icon
التغطية الحية

55 مطاراً في سوريا.. توزعها واستخداماتها ومكاسب الأطراف منها

2023.10.20 | 06:36 دمشق

ءؤر
قاعدة حميميم الجوية الروسية في اللاذقية - وزارة الدفاع الروسية
حلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

تلعب المطارات العسكرية في أي بلد في العالم دوراً كبيراً في حسم الحروب والمعارك لصالح الأطراف المهيمنة عليها، بسبب قدرتها على نقل القوات عبر الجو في زمن قصير، ولكونها بمثابة خطوط إمداد سريعة لمواقع القتال التي يصعب الوصول إليها عبر خطوط الإمداد البرية أو البحرية في الوقت المناسب، ولهذا أولت القوى الخارجية والأطراف المحلية في سوريا أهمية للسيطرة على القواعد الجوية ومهابط الطيران والمطارات بمختلف أنواعها في البلاد، في اعتقاد أن المتحكم بعملها سيكون صاحب الكلمة الفصل في الحرب.

على مستوى الساحة السورية، لم تكن المواجهة العسكرية متكافئة بين النظام السوري وداعميه من جهة، وقوات المعارضة السورية من جهة أخرى، فالنظام لم يتردد للحظة في سحق معارضيه بواسطة الجيش الذي من المفترض أن يكون لحماية المدنيين، مسخّراً لذلك كل الإمكانيات والأسلحة والقواعد العسكرية بما فيها المطارات، بينما لم تسمح الظروف المختلفة لقوات المعارضة في الاستفادة من القواعد الجوية العسكرية رغم سيطرتها المؤقتة على بعض المطارات.

وبعد مرور أكثر من 12 عاماً على اندلاع الثورة السورية، يلحظ أن للقوى الخارجية هيمنة مطلقة على القواعد والمطارات العسكرية في سوريا، بينما تحولت بعض المطارات المدنية إلى أداة إيرانية لتهريب شحنات الأسلحة، وصندوق بريد لتبادل الرسائل بلغة النار.

المطارات في سوريا واستخداماتها

تشير دراسة لمركز "جسور" إلى وجود 55 مطاراً في سوريا، معظمها عسكرية، ولها أهمية من ناحية الاستخدام والتعبير عن "السيادة"، وتستخدم كقواعد لسلاح الطيران - أحد أهم عوامل التفوق العسكري -، كما أنها تحولت إلى قواعد رئيسية لمختلف صنوف القتال، ومراكز قيادة محصنة ذات بنية قوية.

وتتوزع المطارات العسكرية والمدنية في مختلف المحافظات السورية على الشكل الآتي:

  •  في دمشق وريفها: (مطار دمشق الدولي - مطار السين - مطار الضمير - مطار المزة - مطار الناصرية - مطار بلي - مطار قبر الست - مطار مرج السلطان - مطار مرج السلطان الاحتياطي - مطار الديماس الشراعي).
  •  في حلب: (مطار حلب الدولي - النيرب - الجراح - كويرس - السبت - منغ - مطار تل رفعت الزراعي - بابليت).
  •  في الحسكة: (مطار القامشلي - روباريا - تل بيدر - القاسمية - مطار المالكية البلدي - أبو حجر - صفايا - تل براك).
  •  في حمص: (مطار الضبعة - التياس T4 - الشعيرات - تدمر - مطار T3 - القريتين).
  •  في دير الزور: (مطار دير الزور - الثورة - مطار الميادين الزراعي - الحمدان - الصالحية).
  •  في السويداء: (خلخلة - الثعلة - الكفر - المطار الزراعي في خربا).
  •  في اللاذقية: (مطار حميميم - قاعدة إسطامو الجوية - مطار اللاذقية الدولي المعروف باسم مطار باسل الأسد).
  •  في الرقة: (الطبقة - مطار الرقة الزراعي - تل زيدة).
  •  في إدلب: (أبو الظهور - تفتناز - مطار معرة مصرين الزراعي).
  •  في درعا: (مطار إيب - تل الجموع - المطار الزراعي في قرفا).
  •  مطار حماة العسكري بمحافظة حماة
  •  مطار الحميدية في طرطوس.
خريطة المطارات في سوريا - مركز جسور

 

أما المطارات المدنية في سوريا فلا يوجد إلا مطار دمشق الدولي ومطار حلب الدولي، ومطار اللاذقية (مطار باسل الأسد) ومطار القامشلي، وهو مشترك بين الطيران المدني والعسكري، وبالرغم من تصنيف مطار دمشق على أنه مدنيّ، إلا أنه يستخدم أيضاً لأغراض عسكرية بشكل واسع من قبل القوات الإيرانية، مثل نقل المقاتلين والقادة والأسلحة والذخائر بواسطة طائرات شحن مدنية.

أما المطارات العسكرية، تتركز في دمشق وريفها، ثم حمص وحلب، وتتوزع بشكل متقارب في باقي المحافظات باستثناء محافظة القنيطرة الخالية من أي مطار، إضافة إلى محافظة درعا التي تحتوي على مطار حوّامات قديم وغير فعال، ومطارين زراعيين غير فعّالين أيضاً.

ولا يوجد في محافظة طرطوس إلا مطار واحد استحدثته القوات الروسية لحماية ميناء طرطوس الخاضع لسيطرتها، إضافة إلى مطار طرطوس المسمى "الحميدية"، المخصص للحوامات فقط، في حين يلحظ أن معظم المطارات الزراعية في سوريا غير فعالة، بينما تستخدم القوات الأميركية مطاريّ المالكية الزراعي وأبو حجر الزراعي في الحسكة، كقواعد جوية عسكرية.

هيمنة للقوى الخارجية على المطارات

تسيطر القوى الخارجية على 42 مطاراً في سوريا، وتستخدمها كمطارات أو قواعد عسكرية، ووفق الدراسة، هناك 14 مطاراً في سوريا فقط لا وجود فيها للقوات الخارجية الأميركية أو التركية أو الإيرانية أو الروسية، وهي: مطار باسل الدولي في اللاذقية (غير فعال)، ومطار القريتين العسكري في حمص، والمطار الزراعي في الرقة، والمطار الزراعي في خربا ومطار الكفر في السويداء، ومطار تل الجموع في درعا (جميعها غير فعالة وتستخدمها قوات النظام كقواعد عسكرية).


 

يضاف لما سبق مطار منغ العسكري ومطار تل رفعت الزراعي في حلب، ومطار صفايا الزراعي ومطار تل براك الزراعي في الحسكة، وهي أيضاً غير فعّالة وتستخدمها "قوات سوريا الديمقراطية/ قسد" كقواعد عسكرية، بينما تستخدم قوات المعارضة السورية عدة مطارات زراعية غير فعّالة كقواعد عسكرية أيضاً، وهي مطار معرة مصرين في إدلب، وبابليت في عفرين، وتل زيدة في الرقة.

وتخضع 6 مطارات لسيطرة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، منها 3 لا وجود لقوات "قسد" داخلها، وهي: مطار المالكية البلدي ومطار أو حجر، ومطار روباريا العسكري في الحسكة، بينما تشترك قوات "قسد" في السيطرة مع التحالف على 3 مطارات وهي مطار السبت العسكري في حلب، ومطار القاسمية العسكري ومطار تل بيدر العسكري في الحسكة.

أما تركيا، فإنها لا تستخدم المطارات البالغ عددها 4 في مناطق سيطرة المعارضة نظراً لقرب الحدود التركية من مناطق السيطرة هذه، إلا أن الجيش التركي يستخدم مطار تفتناز العسكري في إدلب كقاعدة عسكرية.

بدورها تستخدم روسيا 24 مطاراً في سوريا، وتعد القوات الروسية من أكثر القوى تحكماً بحركة الطيران والدفاعات الجوية في البلاد، ومن أبرز هذه المطارات، قاعدة حميميم وقاعدة إسطامو في اللاذقية، في حين تشترك روسيا السيطرة على عدة مطارات مع القوات الإيرانية وقوات النظام، 6 منها في دمشق وريفها، و4 في حلب، و3 في حمص، و2 في كل من دير الزور والسويداء، و1 في كل من حماة والحسكة والرقة وإدلب.

وتوجد القوات الإيرانية في 31 مطاراً في سوريا، جميعها تشترك في السيطرة مع قوات النظام، في حين تشترك في 20 مطاراً مع القوات الروسية، مما يوفر لها الحماية من الاستهداف الإسرائيلي.

وباستثناء استخدام إيران للطيران المدني لأغراض عسكرية، فهي لا تستخدم الأجواء السورية، غير أنها تعمل على فرض سيطرتها ونفوذها ضمن المطارات باختلاف أنواعها كقواعد عسكرية استراتيجية، إذ توجد القوات الإيرانية في 10 مطارات بدمشق وريفها، و5 في حمص، و4 في كل من حلب ودير الزور، و2 في كل من درعا والسويداء، و1 في كل من الحسكة والرقة وإدلب وحماة.

مكاسب القوى من المطارات

يلحظ أن هناك حالة من التنافس المستمر بين الفاعلين المحليين ثم الدوليين للسيطرة على المطارات في سوريا كقواعد عسكرية متعددة الاستخدامات ومحصّنة بالقدر الكافي لتصلح كمراكز لقيادة القوات، موّزعة بشكل واسع على الخريطة السورية.

وقال الباحث المشارك في إعداد الدراسة بمركز "جسور" بشير نصر الله، لموقع تلفزيون سوريا، إن التنافس للسيطرة على المطارات العسكرية يرتبط بتوزع مناطق النفوذ والسيطرة في الخريطة السورية، وفق التفاهمات بين القوى الأجنبية، وعلى سبيل المثال، تستمر القوات الروسية بمحاولة إخراج القوات الإيرانية من مطارات منطقة تدمر في حمص، وفي الوقت نفسه تتيح لها التوسع في مطارات أخرى.

وتسعى روسيا وإيران لوضع يدها على المطارات المدنية أيضاً - على قلّتها - في دمشق وحلب والحسكة، في محاولة منهما لتوسيع النشاط التجاري في قضايا إعادة الإعمار وعودة الحركة الخارجية من وإلى سوريا، فضلاً عن استثمار إيران للطيران المدني في نقل القوات والسلاح والعتاد إلى سوريا، إضافة إلى السيطرة الأمنية التي تحققها بالسيطرة على القوات المحلية التي تدير المطار، حيث نجحت في ذلك بمطار بيروت الدولي في لبنان.

بالنسبة للتحالف الدولي وتركيا، لا يوجد اهتمام منهما بالمطارات على غرار روسيا وإيران، فالقوات الأميركية تحافظ على وجود نوعي محدود في سوريا، وتعتمد على قواعد التحالف في الشرق الأوسط بشكل عام وليس في سوريا فقط، في حين تمتلك تركيا قواعد جوية ومطارات على طول حدودها الجنوبية الواسعة مع سوريا.

 

Interesting Images Of C-17s Loading Materiel At Kobani Landing Zone During  U.S. Withdrawal From Syria Released - The Aviationist
طائرة شحن للقوات الجوية الأمريكية في قاعدة صرين قرب مدينة عين العرب

 

وعسكرياً، يوضح الباحث أن السيطرة الجوية والقدرة على استخدام الطائرات قد تحسم المعركة لصالح المسيطر على المطارات بنسبة 60 في المئة، مضيفاً أن روسيا هي الطرف المستفيد الأكبر حالياً من المطارات في سوريا، فهي تبسط نفوذها على مطار حميميم، ومطار حماة العسكري، ودمشق الدولي، والنيرب، والقامشلي، والجراح، وغيرها.

اهتمام روسي لثلاثة أسباب

ذكر الباحث في مركز "جسور"، رشيد حوراني، أن المطارات والسلاح الذي تحتويه يعتبر أحد صنوف القوات الأساسية في المعركة، وبالتالي توفر المطارات القاعدة التدريبية والعملياتية للجهة التي تسيطر عليها، والكوادر اللازمة للعمليات العسكرية الجوية سواء كانت حربية أو لوجستية.

وما يزال النظام السوري حتى الآن هو المستفيد الأكبر من المطارات لسيطرته عليها وتشغيله لها بدعم روسي، حيث إن سلاح الطيران بالكامل يتبع للروس في سوريا من ناحية تشغيله وصيانته.

وتهتم روسيا بالمطارات لثلاثة أسباب، أولها أنها الدولة المزودة للنظام بطيرانه، وللتحكم بالقرار العسكري بالكامل، إضافة إلى الاستفادة من البنى التحتية في المطارات بدلاً من إنشاء مثيلاتها الخاصة بها، وبشكل عام تهتم القوى الخارجية بالمطارات كونها مساحات واسعة وتعود للنظام وغير متنازع عليها من الأهالي.

وباتت قاعدة حميميم الروسية جسراً جوياً بين روسيا ومناطق نفوذ لها في إفريقيا وليبيا.

 

 

استفادة شبه معدومة للمعارضة

لم تنجح فصائل المعارضة في استغلال سيطرتها على بعض المطارات خلال السنوات الماضية، ويعود ذلك لعدة أسباب منها، قيام النظام بإخلاء المطارات الصالحة للاستخدام عند شعوره بإمكانية سقوط المطار بيد المعارضة، كما حدث في تفتناز أو منغ أو مطار الجراح.

وأشار الباحث "حوراني" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إلى أن النظام ترك الطائرات المعطوبة فقط، ولهذا لم تستفد المعارضة من المطارات بالشكل المطلوب، فتشغيل المطار يحتاج إلى كادر من الفنيين والملاحة الجوية وبرج مراقبة موصول بالمركز، وغيرها من التجهيزات الفنية التي تحول دون تشغيل المطار.

ويضاف لذلك قدرة النظام على إسقاط الطائرات في حال أقلعت من مطارات خارج سيطرته، من خلال وسائط الدفاع الجوي الذي يمتلكها، والمخصصة لهذا الغرض.

ومن جملة الأسباب التي حالت دون استفادة المعارضة السورية أو قسد من المطارات، عدم وجود النية في تقديم دعم لهما بمستوى الطيران، واقتصرت الأطراف الداعمة على استخدام طيرانها الخاص في تنفيذ عملياتها في سوريا (سواء الولايات المتحدة أو تركيا).

من جهته، ذكر الباحث وائل علوان، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن فصائل المعارضة لا تمتلك الأسلحة التي تحتاج إلى البنى التحتية الموجودة في المطارات، كما أنها لم تستطع التمركز في بعض القواعد الجوية التي سيطرت عليها، لأنها تتعرض للقصف من سلاح الجو التابع للنظام، وعدم امتلاك الفصائل للدفاعات الجوية من أجل ردع طائرات الخصم.

رسائل بلغة النار

اتبعت القوات الإسرائيلية استراتيجية "شل المطارات" الدولية في سوريا، وأدى ذلك إلى تقييد فاعلية طرق الإمداد الجوية للإيرانيين، إثر الاستخدام المتزايد للمطارات المدنية في سوريا من قبل الحرس الثوري لنقل الأسلحة، وفق التقديرات الأمنية الإسرائيلية.

وفي عام 2022 شهدت الضربات الإسرائيلية في سوريا، تطوراً يتمثل باستهداف المطارات الدولية، لمنع وجود خط تهريب جوي لـ "الحرس الثوري" ينقل معدات تدخل في صناعة الصواريخ ذات الدقة العالية، عبر الطائرات المدنية، ومن أصل 29 هجوماً خلال العام، كانت 7 منها على مطار دمشق الدولي إضافة إلى الهجمات التي استهدفت المناطق القريبة منه في السيدة زينب والحسينية جنوبي دمشق، وهجومَين على مطار حلب الدولي.

وبحسب رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست في إسرائيل، رام بن باراك، فإن استهداف المطارات "رسائل تحذير للأسد"، ووفقاً لصحيفة "يديعوت أحرونوت" تحاول تل أبيب إيصال رسائل للنظام، عبر استهدافها المنشآت الحيوية مثل المطارات التي تعتبر واجهة البلاد، وفرض عزلة جوية على سوريا عبر تعطيل حركة الملاحة الجوية، للتضييق عليه وإحراج حلفائه الروس للضغط على الإيرانيين.

ويوم الخميس الماضي، استهدفت إسرائيل بشكل متزامن المطارين الدوليين في دمشق وحلب، مما أدى إلى خروجهما عن الخدمة، وبعد نحو 48 ساعة قالت وزارة الدفاع في حكومة النظام، إن الجيش الإسرائيلي شن ضربة جوية من اتجاه البحر المتوسط غربي اللاذقية، مستهدفاً مطار حلب الدولي، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية بالمطار وخروجه عن الخدمة مرة أخرى.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر خاصة، أن الهدف من توجيه ضربات للمطارات هو تعطيل خطوط الإمداد الإيرانية إلى سوريا، في حين قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، حسن كعبية، إن الضربات الجوية الإسرائيلية عند زيارة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، والتي استهدفت مطاري دمشق وحلب، كان هدفها "توجيه رسالة إلى إيران بألا تتدخل في حرب غزة".

ويسعى النظام السوري لترميم بعض المطارات والقواعد العسكرية التابعة له، حيث أعلنت روسيا على لسان وزير البناء والإسكان والمرافق العامة الروسي، إيريك فيزولين عن استعدادها للمساعدة في ترميم وتأهيل عدة مرافق في سوريا، من ضمنها المطارات في مدينتي دمشق وحلب، يأتي ذلك بعد إعلان وزارة الدفاع الروسية مطلع العام الحالي ترميم مطار الجراح العسكري شرقي حلب، ليكون خاصاً "للاستخدام المشترك" مع قوات النظام الجوية.