icon
التغطية الحية

"وصفة الأمل".. تدريب اللاجئين على الطهي يفتح أمامهم أفقاً جديداً في واشنطن

2023.09.29 | 17:24 دمشق

آخر تحديث: 29.09.2023 | 17:24 دمشق

رامي وأسرته وهم يعدون طبق اليالنجي السوري في مطبخ مركز موزاييك
رامي وأسرته وهم يعدون طبق اليالنجي السوري في مطبخ مركز موزاييك
UNHCR - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بعد الهرب من الحرب التي استحكمت في سوريا، طلب رامي وأسرته اللجوء في ولاية فيرجينيا الأميركية، إلا أن أيامهم الأولى فيها خلال عام 2013 كانت أشبه بدوامة من الغربة.

يتذكر رامي ما جرى فيقول: "كان الوضع مقلقاً، إذ بمجرد وصولنا إلى هنا، اكتشفنا بأن علينا أن نعيش في هذا المكان الذي لا نعرف فيه أي أحد أو أي شيء، إلا أننا تأقلمنا بمرور الوقت، ولكن عندما تكون في مكان لا تعرف فيه أحداً، لابد أن يلازمك إحساس بعدم الأمان".

 

رامي وأسرته يعدون طبق اليالنجي السوري

 

من الصعوبة بمكان أن تطأ قدماك أرضاً غريبة، وتضطر فيها لتعلم لغة جديدة والاطلاع على ثقافة مغايرة، خاصة إن كنت برفقة أسرتك، وعن ذلك يقول رامي: "في البداية، مرت علينا أيام كنا نتناول فيها سوية صحن حمص مع بعض الخيار والطماطم، فصار الصغار يتساءلون: متى سنتناول طعام الغداء؟ إلا أن ذلك الطعام كان طعام الغداء".

الاحتفاء بالنكهة السورية

بيد أن عشقهم للطعام تحول إلى عنصر محفز لهم، إذ فكرت تلك الأسرة بطرق مبتكرة لتؤمن لقمة عيشها من خلال الطبخ، وبعد تجارب عديدة، وبعض النكسات، والكثير من الصبر والمصابرة، أسست الأسرة مشروع داماسكينوز، وهو مشروع تجاري متخصص بخدمات الإطعام يقدم وجبات رائعة من المطبخ السوري الأصيل، وتركزت مهمة الأسرة ورسالتها على الاحتفاء بالمطبخ السوري وتعريف الناس بالأطباق السورية التقليدية ذات النكهات المميزة والفريدة ومنها طبق الأوزي واليالنجي والكبة.

 

طبق الكبة واليالنجي

 

انطلق العمل على هذا المشروع بعدما انتبهت له منظمة موزاييك غير الربحية المعنية بمساعدة اللاجئين في مجال التدريب على الطهي ومن ثم منحهم شهادات وتقديم فرص لهم في مجال تأمين وجبات لحفلات ومناسبات معينة بحيث يحصلون منها على دخل. وهكذا، وبتوجيهات من هذه المنظمة، انطلق رامي مع أسرته في تلك الرحلة، فتعلموا كل ما يتعلق بإدارة مشروع متخصص بالأغذية في الولايات المتحدة، ثم تطور مشروع داماسكينوز وكبر، وساعدته منظمة موزاييك في التعرف إلى شبكة قوية من الزبائن، سمحت لرامي وأسرته استقطاب أنواع مختلفة منهم سواء داخل فيرجينيا أو خارجها.

منظمة موزاييك.. شريان الحياة للاجئين في واشنطن

تعمل هذه المنظمة على دعم الطهاة في إدارة مناح معينة من مشاريعهم، مثل كيفية التعامل مع الفواتير والطلبات والضرائب، إذ داخل مطبخ موزاييك الرحب والمجهز بسائر المعدات، دربت المنظمة 32 طاهياً لاجئاً، ففتح العديد منهم مشاريع خاصة بهم في مجال تقديم خدمات الإطعام.

تتفهم رغد بوشناق مؤسسة منظمة موزاييك، وهي سورية هاجرت من بلدها إلى الولايات المتحدة في عام 1989، العوائق والعقبات التي تعرضت لها أسرة رامي، فلقد أسست منظمة موزاييك بعدما عاينت بنفسها الحاجة لمهارات التدريب بالنسبة للاجئين الذين وصلوا إلى العاصمة واشنطن.

وإلى جانب التدريب على الطهي، تعالج المنظمة احتياجات اللاجئين الأخرى، مثل تعلم اللغة الإنكليزية، وتعليم الأطفال، والمساعدة في تأمين الاحتياجات اليومية، ولهذا تحولت برامج منظمة موزاييك إلى شريان حياة للاجئين في تلك الولاية.

تعلق رغد على ذلك بقولها: "يصل اللاجئون إلى هنا ولديهم إحساس عظيم بالغربة، ولهذا يبدؤون من الصفر، فالخيار لم يكن خيارهم عندما رحلوا عن بلدهم، بل إنهم أجبروا على الرحيل، ولهذا فهم بحاجة لشخص يحتضنهم ويرحب بهم، وبمجرد أن يعثروا على ذلك الشخص الذي يعاملهم وكأنهم أهل لابد أن يتغير وضعهم للأحسن".

تركت منظمة موزاييك أثراً عميقاً على جالية اللاجئين في واشنطن، إذ منحت الواصلين الجدد فرصة الاستقرار في بيوت جديدة، وبناء حياة جديدة في ظل الأمان والأمل بعيداً عن ديارهم.

يعلق رامي على هذا بقوله: "إن الموارد مهمة للغاية، والمعرفة مفتاح النجاح، ولهذا أرى بأن موزاييك تقوم بعمل رائع من خلال ذلك، ومن هنا أشكرها من كل قلبي"، وذلك لأن الجهود التي بذلتها موزاييك مع رامي وأهله وغيرهم الكثير تحولت إلى مصدر للأمل والتمكين والتأقلم مع الشدائد.

 

رغد بوشناق مؤسسة منظمة موزاييك

 

من خلال مهارات الطهي، ودعم جالية اللاجئين، والالتزام بالجد والاجتهاد بصورة جماعية، يحول اللاجئون التحديات إلى فرص، وبذلك يغيرون مسيرة حياتهم للأبد في الولايات المتحدة، وهذا ما عبر عنه رامي بقوله: "إننا نعيش على الأمل، وهذا الأمل هو الذي يمدنا بالطاقة اليوم".

 

المصدر: UNHCR