الدور الروسي في دعم الإرهاب

2018.09.13 | 00:09 دمشق

+A
حجم الخط
-A

لم تكن روسيا يوما بعيدة عن استخدام الإرهاب للوصول إلى تحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية أو السيطرة على دولة بعينها، فتاريخ الروس مغمس بدماء الشعب الروسي نفسه وشعوب الدول التي تدخلت فيها روسيا للسيطرة عليها.

فالتاريخ يذكر ما يسمى الإرهاب الأحمر بعد استيلاء البلاشفة على السلطة في روسيا عام 1917 الذي اعتمد على القتل الجماعي والتعذيب والقمع المنظم، وحسب التاريخ السوفييتي فقد بدأت الحملة رسمياً في سبتمبر أيلول عام 1918 من قبل ياكوف سفيردلوف، وهو بلشفي قديم كان مديرًا للجنة التنفيذية للحزب الشيوعي الروسي، وانتهت الحملة في أكتوبر تشرين الأول من العام نفسه، وقد استخدم في هذه الحملة كل أنواع القتل والترهيب والاعتقال عبر "الشيكا"، وهي الشرطة البلشفية السرية.

وتتراوح إحصاءات ضحايا الإرهاب الأحمر في تلك الفترة ما بين 50000 كحد أدنى إلى مليون ونصف المليون قتيل أيضاً استخدام الإرهاب الأحمر عام 1979 مع بداية الحرب بين قوات الاتحاد السوفييتي، وبين المجموعات المسلحة المناهضة للشيوعية في أفغانستان، واستمرت حتى عام 1989 عندما انسحبت القوات السوفييتية مخلفة وراءها مليون قتيل غالبيتهم من المدنيين قتلوا بالقصف العشوائي للقرى الأفغانية، ناهيكم  عن المجازر الدموية بحق الشيشان والبوسنة والهرسك.

وفي قضية اعتبرت من أكبر فضائح الإرهاب الروسي وهي حادثة الاعتداء على الجاسوس الروسي في بريطانيا وابنته عبر استخدام غاز أعصاب مميت تم تطويره أيام الاتحاد السوفييتي، وقد حاولت وزارة الخارجية الأمريكية إدراج روسيا على لائحة الدول الراعية للإرهاب لكن إدارة ترامب رفضت ذلك بذريعة أنّ روسيا شريك الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، على الرغم من أن كثيراً من الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك!

أما الإرهاب المنظم الذي استخدمه ورعاه الروس على الشعب السوري أثناء الثورة السورية، فقد تجلى بشكل واضح في تصريحات بوتين بأنّ العسكريين الروس استخدموا في عمليتهم ضد الإرهاب"" الشعب السوري" في سوريا 215 نوعاً من الأسلحة المحدثة والواعدة، والتي لم تجرّب سابقًا في أي معركة حقيقية وتبجح بوتين بنجاح اختبار الأسلحة عالية الدقة وطويلة المدى بأنّه من أول استخدام والتي أطلقت من البحر والجو، موضحا أنّ الحديث يدور بالدرجة الأولى عن الصواريخ الاستراتيجية المجنحة من طرازي “كاليبر” و”X-101″  وطائرات السوخوي "57" و“سو-33″ و”ميغ-29ك” كما لفت بوتين إلى أن القوات الروسية استخدمت أيضا في سوريا للمرة الأولى طائرات من الطيران الاستراتيجي الروسي،

ماتزال روسيا تمارس الإرهاب على الأرض السورية قتلاً وقصفًا للمدنيين وخراباً وتدميراً للمشافي والمدارس ومراكز الدفاع المدني، وهي أعيان مدنية في القانون الدولي يجب عدم الاقتراب منها.

والطائرات المسيرة فيما شدّد على أن “منظومات الدفاع الجوي من طرازي إس-400 وبانتسير بالتعاون مع المقاتلات أعادت هيمنة القوات الجوية الفضائية الروسية على المجال الجوي الروسي، كما تمّ استخدام كل أنواع الأسلحة بما في ذلك الأسلحة المحرمة دولياً على شعب أعزل لا يملك إلا بعض الأسلحة القديمة الخفيفة والمتوسطة.

وماتزال روسيا تمارس الإرهاب على الأرض السورية قتلاً وقصفًا للمدنيين وخراباً وتدميراً للمشافي والمدارس ومراكز الدفاع المدني، وهي أعيان مدنية في القانون الدولي يجب عدم الاقتراب منها وهذا من أشدّ أنواع الإرهاب المنظم في العالم، ولم يكتفِ الروس بذلك بل ساهموا في تهجير السكان المدنيين من بيوتهم في عميلة تطهير عرقي تُذكر بأفعال القياصرة  وكذلك أفعال "ستالين" وسبق ذلك كله إغراق الأراضي السورية بالجهاديين، حيث بدأ بذلك عام 2012 عندما قام جهاز الاستخبارات الروسي FSB   بتشجيع مئات الجهاديين في المناطق ذات الأغلبية المسلمة في الاتحاد الروسي مثل داغستان وغيرها بالذهاب للقتال في سوريا، على الرغم من معرفته أن هؤلاء سينضمون للقتال ضمن تنظيم داعش الذي يقاتل قوات بشار الأسد حليف روسيا المقرب، ولاشك أن هذه التسهيلات يجب أن تحظى بموافقة السلطة العليا للبلاد وهذا يدل على أن بوتين شخصياً هو من سمح بذلك لا بل سمح بتقديم تسهيلات كثيرة منها : "دفع مبالغ مالية وتأمين جوازات سفر" أي إنهم يصنعون الإرهاب ومن ثم يحاربونه !

 ومن هنا لم تكتفِ المخابرات الروسية بذلك بل حاولت أن تستقطب الكثير مما يسمى المعارضة المعتدلة من القادة العسكريين والسياسيين والناشطين الذين أحبطوا من الوعود الأمريكية المتكررة، لتستخدمهم أدوات لتنفيذ مخططها الساعي إلى إعادة انتاج الأسد ونظامه، وذلك من خلال الوعود بالدعم المالي غير المحدود وتأمين الأسلحة والذخيرة والحماية الجوية ووعود بإعطائهم دورا في تقرير مصير سوريا بعد الأسد!

كانت وعودهم ترتكز على تخلي الأمريكان عن هؤلاء أمام هجمات الفصائل المتشددة المرتبطة بالقاعدة ((سندعمك للأبد ولن نتخلى عنك كما تخلى أصدقاؤك القدامى عنك)) وبات واضحاً أن الجهود الروسية لا تحاول فقط إخراج الولايات المتحدة من سوريا، ولا تقوم باستهداف حلفاء واشنطن من جماعات المعارضة الحالية والسابقة وحسب، بل وتعمل أيضًا بجد كي تجندهم للتعاون معها لتحقيق ما يرنو إليه الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" في سوريا بوصفها المكان الذي سيهزم فيه المشروع الديمقراطي المزعوم لتغيير الأنظمة.

وتقوم موسكو بحملة سرّية تحاول من خلالها إظهار الضعف الأمريكي في سوريا، ودعم النظام السوري ودق إسفين بين جماعات المعارضة وداعميها التقليديين

إن معنى الإرهاب في القاموس الفاشي الروسي البوتيني واضح ولا تشوبه شائبة ولا يحتاج خبراءَ لترجمته وشرحه، ويمكن تلخيصه بأنّ أي كلمة أو أغنية أو قصيدة تكتب ضد هذه السياسة القبيحة هو إرهاب.

بشكل يدفعهم لرفع بنادقهم ضد أعداء الأسد، وستعمل موسكو على ترتيب إنهاء سيطرة النظام على الشمال بعد معركتي الغوطة والجنوب ولهذا يتمّ ربط أفكار عودة اللاجئين باللجنة الدستورية، وإعادة الإعمار في استعجال لتحويل الإنجاز العسكري الأمني إلى إنجاز سياسي!

إن معنى الإرهاب في القاموس الفاشي الروسي البوتيني واضح ولا تشوبه شائبة ولا يحتاج خبراءَ لترجمته وشرحه، ويمكن تلخيصه بأنّ أي كلمة أو أغنية أو قصيدة تكتب ضد هذه السياسة القبيحة هو إرهاب، وأن أيّ عملٍ يرفض الرضوخ والركوع لهذه السياسات اللاإنسانية هو إرهاب! وهذا يعني أن الدفاع أو التأييد لأي قضية عادلة هو نوع من أنواع الإرهاب، وأي محاولة للدفاع عن باقة ورد في بلادنا هي عمل إرهابي، وأي محاولة للدفاع والذود عن تاريخك وحضارتك وثقافتك وإنسانيتك هو عمل إرهابي، وأي محاولة لرفض ثقافة الاستبداد وثقافة تشريع الاغتصاب هو عمل إرهابي وأي محاولة للدفاع عن خبزك اليومي هو إرهاب ما بعده إرهاب!

ملخّص القول:

إن أي نداء للسلام والتضامن والإخاء الإنساني وأي نداء للحرية من أجل حياة أفضل بلا جوع أو مرض أو خوف هو الإرهاب بعينه، وما يجعل الصورة أبشع وأكثر سوادًا أن التعريف الروسي للإرهاب – في ظل غياب التعريف القانوني المعتمد في الأمم المتحدة – يُراد منه أن يصبحَ عالميا! ومن هنا أصبح المفهوم الإرهابي على الصعيد العالمي يطلق على أي مجموعة سياسية أو اجتماعية أو حتى نشطاء أفراد يعارضون هذا الشعار الروسي القبيح!

وبعد كل ما تقدم فإن النضال لإسقاط وإفشال السياسات الروسية لا يجب أن يكون عملا تضامنيا فقط بل واجب أخلاقي يقع على عاتق كل إنسان محب للسلام والعدل والحياة الكريمة، ويجب أن يكون النضال ضد السياسات الروسية ومحاولة سيطرتها على مقدرات عالمنا ومجتمعاتنا واجبًا إنسانياً، ومن أجل كل هذا يتوجب على جميع القوى السياسية في العالم العربي والشرق أوسطي مقاومة الإرهاب الروسي والذي سيقود حتما ليس إلى قمع دول وشعوب أخرى بل وسيمتد ليقمع كل صوت حر أينما كان، ولذا علينا أن نرفع صوتنا ضد السياسات والممارسات الارهابية الروسية في مناطقنا فهو الوباء الذي يريد الحفاظ على الأنظمة الاستبدادية والقمعية لتحكمنا.