إجراءات في دمشق تحسباً لضربة أمريكية

2018.03.19 | 12:03 دمشق

+A
حجم الخط
-A

كشف دبلوماسيون غربيون لـ«الشرق الأوسط» عن أن تقارير تفيد بـ«إجراءات» في دمشق تحسباً لضربة عسكرية أميركية، بينها نشر قوات من الجيش الروسي في «مواقع حساسة» لقوات النظام بهدف «ردع» واشنطن.

وقال أحد الدبلوماسيين إن الرئيس بشار الأسد الذي زار الغوطة الشرقية، أمس، ترأسَ السبت اجتماعاً للمجلس الوطني الذي يقوده اللواء علي مملوك، بحضور قادة عسكريين وأمنيين، وتقرر اتباع سلسلة من الإجراءات الاحترازية تشمل توجيه رسالة إلى كل من روسيا وإيران لـ«توفير الحماية»، علماً بأن هاتين الدولتين تؤمنان الدعم العسكري والاستخباري والاقتصادي للنظام.

وتضمنت الإجراءات نشر عناصر من الجيش الروسي في مفاصل رئيسة للحكومة، سواء السلطة التنفيذية أو الجيش، وإخلاء مواقع أخرى واستنفار في بعض المؤسسات، بعدما أعلنت موسكو سابقاً أنها ستردّ في حال تعرضتْ قواتها لقصف أميركي. كما أفيد في دمشق باتخاذ الأمم المتحدة إجراءات لجهة انتشار موظفيها، الأمر الذي انسحب أيضاً على دبلوماسيين غربيين.

إلى ذلك، قال قيادي في «وحدات حماية الشعب» الكردية لـ«الشرق الأوسط» إن قواته ستتحول إلى «حرب العصابات» ضد الجيش التركي وفصائل سورية معارضة حليفة له بعد دخولهم إلى مدينة عفرين شمال غربي حلب أمس. وقال الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي لعفرين عثمان شيخ عيسى إن «قواتنا ستضرب مواقع العدوان التركي ومرتزقته في كل فرصة. وستتحول قواتنا في كل منطقة من عفرين إلى كابوس مستمر بالنسبة لهم».

مايزال النقاش دائراً في واشنطن إزاء توجيه ضربات صاروخية لمواقع قوات الحكومة السورية

مايزال النقاش دائراً في واشنطن إزاء توجيه ضربات صاروخية لمواقع قوات الحكومة السورية، رغم أن اجتماعاً سابقاً ترأسه الرئيس دونالد ترمب لم يُقرّ ضربات كهذه، في وقت تكثفت فيه إجراءات عسكرية وأممية في دمشق، بينها نشر عناصر من الجيش الروسي في مواقع «حساسة» تحسباً لضربة أمريكية.

كان الرئيس ترمب طلبَ آراء المؤسسات الأميركية إزاء احتمال توجيه ضربات مشابهة لتلك التي حصلت على قاعدة الشعيرات في أبريل (نيسان) الماضي. وكان لافتاً، أن وزير الدفاع جيمس ماتيس، تحفظ على توجيه هذه الضربات ما دام أن الهدف ليس «تغيير النظام». كما قال آخرون إنه «ليست هناك مصالح استراتيجية» لأميركا في غوطة دمشق، وإن هدفها فقط البقاء في منطقة شرق نهر الفرات والدفاع عن حلفائها هناك؛ الأمر الذي عبّرت عنه بوضوح لدى قتل الجيش الأميركي 195 من «المرتزقة» الروس هاجموا موقعاً أميركياً شرق دير الزور.

وتحدث مسؤولون أمريكيون أيضاً عن «عدم وجود أدلة» على استخدام دمشق السارين منذ هجوم أبريل الماضي، لذا "، فإن توجيه ضربات رداً على استخدام الكلور سيؤدي إلى خفض مستوى الخط الأحمر، ويُلزم واشنطن بالرد في مناسبات عدة، إضافة إلى أنه لن يؤدي إلى تغيير استراتيجي في التوازن العسكري، وقد تستخدم دمشق ذلك مبرراً لشن مزيد من العمليات ضد المعارضة».

وبحسب المعطيات، استمر النقاش داخل الإدارة ولم يُزَل «خيار الضربات» من طاولة ترمب، إلى أن دخل عنصر جديد إلى النقاش مفاده بإمكانية أن «بعض الهجمات سجلت وجود خليط من الكلور والسارين»؛ الأمر الذي رد عليه متشككون بضرورة «توفير دليل قاطع على هذا الخليط».

وكانت إدارة ترمب رسمت «خطاً أحمر» هو غاز السارين. وكرر مسؤولون بريطانيون وفرنسيون الموقف ذاته، وسط حديث بعضهم بأن دمشق «لم تستخدم السارين منذ هجوم خان شيخون». لكن الجانب الفرنسي بدأ في الأيام الأخيرة بتليين موقفه من ضرورة «توفير دليل» قبل توجيه ضربات إلى إمكانية توجيه ضربة في حال «سقط قتلى مدنيون» وصولاً إلى حديث مسؤول عسكري فرنسي قبل يومين عن إمكانية توجيه «ضربات أحادية» ضد مواقع حكومية سورية.

كررت دمشق وموسكو نفي استخدام الكيماوي واتهام المعارضة بذلك

في المقابل، صعّدت موسكو موقفها لـ«ردع النيات الغربية» عبر التلويح بالرد على أي هجوم يستهدف قوات الحكومة السورية، خصوصاً إذا استهدفت عناصر من الجيش الروسي. كما أنها شنت حملة دبلوماسية حول «تجهيز» واشنطن لـ«فبركة هجوم كيماوي لتبرير الهجوم الصاروخي على دمشق». كما أن خطاب «الاستعراض العسكري» للرئيس فلاديمير بوتين استهدف ردع تلك النيات، خصوصاً إذا حصلت ضربات قبل الانتخابات الرئاسية الروسية التي حصلت أمس. وكررت دمشق وموسكو نفي استخدام الكيماوي واتهام المعارضة بذلك، ثم حذرت من احتمال قصف مواقع للحكومة بـ«صواريخ مجنحة» من البحر المتوسط.

لكن تحضير الأرضية للضربة والضغط بقي مستمراً. في نيويورك، قالت المندوبة الأميركية، نيكي هيلي، المقربة من ترمب قبل أيام، إنه إذا لم يتحرك مجلس الأمن، فإن أميركا قد تتحرك منفردة؛ ما ذكّر بخطابها قبل توجيه ضربات أميركية على قاعدة الشعيرات. كما أن مجموعة القطع البحرية الأميركية وصلت إلى البحر المتوسط للمشاركة في مناورات مع الجيش الإسرائيلي، في وقت رسَتْ فيه قطع عسكرية روسية قبالة قاعدتَي طرطوس واللاذقية. ودخلَ عنصر جديد في الأيام المقبلة، لدى اتهام لندن موسكو بالوقوف وراء الهجوم الكيماوي ضد جاسوس روسي، ثم اتهام وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون الرئيس بوتين شخصياً؛ الأمر الذي ردت عليه موسكو بقوة وتحذير.

وإزاء ذلك، اختلطت أجواء الموالين للحكومة في دمشق بين تأييد سيطرة قواتها على غوطة دمشق بعد اتباع سياسة «الأرض المحروقة» وشن غارات مكثفة قتل فيها مئات المدنيين في الغوطة المحاصرة، وبين القلق من احتمال حصول ضربة. وتداول دبلوماسيون غربيون يزورون العاصمة السورية، أمس، معلومات مفادها أن الرئيس بشار الأسد، الذي زار أمس الغوطة، ترأس السبت اجتماعاً للمجلس الوطني الذي يقوده اللواء علي مملوك بحضور قادة عسكريين وأمنيين، وتقرر اتباع سلسلة من الإجراءات الاحترازية تحسباً لضربة أميركا.

وشملت الإجراءات توجيه رسالة إلى كل من موسكو وطهران لـ«توفير الحماية»، علماً بأن هاتين الدولتين توفران الدعم العسكري والاستخباري والاقتصادي للنظام، إضافة إلى التوافق على نشر عناصر وقوات من الجيش الروسي في مفاصل رئيسية للحكومة، سواء السلطة التنفيذية أو الجيش وإخلاء مواقع أخرى، واستنفار في بعض المؤسسات. ولم يتم تأكيد هذه المعطيات من مصادر مستقلة، لكن أفيد باتخاذ الأمم المتحدة في دمشق إجراءات لجهة انتشار موظفيها؛ الأمر الذي انسحب أيضاً على دبلوماسيين غربيين.

وإزاء ذلك، قال مسؤول غربي أمس: «مع الإدارة الأميركية كل شيء ممكن واتخاذ قرار مفاجئ أمر ممكن»، لافتاً إلى أن «أزمة عميقة بين دول غربية وروسيا تذكّر بأزمة الصواريخ الكوبية في الستينيات، في قمة الحرب الباردة» السوفياتية - الأميركية.