icon
التغطية الحية

وسط انعدام الرقابة.. محفزات جنسية في متناول الأطفال والشبان شمالي سوريا

2023.06.22 | 06:34 دمشق

إحدى صالات الألعاب في مدينة إدلب - إنترنت
إحدى صالات الألعاب في مدينة إدلب - إنترنت
إدلب - عمر حاج حسين
+A
حجم الخط
-A

تستفحل ظاهرة تناول مشروبات الطاقة والمأكولات الغذائية المحفزة جنسياً بكثرة في الشمال السوري بين فئات الأطفال والشباب، وتباع وتوزع في معظم المحال التجارية، وسط غياب شبه تام لحملات التوعية تجاه هذه الظاهرة، التي باتت تشكل خطراً حقيقياً يُهدد حياة المراهقين والأطفال في أماكن الألعاب والصالات الرياضية تحديداً.

ومشروب الطاقة (Power Drink) هو مصطلح تجاري تسويقي وليس علميا، وضعته شركات المشروبات الغازية، وتحوي هذه المشروبات على مادة الكافيين بالإضافة إلى مواد أخرى مثل التورين والغوارانا وفيتامينات "ب"، التي بدورها تزود مستهلكيها بالطاقة والحيوية، إذ تندرج ضمن فئة المشروبات المنعشة.

مشروبات الطاقة.. إقبال كبير يصل إلى حد الإدمان

في جولة على بعض دكاكين السمانة في ريف حلب الغربي، تحديداً على برادات المشروبات الموجودة أمام المحال، تشاهد العديد من أصناف المشروبات الغازية والطاقة والعصائر وجميعها أصناف تركية وبأسعار زهيدة أيضاً، إذ يصل سعر العبوة تقريبا إلى 7 ليرات تركية للعلبة الصغيرة و11 ليرة للكبيرة، وجميعها في متناول أيدي أي مُشترٍ سواء كان صغيرا أم كبيرا في السن.

وقال ثائر الكامل وهو صاحب محل تجاري لموقع "تلفزيون سوريا"، إن مشروبات الطاقة هي الأكثر مبيعاً بين المشروبات لمذاقها الطيب وغازاتها الكثيرة، مشيراً إلى أن معظم الفئات التي تُقبل على شرائها هي الفئة العمرية البالغة من العمر 17 سنة وما دون، وأغلبيتهم يقبلون على شراء العلبة الكبيرة وتحديداً ماركة "Jack Western" ذات اللون الأحمر.

وبحسب الكامل، فإن العديد من الشبان يدمنون رسمياً على مشروبات الطاقة، إذ يصل استهلاك بعضهم لأكثر من علبتين يومياً، وهذا يعود بالدرجة الأولى لقدر المال الذي بحوزتهم، من دون أي وعي كامل من ذويهم تجاه مخاطر الإكثار من شربها، أو الامتناع عنها بسبب صغر سنهم.

وأشار إلى أن أنواع مشروبات الطاقة عديدة وقد يصل تقريباً إلى 7 أصناف، ومعظمها رخيصة الثمن باستثناء مشروب "Red Bull" البالغ سعره 17 ليرة تركية، وهو مشروب له زبائن خاصّة.

وعن دورهم في عدم بيع هذه المشروبات للأطفال، أكّد الكامل أنهم عاجزون عن وقف هذه الظاهرة، لعدم حصر هذه المشروبات في متجر معين، فهي سلعة متاحة عند جميع المحال، شأنها شأن المشروبات التقليدية الأخرى.

مشروب الطاقة بديل عن المحفزات الجنسية

من جانبه، قال الشاب أيهم، لموقع "تلفزيون سوريا"، إن هذه المشروبات يتناولها عادةً لأنها تزيد الرغبة الجنسية وتزوّد الجسم بطاقة إضافية، مضيفاً أنه اتخذها بديلاً عن الأدوية المحفزة جنسياً التي يتم شراؤها من الصيدليات وخلّصته من شعور الحرج في أثناء شراء الأدوية.

وأوضح أن تناول هذه المشروبات ينتشر بكثرة في الصالات الرياضية وصالات ألعاب الأطفال التي تحوي على ألعاب الكمبيوتر والبلياردو، مؤكداً أن معظم الفئات التي تدمن على مشروبات الطاقة من فئة الـ 9 سنوات حتى 16 سنة.

مأكولات غذائية محفزة جنسياً

وخلال جولة ميدانية في شمال غربي سوريا، شاهدنا في معظم المحال التجارية وأمام طاولة المحاسب، أصناف من مأكولات غذائية منشطة ومحفزّة جنسياً كـ"الشوكولاته وأكياس صغيرة من العسل الملكي"، وجميعها تحمل رسومات مثيرة.

ويروي المحاسب في متجر "البركات" للمواد الغذائية أن هذه الأصناف المنشطة هي الأكثر مبيعاً في الفترة المسائية ولجميع الشباب على اختلاف أعمارهم، مدعياً أنها صحيّة وأن العديد من الشبان يشعرون بالحرج في أثناء شرائها من الصيدليات، في وقتٍ تنتشر فيه هذه الأصناف عند معظم موزعي الجملة، الأمر الذي دفعني لشرائها وعرضها داخل المحل.

وتعليقاً على ما ورد، حذّر طبيب الداخلية، محمد عبيد، من تناول هذه المأكولات المنشطة بشكل عشوائي أو بجرعات عالية، لأنها تسبب تأثيرات خطيرة على الصحة، قد تصل للوفاة، وفق قوله، مشيراً إلى أن بعض هذه الأصناف ينصح بإعطائها تحت إشراف طبيب، لاحتوائها على عناصر غذائية تجعلها مماثلة للمنشطات الجنسية من حيث الفعالية ومن أبرزها غذاء ملكات النحل.

وأوضح أن كثيرا من الشباب يعانون من الأرق وعدم القدرة على النوم بانتظام، وفي الغالبية يكون السبب هو الإفراط في تناول منتجات منشطة ومحفزة أو مشروبات تحتوي على نسب مرتفعة من مادة الكافيين كعلب الطاقة خاصة التي تسبب الإدمان.

ما مخاطر مشروبات الطاقة؟

بدوره، أكد طبيب الأطفال ومدير صحة حلب سابقاً، عبد الكريم الياسين، أن تناول المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة خاصةً يؤثر على الصحة النفسية والجسدية للأطفال، كما يسبب تغيّرات في سلوك الفرد ويدفع الشباب إلى التدخين بسبب ارتفاع نسبة الكافيين ما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وتسرع القلب وعدم القدرة على النوم.

وبين الياسين لموقع "تلفزيون سوريا"، أن مخاطر تناول هذه المشروبات قد تصل إلى توقف القلب وانفجار الشرايين بالإضافة إلى أنها تؤدي إلى السمنة المفرطة وداء السكري.

وشدّد الياسين على ضرورة الامتناع عن تناول مثل هذه المشروبات، والاستعاضة عنها بشرب الشاي ومشروب البابونج المفيدة وغير الضارة.

وبحسب دراسة أعدتها جمعية القلب الأميركية، فإن مشروبات الطاقة التي تحتوي على الكافيين من شأنها أن تغيّر النشاط الكهربائي لقلب الإنسان، وتزيد من ضغط الدم، وفي هذه الدراسة، جرى أيضاً تقييم تأثير ارتفاع استهلاك مشروبات الطاقة على نظام القلب والأوعية الدموية، إذ ثبت أن استهلاك مشروبات الطاقة يرتبط بالسكتة القلبية واحتشاء عضلة القلب، ويمكن أن تكون مرتبطة حتى بما يعرف بسماكة الدم.

وفي أثناء إعداد هذا التقرير، تواصلنا مع معاون مدير الصحة في إدلب، الدكتور حسام قره محمد، للرد على آلية الرقابة وأضرار هذه المنتجات والإجراءات التي تم اتخاذها من قبل المديرية بخصوص هذه الظاهرة، لكنه رفض الإدلاء بأي تصريح، أو الردّ بخصوص ذلك.

نقابة الصيادلة وإدارة التموين تتقاذفان المسؤولية

وقال مصدر طبي في نقابة الصيادلة في ريف حلب الشمالي، (فضل عدم ذكر اسمه)، أن النقابة مسؤولة فقط عن إحكام الرقابة على الصيدليات والأدوية، وليست مسؤولة عن الأدوية التي تباع في المحال التجارية، محملاً المسؤولية لإدارة التموين في عدم ضبط هذه الظاهرة.

ودعا عضو النقابة في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إلى تشكيل لجنة بقرار من الحكومة المؤقتة مهامها فحص هذه المشروبات والأغذية، والتأكد من مصدرها وضبط بائعيها، مشيراً إلى وجود سيارات متنقلة عدّة تقوم بعرض المنشطات الجنسية على تعدد أصنافها على الصيدليات والمحال التجارية.

ولفت إلى أن غياب حملات التوعية والتثقيف الصحي في طريقة استخدامها للشرائح التي تتأثر بها له أثر كبير، لا سيما أن من مخاطر مشروبات الطاقة التي تباع بأسعار زهيدة، أنها تحتوي على سعرات حرارية كبيرة ومنبهات لا تناسب الأطفال وكبار السن.

وأوضح أن غالبية المشروبات التي تباع غير صحية، ويصنع بعضها محلياً من دون الاستعانة بمتخصصين، ما قد يؤدي إلى الوفاة.

وتؤكد دراسة لموقع "نيوترشنال آوت لوك/ Nutritional outlook"، أن حجم مبيعات مشروبات الطاقة عالميا عام 2019 وصل إلى نحو 44 مليار يورو.