبل التنظيم في التكيف مع ظروف ما بعد انهيار مشروع الدولة.

لقد كانت عدم جدية إنهاء التنظيم بشكل تام من قبل التحالف الدولي أو الروس في المناطق الأخرى التابعة لنفوذهم، عامل إنعاش للتنظيم، فرغم الحديث عن هزيمة التنظيم في سوريا، إلا أنه ما يزال موجوداً في البادية كوجوده في مناطق من الجنوب السوري إضافة إلى الوجود الرئيسي في شمال شرقي سوريا رغم إعلان النصر هناك على داعش في آذار من العام 2019.

إن ما حصل بعد إعلان النصر على التنظيم في الشمال الشرقي هو أن العمليات الأمنية لم تكن بمستوى عال في مواجهة ما تبقى من خلاياه في تلك المناطق، وربما تمثل الفترة الحالية مرحلة تحفيز لتلك الخلايا الخاملة للتنظيم في سوريا، لا سيما  أن نسق العمليات التي يشنها التنظيم قد يتصاعد خلال الفترة المقبلة.