icon
التغطية الحية

وفد صيني في مناطق سيطرة النظام بإدلب.. ما أسباب وأهداف الزيارة؟

2021.03.28 | 06:51 دمشق

almwfd_alsyny_fy_mqr_mhafzt_adlb_almwqt.jpg
+A
حجم الخط
-A

استقبل محافظ إدلب التابع للنظام محمد نتوف وفداً صينياً في المقر المؤقت للمحافظة في مدينة خان شيخون جنوبي إدلب منتصف آذار/مارس الحالي، وقالت الأمانة العامة في موقعها الرسمي في فيس بوك: "التقى المحافظ ممثل إحدى الشركات الصينية المتخصصة بالصناعات الطبية وبحث معه مجالات التعاون الثنائي وشكر المحافظ مبادرة الشركة التي قدمت أجهزة تقصي وباء كورونا، ومستلزمات طبية للمستوصف المدرسي في عدد من المدارس في ريف إدلب".

مصدر محلي في خان شيخون أكد لموقع تلفزيون سوريا أن مندوب الشركة الصينية الذي التقاه المحافظ نتوف بشكل علني في خان شيخون هو أحد أعضاء الوفد الصيني الذي زار المنطقة وتجول في عدد من القرى القريبة من خطوط التماس مع المعارضة السورية شمال غربي خان شيخون.

 

الموفد الصيني في مقر محافظة ادلب المؤقت.jpg
الموفد الصيني في مقر محافظة إدلب المؤقت

 

ويضم الوفد بحسب المصدر "شخصيات عسكرية وأمنية وتجارية صينية، ورافقهم في الجولة قادة في جيش النظام والميليشيات الروسية ومسؤولون في مجلس المحافظة وحزب البعث". هذه المرة الأولى التي يظهر فيها الصينيون في مناطق سيطرة النظام بإدلب الأمر الذي يفتح الباب على تساؤلات عديدة، أهمها، ما الذي أتى بالصينيين إلى المنطقة وفي هذا التوقيت؟

الاحتمال الأول: دعم المشاريع التنموية

يمكن إدراج زيارة الوفد الصيني في إطار دعم مساعي نظام الأسد وروسيا في تثبيت سيطرة قوات النظام على المنطقة، والترويج لمزاعم تأهيل المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام والميليشيات في ريف إدلب خلال العمليات العسكرية في الفترة الممتدة بين أيار/مايو 2019 وشباط/فبراير 2020.

فمجلس محافظة إدلب الذي جرى نقله بداية العام الحالي من حماة إلى مقره في خان شيخون، يبدو مفلساً وبحاجة لدعم، والمشاريع الخدمية وعمليات التأهيل للبنية التحتية التي يقوم بها بين الحين والآخر قليلة جداً مقارنة بالحجم الهائل للدمار والخراب الذي خلفه القصف والعمليات العسكرية للنظام.

كان آخر مشاريع محافظة إدلب، حملة أطلقتها لمكافحة فأر الحقل في منطقة خان شيخون وعدد من القرى على جانبي الطريق الدولي دمشق – حلب M5، والتقط المحافظ نتوف وأمين فرع حزب البعث وقادة الأجهزة الأمنية وموظفون وموظفات في المحافظة صوراً في عدد من الأراضي الزراعية أثناء عمليات مكافحة الفأر والتي تمت عن طريق "إغلاق فتحات أوكار الفئران عن طريق الدوس بالأقدام". لذا تبدو مزاعم المحافظة فيما يخص جاهزية المنطقة لاستقبال النازحين والمهجرين مزاعم كاذبة، وبالتالي من المفترض أن يكون الهدف من زيارة الوفد الصيني هو تقديم الدعم للقطاع الخدمي الأكثر الحاحاً (شبكات مياه الشرب ومضخات للآبار والمدارس وتأهيل المباني الحكومية)، وهذا ما أكدته مصادر محلية في ريف إدلب قالت لموقع تلفزيون سوريا إن "مؤسسة المياه تعتمد بشكل كبير على الدعم الصيني في مشاريع تأهيلها لشبكات مياه الشرب، وأهم مشاريعها في بلدات الهوية وحوا والتح وخان شيخون".

 

 

وقال وزير الاقتصاد والمالية في الحكومة السورية المؤقتة، الدكتور عبد الحكيم المصري، لموقع تلفزيون سوريا إن "الموقف الصيني تجاه نظام الأسد يكاد يكون متطابقاً مع الموقف الروسي وذلك من ناحية الدعم السياسي ومحاولات تعويم النظام وإعادة تأهيله ليبقى، لذلك لا يستبعد أن تساهم الصين في دعم النظام وفرض سيطرته، وبشكل خاص في مناطق إدلب التي عاد الحديث عن معابرها وعودة المهجرين إلى مناطقهم مؤخراً.

وأضاف الوزير "الصين جزء من الثلاثي الذي دعم النظام في حربه ضد الشعب السوري منذ بداية الثورة، ففي العام 2013 شاركت الصين إلى جانب إيران وروسيا وفنزويلا بدعمه مالياً بمليارات الدولارات، وأعتقد أن الصين دفعت حينذاك 5 مليارات دولار للنظام".

وأشار الوزير إلى أن "الزيارة المفترضة للوفد الصيني إلى مناطق سيطرة النظام في إدلب هي جزء من التحركات الصينية التي بدت أكثر كثافة في مناطق النظام في سوريا خلال الأشهر القليلة الماضية، ويبدو أن الهدف العام للتحركات الصينية هو لحجز حصة من الاستثمارات ووضع يدها على جزء من مقدرات البلد التي ما تزال تتقاسمها إيران وروسيا".

الاحتمال الثاني: وجود الحزب الإسلامي التركستاني

زيارة وفد عسكري وأمني صيني إلى مناطق سيطرة النظام القريبة من جبهات القتال مع المعارضة في إدلب يبدو أنه يحقق للصين مصلحة كبيرة، وتبدو الزيارة أيضا منطقية في هذا التوقيت، فخلف الجبهات (في مناطق المعارضة بإدلب) هناك تشكيل مسلح إسلامي يعارض نظام الصين (الحزب الإسلامي التركستاني)، ويضم في صفوفه مقاتلين أشداء أزالت الولايات المتحدة الأميركية تشكيلهم من قوائم الإرهاب، وكان ذلك بقرار لـ" الوكالة الفيدرالية الأميركية" صدر في 20 من تشرين الأول/أكتوبر من العام 2020، ونشر في 6 من تشرين الثاني/نوفمبر 2020 والذي أمر بإزالة "الحركة الإسلامية التركستانية" من قوائم الإرهاب الأميركية.

وتعتبر "الحركة الإسلامية التركستانية" الفرع الأم لـ "الحزب الإسلامي التركستاني" في سوريا، وبدا أن المقصود برفع العقوبات هو النظام الصيني، ويضمن القرار للحزب توسيع قدرته على التحرك، ويتيح للحزب قدرة أكبر على التجنيد والتمويل والحشد السياسي لقضيته، وهذا بالتأكيد أزعج الصين وجعلها تقلق جدياً، وقد يدفعها لتجريب وسائل دعم مختلفة لنظام الأسد، وبشكل مباشر، وقد تشمل الجانبين العسكري والأمني مقابل العمل على إضعاف جماعة الحزب التركستاني.

وقال المحلل العسكري العقيد أحمد حمادة لموقع تلفزيون سوريا: "يعتبر الحزب التركستاني عدوا مقلقا بالنسبة للصين، لذا لا أستبعد أن يكون واحداً من أهداف زيارة الوفد الصيني إلى مناطق إدلب، إجراء عمليات استطلاع ورصد للمناطق التي ينتشر فيها مقاتلو الحزب، وبالتالي فإن إمكانية دعم الصين للنظام لتنفيذ مثل هذا النوع من عمليات الاستطلاع والمتابعة وربما الاستهداف المباشر وغير المباشر لعناصر ومجموعات الحزب؛ وارد جداً".

يزيد عدد المقاتلين الإيغوريين ضمن صفوف "الحزب التركستاني" في إدلب عن 4 آلاف مقاتل، غالبيتهم معهم عائلاتهم ويقيمون في مناطق ريف إدلب الغربي وفي المرتفعات الجبلية في ريف اللاذقية الشمالي (جبلي الأكراد والتركمان).

وأسست الحركة الإسلامية التركستانية في العام 1993، وتتخذ من إقليم وزيرستان شمالي باكستان مركزاً رئيساً لها، وتعتبر امتداداً للدولة التي أعلنها الإيغور في إقليم شينجيانغ شمال غربي الصين، وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت الحركة منظمة إرهابية في العام 2002، قبل رفع هذا التصنيف في تشرين الأول من العام 2020.

ويتعرض الإيغور لعمليات قمع ومحو لهويتهم الثقافية والدينية من قبل النظام الصيني الذي يحتجز مئات الآلاف من المسلمين الإيغور بحسب منظمة العفو الدولية.

وحول إمكانية تقديم الصين دعماً عسكرياً لنظام الأسد في جبهات إدلب من أجل محاربة "الحزب التركستاني"، قال الباحث في مركز جسور للدراسات، عباس شريفة: "استبعد أن تقدم الصين على مثل هذه الخطوة، لو كانت تريد ذلك لفعلت منذ زمن، أما الآن ليس هناك فرصة للحرب".

وأضاف شريفة في حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "المعلومات عن الحزب التركستاني في إدلب متوفرة جداً لدى النظام الصيني، ومع ذلك فإن قضية الرصد والمراقبة تبدو مهمة للصين في إطار خطر عودتهم للصين.. ولا أعتقد أن عناصر الحزب في صدد الإقدام على مثل هذه الخطوة".

وأوضح شريفة أنه "في حال كانت هناك زيارة لوفد عسكري صيني فهو في الغالب يندرج في إطار الاستشارة، فمن المعلوم أن سياسة الصين مع النظام تنحصر في تقديم الدعم السياسي في إطار مناكفة الغرب دون الانخراط العسكري".

المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور قال "منذ بداية الثورة السورية كان للصين موقف مؤيد لنظام الأسد وتعاونت معه بأشكال مختلفة سياسياً، وكان لها وجود على الأرض السورية من خلال خبراء عسكريين وأمنيين بذريعة وجود التركستان".

وأضاف العقيد بكور لموقع تلفزيون سوريا: "العلاقة الاستخبارية بين الصين ونظام الأسد قديمة منذ ما قبل الثورة وتعززت وتزايدت بعد الثورة السورية بذريعة وجود التركستان، ولا أستبعد أن تأخذ الصين في الأشهر المقبلة دوراً رئيسيا في هذا المجال، ربما تسعى أيضاً إلى وجود عسكري في إطار أي قوات دولية لحفظ السلام".

وأشار العقيد بكور إلى أن "الصين لم تغب عن الساحة السورية، لكنني أعتقد بأنها الآن تحاول الوجود بشكل أكبر وبأشكال مختلفة لتضمن مصالحها، وكما روسيا وإيران، تعتبر الصين أن استمرار نظام الأسد في السلطة سيضمن تحقيق مصالحها، ويضمن لها حصة من الكعكة السورية في ظل الحديث المتزايد عن وجود أفق للحل السياسي في سوريا".