icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: هل تشكل الاحتجاجات في سوريا خطراً على النظام السوري؟

2023.08.31 | 09:04 دمشق

آخر تحديث: 31.08.2023 | 09:04 دمشق

من مظاهرات السويداء - المصدر: الإنترنت
من مظاهرات السويداء
The Washington Post- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

دخلت الاحتجاجات المناهضة للنظام في الجنوب السوري أسبوعها الثاني، إذ خرجت مظاهرات حرقت صور بشار الأسد واقتحمت العديد من مكاتب حزب البعث الحاكم. كان السبب الرئيسي للاحتجاجات في بدايتها هو التضخم الهائل وتردي الاقتصاد في البلد بعد الحرب، ولكن سرعان ما تغيرت المطالب فصار المحتجون ينادون بإسقاط الأسد وحكومته.

تركزت المظاهرات في محافظة السويداء الخاضعة لسيطرة النظام، ومعقل الطائفة الدرزية في سوريا والتي نأت بنفسها إلى حد كبير خلال النزاع الذي امتد لفترة طويلة بين الأسد ومن سعوا لإسقاطه.

القشة الأخيرة

في مشهد لم يسبق لأحد أن يتوقع ظهوره في معقل الطائفة الدرزية، طرد المحتجون أعضاء من حزب البعث الموالي للأسد من مكاتبهم، وأغلقوا أبوابها بالشمع الأحمر، وطلوا على جدرانها عبارات مناهضة للأسد وحكومته.

زلزلت الاحتجاجات الأسد وحكمه، لكن لا يبدو أنها تمثل خطراً يهدد وجوده، فقد أتت خلال فترة رسخ فيها النظام سيطرته على معظم أنحاء البلد، وفي الفترة نفسها عاد الأسد للجامعة العربية وأعاد علاقاته مع معظم دول المنطقة.

بيد أن النقمة ما تزال في ازدياد، حتى بين السوريين الذين لم ينضموا للمظاهرات المناهضة للأسد التي خرجت في عام 2011، وقوبلت بقمع شديد ثم أدخلت البلاد في حرب امتدت لسنين طويلة.

بالنسبة للبعض، أتت القشة التي قصمت ظهر البعير قبل أسبوعين عندما رفع الأسد الدعم عن سعر المحروقات التي أصبحت باهظة الثمن إلى حد بعيد، ثم رفع الأجور والرواتب التقاعدية الضعيفة أصلاً في القطاع العام بنسبة الضعف، غير أن هذين القرارين لم يخففا من حدة الإحباط والفشل، بل زادا من حجم التضخم، وأضعفا الليرة السورية الضعيفة بالأصل، وبالنتيجة زادت الضغوط الاقتصادية على ملايين السوريين الذين باتوا يعيشون في فقر.

بعيد ذلك بقليل، انطلقت الاحتجاجات في السويداء وجارتها درعا.

خلال العقد الماضي، نأت السويداء بنفسها عن الانتفاضة التي انقلبت إلى نزاع، لكن هذه المحافظة شهدت احتجاجات متقطعة نددت بالفساد وتراجع البلد اقتصادياً، ولكن هذه المرة سرعان ما انتقلت أعداد الجموع إلى خانة المئات لتندد بقمع الأسد وحكومته، وأعادت للذاكرة صور الاحتجاجات التي هزت البلد في عام 2011.

يخبرنا ريان معروف وهو رئيس تحرير شبكة السويداء 24 الناشطة على المستوى المحلي: "وصل الناس لمرحلة لم يعد بوسعهم معها تحمل الوضع، لأن كل شيء من حولهم ينهار".

في الوقت الذي ارتفعت فيه حظوظ الأسد سياسياً خلال الأشهر القليلة الماضية، أصبحت حياة غالبية الشعب السوري بائسة بحق، إذ قتل خلال النزاع ما لا يقل عن 300 ألف سوري، كما نزح نصف سكان سوريا الذين وصل عددهم إلى 23 مليون نسمة قبل الحرب، وتعطلت أجزاء كبيرة من البنية التحتية للبلد، وأصبح 90% من السوريين يعيشون في فقر، كما زاد الفساد المتفشي والعقوبات الغربية المفروضة على سوريا من حدة الفقر والتضخم فيها.

تمييز في ردة الفعل

في درعا المعروفة بلقب مهد الثورة لكنها أصبحت الآن تخضع لسيطرة النظام، جرى اعتقال ما لا يقل عن 57 شخصاً خلال الاحتجاجات الحالية، وذلك بحسب ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان، ولكن بخلاف ما جرى في عام 2011، لم تستخدم قوات النظام القوة الفتاكة.

في السويداء، كانت ردة فعل النظام أشد انضباطاً، إذ حرص الأسد على عدم استخدام القوة المفرطة مع المحتجين في السويداء، وخلال سنوات الحرب، قدمت حكومته نفسها كمدافعة عن الأقليات أمام "التطرف الإسلامي".

وبمرور السنين، تسلح شبان هذه المحافظة ليدافعوا عن قراهم ضد أي مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة أو أي ميليشيا مرتبطة بالنظام، خاصة بعدما صار النظام ينتج حبوب الكبتاغون ويتاجر بها بشكل غير مشروع.

اقرأ أيضا: سيناريوهات كثيرة.. ما خطة نظام الأسد التي يجهزها لحراك السويداء؟

يرى جوزيف ضاهر وهو باحث سوري سويسري وأستاذ جامعي في معهد الجامعة الأوروبية بفلورنسا، بأن كل ذلك يسبغ عباءة حماية على المتظاهرين، ويقول: "على عكس المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، تتمتع السويداء بشكل محدود من الاستقلال".

في هذه الأثناء، أعرب البعض في دمشق واللاذقية وطرطوس وغيرها من معاقل النظام عن سخطهم على أدائه، ولكن تصريحاتهم كانت أقل حدة، إذ كتبوا رسائل وجهوها لدعم المظاهرات لكنها بقيت على ورق، كما التقطوا صوراً لتلك الرسائل في شوارع مدنهم، وشاركوها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إلا أن غيرهم ظلوا يعانون في صمت وهم يسعون لتأمين قوتهم يومياً، ففي دمشق، أصبح البعض يحملون حقائب ظهر بدلاً من المحافظ لحمل أكداس من الأموال باتوا بحاجتها اليوم لتأمين مشترياتهم اليومية وسط التضخم الذي تفشى في البلد، في الوقت الذي أصبحت فيه الأسر تعاني لتأمين متطلباتها الأساسية، إذ تقول غصون الوادي التي تعيش في دمشق وهي تجهز غداء لأسرتها بعد يوم عمل طويل: "إن اشتريت لابني علبتي حليب، فسأصرف كامل راتبي الشهري".

أظهرت الاحتجاجات المتواصلة وبكل جلاء مدى ضعف الأسد بعد تردي اقتصاد البلد، حتى في المناطق التي حاولت أن تتحمل الأوضاع من دون أن تخرج في احتجاجات عارمة ضده، ولكن هل بوسع هذه الاحتجاجات أن تهدد حكمه في نهاية المطاف؟

يجيب ضاهر على هذا السؤال بقوله: إن ذلك يمكن أن يحدث في حال تكاتف المتظاهرون مع بعضهم وتجمعهم سوية على صعيد واحد، ويضيف: "ثمة أشكال للتضامن مع السويداء عبرت عنها مدن أخرى، ولكن لا يسعنا القول بأنها يمكن أن تؤثر على النظام بشكل فعلي، باستثناء إن تعاون المتظاهرون مع بعضهم في مختلف المدن".

المصدر: Washington Post