icon
التغطية الحية

واشنطن بوست: الكبتاغون مصدر قلق للعالم العربي ودافع للتطبيع مع الأسد

2023.09.06 | 09:46 دمشق

حبوب الكبتاغون المخدرة - المصدر: الإنترنت
حبوب الكبتاغون المخدرة - المصدر: الإنترنت
The Washington Post- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

دفعت الجهود الحثيثة التي بذلت في الشرق الأوسط مؤخراً والتي سعت لحظر الكبتاغون إلى حدوث تغير سياسي في المنطقة التي قد تشهد إعادة تأهيل لبشار الأسد بين الدول العربية، حتى مع فرض الغرب لعقوبات جديدة. فلقد اتهمت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وغيرها من الدول النظام السوري وحليفه حزب الله اللبناني بإنتاج هذه المادة المخدرة المحظورة والاتجار بها بهدف الربح وجمع المال، غير أن السعودية وغيرها من الدول العربية ألمحت إلى انفتاحها على تطبيع العلاقات مع الأسد بعد سنين أمضتها في دعم الثوار الساعين لإسقاطه، وذلك على أمل الحصول على مساعدته في منع انتشار تلك المادة المخدرة بشكل مخيف. أما الأسد الذي ينكر تورطه بالكبتاغون، فيبدو أنه ميال لذلك بما أن التعاون معه يعني تخفيف وطأة العقوبات الغربية التي أثقلت كاهله.

ما هو الكبتاغون؟

البعض يسميه بكوكايين الفقراء، وهو عبارة عن مادة منشطة ذات مفعول سريع يرفع مستوى الطاقة والانتباه ويخلق شعوراً بالنشوة والقوة المطلقة، كما أصبح يعرف بمخدر الجهاديين لارتباطه بمقاتلي تنظيم الدولة في سوريا والعراق على مدار سنين. تعتبر الدول الخليجية أكبر سوق مستهلكة للكبتاغون خلال العقدين الماضيين، إذ بحسب ما أوردته الأمم المتحدة، يباع الكبتاغون ذو الجودة العالية -إن جاز التعبير- ببضعة دولارات في سوريا، أما سعر الحبة الواحدة في السعودية فيصل إلى 25 دولاراً، ولهذا راج بين مختلف الأعمار بدءاً من المراهقين الذين صاروا يتناولونه في أثناء تحضيرهم لامتحاناتهم وصولاً لعمال البناء. ولقد صودرت أكثر من مليار حبة كبتاغون خلال السنوات الثلاث الماضية، أغلبها في السعودية، بحسب ما ذكره كريم الشعار وهو خبير اقتصادي وباحث سوري يعمل بصفة استشاري لدى عدد من الدول الغربية في ملف اقتصاد الحرب السورية.

ما أصل الكبتاغون؟

ظهر الكبتاغون للمرة الأولى في أوائل ستينيات القرن الماضي في ألمانيا وكان حينئذ مستحضراً دوائياً مرخصاً حمل الاسم التجاري: "كبتاغون"، وكان قوامه الأساسي يعتمد على مادة الفينيثيلين التي يصفها الأطباء لمعالجة أعراض عديدة تشمل اضطراب فرط النشاط وضعف التركيز وحالة الخدر، وهكذا انتشر في أوروبا والشرق الأوسط بشكل كبير، ثم حظرته معظم الدول في ثمانينيات القرن الماضي بسبب طبيعته التي تؤدي للإدمان بالإضافة إلى آثار جانبية أخرى. ونظراً لسهولة تصنيعه، انطلقت عمليات إنتاجه بشكل غير مشروع في جنوبي أوروبا، ثم انتقلت إلى لبنان ومنها إلى سوريا في مطلع العشرية الأولى من القرن الحادي والعشرين، وبما أن اسمه التجاري الرسمي اختفى منذ أمد بعيد، لذا صار يطبع على أقراص الكبتاغون اليوم شعار جديد وأصبح يحتوي على عدد من المواد بينها الفينيثيلين والأمفيتامين والكافيين وغيرها، وذلك بحسب ما أوردته وزارة الخارجية الأميركية.

ما علاقة الأسد بالكبتاغون؟

يرى مسؤولون أميركيون وبريطانيون بأن الأسد الذي استهدفه الغرب بعقوبات قاسية بسبب قمعه الدموي للانتفاضة الشعبية التي قامت ضده في عام 2011، تحول إلى تاجر مخدرات حتى يؤمن المال ويضمن ولاء الدائرة المقربة منه. ولهذا أصبح 80% من إنتاج الكبتاغون في العالم يتم في سوريا بحسب ما أوردته وزارة الخارجية البريطانية التي وصفت هذه التجارة بشريان حياة بالنسبة لنظام الأسد، بيد أن هذا الشريان يدر عليه ثلاثة أضعاف ما كانت كل أنواع التجارة غير المشروعة بالمخدرات تدره على العصابات في المكسيك، وذلك لأن شحنات تقدر قيمتها بمليارات الدولارات تخرج من معاقل النظام مثل ميناء اللاذقية، حيث يأمر ماهر الشقيق الأصغر للأسد، والخاضع لعقوبات هو أيضاً، الفرقة الرابعة لديه التابعة للجيش السوري بتسهيل عمليات تصنيع وتوزيع الكبتاغون، وذلك بحسب ما ورد بالتفصيل في تحقيق نشرته صحيفة نيويورك تايمز عام 2021. وفي مقابلة أجرتها سكاي نيوز مع الأسد في شهر آب، ذكر بأن الحرب وضعف الدولة والفساد حولا سوريا إلى قاعدة مزدهرة لتصنيع الكبتاغون والاتجار به، غير أنه أنكر أي تورط له أو لنظامه في ذلك.

ما الذي حدث؟

اتخذت الدول العربية خطاً مغايراً لما اتخذته الدول الغربية، فقد فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة على أفراد وكيانات سورية ولبنانية خلال هذا العام، شملت أولاد عم الأسد بسبب اتهامهم بتصنيع الكبتاغون على نطاق واسع. ونشرت وزارة الخارجية الأميركية في حزيران الماضي نسخة مكتوبة عن استراتيجيتها التي تقضي بقطع شبكات الكبتاغون المرتبطة بالأسد وإضعافها وتفكيكها" بحسب ما نص عليه قانون الكبتاغون الأميركي الذي سن خلال العام الفائت، غير أن الاستراتيجية الأميركية اعترفت بأن قدرة الولايات المتحدة على إحداث تغيير في هذا الملف محدودة، وهذا ما أثبتته تجربتها في مكافحة المخدرات بأفغانستان.

وفي الوقت ذاته، سعت السعودية لإعادة علاقاتها مع الأسد بهدف منع تدفق الكبتاغون، فحضر القمة العربية في جدة خلال أيار الماضي، لتكون تلك المرة الأولى التي يحضر فيها قمة عربية منذ 13 عاماً، وذلك بعد فترة قصيرة من إعادة مقعد سوريا في الجامعة للنظام. بيد أن الكبتاغون راج في مناطق أخرى غير السعودية، وصار يُستهلك في دول بدءاً من الإمارات وصولاً للأردن، حيث كلف الجيش بمهمة محاربة تجارة الكبتاغون، إذ ذكر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي التقى الأسد بدمشق في تموز الماضي بأنه لا يستبعد شن الأردن لعمل عسكري في الداخل السوري، ولهذا تصدرت عملية إنهاء عمليات تهريب الكبتاغون القادم من سوريا ولبنان جدول أعمال وزراء الخارجية العرب في القاهرة خلال مؤتمرهم الذي انعقد في آب الماضي.

ما رد فعل الأسد على ذلك؟

في مقابلة متلفزة ذكر الأسد بأن مسؤولية تجارة الكبتاغون تقع على عاتق الدول الغربية والإقليمية التي نشرت الفوضى في سوريا على حد تعبيره وذلك عندما تدخلت لصالح المعارضة السورية، كما بدا الأسد في تلك المقابلة كمن يضع رفع العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة على سوريا ودعم الاقتصاد السوري شرطاً لتحقيق أي تقدم في عملية مكافحة الكبتاغون، أو لعودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم. ولذلك أعلنت لينا الخطيب، وهي مديرة معهد الشرق الأوسط التابع لكلية الدراسات الشرقية والأفريقية أمام مجلس النواب في بريطانيا خلال شهر حزيران الماضي بأن الكبتاغون تحول إلى أداة دبلوماسية.

 

المصدر: The Washington Post