icon
التغطية الحية

سوق "الجمعة" في اللاذقية.. ينتعش بفضل المسروقات

2018.05.03 | 16:40 دمشق

سوق "الجمعة" في مدينة اللاذقية، 27 نيسان (تلفزيون سوريا)
تلفزيون سوريا- اللاذقية- جهان حاج بكري
+A
حجم الخط
-A

توقّف "سوق الجمعة" الشعبي أحد أشهر الأسواق في مدينة اللاذقية الخاضعة لسيطرة قوات النظام، سنةَ 2012 لمدةٍ تراوح العام بسبب اندلاع الاحتجاجات المناهضة للنظام في اللاذقية، وبالأخصّ في حي الرمل، الذي كان يقع بجانبه، ليعاود افتتاحه مجدداً لكن بمنطقة أخرى، حيث تم نقله نحو حي الريجي بالقرب من الكراجات، منتعشاً بظروف الحرب والنزوح التي يعيشها الناس، لا سيما وأنه يعرف بسوق الفقراء وتباع فيه المواد بأسعار زهيدة.

الافتتاحُ الجديد رافقهُ ازديادٌ مضطردْ بحجم البضائع وأنواعها، غيرَ أنه في الآونة الأخيرة ارتفع حجم السلع المعروضة فيه بشكل فلكيّ، وتعدّدت أنواعها، بالتوازي مع ارتفاع حجم المسروقات التي يبيعها فيه مقاتلو النظام، والتي يحصلون عليها من المناطق التي تقع تحت سيطرتهم ويصرّفونها بأسعارٍ بخسة.

فقر الأهالي يحرك السوق

يوضح الشاب "أحمد العاصي"، أحد سكان المدينة والذي يتوجه للعمل على سيارته كل أسبوع في سوق الجمعة، لـ "تلفزيون سوريا"، أنه رغم عمله منذ سنوات طويلة في السوق لكن لم يكن زواره بهذا الحجم ولم تكن تتوفر فيه هذه البضائع الجيدة والتي تعتبر أقرب للجديدة وتباع بأسعار بسيطة جداً، فتوافد عدد كبير من الأهالي من مختلف المحافظات نحو مدينة اللاذقية وغلاء الأسعار في الأسواق والمحال التجارية بشكلٍ كبير وغياب فرص العمل لهم، جعل ملجأهم الوحيد للحصول على مستلزماتهم هو هذا السوق، ففيه تتوفر الأغطية والستائر والغسالات والبرادات وكافة مستلزمات المنزل والملابس، والنازح الذي يتوجّه نحو اللاذقية ولا يملك أيّ شيء من أساسيات المنزل يستطيع أن يجهزه من سوق الجمعة بشكل كامل بمبلغ يقارب سعر غسالة في الخارج. 

تنافس ببيع المسروقات

وأضاف "العاصي" أن السبب الرئيسي في هذا الأمر وفي رخص الأسعار فيه هو وجود كميات كبيرة من المسروقات التي تباع فيه، وهذه يحصل عليها شباب المدينة المنضمون إلى قوات النظام من القرى التي يدخلون عليها والتي كانت تخضع لسيطرة المعارضة، مشيراً أنهم يسرقون كل ما يتواجد في المنازل من أغراض ويبيعونها مجدداً، فضلاً عن أنه يوجد منافسة كبيرة أثناء عملية البيع فيما بينهم وهو ما يجعلهم يبيعون مسروقاتهم بأرخص الأسعار والهدف هو نسبة وكمية البيع بغض النظر عن السعر. 

أفاد "العاصي" أن الجميع يعلم مصدر هذه البضائع لكن الحاجة والنزوح والعجز عن الشراء من الأسواق العادية يجعل الكثير من الناس مجبرين على شرائها، فسعر الغسالة أو البراد أو الغاز يبدأ من 500 ليرة سورية وما فوق وهو ما يوفّر فرصاً كبيرة أمام الزبائن لشراء ما يلزمهم بحسب السعر الذي يناسبهم.

من جانبها تقول "جود إبراهيم"، إحدى سكان المدينة والتي تزور السوق أسبوعياً، لـ "موقع تلفزيون سوريا"، أنّ السوق يفتتح في وقتٍ مبكّر من كل جمعة ولذلك يعرف بسوق الجمعة، ويتواجد فيه كافة الأشياء التي يحتاجها الناس، فهي تذهب غالباً لشراء المواد الغذائية التي تُباع بأسعار رخيصة جداً، حيث يبيعها سكان من المدينة أو نازحون فيها، يكونوا قد حصلوا عليها من خلال توزيع المواد الإغاثية أو أنهم من ذوي أسر القتلى الذين يحصلون على مساعدات بشكل دائم فيبيعون ما يزيد عن حاجتهم.

مقصد سكان القرى

 تابعت أنّ البيع في سوق الجمعة لا يقتصر على التجار أو أصحاب المحلات فكافة الناس من المدينة والقرى يحملون ما يملكون من بضائع أو ما يقومون بصنعه أو زراعته ويتوجهون لبيعه فيه، فهو يقام على الرصيف، ويتألف عن مجموعة من البسطات أو العربات المتنقلة، والبعض يستغلّ الأرض لوضع بضائعه عليها ويقف بجانبها، طوله حوالي الواحد كيلو متر، ويوجد فيه من الباعة والزبائن من كافة الفئات العمرية من أطفال ونساء ورجال وشباب الكل يذهب ليشتري ما يحتاج وما يرغب فسعر الغرض يتضاعف أربعة مرات خارجه أو يذهبون لبيع ما يزيد عن حاجتهم. 

أوضحت "إبراهيم"، أنّه يوجد باصات نقل تعمل يوم الجمعة متجهةً نحو السوق تكون قادمة من مختلف أحياء المدينة أو من قرى الريف، معتبرة أنّه تم نقله نحو هذه المنطقة ليكون هناك فرصة أكبر لسكان القرى للوصول إليه بشكل أسهل، لا سيما الموالين للنظام، وللابتعاد عن الأحياء التي تتكرر فيها المشاكل الأمنية.

 وأضافت أن الكثير من الناس يسجّلون  حاجياتهم ويقومون بشرائها من (الجمعة)، فهو يعتبر السوق الوحيد للكثير من الأسر، فلا يستطيع أي شخص يزوره أن يخرج دون أن يشتري أو أن يكرّر زيارته مرة أخرى.

تنوع البضاعة المعروضة

في حين أكدّ "ياسر علي"، أحد التجار الذين يبيعون في السوق، أنّ الإنسان يجد فيه أمورًا لا تخطر على البال فهنا يأتي أصحاب المحال بالبضائع القديمة أو الشتوية مع بداية حلول الصيف لبيعها بأسعار رمزية فسعر القطعة يبدأ من 50 إلى 500 ليرة سورية، أما من القرى فيأتي بائعو الزيتون والزيت والحليب والجبن ومختلف المواد الزراعية والريفية ومكانس القش والحيوانات، ويباع فيه أدوات كهربائية وأغراض منزلية بـ 1000 أو 500 ليرة سورية تكون أقرب للجديدة، وأغلبها تكون من القرى التي يسيطر عليها النظام، أو من يرغب من السكان بتجديد أغراض منزله يطرح المستعملة فيه، كما أن بعض العوائل النازحة تبيع أحياناً ممتلكاتها بسبب الحاجة، وكذلك يُباع فيه التبغ والدخان والمعسل والكتب القيمة وكتب الجامعة فأي شاب أنهى دراسته الجامعية ويرغب ببيع كتبه يتوجه نحوه، متحدثاً أنه سوق لكافة الأذواق والطبقات الثقافية والفئات العمرية. 

أشار أنّه بحكم عمله الدائم فيه يجد الكثير من السكان يتردّدون بشكل أسبوعي إليه ويشترون كافة حاجات الأسبوع، ويحصل بعضهم على أسعار خاصة بحكم معرفتهم بالبائعين والعلاقة الدائمة معهم، فضلاً عن وجود عروض التوصية، فمن يرغب بشراء أي غرض ولا يتوفر في السوق يقوم بتوصية أحد الباعة عليه ليأتيه به في الأسبوع المقبل.