icon
التغطية الحية

الأخَوان ملص: فيلم "أحدنا غادر الصورة" يمثل الصراع بين السوري وتوءمه النقيض

2021.12.19 | 14:43 دمشق

mlsssss.jpg
من برومو فيلم "أحدنا غادر الصورة"
عمان - إياد محمد مظهر
+A
حجم الخط
-A

ضمن استمرارية مشاركات الأعمال الإبداعية للسوريين في بلاد اللجوء؛ ترك فيلم "أحدنا غادر الصورة" للأخوين أحمد ومحمد ملص، بصمته وأثره الفني في مهرجانات سينمائية متنوعة كان آخرها "مهرجان الكرامة السينمائي" في الأردن.

وشهد المركز الثقافي الملكي بالعاصمة الأردنية عمان، فعاليات مهرجان الكرامة السينمائي، خلال الفترة الممتدة ما بين الـ5 والـ10 من كانون الأول الجاري، حيث عرض خلالها أكثر من 50 فيلماً داخل صالتي المسرح الرئيسي والمسرح الدائري في المركز، ضمن المستويين العربي والدولي.

الفيلم السوري "أحدنا غادر الصورة" للتوءم  ملص، عُرض على المسرح الدائري ضمن فئة الأفلام القصيرة، وذلك خلال فعاليات اليوم الثالث من المهرجان، مشكّلاً العرض الختامي لسلسلة الأفلام القصيرة التي عرضت في ذلك اليوم، بمشاركة دول مختلفة منها الهند ومصر ولبنان .

 

 

وأشارت إدارة المهرجان في بيان لها، أن المهرجان يقدم "مجموعة من أبرز الأفلام الروائية والوثائقية والتحريكية العالمية والعربية والمحلية، وتأتي موضوعة المهرجان هذا العام تحت عنوان (حقوق الإنسان في عالم افتراضي)".

من جهتها، قالت مديرة المهرجان المخرجة سوسن دروزة في حفل الافتتاح: "على الرغم من التحديات هذا العام، وأن هذه الدورة صعبة واستثنائية، إلا أننا في كرامة مصرون على تقديم برنامج متميز يضيف إلى مسيرة المهرجان، كسعادتنا في العودة لملاقاة جمهورنا المخلص وأصدقاء وصديقات كرامة في قاعات العرض على أرض الواقع" بحسب موقع صحيفة الرأي الأردنية.

موقع التصوير يولد الفكرة

"أحدنا غادر الصورة" فيلم ولدت فكرته من خلال اختيار موقع التصوير "اللوكيشن"، بحسب ما أوضح التوءم ملص في حديثهما لـ موقع تلفزيون سوريا، ويقول: "الإيحاء الأول للموقع أعطانا فكرة وجود صراع بين شخصيتين في هذا اللوكيشن الذي كان له النصيب الأكبر بتصوير أطول مشهد في الفيلم وهو المشهد الذي وصلت مدته لسبع دقائق".

ويضيف أن فكرة الفيلم بدأت تتشكل منذ ذلك الوقت "ثم بدأ اللاجئون السوريون يصلون إلى فرنسا تباعاً، وكان من بينهم عدد من  الملوثة أيديهم بالدم والمتورطين بجرائم القتل في سوريا، وفي أثناء ذلك راجت فكرة محاكمة هؤلاء، وهذا مادعانا لأن تكون فكرة الفيلم تدور حول شخصيتين متشابهتين شكلاً ومتصارعتين فكراً، وعملنا على موضوع التوءمة، فكل سوري تقابله في بلاد الغربة هو توءمك في اللجوء والهروب من الحرب، وتكتشف أن بعضهم قاتل".

 

ملص2.jpg

 

تدور أحداث الفيلم القصير الذي كتب نصّه وأخرجه الأخَوان، حول صراع بين توءمين سوريين مختلفين بالرأي والفكر السياسي والعسكري، حيث يهاجر أحدهما إلى فرنسا ويستقر مع زوجته الفرنسية ويعيش حياة اللجوء الجديدة، ثم يتبعه بعد سنوات أخوه الذي ظهر في مقطع فيديو على اليوتيوب مع عناصر من الشبيحة وقوات النظام وهم يعذبون طفلاً".

يسكن الأخ القادم حديثاً في منزل الأول ريثما تكتمل أوراق طلب اللجوء، ولكن الصراع الذي غالباً ما تشهده كثير من العائلات السورية، يتجسد في هاتين الشخصيتين بسبب تصاعد الخلاف بينهما تدريجياً بالتزامن مع ارتفاع وتيرة العمل، ولتزداد على إثره حدة النقاش ليصل إلى العراك بالأيدي بين الأخ المؤيد لثورة الشعب والآخر المعادي لها، والذي ظهر في مشهد تعذيب الطفل.

ويتصاعد الصراع بين التوءم في مشهد يصف لنا كيف انتقل الخلاف والعداء بين السوريين المؤيدين والمعارضين حتى وصل إلى بلاد اللجوء .

رأي الحضور

حركة الكاميرا والتطور من الناحية الإخراجية عند التوءم ملص، هي أكثر ما أثارت إعجاب الحضور الذين عبّر بعضهم عن هذا الإعجاب لـ موقع تلفزيون سوريا عقب انتهاء الفيلم. كما أعجب فريق من الحضور بتعابير وجهي الأخوين التي ميزت الخير عن الشر من الناحية الشكلية وبطرق احترافية بسيطة ودقيقة في نفس الوقت.

وأشاد بعض المتابعين بالأداء وردات الفعل التي تم توظيفها في مكانها الصحيح من دون مبالغة في الانفعالات واللقطات الحركية، ليأتي رد التوءم على الجمهور بالقول: "صنعنا الفيلم بإحساسنا بعيداً عن الاستهلاك الفني وخاصة اللقطات التي احتوت على تموضع الكاميرا لنتفاجأ أن فكرتنا وصلت إلى عدد جيد من الجمهور. وهذا ما يعيدنا إلى كلمات الراحل سعد الله ونوس عندما قيل له بأن مسرحه نخبوي، فيرد: اعرضوا مسرحياتي كل عيد ثلاث مرات واعرفوا إن كان نخبوياً. فالنخبوية لاتقرر إلا بعد العرض، والجمهور هو من يقرر جودة الفيلم فالقرارات والأحكام المسبقة غير صحيحة ولا تتماشى مع تقييم العمل الفني".

مشهد من الواقع المؤلم

وحول تأثير إضافة المقطع الأصلي الموجود على اليوتيوب لتعذيب الطفل ضمن محتوى الفيلم، يقول التوءم ملص: "لا شك أن الفيديو قاسٍ". واستشهد بحادثة أدبية تتمثل في إجابة للشاعر مظفر النواب حين سئل عن الألفاظ التي يستخدمها في شعره، حيث قال: "أعطوني واقعاً أقل بذاءة من هذا الكلام المتداول في الواقع حتى أتجنبه في شعري". واعتبر التوءم أن هذا الشيء ينطبق أيضاً على السينما خلال نقلها للواقع. 

ويوضح أن هناك كثيراً من مشاهد التعذيب الموجودة على الإنترنت، و"لا بد من وجود صدمة طالما كانت مستوحاة من الواقع". وأضاف ملص: "نحن لم نعرض المقطع كـ يوتيوبر أو محرر خبر، لكن وجدنا من خلال كتابة النص والنظرة الإخراجية للفيلم أن المقطع كان في مكانه تماماً من خلال سياق أحداث الفيلم، فالمخرج الجيد هو من يقرأ النص بشكل جيد".

مشاركات الفيلم وجوائزه

عرض الفيلم في كل من إسبانيا وإيطاليا والهند والسويد واليونان، وحصل على العديد من الجوائز، من بينها جائزة تقدير لجنة التحكيم  في تورينتو، وجائزة أفضل فيلم في اليونان، وأفضل ممثل لمرتين بين الهند وإيطاليا، ولا يزال الفيلم يمتلك ترشيحات لجوائز أخرى في أماكن متفرقة أخرى.
"لا نهتم لفكرة الجوائز بقدر ما نهتم لمحبة الجمهور للفيلم" يعلّق التوءم.

العرض الأول للفيلم كان في مهرجان تورينتو للفيلم العربي بكندا، والعرض القادم سيكون في آذار المقبل ضمن مهرجان "مرسيليا" وبعده في أحد مهرجانات سلطنة عمان، كما سيعرض قريباً في مهرجان "صور " السينمائي في العاصمة اللبنانية بيروت.

ماذا أضافت المهرجانات العربية؟

فيما يخص مشاركة الفيلم في المهرجانات العربية يقول التوءم ملص :"في البداية كنا نستثني المهرجانات العربية أن تعرض الفيلم بسبب سياسات المنع في تلك الدول، وهذا ما يجعلنا نشكر مهرجان الكرامة في الأردن لعرضه الفيلم، رغم أنه كان لدينا الشك في منع عرضه كما حصل معنا في لبنان خلال مشاركة فيلم (كأس العالم) الذي تم إيقافه لاحتوائه مشهداً مناهضاً لـ حزب الله".

ويضيف: "نشكر المهرجانات العربية التي عرضت الفيلم حيث تكمن أهمية عرضه داخل الدول العربية في ما يخص التقارب الجغرافي لمكان الحدث ، فلو تحدثنا عن مهرجان الكرامة في الأردن فأنت تبعد عن مكان الحدث ساعة ونصف وهذا بالنسبة لنا ليس بالأمر السهل إنما هو إضافة جيدة للفيلم".

"نسبة كبيرة من الجمهور العربي تحاكي الأمور بحسب الموقف والرأي الذي يتبناه المتلقي، فكثيراً ما يكون تقييم الفيلم من الجمهور بحسب انتمائه السياسي وموقفه من ثورات الربيع العربي بلا موضوعية، وربما يعطي كثيرٌ من الأشخاص انطباعاً جيداً للفيلم إذا كانوا يتبنون الفكر الثوري، حتى لو كان الفيلم متوسط الجودة" بحسب تعبير التوءم ملص.

ويختم قائلاً: "في الوطن العربي غالباً ما يكون التقييم أيديولوجياً على عكس الجمهور الغربي، فأكثرهم يعطي التقييم بحسب محتوى الفيلم وجودته بعيداً عن الآراء والمواقف السياسية المسبقة".

أعمال الأخوين ملص

وتعددت أعمال الأخوين ملص في الأردن على الصعيدين المسرحي والسينمائي، فأول أعمالهما في المملكة كانت عقب قدومهما من سوريا وهو عبارة عن "ورشة مسرح" مع مهرجان "حكايا" ثم عرض مسرحية "ميلودراما" في المهرجان ذاته، وبعدها في مهرجان المسرح الحر، وحصلا خلالها على جائزة لجنة التحكيم، ومن ثم شاركا في مهرجان الحفل الفرانكفوني في المركز الثقافي الفرنسي بمسرحية "اللاجئان" باللغة الفرنسية، وهو العمل الذي تم عرضه في عدة جامعات أردنية، بالإضافة إلى مسرحية سفرة بلا سفر في المسرح الملكي مع المخرج العراقي طلعت السماوي بإنتاج منظمة سويدية، وكذلك فيلم "عَّ الطريق" الذي صور في الشمال الأردني داخل أحد مخيمات اللجوء.

إلا أن "الوجود المسرحي في الأردن كان أكثر من السينمائي" بحسب وصف الأخوين. 

يذكر أن مهرجان كرامة أول مهرجان دولي لأفلام حقوق الإنسان يتم إنشاؤه في الأردن، وانطلقت دورته الأولى في عام 2010.

 

ملص1.jpg
في أثناء عرض الفيلم