icon
التغطية الحية

واحة في الغربة.. المكتبات العربية في إسطنبول

2022.03.23 | 18:25 دمشق

1.jpeg
مكتبة "كتاب سراي" للكتب العربية في حي الفاتح بإسطنبول (تلفزيون سوريا)
إسطنبول - حنين أبو زبيدة
+A
حجم الخط
-A

تنوعت المشاريع التي افتتحها العرب في مدينة إسطنبول التركية، ما بين المطاعم ومكاتب الخدمات وغيرها من المشاريع المتوسطة والصغيرة، وكان للمكتبات نصيب واضح منها، في ظل ازدياد عدد مواطني الدول العربية في المدينة التركية العريقة.

أبرز هذه الجاليات العربية، هم اللاجئون السوريون الذين يشكلون 4 في المئة من سكان إسطنبول، توجه العديد منهم بعد سنوات من الإقامة فيها عقب هجرتهم القسرية من بلادهم، لافتتاح المطاعم في أحياء متعددة من المدينة، إلا أن فئة قليلة ركزت اهتمامها على مشاريع أخرى، كالمكتبات ودور النشر، و"هي مهنة ليست باليسيرة، وطريقها ليس معبداً بالأرباح".

بحسب الإحصاءات الرسمية التركية، يقترب عدد السوريين في تركيا من 5 ملايين ووصل عددهم في إسطنبول الى 532 ألفاً و726 حيث يتركز العدد الأكبر منهم في منطقة الفاتح.

يقول الكاتب المصري، محمد عبد العزيز، مسؤول سابق في مكتبة الشبكة العربية للأبحاث والنشر، وصل عدد العرب في مدينة إسطنبول إلى الملايين وبالأخص السوريين، إضافة إلى جاليات أخرى من مصر والمغرب واليمن والعراق، لذلك كانت هناك حاجة إلى إنشاء فرع للشبكة في إسطنبول.
وتمتلك الشبكة العربية العديد من الفروع في الدول العربية، أسسها الكاتب والمثقف السعودي نواف القديمي، الذي افتتح فرعاً في إسطنبول بعد زيادة السكان العرب.
وتمثل الشبكة العربية حالة ثقافية عربية في إسطنبول وتمتلك الشبكة ما يقرب من 10 آلاف من العناوين المتنوعة من أدب وفكر وسياسة واقتصاد، في رفوف مكتبتها الواقعة في قلب حي الفاتح الشهير والقريب من جامع السلطان العثماني محمد الفاتح.
والمكتبة مكونة من طابقين وفيها صالة للقراءة وتوفر جواً لرواد المكتبات للاستمتاع بوقتهم في القراءة.

مكتبة الشبكة العربية للأبحاث والنشر فرع إسطنبول


بدوره الكاتب السوري، عبد الله الشلاح، افتتح مكتبة في حي الفاتح وسط إسطنبول، لبيع الكتب سمّاها "مكتبة الأسرة العربية".

يقول الشلاح في حديث خاص لموقع "تلفزيون سوريا"، إن الاهتمام بالمكتبات العربية في البلاد الأجنبية، وخاصة في تركيا، أمر يجب الانتباه إليه أكثر مما كان عليه في البلدان العربية، حيث تتوافر بدائل عديدة في تلك البلدان.

 ويضيف مدير مكتبة "الأسرة العربية"، أصبح الكتاب العربي بديلاً أساسياً، لتكوين الشخصية والفكر والوجدان لدى الأطفال والناشئة، خاصة أنهم يعيشون في بلاد غربية.

ويرى الشلاح أن الكتاب العربي يشكل صلة الوصل للمقيمين العرب وهويتهم العربية والتاريخية وعمقهم الثقافي، واصفاً مهنة بيع الكتب بأنها " رسالة سامية وتحمل الكثير من الإبداع والتطوير والتجديد في الأساليب والأدوات".

وليس بعيداً عن مكتبة "الأسرة العربية" افتتاح الكاتب والصحفي السوري، إبراهيم كوكي، مكتبة ومقهى للمطالعة، أطلق عليه اسم "كتاب سراي".

كوكي دفعه حبه للكتابة والكتب التي يقضي وقتاً طويلاً بينها نتيجة عمله منذ الصغر في مكتبة والده في دمشق، إلى إحياء مهنة العائلة.

رواد عرب وأتراك

ولا يقتصر ارتياد المكتبات العربية على السوريين أو العرب فقط، فهناك اهتمام من قبل الشباب الأتراك لا سيما طلاب الجامعات.

يقول مدير "كتاب سراي"، وجدت فكرة المكتبات العربية إقبالاً لدى شريحة واسعة من الأتراك، وبات لمكتبي زوار دائمون من الأتراك يرغبون الاطلاع على أحدث الكتب وبالأخص الكتب الدينية وكتب تعليم اللغة العربية.

بينما تقول إيلادا أوغلو، ناشطة تركية تعمل في مجال الصحافة، إن تزايد أعداد اللاجئين يشكل تنوعا ووجود المكتبات بلغتهم هو أمر جيد بالنسبة لهم فإيجاد كتب باللغة العربية في تركيا أمر صعب.

وتضيف أن فكرة المكتبات العربية في إسطنبول مهمة للإبقاء على جسور التواصل بين العرب المقيمين فيها وهويتهم وثقافتهم.

وفي المقابل ترى إيلادا أنه على الأجانب تعلم اللغة التركية لتسهل عليهم التعامل والتفاهم مع الأتراك.

ويقول محمد عبد العزيز إن الشبكة العربية لا تخدم القراء والطلاب العرب فقط، وإنما توفر خدماتها للطلاب الأتراك الذين يدرسون اللغة العربية أو المهتمين بالثقافة العربية لا سيما طلاب كليات الشريعة، الذين يبحثون عن الروايات والأدب.

مكتبة "كتاب سراي" للكتاب العربي في إسطنبول (تلفزيون سوريا)

الروايات وكتب الأطفال

تضم مدينة إسطنبول نحو 20 مكتبة عربية، تتفاوت بالحجم والاختصاص، ويقع معظمها في حي الفاتح الشهير، يوفر عدد منها قاعات للمطالعة.

كما تتنوع الكتب على رفوف المكتبات بين الروايات العربية والعالمية المترجمة وكتب الفكر السياسي والثقافة الإسلامية والكتب التعليمية والإنجليزية والأسرة والتنمية والتطوير والتاريخ، إضافة لقسم كتب الأطفال.

ويقول إبراهيم كوكي، تتربع الروايات العربية والعالمية المترجمة على رأس أكثر الكتب مبيعاً، وتليها كتب التنمية البشرية كإدارة المال وإدارة الأعمال والتسويق.

وتشهد هذه المكتبات إقبالاً من الشباب العربي ومحبي القراءة لأنها من أهم المصادر لصقل شخصياتهم وخاصة في الغربة وتربطهم بهويتهم.

ويقول عبد الله الشلاح، مدير مكتبة "الأسرة العربية"، يرتاد المكتبة من هم بحاجة إلى المعرفة والثقافة المتجددة ومعظمهم من فئة الشباب ومن ثم يليهم الأطفال، بسبب حاجتهم إلى مصادر ووسائل تثري لغتهم الأم وتنميها.

توفر معظم المكتبات العربية، أنواعا غنية ومتعددة من كتب الأطفال تناسب مختلف الأعمار، كالقصص الهادفة، والوسائل التعليمية، والكتب التربوية للإباء والمعلمين، وكتب التعامل مع الأطفال، بالإضافة إلى كتب تعليم اللغة التركية للأطفال.

كما تحرص المكتبات على توفير الكتب التربوية للأطفال، وتخصيص أماكن لتنظيم فعاليات للأطفال مثل أنشطة الرسم والمسابقات الترفيهية الهادفة التي تساعد الآباء في التعامل الصحيح مع أبنائهم.

المكتبات صالونات أدبية ومقاهي

تسهل معظم المكتبات نظام الشراء والإعارة لديها، وذلك بهدف مساعدة جميع الجنسيات للحصول على الكتب والاستفادة منها.

كما أضافت بعض المكتبات خدمات جديدة علاوة عن البيع والإعارة، مثل توفير قاعات مطالعة وكافيه، إذ بإمكان القارئ ارتشاف فنجان قهوة في أجواء هادئة تساعد على التركيز في القراءة، إضافة لتحول مقاهي الكتب إلى ما يشبه الصالونات الأدبية.

وتقدم المكتبات تسهيلات للطلاب، من حيث الخصومات والهدايا، عوضا عن الفعاليات والأنشطة المجانية والمتاحة للجميع التي تقوم بها بين الحين والآخر، كاستضافة الكتّاب والشعراء والندوات والأمسيات الشعرية وحفلات توقيع الكتب الجديدة.

إضافة لقاعات السينما وتنظيم المحاضرات والندوات داخل قاعات المكتبة أو عبر خدمة الفيديو (الزووم)، والعديد من النشاطات ذات الصلة.

ويقول محمد عبد العزيز المسؤول السابق في مكتبة الشبكة العربية، إن الشبكة لم تكتف بتوفير الكتب، بل نظمت العديد من الندوات والمواسم الثقافية والأمسيات الشعرية، واستضافت كتّاباً شبابا لنشر كتبهم إضافة لكتّاب معروفين في الوسط الثقافي عربياً.
كما توفر مكتبة الشبكة الكتب من الدول العربية من مصر وتونس والمغرب وغيرها، كي يتسنى للباحث العربي الحصول على آخر الكتب والإصدارات العربية.

ويقول مدير "كتاب سراي"، استضفنا شعراء عراقيين ومخرجي أفلام فرنسيين يتحدثون اللغة العربية بالإضافة إلى مخرجين فلسطينيين وعراقيين وسوريين ومصريين.

0afae6191416f941d86a9bd012aab5e9.jpg
مكتبة الأسرة العربية في حي الفاتح باسطنبول

 

تتفاوت أسعار الكتب من حيث نوع الكتاب وتصنيفه وجودته وبينما يراها البعض غالية والبعض الآخر يراها مناسبة في ظل غلاء المعيشة في تركيا بشكل عام.

ويرجع مدير مكتبة الأسرة العربية، عبد الله الشلاح، ارتفاع أسعار الكتب إلى الضرائب الحكومية وانخفاض القيمة الشرائية لليرة التركية.

ويقول الشلاح، نستورد الكتب بالدولار، ونبيع بالليرة التركية، ولكن سعر الصرف يمر بتقلبات كبيرة، إضافة إلى مصاريف الشحن والجمارك.