يترقب العراق، اليوم السبت، لقاء غير مسبوق يجمع بين البابا فرنسيس، والمرجعية الشيعية العليا، علي السيستاني، في مدينة النجف، في واحدة من أهم محطات زيارة بابا الفاتيكان إلى البلاد.
وبعدما التقى البابا زعماء الطوائف الكاثوليكية في بغداد، يوم أمس الجمعة، يزور السيستاني، الذي لا يظهر في العلن أبداً، في منزله المتواضع في مدينة النجف على بعد 200 كلم جنوب بغداد، وفق وكالة "فرانس برس".
وسيعقد الرجلان لقاء مغلقاً لمدة ساعة، يأتي بعد عامين من توقيع البابا فرنسيس وثيقة "الأخوة الإنسانية" مع إمام الأزهر.
ولن يُسمح للإعلام بحضور اللقاء الذي يبدأ الساعة الثامنة صباحاً، إلا أنه مع ذلك يشكل مصدر فخر للعديد من الشيعة في بلد يعيش منذ 40 عاماً أزمات ونزاعات، من ضمنها حرب أهلية دامية بين المسلمين السنة والشيعة.
وقال رجل الدين الشيعي، محمد علي بحر العلوم، إن هذه الزيارة "تشكل مصدر اعتزاز"، مضيفاً "نثمن هذه الزيارة التي بلا شك سوف تعطي بعدا آخر للنجف الأشرف"، وفق ما نقلت عنه "فرانس برس".
ويرى الكادرينال الإسباني، ميغيل أنخيل أيوسو، الذي يرأس المجلس البابوي للحوار بين الأديان، أن "مدرسة النجف الفقهية أكثر علمانية من مدرسة قم التي لها اتجاه أكثر تديناً"، مضيفا أن النجف "تعطي أهمية أكبر للبعد الاجتماعي".
لقاء تاريخي
ورُفعت في بعض شوارع النجف لوحات عليها صور البابا فرنسيس وآية الله السيستاني، مع عبارة "اللقاء التاريخي" بالإنكليزية.
وفي مطار بغداد الدولي، الذي نزل به الحبر الأعظم، يوم أمس الجمعة، رُفعت لافتة كبرى فيها دعوة إلى التعايش والحوار ما بين الأديان تتضمن اقتباساً من أحد أقوال الإمام علي الشهيرة "فإنهم صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق".
وفي خطابه في بغداد، تطرق البابا إلى مواضيع حساسة وقضايا يعاني منها العراق خلال لقائه الرئيس العراقي، برهم صالح، وقال "لتصمت الأسلحة! ولنضع حدا لانتشارها هنا وفي كل مكان! ولتتوقف المصالح الخاصة، المصالح الخارجية التي لا تهتم بالسكان المحليين. ولنستمع لمن يبني ويصنع السلام".
وأضاف "كفى عنفاً وتطرفاً وتحزبات وعدم تسامح! ليعط المجال لكل المواطنين الذين يريدون أن يبنوا معا هذا البلد في الجوار وفي مواجهة صريحة وصادقة وبناءة".
ودعا أيضا إلى "التصدي لآفة الفساد وسوء استعمال السلطة، وكل ما هو غير شرعي".
وتجري زيارة البابا وسط إجراءات أمنية مشددة، وفي ظل إغلاق تام سببه ارتفاع الإصابات بفيروس "كورونا"، مع أكثر من خمسة آلاف إصابة في اليوم.
وتلقّى البابا لقاحاً مضاداً للفيروس، فيما لم يشر مكتب السيستاني إلى أنه حصل على لقاح من جهته.
وبعد النجف، يتوجه البابا جنوباً إلى أور، الموقع الأثري الذي يعتقد أنه مكان مولد النبي إبراهيم، وسيشارك هناك في صلاة مشتركة مع رجال دين شيعة وسنة وإيزيديين وصابئة.
اقرأ أيضاً: الفاتيكان: سوريا عبارة عن قرى أشباح والسوريون فقدوا الأمل
ويعد السيستاني أعلى مرجعية بالنسبة لغالبية الشيعة البالغ عددهم 200 مليون في العالم، ويمثل السيستاني المولود في إيران مرجعية النجف، التي تؤيد أن يكون دور المرجعية استشارياً للسياسيين وليس مُقرراً، مقابل مرجعية قم في إيران، تؤكد أن لرجال الدين دوراً في إعطاء توجيهات سياسية على غرار المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي.
وألقى السيستاني بثقله، في عام 2019، لإسقاط الحكومة حينها، بعد أشهر من تظاهرات قادها شباب احتجاجاً على الفساد والتردي في الأوضاع الاجتماعية في بلادهم.
اقرأ أيضاً: الفاتيكان: وجوه أطفال سوريا والعراق واليمن يجب أن "تهز العالم"