icon
التغطية الحية

عائلة أميركي محتجز لدى النظام تعلق آمالها على بايدن

2021.02.15 | 15:30 دمشق

115821254_182004013351436_8942805297279856684_o.jpg
ألمونيتور- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كانت آخر مرة تحدثت فيها مريم كم ألماز لوالدها، أثناء تناولها طعام الإفطار مع أولادها وأمها في بيتها بغراند برايري في تكساس، إذ اتصل بهم مجد كم ألماز هاتفياً في شباط من العام 2017 من لبنان، حيث يدير مستوصفاً يهتم بالصحة العقلية للاجئين.

مجد كم ألماز، طبيب نفسي ولد في سوريا ثم هاجر إلى الولايات المتحدة طفلاً، وقد أخبر ابنته في تلك المكالمة بأنه قد يسافر إلى دمشق في زيارة للأقارب تمتد لبضعة أيام، وذلك عقب وفاة والد زوجته، غير أن عائلته طلبت منه ألا يسافر، فما كان منه إلا أن أكد لهم بأن الزيارة ستكون قصيرة، وبأنه قد حجز رحلة العودة إلى الولايات المتحدة.

وبعد مرور أيام على تلك المكالمة الهاتفية، استوقف حاجز تابع لنظام الأسد الدكتور مجد بالقرب من العاصمة السورية. ومنذ ذلك الحين لم تره زوجته ولا أولاده الخمسة، وانقطعت أخباره عنهم.

غير أن عائلة كم ألماز التي ستتم يوم الإثنين المقبل السنة الرابعة دون "الأب الحبيب"، تعوّل على الإدارة الأميركية الجديدة في العمل على إعادة عميد أسرتهم، "خاصة جو بايدن، لأنه يهتم بأمور لم شمل العائلات"، بحسب ما ذكر إبراهيم نجل مجد كم ألماز.

يذكر أن مجد، والصحفي أوستن تايس الذي اختفى أثناء تغطيته للحرب السورية في عام 2012، كانا من بين المواطنين الأميركيين الستة الذين يُعتقد أن حكومة نظام الأسد، أو إحدى القوات الحليفة لها، قامت باحتجازهم.

ونظراً لانقطاع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وسوريا، حاولت إدارة ترامب سراً، وعبر قنوات خلفية عديدة، تحرر هؤلاء الأميركيين، غير أن دمشق لم تعترف باحتجازها لأي منهم علناً.

وقد سُرت عائلة كم ألماز أيّما سرور، عندما عرفت بأن مسؤولين في إدارة ترامب، وهما المبعوث الخاص لشؤون الأسرى السيد روجر كارستينز وكبير مستشاري مكافحة الإرهاب في البيت الأبيض كاش باتيل، سافرا إلى دمشق سراً خلال العام المنصرم، وأجريا مفاوضات على أرفع المستويات بخصوص الأسرى. غير أن هذين المسؤولين عادا بخفي حُنين، إلا أن ما قاما به مهد الطريق للمزيد من الحوار بهذا الصدد.

وحول ذلك تقول رندا سليم، وهي عضو رفيع ومديرة برنامج الحوار الخاص بحل النزاعات والمسار الثاني لدى معهد الشرق الأوسط: "بعدما قام ترامب بإذابة الجليد، وكسر حرمة التفاوض مع نظام الأسد، فتح المجال في المستقبل وذلك عندما يحين الوقت المناسب بالنسبة لإدارة ترامب حتى تقوم بالتفاوض من أجل الأسرى الأميركيين في سوريا".

هذا وقد رفض الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية أن يتحدث عما إذا كانت الإدارة ستفكر بالتدخل والتعامل بشكل مباشر مع حكومة النظام، وذلك للعمل على تحرير المفقودين الأميركيين، غير أن الإدارة سبق أن أعلنت أنها: "ستعيد المواطنين الأميركيين المحتجزين أو الذين اعتقلوا بلا وجه حق ويأتي ذلك على رأس الأولويات بالنسبة لإدارة بايدن-هاريس".

اجتماع مع بلينكين

وذكرت المدافعة عن الأسرى، دايان فولي، الذي اغتيل ابنها جيمس فولي على يد تنظيم الدولة عام 2014، بأن ما شجعها هو مستوى تواصل تلك العائلات مع أرفع المسؤولين لدى بايدن. وفي مطلع هذا الشهر، أجرى وزير الخارجية أنطوني بلينكين مكالمة فيديو مدتها 90 دقيقة مع أقارب الأميركيين المفقودين.

وتتابع السيدة فولي بالقول: "كانت تلك سابقة بالنسبة لوزير خارجيتنا أن يبدأ توليه لمنصبه بفتح ملف الأميركيين الأبرياء الذين احتجزوا كأسرى خارج البلاد". وأضافت بأنها رفعت قضية مجد كم ألماز مباشرة لمستشار الأمن القومي جيك سوليفان.

وتتواصل عائلة كم ألماز بشكل دوري مع مسؤولين في الحكومة الأميركية، بينهم مسؤولون في وزارة الخارجية وخلية استعادة الأسرى التي تخضع لإدارة مكتب التحقيقات الفيدرالية، فضلاً عن التواصل مع مدير عام الأمن اللبناني اللواء عباس إبراهيم، الذي نجح في وقت سابق بالتفاوض مع نظام الأسد لإطلاق سراح السائح الأميركي سام غودوين في عام 2019.

كما أن عائلة كم ألماز تجري عمليات بحث أخرى بطريقتها، حيث تقوم بتعقب خطى كم ألماز، وتبحث عن مصادر في سوريا يحتمل أنها التقت بالدكتور مجد.

وفي شهر آذار الفائت، أكدت لهم مصادرهم بأن كم ألماز نُقل من سجن في الداخل السوري إلى مكان مجهول، بيد أن مسار التعقب انقطع، فلم يعد بوسعهم التحقق من أن عميد العائلة، البالغ من العمر 63 عاماً والذي يعاني من مرض السكري وغيره من المشكلات الصحية، مايزال محتجزاً أو حتى على قيد الحياة.

ويعقب هنا ابنه إبراهيم: "لقد حاول هؤلاء الأشخاص تسهيل عودة أبينا إلى بلده، ولكن بعد مرور فترة، أخبرونا أنهم لا يستطيعون القيام بأي شيء ولو دفعنا لهم مال الدنيا كلها. وكان تعليقهم على ذلك بأن هذا يعود للوضع السياسي".

وهكذا، وبعد السعي من تحت الطاولة على مدار عامين لتحرير الدكتور مجد، قامت عائلته بنشر قصته في كانون الأول من عام 2019، إذ اعتقدت أسرته بأن زيادة عدد من يطلعون على قصته يمكن أن تفيده، كما سبق أن استفاد من ذلك آخرون.

يذكر أن الدكتور مجد ظل يسافر على مدار عقدين من الزمان إلى مختلف بقاع العالم ليقوم بمساعدة ضحايا الحرب والكوارث الطبيعية، إذ كان يعتمد في أغلب الأحيان على أسلوب السيطرة على الإجهاد الذي يعرف باسم "رياضيات القلب".

وفي عام 2013، افتتح مشروعه في لبنان من أجل اللاجئين الذين جاءوا من سوريا. وقبل اختفائه بفترة قصيرة، كان يسعى لافتتاح مركز متخصص للمسنين.

وخلال العام المنصرم، فتح أمام الأسرة بصيص أمل، بعدما عثروا على سجين سابق، يعرف معلومات عن مجد، وعن ذلك تخبرنا ابنته مريم فتقول: "لقد رأى وجه أبي وقال إنه بكى عندما تذكره"، لكنها لم تفصح عن المكان ولا الزمان الذي شاهد فيه هذا الرجل أباها وذلك لحمايته ومنع التعرف على هويته.

وقد وصف هذا السجين السابق الدكتور مجد بأنه شخص "لامس قلبه"، وتذكّر كيف كان مجد يهرع من فوره لمساعدة غيره من السجناء الذين يعانون من التوتر والإجهاد.

وتضيف السيدة مريم: "تلك هي طبيعته، وهذا ما نعرفه عنه دوماً وما نتوقع أن يفعله هناك. إذ عندما أتذكر أبي وكم أثر بحياة الآخرين، وحجم العمل الذي أنجزه، لا ينتابني شعور تجاه ذلك سوى الدهشة".

 المصدر: ألمونيتور