icon
التغطية الحية

 النظام يمنح "طباخ بوتين" ومرتزقته ربع النفط والغاز في سوريا

2020.01.20 | 18:23 دمشق

1576512730ie4ho-6t2mpppncvj3ml7r9xn2xzd2zvgctzisy64hob8htjn.jpg
في شباط 2018، وقعت روسيا والنظام خريطة طريق للتعاون في قطاع الطاقة (إنترنت)
+A
حجم الخط
-A

تلفزيون سوريا - سامر إلياس - موسكو

 

كشفت صحيفة "نوفايا غازيتا" الروسية، عن صفقة سرية  تمنح "طباخ بوتين" حق استثمار حقول النفط والغاز السورية الواقعة تحت سيطرة "مرتزقة شركة "فاغنر" بعد "تحريرها" في إطار صفقة أبرمت مع نظام الأسد في إطار الامتنان لدور الروس في إنقاذ النظام وتثبيته.

وكان مجلس الشعب في البرلمان اعتمد في كانون الأول 2019، اتفاقات مع شركتي "فيلادا" و"ميركوري" الروسيتين بشأن تطوير ثلاث كتل من حقول الغاز والنفط. تبلغ مساحتها الإجمالية 12 ألف كيلومتر مربع على الأقل، وتبلغ احتياطيات الغاز فيها، بحسب النظام، ثلاثة أرباع تريليون متر مكعب.

ووفق تقرير صحيفة "نوفايا غازيتا" المعارضة الذي نشرته تحت عنوان "فاغنر- النفط الأول" فإن الشركتين الحائزتين على هذه العقود الضخمة مغمورتان وغير معروفتين في السوق النفطية، لكنها استطاعت الوصول إلى بيانات تؤكد تبعيتهما لشركات طباخ بوتين، يفغيني بريغوجين، ضمن صيغة معقدة من أجل الإفلات من العقوبات الغربية.

ولقاء خدماتها الكثيرة في إنقاذ النظام تسعى روسيا إلى الهيمنة على ميناء طرطوس، ووقعت عقدا لتشغيله مدة 49 عاماً قابلة للتمديد وأعلنت أنها ستستثمر 500 مليون دولار في المشروع

وتورد الصحيفة بيانات تفيد بحصول شركة "فيلادا" على حق استغلال الوحدة 23، بينما تحصل "ميركوري" على الوحدات 7 و19. وكان وزير النفط والغاز لدى النظام علي غانم أوضح في وقت سابق، أن الوحدة 23 هي حقل غاز مساحته 2159 كيلومتراً مربعاً، يقع شمال دمشق، والوحدة 7 حقل نفط مساحته 9531 كيلومتراً مربعاً، ويقع شرق الفرات. ولم يذكر الوزير معلومات عن الكتلة 19، لكن من الواضح من سياق تصريحاته أنها ليست بعيدة عن الوحدة 7، ولا تقل احتياطات الغاز، وفقًا لما قاله غانم، عن 250 مليار متر مكعب في كل وحدة.

ووفق تحقيق الصحيفة الروسية، تم تأسيس "فيلادا"، برأس مال يبلغ 10 آلاف روبل (160 دولاراً أمريكياً) في العام 2015 من قبل يكاترينا تروفيموفا، التي أحالت ملكيتها في تموز 2018، لداريا بارانوفسكايا. ووفقًا لمعلومات وكالة "إنترفاكس" الروسية، يوجد في الشركة موظف واحد فقط، كما أن تقارير محاسبة الشركة في الفترة 2015-2017، تبين أن الإيرادات كانت صفر، في حين قفزت في العام 2018، إلى 3.2 مليون روبل.

وتساءلت الصحيفة الروسية، عن السر في حصول شركة ليس لديها خبرة في التنقيب عن النفط واستخراج الغاز، وليس لديها موظفون، ولا حتى رأس مال، على عقد استغلال 250 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في سوريا، قبل أن تذكر أن مالكة ومؤسسة الشركة يكاترينا تروفيموفا، عملت مساعد مدير في شركة "كونكورد" الواجهة الرسمية لكافة نشاطات بريغوجين.

أما شركة "ميركوري"، فهي على عكس شريكتها في ربع النفط السوري "فيلادا"، لها تاريخ ونشاط اقتصادي معروف، إذ عملت في الفترة 2015 - 2018، بموجب عقود سنوية بقيمة 115-118 مليون روبل لتوفير الغذاء للعسكريين في المصحات وفي الفعاليات الدولية لوزارة الدفاع، وبلغت إيراداتها لعام 2018، مبلغ 3.1 مليار روبل، قبل أن تختفي فجأة من سوق تغذية العساكر، لتظهر في سوريا، كمنقب عن النفط والغاز.

ورغم عدم ارتباط شركة "ميركوري" رسمياً بطباخ بوتين، أكدت تحقيقات وسائل إعلام روسية عدة، ملكية الشركة لبريغوجين، واتضحت هذه المسألة، في أيار 2016، عندما تحطمت مروحية تابعة للشركة، قرب مقر إقامة بريغوجين، واتضح لاحقاً من التحقيق مع الطيار الناجي، أنه كان يقوم بمهمة اعتيادية، لنقل رجل الأعمال وزوجته على متن المروحية إلى أماكن مختلفة في ضواحي مدينة سان بطرسبورغ شمالي روسيا.

ووفق ما نقلته وكالة "نوفوستي" عن الوزير في حكومة الأسد علي غانم، بدأ التعاون مع شركة "ميركوري" كجزء من بروتوكول اللجنة الحكومية الدولية في سوتشي في عام 2017.

ويؤكد تحقيق الصحيفة الروسية، أن "ميركوري" واحدة فقط من العديد من الشركات التابعة لـ "إمبراطورية" بريغوجين، سواء العاملة في مجال توفير الأغذية لرياض الأطفال والمدارس في روسيا أو المتعاقدة مع الجيش، أو شركات البناء والتعدين أو مرتزقة "فاغنر"، التي تنشط في سوريا.

ومن الشركات البارزة المملوكة لرجل الأعمال الروسي، شركة "يورو بوليس" صاحبة الدور الأكبر في "كعكة الثروات السورية". ففي كانون الأول 2016، خلال زيارة الوزير السوري غانم إلى موسكو واجتماعه مع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، تم توقيع اتفاقيات بين "يورو بوليس" ومؤسسة النفط التابعة للنظام، وبموجبها تعهدت شركة "يورو بوليس" الغطاء القانوني لانتشار مجموعة فاغنر في سوريا، بتنفيذ عمليات عسكرية لتحرير حقول النفط والغاز، مقابل الحصول على ربع حجم الإنتاج لاحقا.

ووفقًا لـ"نوفايا غازيتا"، تم التصديق على هذا الاتفاق من قبل مجلس وزراء النظام في أيار 2017 وتم تنفيذه دون إخلال، موضحة أن شركتي "فيلادا" وميركوري"، ليستا سوى جزء من العديد من شركات طباخ بوتين المشاركة في المشروع السوري.

ووفق تقديرات الصحيفة الروسية، وصلت العائدات الشهرية لشركات بريغوجين في سوريا في العام 2018، إلى 20 مليون دولار تقريبًا، في حين لم يتضح بعد حجم الإنتاج في العام 2019.

ووفق تقديرات الصحيفة الروسية، وصلت العائدات الشهرية لشركات بريغوجين في سوريا في العام 2018، إلى 20 مليون دولار تقريبًا

ورغم عدم وجود دراسات دقيقة ومستقلة تماماً عن الاحتياطات السورية من النفط والغاز، ذكر موقع "أويل برايسز" البريطاني المختص في أخبار النفط والطاقة، يوم الأربعاء 23 تشرين الأول الماضي، أن إجمالي الاحتياطي النفطي في سوريا يقدر بنحو 2.5 مليار برميل، وما لا يقل عن 75  المئة من هذه الاحتياطات موجودة في الحقول المحيطة بمحافظة دير الزور شرق سوريا. وكانت سوريا تنتج نحو 380 ألف برميل نفط يومياً قبل اندلاع الحرب، وقدرت ورقة عمل صدرت عن صندوق النقد الدولي عام 2016 أن الإنتاج تراجع إلى أربعين ألف برميل فقط منذ عام 2011. ووأضح أن روسيا في عودة كامل حقول النفط شرق الفرات التي تنتج نحو 90 في المئة من إنتاج سوريا النفطي ونصف إنتاج الغاز، إلى سيطرة النظام، للاستفادة من صفقات إصلاح الآبار المدمرة وصيانتها، إضافة إلى عقود تشغيلها لاحقا، كما تأمل موسكو أن تمكّن عائدات إنتاج النفط في هذه الحقول، النظام من إطلاق عملية إعادة الإعمار، ما يثبت الحل السياسي وفق الرؤية الروسية.

وفي شباط 2018، وقعت روسيا والنظام خريطة طريق طويلة الأمد للتعاون في قطاع الطاقة، دعت وفقها حكومة الأسد "لوك أويل" و"غازبروم نيفت" وشركات روسية أخرى للمشاركة في ترميم البنية التحتية للطاقة في البلاد، وكذلك في تطوير حقول الغاز الطبيعي البحرية، ويرى خبراء أن "الجائزة الكبرى بالنسبة لروسيا على صعيد استغلال ثروات النفط السوري تكمن بالفوز باستثمار الحقول البحرية إذا صدقت التوقعات حول الاحتياطات الضخمة، فالاحتياطات البرية الحالية ليست مغرية مقارنة باحتياطات العراق وإيران وغيرها من بلدان الخليج".

ولا يقتصر الاهتمام الروسي على قطاع النفط والغاز، بل يتعداه إلى قطاعات أخرى، فقد حصلت شركة "سترويترانسغاز" على عقد مدته 50 عامًا لاستخراج الفوسفات في سوريا، وبموجبه سوف تحصل الشركة الروسية على 70 في المئة من الفوسفات المستخرج، وسيحصل النظام على الـ 30 في المئة المتبقية. وكشفت روسيا أنها ستخصص 200 مليون لصيانة وإعادة تفعيل مصنع الأسمدة الوحيد في البلاد وتطويره وتصدير منتجاته إلى السوق الإقليمية. ولقاء خدماتها الكثيرة في إنقاذ النظام تسعى روسيا إلى الهيمنة على ميناء طرطوس، ووقعت عقدا لتشغيله مدة 49 عاما قابلة للتمديد وأعلنت أنها ستستثمر 500 مليون دولار في المشروع.

ومع الصفقات الكبيرة مع الشركات الروسية يبدو أن النظام بدأ في تسديد فواتير الدعم العسكري الروسي العلني عبر قصف الطيران المدنيين السوريين وتدمير مستشفياتهم ومدارسهم، أو حرق "مرتزقة فاغنر" أجساد السوريين الرافضين للخدمة في جيش الأسد. وواضح أن "طباخ الكرملين" وآمر "فاغنر" يسعى إلى مد أذرعه في كافة قطاعات الاقتصاد السوري وأهمها النفط بعدما دفع في شباط 2018 الكثير من الدماء والأرواح عندما منعت الولايات المتحدة المرتزقة الروس مع الميليشيات الطائفية الإيرانية والتابعة للنظام من التقدم باتجاه خط العمر النفطي وقتلت وجرحت نحو مئتين منهم لترسم خطًا بالدم والنار يمنع تقدم الروس والنظام إلى منابع النفط.