icon
التغطية الحية

هل الجيش الروسي مجرد نمر من ورق؟

2022.04.23 | 07:10 دمشق

دبابات روسية في أوكرانيا - المصدر: الإنترنت
دبابات روسية في أوكرانيا - المصدر: الإنترنت
نيويوركر- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال هذا الأسبوع، عن بداية ما سماه مرحلة جديدة لحرب بلاده على أوكرانيا، سيجري من خلالها التركيز  على شرقي أوكرانيا كما هو واضح، مع شن هجوم سريع متدرج مقارنة بالضربات الفاشلة التي قامت بها روسيا في أواخر شهر شباط ومطلع شهر آذار. ولقد وصف لافروف هذا التغير التكتيكي بأنه تطور طبيعي لما تسميه روسيا بالعملية العسكرية الخاصة، إلا أن ذلك لم يقم إلا بتسليط الضوء على الأخطاء السابقة في حسابات روسيا. ولفهم تلك الأخطاء التي ظهرت ضمن النهج الروسي بصورة أفضل، تحدثنا إلى جويل رايبورن، المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى سوريا، وكولونيل متقاعد من الجيش الأميركي، يشغل اليوم منصب عضو في مركز أبحاث نيو أميركا بواشنطن. وخلال حديثنا إليه، ناقشنا ما يعرفه رايبورن حول الجيش الروسي من خلال تدخله في السياسة السورية، كما تطرقنا للحديث عن أفدح أخطاء الروس في أوكرانيا، وهل أتت تلك الإخفاقات نتيجة لضعف في عملية صناعة القرار أم بسبب الفساد،

إليكم نص المقابلة كاملاً:

هل لديكم نظرية شاملة تفسر سبب ضعف أداء الجيش الروسي في أوكرانيا؟

لديهم نقاط ضعف كثيرة من حيث المنظومة والمؤسسة والتي بقيت خفية نظراً لعدم قيام الجيش بعملية واضحة على هذا النطاق من قبل، وذلك لفترة طويلة على أقل تقدير. إذ علينا أن نعود هنا للغزو الروسي لجورجيا في عام 2008، لنجد ما يقترب من حجم هذه الحرب التي يخوضونها اليوم. بالرغم من عدم نجاحهم في تلك الحرب، وذلك بسبب ظهور النوع ذاته من المشكلات حينذاك، والتي تتمثل بتشتت القيادة، ونقاط الضعف اللوجستية، وضعف التدريب والتحفيز، وعدم قيادة الجنود بطريقة جيدة، وضعف كفاءة فيالق الضباط، وكذلك الأمر بالنسبة للتخطيط للحملة وللقدرة على التخطيط بالأساس، فضلاً عن ضعف الاندماج فيما بينها وبين الجهات المسلحة، ويشمل ذلك المزامنة في توقيت العمليات الجوية والبرية.

يذكر أنهم لم يقوموا بأي من تلك الأمور على أكمل وجه في جورجيا، ثم شرعوا بما يفترض أنه برنامج إصلاحي، قاده خلال السنوات الأخيرة الجنرال فاليري جيراسيموف ووزير الدفاع سيرغي شويغو. لذا كان من المفترض أن يقوم كل منهما بإعادة تنظيم الجيش، والتغلب على كل نقائصه. وفي الوقت الذي كان فيه برنامج الإصلاح سارياً، قام الجيش الروسي بتنفيذ عمليات في سوريا، وفي ليبيا والقوقاز، وأبدى فعاليته في تلك العمليات. ولكننا باطنياً ندرك بأن تلك العمليات كانت صغيرة جداً، لأنهم لم يضطروا لإرسال أكثر من بضعة آلاف إلى سوريا للتناوب على تلك العمليات خلال فترة معينة. ولهذا بدا الجيش الروسي وكأنه قادر على تنفيذ تلك الخدمات اللوجستية والتزود بالإمدادات، والتخطيط والدمج بين العمليات الجوية والبرية اللازمة بالنسبة لحجم الحرب في سوريا. ولكن عندما اضطروا إلى توسيع نطاق الحرب التي أصبحت أكبر وأوسع بنحو أربعين مرة من حجم الحرب ونطاقها في سوريا، عندها ظهرت كل نقاط الضعف تلك وهذا ما أصابنا بصدمة حقيقية.

قمتم بتعداد مجموعة من الأمور، ولكن برأيكم ما هي أهم الإخفاقات التي مني بها الجيش الروسي في أوكرانيا؟ وكيف ظهرت تلك الإخفاقات بشكل محدد؟

أرى أن التخطيط للحملة بالمجمل كان معطوباً منذ البداية، فقد كان عدد القوات التي شنت الغزو ضئيلاً بالنسبة لهذه المهمة، ولنمر هنا على تلك الأعداد بالتوالي، أعني أعداد قطعات القتال، والتشكيلات القتالية التي أرسلوها إلى ساحة المعركة. فقد كان الهدف من تلك المهمة هو تقطيع أوصال أوكرانيا وتغيير النظام في كييف بالمقام الأول، إلا أن القوات التي تم إرسالها كان عددها صغيراً وغير كافٍ لتحقيق هذا الهدف.

كما لم يكن لديهم ما يكفي من الخدمات اللوجستية المتوافرة لدعم ذلك العدد من القوات أيضاً، وهكذا بدا الجيش الروسي وكأنه غير قادر على دعم مجموعة صغيرة من القوات توغلت داخل أراضي العدو، لذا كان عليها أن تحمل معها خدماتها اللوجستية الخاصة بها، والتي تشمل التزود بالذخيرة والمواد الغذائية والماء والوقود وقطع الغيار، والقوات البديلة، وكل تلك الأمور.

هل تعتقدون بأن هذا الإخفاق أتى نتيجة لعدم قدرتهم على القيام بذلك، أم بسبب سوء تقدير لما قد يحتاجونه هناك؟

هنالك حالات سوء تقدير كثيرة، ولكن لم تكن لديهم القدرة على القيام بذلك على مستوى المؤسسة. لذا فإن ما نراه اليوم هو بكل بساطة عدم قدرة المؤسسة على دعم العمليات الهجومية بعد التوغل في أرض العدو، إلى جانب عدم قدرتها على تقديم الدعم للقطعات العسكرية أو تأمين الدعم القتالي على كل النواحي، سواء من ناحية الدعم المدفعي أو الجوي أو الدفاع الجوي. وبوجود قاعدة ضعيفة بالأصل للخدمات اللوجستية، كان من الخطأ الفادح بالنسبة لهم تقسيم عملية الهجوم الرئيسية إلى أربعة محاور أساسية لأنها تعرضت للتشتت والتفرقة على المستوى الجغرافي. إذ لم تتوافر لديهم شاحنات كافية، وكذلك الأمر بالنسبة للخدمات اللوجستية المخصصة للحملات العسكرية. ولهذا أصبحت القوات بحاجة للتزود بالإمدادات من قواعد الخدمات اللوجستية، ولم تكن لديها قواعد لوجستية في أوكرانيا، أي الدولة التي يقوم هذا الجيش بغزوها. ولهذا تعين على الجيش الروسي الاعتماد على قواعد الخدمات اللوجستية الموجودة في روسيا وبيلاروسيا، مع العمل على نقل تلك الخدمات معهم أينما ذهبوا، وهذا ما كانوا يفعلونه في الحرب العالمية الأولى، إذ وقتها كانوا يتمنون لو كانت لديهم سكك حديد ومحطات بوسعهم نقل كل شيء منها عبر القطارات ليصل إلى منطقة العمليات. ولكن لم يتوافر لهم كل ذلك اليوم، وذلك لأن السكك الحديدية التي تصل لأوكرانيا معطلة، ولهذا نقلوا كل شيء بوساطة الشاحنات. ولم يكن لديهم ما يكفي من الشاحنات في الجيش بكامله حتى يتم نقل كل شيء بوساطة الشاحنات طوال الوقت. من الواضح بعد ذلك بأن الأوكرانيين دمروا أو عطلوا تلك الشاحنات، ولهذا لم يعد بمقدور الروس إرسال الإمدادات التي تحتاجها القطعات التي تم إرسالها في البداية لتبقى على قيد الحياة.

برأيك ما هو الشيء الآخر الذي لا بد من التشديد عليه هنا إلى جانب الخدمات اللوجستية؟

هنالك جوانب تتصل بالنوعية والجودة، إذ قبل أن تتجاوز الأمور اللوجستية والتخطيط للحملة، عليك أن تسأل نفسك: ما شكل قيادة الأركان التي خططت حملة بهذا الشكل؟ إذ إنها قيادة أركان لا تعرف ما الذي تفعله، ولم يسبق لها أن قامت بهذا العمل من قبل، كما أنها لا تعرف كيف تقوم بهذا العمل حقاً. وهنا تظهر بعض الأمور التي لا بد وأن ننتبه إليها، بعد ذلك علينا أن ننتقل للجوانب التي تتصل بالجودة والنوعية لدى القوات المسلحة التي أخذت تقود الشاحنات إلى أوكرانيا، إلا أن تلك الشاحنات تعطلت لأنها قديمة، بسبب ضعف عملية الصيانة، أو عدم إجراء أي صيانة لتلك المركبات على الإطلاق، ومع ذلك قامت تلك القوات باستخدامها، بالرغم من أنها لا تعرف كيف تقوم بتشغيلها أو صيانتها. ولهذا السبب تعطلت كثير من تلك المركبات وتركت على قارعة الطريق، وهذا ما يشرح لنا كل شيء، ومن ذلك مثلاً أن الجيش الروسي لديه قطعات لا تقوم بعمليات الصيانة بشكل جيد، طوال سنوات أو ربما أكثر. كما أنهم لم يتلقوا تدريبات على الأمور الميكانيكية أو على طرق إصلاح المركبات عند تعطلها في أثناء الاستخدام، فضلاً عن عدم وجود قطعات صيانة جاهزة في أثناء العمليات القتالية بوسعها إعادة تشغيل المركبات المعطلة، أو استعادتها أو إخلائها من مناطق الجبهة وإيداعها في أماكن يمكن إصلاحها فيها، أو حتى إبعادها عن الطريق حتى تتمكن بقية الأرتال العسكرية من مواصلة سيرها.

 فقد شاهدنا صوراً ومقاطع فيديو لشاحنات معطلة ركنت على قارعة الطريق، وتبدو بحالة جيدة ولا شائبة تشوبها، ولكنها على ما يبدو تعاني من مشكلة تسريب للسوائل من إطاراتها أو أنها توقفت بسبب عطل في المحرك، وهذا ما يرجح بقاء تلك الشاحنات في مكانها لأشهر أو سنوات، دون أن يقوم أحد بتشغيل محركاتها، أو استبدال حشوات إطاراتها. وهنا علينا أن نفكر بالمركبات الثقيلة وكل نظم التعليق والثبات، ونظم الهيدروليك، وغير ذلك من الأمور. إذ خلال منتصف تسعينيات القرن الماضي، كنت في قطعة المصفحات بألمانيا مع الجيش الأميركي، حيث كنا نداوم خمسة أيام في الأسبوع، نمضي أربعة منها ونحن ضمن أسطول المركبات، حيث نقوم بعمليات الصيانة للمركبات المتوافرة لدينا، لأنها كانت بحاجة لصيانة مكثفة.

بعد ذلك تأتي نوعية المعدات التي ظهرت في ساحة المعركة. إذ يقوم الروس بتصدير دبابات تي-90 والتسويق لدبابات آرماتا، التي تعتبر أحدث جيل يشتمل على كل الميزات المعروفة. ثم أتى الجيش الروسي إلى ساحة المعركة على محور التقدم نحو خاركيف وتشيرنيهيف وكييف على متن مركبات قتالية مصفحة غير محدثة تعود لحقبة الحرب الباردة، وذلك بالنسبة لمركبات المشاة ودباباتهم، فبدت القوات الروسية وكأنها نفضت غبار السنين عن تلك المركبات وأخرجتها من بين الكرات المضادة للعث (النفتالين) بعد تخزينها لسنين طويلة، إذ يبدو بأن الصناعة العسكرية الروسية معدة للتصدير بدلاً من تزويد القوات البرية الروسية بتلك المعدات المتطورة.

هل بوسع الجيش الروسي أن يقول في معرض دفاعه عن نفسه بإن مشروع التحديث العسكري الذي قام به يتصل بنوع من الحروب يختلف عن الحرب الدائرة في أوكرانيا؟ أم هل تعتقد بأن الإخفاق وصل لما هو أبعد من ذلك؟

أعتقد أنه أبعد من ذلك، إذ يبدو أن إحدى أولويات مشروع التحديث لديهم كانت نظم الدفاع الجوي، والذخائر الموجهة بدقة، والتي يتم حملها بوساطة الطائرات أو عبر صواريخ أرض-أرض، وكذلك الأمر بالنسبة للصواريخ الباليستية. إلا أن كل ذلك مني بالفشل. إذ هنالك مسيرات تركية الصنع تحلق فوق نظم الدفاع الجوي الروسية وتدمرها من الجو، وكان من المفترض ألا يحدث كل ذلك، ولهذا لا أقتنع بكل هذا الكلام، وذلك لأنه حتى الأمور التي قاموا بتحديثها بدت أشبه بأوهام، ولذلك من الصعب علي أن أقتنع بأنهم أنفقوا خمسين أو ستين أو سبعين مليار دولار سنوياً على تحديث تلك القوات، دون أن يقوموا بتحديث أسطول دبابات تي-72 لديهم أو إحالته إلى التقاعد بعد خمسة عشر عاما على انطلاق تلك العملية. ولهذا أرى بأن أهم نتيجة لوجستية هي أن جزءاً كبيراً من تلك الميزانية تبخر بسبب الفساد.

يبدو أن الجميع قد صدم بحجم المقاومة التي أبدتها أوكرانيا، وخاصة في الولايات المتحدة، ويبدو أن الروس فوجئوا بذلك هم أيضاً، فهل دافع الأوكرانيون عن أنفسهم بطريقة لم يتوقعها أحد منهم؟

أجل، وذلك أحد الأسباب، ولكني لست بخبير بالنزاع الروسي-الأوكراني القائم قبل الحرب، ولكن يبدو بأن الشعب الأوكراني بقي يتعرض لهجمات من قبل الروس ووكلائهم منذ عام 2014. إلا أن أداءهم لم يكن سيئاً، وذلك لأنهم طوروا إمكانياتهم منذ ذلك الحين، ولذلك يجب ألا يكون ذلك بمنزلة مفاجأة كبيرة، وأعني بذلك قدرة الأوكرانيين على القيام بأمور تمرسوا على القيام بها في الدونباس طوال ثماني سنوات في أجزاء أخرى من أوكرانيا.

هل ثمة خطة عسكرية مختلفة أكثر فعالية برأيكم؟

 لا، إذ عليك أن تحدد الهدف الرئيسي، وأن تخصص المجهود الأساسي، ولهذا أعتقد أن الجميع افترض أن تكون كييف هي الهدف الرئيسي وتم تخصيص المجهود الأساسي من أجلها، لذا كان كل شيء آخر قاموا به خارج عملية التقدم نحو كييف مجرد مجهود داعم، كما لم يستعينوا بفكرة الاقتصاد في استخدام القوة، وهنا لا أرغب بالحديث عما كان يجب عليهم فعله أو اجتنابه، لأن الأجدر بهم عدم شن ذلك الغزو بالأساس، ولكن إن كان ولا بد، أعتقد بأنهم توقعوا بأنهم سيستخدمون أفضل معداتهم وأفضل قطعاتهم وإمكانياتهم اللوجستية كلها في كييف، ولكنهم لم يفعلوا كل ذلك كما هو واضح.

هل لديكم فكرة عما فعلوه بتلك الإمكانيات؟

قاموا بنقلها إلى الجبهات الأربع المختلفة، ومن ثم رموها بعدما تعطلت. فالجيش الرديء تصله أوامر ليقوم بأعمال غبية، حيث أرسلوا القطعات المصفحة لتتمشى على الطرقات دون فحص المشاة ودون طائرات استطلاع أو تغطية جوية، وعندها تمكن الأوكرانيون من تحديد مواقعهم واستهدافهم بالأسلحة المضادة للدبابات. ولهذا لم يكن الأمر مفاجئاً. فقد أرسل الروس بعضاً من قطعات النخبة جواً، ودفعوا بها للهجوم على أحد المطارات، وكان من المفروض أن يستولوا على ذلك المطار حتى يصلهم مزيد من القوات البرية جواً وعلى عجل، إلا أن منظومة الاتصالات الآمنة لديهم تعطلت منذ اليوم الأول، ولهذا أخذوا يعتمدون على أبراج الهواتف الخلوية الأوكرانية منذ ذلك الحين.

ثمة فرق بين محاولة تحديث جيشك وتطويره وتعيين الشخص الخطأ ليقوم بذلك، وبين عدم تعيين أي شخص لأداء تلك المهمة، مع تسرب الأموال بسبب مخطط قائم على الفساد، إذ يبدو الانتقاد مختلفاً مع كل حالة من هاتين الحالتين، فما الذي كان يحدث برأيكم؟

يبدو أن الضباط الروس كانوا يحصلون على ترقيات بناء على المحسوبيات لا بناء على إمكانياتهم وقدراتهم العسكرية، إذ سبق لي أن اطلعت على ذلك عندما كنت أشتغل على الملف السوري لدى وزارة الخارجية الأميركية، حيث كنت أقابل الجنرالات والكولونيلات أنفسهم الذين تورطوا في الحرب الأوكرانية. وإننا نعرف أسماء كثيرين بينهم، وعلى رأسهم الجنرال ألكساندر دفورنيكوف الذي تم تعيينه ليكون القائد الشامل للحرب اليوم. وقد بدا لي بأن تركيزهم في سوريا لم يكن منصباً على العمليات العسكرية الفعالة، بل على محاولة الحصول على مكاسب، أن محاولة كسب الغنائم لأنفسهم من قبل النظام السوري أو من قبل غيره من الجهات الفاعلة الأخرى، ومن ثم استخدام سوريا كحقل تجارب لنظم الأسلحة. إلا أن تخطيطهم في سوريا لم يكن بارعاً وكذلك الأمر بالنسبة لعملية اتخاذ القرار، وذلك لأن جيشهم رديء وكذلك قيادته، فضلاً عن خدماتهم اللوجستية الضعيفة، ولعل السبب في ذلك يعود للفساد في المقام الأول.

يبدو وكأننا انتقلنا لمرحلة مختلفة من الحرب بالنسبة لروسيا، إذ أصبحت روسيا تركز على الشرق بصورة أكبر، وتحاول أن تطبق أسلوباً أكثر منهجية من الأسلوب الذي اتبعوه في بداية الأمر. فهل لديكم أي فكرة حول شكل المرحلة الجديدة وهل من المرجح لها أن تنجح برأيكم؟

لقد أتت خسائرهم بأرقام فلكية، أي أن قطعاتهم تعرضت لضربة موجعة، أما لوجستياتهم فضعيفة، وكذلك الأمر بالنسبة لقيادتهم ولجنودهم الذين كان تدريبهم وتحفيزهم سيئاً. ولهذا لا أعتقد بأن تلك القوات التي هزمت في الشمال على مدار الأسابيع الستة الأولى من هذه الحرب بوسعها أن تتحول فجأة إلى قوة قادرة على القيام بما يجب عليها أن تقوم به، سواء في شرق أوكرانيا أو في جنوبها الشرقي.

وليست لدي أي معلومات خاصة حول هذا الموضوع، ولكن من الواضح بأنهم قللوا تلك العمليات حتى يتسنى لهم التركيز على الدونباس وساحل البحر الأسود، ولكن القوات التي أرسلوها إلى هناك، أي تلك القوات التي استطاعوا تخليصها من الشمال، لن تصبح فعالة فجأة، ولذلك لا أعتقد أنها ستنجح في مسعاها، كما أن هنالك المشكلات ذاتها التي تتصل بتلك المؤسسة، إذ علينا أن نفكر هنا بتجميع قوات للغزو قوامها 190 ألف مقاتل، ونقلها هي والمعدات التي تحتاجها من روسيا إلى أوكرانيا، أي يجب أن تكون تلك القطعات مجردة وكذلك الأمر بالنسبة للجنود والمعدات والذخائر، حتى يتسنى تجميعها لتتحول إلى قوة غازية. إذن ما الذي تركوه من احتياطي استراتيجي؟ لا يمكن أن يكونوا قد تركوا كثيرا، كما أنني لا أستطيع أن أستوعب كيف بوسعهم الحفاظ على كل تلك الجهود. فالقطعات التي دمرت في الشمال، لا يمكن لفلولها أن تعيد تنظيم نفسها بطريقة سحرية لتتحول إلى قطعات فاعلة وهي في طريقها من بيلاروسيا إلى جنوب شرقي أوكرانيا.

هل هناك ما يقلقكم بشأن احتمال استخدام الروس لشيء أشد إفراطاً في حال عدم جاهزية جيشهم أو عدم تمكنه من تحقيق أهدافهم؟

ما رأيناه هو آلة عسكرية روسية لا يمكنها خوض مواجهة مع أي قوة من قوى حلف شمال الأطلسي، أي أن أي تصعيد قد يُفضي إلى مواجهة مع حلف شمال الأطلسي قد يكون بمنزلة انتحار بالنسبة للروس، الذين لا أرى أنهم على استعداد للتحول إلى قوة انتحارية، وهنا ما علينا إلا أن نتخيل تلك القوة الغازية وهي تصطدم مع بولندا بدلاً من أوكرانيا، عندها ستكون الإصابات والخسائر أعلى بكثير مما نراه اليوم، إلا أن تلك القوة الغازية لا بد وأن تمحى عن بكرة أبيها عندئذ.

  

المصدر: نيويوركر