icon
التغطية الحية

الغارات الإسرائيلية "رد عملي" على المقترحات الروسية في القدس

2019.07.03 | 20:07 دمشق

رئيس الوزراء الإسرائيلي خلال اجتماع ثلاثي بين كبار مستشاري الأمن الأميركيين والإسرائيليين والروس في القدس (رويترز)
موسكو - طه عبد الواحد – تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

صعّدت موسكو "لهجة" تعليقاتها على قصف مقاتلات إسرائيلية للأراضي السورية، وذهبت إلى توجيه تحذيرات "ضمنية" لإسرائيل من أن هذا القصف سيشكل تهديداً لأمنها إن استمرت به.

ومع أن هذا التطور يعكس مخاوفها من تصعيد يهدد ما تعده إنجازات إقليمية حققتها عبر تدخلها العسكري في سوريا، ويهدد بتورطها في نزاعات خطيرة إن نشبت، فإن روسيا تدرك في الوقت ذاته أن تلك الغارات ليست مجرد ضربات لمواقع إيرانية على الأراضي السورية، وهي في الوقت ذاته رد على دعواتها لوقف تلك الغارات وحل الأزمة مع إيران "بطرق ليست عسكرية"، وفي الوقت ذاته ضربات موجعة لهيبتها وسمعتها، على الأقل لدى الحلفاء في دمشق وطهران، وفي أوساط الموالين للنظام السوري، الذين طالما انتظروا من روسيا أن تقف في مواجهة القصف الإسرائيلي، لكنهم أصيبوا بخيبة أمل وهم يشاهدون سعي روسيا لتعزيز مستوى تنسيقها مع إسرائيل، مع تركيز بصورة خاصة على ضمان أمن القوات الروسية، خلال الغارات على الأراضي السورية.

رد فعل "إضافي"

رد الفعل الروسي الأول على استهداف إسرائيل عدة مواقع في ريفي دمشق وحمص ليلة الأول من تموز الجاري، جاء بعيداً عن الانفعالات، وفي "قالب دبلوماسي تقليدي"، عبر عنه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، حين قال إن روسيا تدرس الضربة الإسرائيلية للأراضي السورية، واكتفى بدعوة تل أبيب لاحترام القوانين الدولية، التي "تعتبرها موسكو مرجعا لتقييم أي أفعال تقوم بها أي جهة في المنطقة" على حد قوله. إلا أن الخارجية الروسية، وبعد أن كشفت التقارير من سوريا حجم القصف الإسرائيلي هذه المرة، قررت على ما يبدو التعبير عن رد فعل "إضافي"، استخدمت فيه عبارات أكثر حدة مما جرت العادة، وحملته تحذيرات "بين الأسطر" لإسرائيل، لكنه لم يصدر بصيغة "بيان رسمي عن وزارة الخارجية الروسية"، وإنما مجرد إجابة قدمتها الناطقة الرسمية ماريا زاخاروفا على سؤال حول رد الفعل الروسي على الغارات. ما يعكس حرص روسيا على عدم إصدار مواقف بصيغة تصعيدية تؤدي إلى توتر مع إسرائيل.

في نص إجابتها على ذلك السؤال، ودون ذكر الوسيلة الإعلامية التي وجهته لها، وصفت ماريا زاخاروفا الضربات الأخيرة بأنها "الأوسع من نوعها منذ أيار 2018"، وأضافت أن  "موسكو تشعر ببالغ القلق إزاء هذا التصعيد"، وقالت إن "العمل العسكري الذي ينتهك بشكل فاضح السيادة السورية لن يساهم في تطبيع الوضع في ذلك البلد"، وتعمدت تذكير إسرائيل بأن أمنها مرتبط بحفاظها على أمن المنطقة، حين قالت إن تلك الانتهاكات "تحمل في طياتها تهديداً بزعزعة الاستقرار الإقليمي، الذي لا يمكن في ظروفه ضمان مصالح الأمن القومي لأي دولة في الشرق الأوسط بشكل موثوق".

اقتراحات القدس

وعلى اعتبار أن مثل هذه الصيغة في عبارات رد الفعل الروسي على الغارات الأخيرة، كانت الأكثر حدة طيلة السنوات الماضية، فإن اختيارها لم يكن عن عبث، ويبدو أنها تعكس رد الفعل على ما هو أهم من الغارات كفعل بحد ذاته، وإنما على ما حملته من رسائل. ونظراً لأنها الأولى بعد اللقاء الأمني في القدس فإن الغارات الإسرائيلية الأخيرة شكلت أول رد "عملي" من تل أبيب على جملة اقتراحات عرضها نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي، خلال لقاء القدس نهاية حزيران الماضي، على تل أبيب وواشنطن، للتعامل مع ما يعتقد الإسرائيليون أنه تهديد إيراني لأمنهم. في ذلك اللقاء الذي جمعه مع مستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي جون بولتون، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات، ربط باتروشيف ضمان أمن إسرائيل بضمان مصالح الدول الأخرى في المنطقة، داعيا حينها إلى وقف الضربات الإسرائيلية وعبر عن قناعته بإمكانية "احتواء مصادر القلق الإسرائيلي بوسائل غير عسكرية". لكن كما هو واضح فإن إسرائيل لم تتقبل بعد الطرح الروسي، ولذلك تواصل قصفها الأهداف الإيرانية في سوريا.

"إس 300 " خارج المعادلة

من جانب آخر فإن تصعيد "لهجة" رد الفعل الروسي جاء على ما يبدو لاحتواء استياء في أوساط الموالين للنظام السوري، وربما ضمن قياداته وأفراده، الذين ظنوا أن تعامل روسيا مع الغارات الإسرائيلية سيختلف بعد حادثة طائرة الاستطلاع الروسية (إيل 20) التي أسقطتها الدفاعات الجوية للنظام السوري في 17 أيلول 2018، خلال التصدي لمقاتلات إسرائيلية في الأجواء قبالة الساحل السوري. قبل تلك الحادثة، ومنذ تدخلها العسكري في سوريا، كانت روسيا حريصة على تنسيق عسكري مع إسرائيل لضمان تفادي وقوع حوادث بين المقاتلات الروسية والإسرائيلية خلال العمليات العسكرية في سوريا. ووجهت إسرائيل طيلة السنوات الماضية عشرات الضربات لمواقع على الأراضي السورية، ودوما كانت موسكو تكتفي بدعوة تل أبيب لوقف تلك الضربات. ولم تطرأ أي تغيرات جوهرية على هذا الوضع رغم تسليم موسكو منظومة "إس-300" الصاروخية للدفاع الجوي لقوات النظام في تشرين الأول الماضي. ولم توضح موسكو حتى الآن لماذا لم يتم استخدام المنظومة في التصدي للغارات الإسرائيلية، بينما يحاول النظام الإيحاء بأنه لا يحتاج استخدامها الآن، وأن المنظومات الأخرى مثل (اس-200) تقوم بمهمة التصدي كما يجب. وفي الأثناء لم يتوقف تساقط الصواريخ الإسرائيلية على الأراضي السورية، كما لم يتوقف التنسيق بين بين موسكو وتل أبيب لتفادي الحوادث في سوريا.