icon
التغطية الحية

48 متعافياً.. استراتيجية من 3 مسارات لعلاج مدمني المخدرات شمالي سوريا

2024.02.24 | 07:09 دمشق

آخر تحديث: 24.02.2024 | 07:09 دمشق

المصح المركزي في مدينة اعزاز لعلاج مدمني المخدرات - تلفزيون سوريا
المصح المركزي في مدينة اعزاز لعلاج مدمني المخدرات - تلفزيون سوريا
حلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

قبل نحو 5 أشهر، افتتحت جمعية الهلال الأخضر السوري ومديرية صحة اعزاز وريفها المصح المركزي الأول في الشمال السوري، وتحديداً في مدينة اعزاز بريف حلب، لعلاج مدمني المخدرات في المنطقة عبر اتباع عدة مسارات بالتعاون مع الجهات المحلية والمؤسسات الرسمية الطبية والعسكرية والأمنية.

وعند الافتتاح، في شهر تشرين الأول 2023، أفاد مدير صحة اعزاز وريفها، الدكتور حسان إبراهيم، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، بأن المصح سيخدّم شهرياً ما بين 20 إلى 30 مريضاً، وسيكون القبول فيه بشكل طوعي في البداية، ويضاف لذلك علاج المدمنين في منازلهم مع ضمان السرية التامة، وفي الوقت نفسه سيتم تقديم العلاج لـ 30 مريضاً آخرين داخل السجون بشكل شهري.

وعن النتائج التي حققها المصح، خلال هذه المدة، أكد مدير جمعية الهلال الأخضر السوري - المصح المركزي، قيصر السيد، شفاء 48 شخصاً من الإدمان على المخدرات، بالتزامن مع سعي الجمعية لتوسعة عمل المصح ليشمل أكبر عدد ممكن من المرضى، وإطلاق حملات توعية من خطر المخدرات في مختلف مناطق شمال غربي سوريا.

كيف انطلق "المصح المركزي"؟

وقال "السيد" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إنّ "المصح المركزي هو مشروع من مشاريع الهلال الأخضر السوري"، مضيفاً أن الهلال الأخضر جمعية غير حكومية تعمل بالمجال الطبي والتنموي والإغاثي، ومن مجالات عملها الحد من انتشار المخدرات ومعالجة حالات التعاطي والإدمان، فكان أول مشاريعها افتتاح المصح المركزي الأول في الشمال السوري.

وبدأت عملية الحد من المخدرات في الشمال السوري عبر إطلاق حملات التوعية، حيث قال "السيد": "بداية الأمر، قمنا بحملات توعوية للحد من انتشار المخدرات فكانت حملة المخدرات الشيطان الأكبر، والتي استهدفت جميع شرائح المجتمع بدءاً من طلاب المدارس والجامعات، ومن خلال الحملة، تم عقد أكثر من 30 ألف جلسة توعية تركّزت على التوجيه نحو المساعدة وتبيين خطر المخدرات على الفرد والمجتمع، وخاصة تفكك الأسر وانتشار الجريمة، فضلاً عن توزيع بروشورات توعوية من المخدرات وآثارها السلبية".

وتابع: "لاحظناً إقبالاً من المدمنين ومن ذويهم يطلبون المساعدة، فقمنا بتحويل هذه الحالات إلى المستشفيات، ومع الأسف لم تقدم المشافي أي خدمة أو مساعدة، لا سيما مع افتقار المنطقة لوجود مصح يعنى بتقديم المساعدة للمدمنين، فقمنا بإعداد وتجهيز مصح مركزي يخدّم المنطقة بشكل أولي، يتسع لـ 18 حالة، ويقدم كافة خدماته بالمجان دون أي مقابل، مع تأمين كافة الخدمات الطبية عن طريق العقود مع المستشفيات والمراكز الصحية".

ويتم التركيز بالمرحلة الأولى على العلاج الطبي للمدمن، بمعالجة أسنانه ولثته كونها تكون مدمرة بسبب الإدمان، ثم تُجرى بعض الفحوصات الطبية، بشكل مجاني ضمن المستشفيات والمراكز الصحية تحت إشراف الهلال الأخضر السوري.

آلية عمل المصح

وبهذا الخصوص، قال مدير الجمعية: "نستقبل جميع الإحالات من كافة المشافي والمؤسسات الطبية بخصوص حالات التعاطي والإدمان، ويتم ذلك عن طريق مكتب التواصل وإدارة الحالة في الجمعية، كذلك نستقبل الحالات التي تتواصل وتتقدم للعلاج بشكل طوعي لا إلزامي، ثم يحال الشخص إلى الوحدة الطبية لإجراء الفحوصات والتحاليل اللازمة لوضع برنامج خاص بهذه الحالة وتقديم العلاج اللازم تحت إشراف الطبيب المختص بعلاج حالات التعاطي والإدمان".

ويجري فحص المريض بشكل عام، وإن كان يعاني من أي مشكلة صحية تتم مساعدته بشكل فوري ومتابعته، وبحسب "السيد"، يتم "متابعة الحالة أيضاً من مشرف نفسي يومياً وبشكل لحظي، ليساعد المريض على تقبل العلاج، والخروج من الحالة النفسية التي يعاني منها، مع تسليمه مكان منامته وخزانة لوضع حاجياته الشخصية".

للمصح عدة أقسام: هي:

  • الوحدة الطبية التي تتألف من 8 ممرضين وطبيبين.
  • وحدة الدعم النفسي والتي تتألف من 12 عامل دعم نفسي، وطبيب مشرف على هذه الوحدة.
  • الوحدة الإدارية والتي تقوم على إدارة المصح وشؤونه.

وتبلغ نسبة الاستيعاب في المصح 18 حالة بالحد الأدنى، في حين أن آلية العلاج هي نفسها المتبعة لدى برنامج الصحة العالمية وبرنامجها العالمي للعلاج، ضمن طرق حديثة ومعاصرة سواء طبية أو نفسية، أو برامج ترفيهية عبر المطالعة واللعب في نادي الحديد وكرة القدم والسلة واليد وبطولات الشطرنج.

48 متعافياً من الإدمان

وشفي 48 شخصاً من الإدمان داخل المصح منذ افتتاحه، ويشير السيد إلى أن "نسبة الشفاء لا يمكن تحديدها، فكبرى الدول المستقرة والآمنة تعاني من انتشار المخدرات، ولكن في المصح، شفي 48 شخصاً، تم تقديم العلاج الطبي اللازم لهم خلال إقامتهم في المصح، وبعد تخرجهم، لم تُسجل أي حالة انتكاسة سوى لحالتين فقط، ويتم متابعتهما بشكل يومي بالتعاون مع ذويهما، ولا بد من لفت الانتباه إلى أن الحالة التي تتخرج من المصح يتم متابعتها بالحد الأدنى 3 أشهر وبالحد الأعلى 6 أشهر حسب كل حالة".

3 مسارات للعلاج

ويجري تقديم العلاج داخل المصح للمدمنين على المخدرات عبر 3 مسارات:

  • المسار الأول يتمثل بالمصح المركزي الذي يستقبل المدمنين بشكل طوعي، ويكون ذلك من قبل المدن بشكل مباشر عبر طلب العلاج، أو عن طريق أهله وذويه أو عن طريق الإحالات من المنظمات والمراكز الصحية والمستشفيات.
  • مسار العلاج الثاني، يتم وفق مذكرات التفاهم مع المؤسسات، إذ تتم عمليات العلاج ضمن السجون، عبر زيارة فرق المصح الطبية للسجن لتقديم الخدمات الطبية والنفسية للمدمن ضمن مكان توقيفه تحت إشراف النيابات المدنية - وزارة العدل في الحكومة السورية المؤقتة.
  • المسار الثالث يتمثل بالعلاج المنزلي، والذي يقتصر فقط على من يمكن السيطرة على رغباته بمساعدة أهله وذويه، ويكون هذا الشخص لا يسمح ظرفه الاجتماعي بالإقامة ضمن المصح المركزي، فيتقدم بطلب العلاج ضمن مكان إقامته وبالتنسيق مع ذويه.

علاج سري ومجاني مع إسقاط الدعوى القضائية

وفي ختام حديثه، قال رئيس جمعية الهلال الأخضر السوري: "أتوجه إلى جميع أفراد مجتمعنا الكريم بجزيل الشكر على تقبل فكرة المصح المركزي، فمجتمعنا مجتمع كريم طيب بعيد عن هذه الآفة، ولكن آلة الحرب والإجرام هي التي أوصلت بعض أفراده للتعاطي والإدمان خاصة بسبب الإصابات أو النكبات النفسية".

وخاطب "السيد" كل من يرغب بالعلاج، قائلاً: "كن أحد المتعافين من هذه الآفة عن طريق التواصل مع الهلال الأخضر السوري، وبدورنا نقوم باستقبالك ونعمل على إسقاط الدعوى القضائية العامة بشكل مباشر وتقديم كافة خدمات العلاج والترفيه بشكل مجاني وتحت إشراف فريق بغاية الإتقان والاختصاص، فلا تتردد وتواصل معنا على الرقم الخاص بالجمعية، وستكون المحادثة ومعلوماتك الشخصية بغاية الأهمية والسرية، فلا يمكن لأي شخص الاطلاع عليها، بادر بتلقي العلاج".

"المخدرات الشيطان الأكبر"

ومطلع العام الماضي 2023، أطلقت الجهات الأمنية والطبية والتوعوية في ريف حلب الشمالي حملة بعنوان "المخدرات الشيطان الأكبر" في عموم منطقة شمال غربي سوريا بالتعاون مع جمعية الهلال الأخضر السوري، في سياق الحملات المتواصلة للحد من تعاطي المخدرات، والعمل على معالجة المتعاطين، وتحسين سبل العيش لهم.

وحينذاك أشار رئيس فرع الشرطة العسكرية في مدينة اعزاز شمالي حلب، إلى أن عدد الأشخاص الملقى القبض عليهم بتهمة تعاطي المخدرات، بلغ 1500 شخص في السجون المركزية بريف حلب الشمالي والشرقي، إضافة إلى نحو 300 امرأة متعاطية.

ولفت إلى أن عدم الاهتمام اللازم بهؤلاء الأشخاص، من ناحية العلاج والدعم النفسي، دفع لتأسيس جمعية "الهلال الأخضر السوري" للقيام بهذه المهمة، فضلاً عن الدور التوعوي، مضيفاً أن المتعاطي الذي يسلم نفسه للجهات الأمنية، يعفى من العقوبة.

يذكر أن موقع "تلفزيون سوريا" سلّط في ملفات سابقة الضوء على آفة انتشار المخدرات في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، وكشف عن مصادر المواد المخدرة وطرق تهريبها، والجهود الأمنية لمكافحتها وإلقاء القبض على مروجيها، كما استعرض أنواع المخدرات والنصائح الطبية للتخلص منها، وطرق العلاج.