icon
التغطية الحية

وزير النازحين بلبنان: الأجدر بحزب الله إعادة ميليشياته من سوريا

2018.08.20 | 17:08 دمشق

عودة بعض اللاجئين السوريين من لبنان بإشراف حزب الله (إنترنت)
لبنان - محمد حسن - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

شهد لبنان في الآونة الأخيرة تساؤلات عدة حول احتمالية عودة اللاجئين إلى سوريا قسراً، بعدما تصاعدت نبرة الخطابات والتصريحات السياسية لمسؤولين من الحكومة اللبنانية، والوسائل الإعلامية اللبنانية التي تحرّض على إخراج السوريين من لبنان.

وتكررت ادعاءات بعض المسؤولين اللبنانيين أن بلادهم قد تنهار بسبب استضافة اللاجئين السوريين، وقد ركّز لبنان خطاباته مؤخراً على عودة اللاجئين وناشد المجتمع الدولي لدعمه من أجل حل قضية اللجوء في بلاده، وذلك بعد إعلان مناطق خفض التصعيد في سوريا، التي جاءت عقب مفاوضات أستانا، وتحولت خطابات بعض الزعماء والتحريض الإعلامي اللبناني إلى تنسيق مباشر مع النظام في سوريا، وسمحت الحكومة اللبنانية بافتتاح مكاتب غير رسمية بعدة مناطق لبنانية لتسجيل أسماء الراغبين من اللاجئين للعودة إلى بلادهم.

دور وزارة النازحين في لبنان

شدّد وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال الحالي "معين المرعبي" لموقع تلفزيون سوريا، على رفضه التنسيق المباشر مع نظام الأسد "المجرم الذي دمر سوريا وقتل وشرد شعبها".

وقال الوزير "نحن نحتضن الإخوة اللاجئين إنسانياً، وحتى الآن، لقد نجحنا كفريق سياسي داخل الحكومة اللبنانية، على نقيض حزب الله، بمنع أي إبعاد للإخوة اللاجئين، ولم تفلح كل ضغوطات الفريق الآخر وعويله بتغطية أي قرار حكومي يشكل خرقاً للقوانين والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية اللاجئين".

وأضاف "المرعبي" أن مكاتب حزب الله تابعة لحزب يقوم "بأعمال إرهابية" في لبنان وسوريا واليمن والكويت وعدد كبير من الدول الأخرى، وأنه يحاول من خلال هذه المكاتب "قضم المؤسسات الدستورية وصولاً لإلغائها".

ولفت إلى أنّ على حزب الله "الخارج عن القانون اللبناني، أن يسحب ميلشياته من سوريا والذي ساهم في تدميرها وتشريد شعبها، بدلاً من محاولاته الفاشلة لإظهار دوره كجمعية للهلال أو الصليب الأحمر عبر إعادة اللاجئين".

وأجاب الوزير "المرعبي" عن تساؤلاتنا، كيف ومن يتولى الاستجابة لهذه المأساة واتخاذ القرار ووضع الآليات التنفيذية، قائلاً، "تقوم اللجنة الوزارية العليا الخاصة بملف النزوح السوري برئاسة الرئيس سعد الحريري والتي تضم كافة الوزارات المعنية بالملف، من وزارة الدولة لشؤون النازحين، ووزارات الداخلية والشؤون الاجتماعية والتربية والصحة وغيرها، بتقديم مقترحات إلى مجلس الوزراء الذي يقوم بدراستها وإقرارها".

وأضاف في هذا السياق "ليس لأي حزب سياسي في لبنان سواء حزب الله أو التيار الوطني الحر أو غيره أن يقوم بهذا العمل، وأن الحكومة اللبنانية كانت واضحة في موقفها من خلال مسارعة الرئيس الحريري إلى تلقف المبادرة الروسية، بصفتها دولة عظمى ولها التأثير الأهم على الأرض في سوريا وبإمكانها تقديم ضمانات لعودة الإخوة النازحين وضمان عدم التعرض لحياتهم"، مشيراً إلى استغلال حزب الله والتيار الوطني الحر فترة تصريف الأعمال وأطلقوا ما سمّوه "مكاتب لإعادة النازحين"، ووصفها بالمهازل الفلكلورية، "التي يجب وضع حد لها بمجرد تشكيل الحكومة العتيدة".

وحول المكاتب التي افتتحها حزب الله في مناطق لبنانية عديدة، قال المرعبي "الأجدر بحزب الله أن يفتتح مكاتب داخل سوريا لإعادة ميلشياته إلى لبنان، فمهمة تسجيل اللاجئين ينبغي أن تتولاها لجنة خاصة يعيّنها مجلس الوزراء بالتنسيق الكامل مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين".

وحمّل الوزير كل من يقوم بإرسال اللاجئين إلى سوريا مسؤولية جريمته التي يقترفها، وأكد أنه سيُطلب من الوزارات المعنيّة محاسبة كل من قام بخرق القوانين والاتفاقيات الدولية، ووصفه بأنه" أمر غير مقبول بأي شكل من الأشكال".

وكان قد أعلن المرعبي، سابقاً أن عودة اللاجئين إلى سوريا لا يمكن أن تتم إلا برعاية وضمانة منظمة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة لها، مشدداً على موقفه بتأييده للعودة الطوعية وعدم وقوفه بطريق أي لاجئ يرغب بالعودة طوعياً إلى بلاده، وأكد أن حدود لبنان مفتوحة لمن يرغب بذلك، ولن يتم إجبار أحد على العودة قسرياً إلى سوريا ولن يسلموا أحداً منهم إلى "الجلاد"، بحسب تعبيره.

لاجئون بين الخيارات

مع تصاعد الخطابات والتصريحات من المسؤولين السياسيين والضغط الإعلامي وتجييش حملاتهم ضد وجود اللاجئين على الأراضي اللبنانية لترهيبهم، أفقدت تلك الحملات اللاجئين أمل البقاء في لبنان، بعيداً عن الظلم والخوف من نظام الأسد وانتهاكاته المروعة، فتزايدت موجات التوتر عند اللاجئين وخلقت إشارات استفهام حول مصيرهم في الأيام المقبلة.

اعتبر رئيس لجنة المتابعة والتنسيق السورية "خالد رعد" أن موضوع الحملات والتهويل الإعلامية قد أخذت أكبر من حجمها بكثير، وقال لموقع تلفزيون سوريا "إن قضية العودة لا تستحق كل هذا الزخم والتجييش، لأن عدد اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا من عرسال، لم يتجاوز 1500 شخص من أصل 40 ألفا موجودين في عرسال".

وأكد "رعد" أن من خلال لقاءاتهم مع أمنيين وسياسيين لبنانيين، لن تتم عمليات ترحيل قسرية للاجئين إلى سوريا، مشيراً إلى "اتفاق أبرمه أهالي منطقة القصير، أفضى إلى أن العودة إلى سوريا، لن تكون إلا بضمانات من الأمم المتحدة".

وأضاف "لا أتوقع أن يكون هناك عودة لمن هجّره نظام الأسد، ولن نعود إلا بموته أو رحيله مع نظامه عن بلدنا، لأننا نريد الحفاظ على كرامتنا منذ انطلاقة الثورة السورية".

ونَشر "ناصر ياسين" مدير معهد عصام فارس في الجامعة الأمريكية في بيروت عبر تغريده له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن نسبة اللاجئين الذين عادوا إلى سوريا منذ بداية عام 2018، لم تتجاوز 0.27% من إجمالي عدد اللاجئين، ما يقارب 2610 لاجئين سوريين فقط.

وشدّد مصدر سوري معارض في بيروت فضّل عدم الكشف عن اسمه "لأسباب أمنية"، في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، على أهمية نشر مفهوم "العودة الطوعية" بين اللاجئين كي يزيل الخوف والقلق لديهم، بقوله "إن الناشطين السوريين ممن لديهم دراية بالتطورات السياسية، هم مصدر أساسي لزوال القلق عند اللاجئين ويجب حمايتهم في لبنان".

ومن خلال استطلاعات مع اللاجئين بمعظم أنحاء لبنان، لفريق من السوريين الناشطين أكد المصدر أن هناك ثلاثة آراء مختلفة، "الفئة الأولى نسبتها ضئيلة جداً، من الذين أرهقتهم فترة اللجوء وهم غير قادرين على تكوين أنفسهم واستمرارهم بحياة اللجوء، والفئة الثانية تتجاوز نسبتهم ما يقارب 40%، من الذين وضعوا شروطاً لأمنهم كضمانات وإشراف الأمم المتحدة وليس روسيا، وضمان عودتهم لمناطقهم الأصلية، والكشف عن مصير المفقودين والمعتقلين من عوائلهم المحتجزين لدى النظام في سوريا، والفئة الثالثة هم أبناء الثورة المؤمنين بأن النظام هو من شردهم وقتل أهلهم، والذين يرفضون العودة إلا بمحاسبة النظام لتحقيق العدالة".

وأصدر معهد عصام فارس في الجامعة الأمريكية في بيروت، بيان "تقدير موقف" في نهاية يوليو/تموز الفائت، جاء في خلاصته، "يبدو الحديث عن عودة اللاجئين السوريين الطوعية والآمنة والوشيكة إلى بلادهم غير واقعي قبل الوصول إلى تسوية سياسية شاملة في سوريا"، وأوصى البيان أن تتم إعادة تشكيل اللجنة الوزارية المُكلفة متابعة شؤون النازحين وضم ذوي الخبرة والمعرفة إليها لتقوم بدورها كاملاً، فور تشكيل الحكومة الجديدة، وتفعيل دور وزارة شؤون النازحين، كي لا يقتصر العمل في هذه القضية على تكليف أجهزة أو أفراد معينين بمهام.

التزام لبنان بالاتفاقيات والقوانين الدولية

معاناة اللاجئين مستمرة، وانتهاكات لبنان لحقوق اللاجئين الأساسية لا تُعد ولا تُحصى، أقلُّها تصعيب نيلهم الإقامة الشرعية، وإخضاعهم لمعاملة تمييزية مستمدة من سياسة منهجية غير معلنة، وأسوأها تعريضهم للتوقيف التعسفي والمعاملة القاسية في إطار "سياسة استباقية" لحفظ أمن المنطقة!.

وفي الحديث عن الوضع القانوني وحقوق اللاجئين، قال رئيس المركز اللبناني لحقوق الإنسان وديع الأسمر، لموقع تلفزيون سوريا "إن حق اللجوء لا يتعلق بماذا تقرر الدولة، وإنما بالتزاماتها بالقوانين والاتفاقيات الدولية، ولبنان ملتزم بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقيات مناهضة التعذيب وهذه الاتفاقيات تحمي اللاجئين من العودة القسرية".

وأشار الأسمر إلى المادة الثالثة لاتفاقية مناهضة التعذيب، التي تنص على منع أي دولة طرف بهذه المعاهدة ترحيل أو طرد أي شخص إذ توافرت لديه أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر للتعذيب.

وأضاف "إن الضغوطات غير المباشرة موجودة في تركيا والأردن وحتى ببعض الدول الأوروبية، لكن هنا يوجد دور حماية لم يقم به لبنان، ولا حتى المجتمع الدولي، وأيضاً المنظمات الدولية تسعى للقيام بدور الحماية، لكنها مازالت مقصّرة بحق اللاجئين الذين نعتبرهم أكبر فئة مهمشة ومستضعفة، فبتقديري وقراءتي للوضع العام، فإن لبنان ليس لديه القدرة لا سياسياً ولا تقنياً ولا عملياً ليقوم بعمليات ترحيل قسري على مستوى واسع ولا أعتقد أن لبنان سيضع نفسه بوجه المجتمع الدولي بهذا الخصوص".

وختم بقوله "جميعنا نعلم أن مصالح لبنان هي إيجاد حل دائم في سوريا، لا أعتقد أن الضغط على المجتمع الدولي سيؤثر على عودة اللاجئين، لأن اللاجئين موجودون في لبنان ليست رغبة منهم في البقاء، بل لأنهم يواجهون مخاطر على حياتهم وضغوطات أمنية في عودتهم".

وكانت قد أعلنت وزارة الدفاع الروسية في 14 من يوليو/تموز الفائت عن إنشائها مراكز إيواء واستقبال وتوزيع اللاجئين الراغبين بالعودة إلى سوريا، بالتعاون مع النظام في سوريا، وعددها 76 مركزًا تتسع لاستقبال ما يزيد على 336 ألف لاجئ سوري، يتوزعون على الشكل الآتي: 73 ألفًا في محافظة ريف دمشق، و134 ألفًا في محافظة حلب، و64 ألفًا في حمص، وعشرة آلاف في حماة، و45 ألفًا في دير الزور، وتسعة آلاف في القلمون الشرقي.