icon
التغطية الحية

هجرة ثانية وبداية جديدة.. كيف يعيش السوريون المنتقلون من تركيا إلى مصر؟

2024.04.26 | 05:31 دمشق

آخر تحديث: 26.04.2024 | 05:35 دمشق

23452345
تشير مفوضية اللاجئين إلى أن عدد السوريين في مصر زاد على 153 ألف شخص في نهاية عام 2023، من دون احتساب حملة الإقامات
إسطنبول - خالد حمزة
+A
حجم الخط
-A

قادماً من تركيا، وصل الشاب السوري باسم إلى مصر، حاملاً طموحا عالياً ببداية جديدة مع سوريين آخرين اتخذوا قرار الانتقال لأسباب عديدة، كأيهم الذي تعيش خطيبته في سوريا ولم تستطع الحصول على فيزا للقدوم إلى تركيا، فقرر الانتقال للعيش في مصر ولقاء خطيبته هناك، وأحمد الذي يخطط لشراء منزله الخاص والعيش فيه مع أسرته.

ظروف أيهم مثال عن كثير من السوريين قرروا مغادرة تركيا لأسباب معظمها متشابهة، وكانت مصر الوجهة الأكثر تفضيلاً للاستقرار، فالوجود السوري في تركيا لم يعد مبررا لدى نسبة كبيرة من المواطنين، وزجت المعارضة بهذا الملف في المعاركة السياسية التي لها مواسمها وآخرها الانتخابات البلدية، وما سبقها من فورة معادية قبيل الانتخابات الرئاسية.

تقول مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عدد السوريين المسجلين مع المفوضية في مصر ارتفع في مصر من 12,800 شخص في نهاية عام 2012 إلى أكثر من 153,000 شخص في نهاية عام 2023. ولا يشمل هذا العدد السوريين حملة الإقامة السياحية أو إقامة الدراسة ومرافقيهم.

بينما تشير التصريحات المصرية الرسمية إلى وجود نحو 9 ملايين مهاجر ولاجئ يعيشون في مصر من نحو 133 دولة، ويشكل هذا الرقم نحو 8.7 بالمئة من حجم سكان مصر الكلي.

فرصة للعودة إلى مقاعد الدراسة

ألِفَ باسم (25 عاما)، الجلوس في القهوة الشعبية بالقاهرة مساء عند انتهاء عمله. صحيح أنه كان قد اعتاد نمط حياته السابقة في تركيا، لكنه لا يرى ضيراً من الانطلاق مجددا في مكان آخر.

وكان باسم (اسم مستعار) قرر السفر إلى مصر علّه يستطيع العودة إلى مقاعد الدراسة التي تركها في سوريا بسبب ظروف الحرب، ولم يستطع الدراسة في تركيا بسبب فروق اللغة وضرورة أن يكون تعليمه مؤسسا باللغة التركية منذ البداية كما أن ساعات عمله الطويلة كانت حاجزا أمام طموحه.

وعزم أيضا على البحث عن فرصة عمل في مصر ترتكز على اللغة التركية التي أتقنها خلال عمله بإسطنبول، واستطاع بعد جهد العثور على وظيفة مترجم مع شركة تجارية تركية كانت سابقا تستقدم موظفاً تركيا يجيد العربية إلى مصر، لكنها مع باسم وفّرت كثيرا من المصاريف.

ولا يفكر حالياً في التخلي عن هذه الوظيفة لأنه توصل من خلال عملية البحث عن العمل في الأيام الأولى من قدومه إلى أنّ فرص العمل في مصر ضعيفة.

وعن تقييمه لعملية البحث عن فرص عمل في مصر بالمقارنة مع تركيا، يقول باسم إن توفر فرص العمل تظل أكبر في تركيا ويمكن للسوري في تركيا العمل في مجالات أوسع من مصر لافتا إلى أن الحد الأدنى للأجور في تركيا هو 17 ألف ليرة تركية (ما يقارب 530 دولار أميركي) بينما في مصر الأجور قد لا تتجاوز 250 دولار.

وقدر عدد من السوريين المقيمين في مصر لموقع تلفزيون سوريا أن متوسط المعيشة في البلاد يبلغ ثلث المتوسط في تركيا، مشيرين إلى أن فرص العمل متوفرة في إسطنبول والتي تشهد منذ عامين تشديداً مكثفاً على أوراق السوريين، والذين انتهى عدد كبير منهم مرحلين للشمال السوري لأنهم يحملون وثيقة حماية مؤقتة صادرة عن ولاية أخرى.

شروط الحصول على إقامة في مصر

هناك عدة أنواع للإقامة في مصر أكثرها شيوعاً السياحية وإقامة الدراسة، ويحتاج السوري للحصول على الإقامة السياحية إلى جواز سفر ساري الصلاحية مع عقد إيجار مصدّق من الشهر العقاري، إضافة إلى إيصال كهرباء حديث، تقدم جميعها إلى إحدى دوائر إدارة الهجرة.

كما يستطيع السوري الحصول على حق اللجوء (ما يعرف بين السوريين بالكرت الأصفر) عن طريق مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة - وهذا ما اختاره باسم - على اعتبار أنها لا تتطلب عند تجديدها وجود جواز سفر ساري الصلاحية.

وتبلغ مدة الإقامة القانونية للإقامة السياحية أو الكرت الأصفر نحو 6 أشهر يمكن تجديدها، وفي حال التأخر عن التجديد يضطر السوري لدفع غرامة تحدد نظراً إلى عدد أشهر التأخير.

فرصة لتملك منزل

أما الشاب أحمد (اسم مستعار) المنحدر من ريف دمشق، والذي يعمل عن بعد في مجال البرمجة فقد جاء إلى مصر من تركيا لسبب مختلف عن مواطنه باسم وهو تملك منزل يقيم فيه مع أسرته الصغيرة للتخلص من مشكلات الإيجار.

فبالرغم من أوضاع أحمد المادية الجيدة ودخله المرتفع، فإنه لم يستطع شراء منزل في تركيا بسبب قانون المعاملة بالمثل الذي يمنع السوريين من تملك العقارات. كما أن خيار تأسيس شركة تجارية وشراء منزل وتسجيله باسم الشركة أيضا خيار مستبعد بالنسبة له بسبب التعقيدات الإدارية لهذا الإجراء والمصاريف الشهرية التي سيتوجب عليه دفعها عن الشركة المؤسسة.

وجاء الارتفاع الكبير في إيجارات الشقق في تركيا تزامنا مع التضخم كدافع آخر لاتخاذ قراره بالانتقال إلى مصر وشراء منزل له ولأسرته هناك والبدء من جديد في ذلك البلد. ولا يرى أن البداية هذه ستكون معقدة فأسرته تتكون من زوجته غير عاملة وطفلة صغيرة فقط، وعمله لا يعتمد على وجود مكتب في مكان محدد.

واستطاع أحمد، بمساعدة بعض أصدقائه، شراء منزل في مجمع سكني (كمباوند) في منطقة راقية على أطراف العاصمة المصرية بمبلغ لا يتجاوز 40 ألف دولار أميركي وهو رقم جيد مقارنة بمبلغ الإيجار الشهري المرتفع الذي كان يسدده في تركيا.

بحسب التقديرات، يبلغ متوسط أسعار المنازل في العاصمة المصرية القاهرة 35 - 50 ألف دولار أميركي، وهذا المبلغ أعلى بقليل من ثمن سيارات الطبقة المتوسطة في تركيا، في حين يبلغ متوسط أسعار المنازل في إسطنبول التركية 100 - 130 ألف دولار.

ويتشابه الفارق بين البلدين في ثمن إيجارات المنازل، حيث يبلغ متوسط الإيجارات في إسطنبول 300 - 400 دولاراً أميركياً، وفي القاهرة 150 - 200 دولاراً أميركياً، وبالنسبة للسوريين فلا يمكنهم السكن في أي مكان يناسبهم، فعلى سبيل المثال 85% من أحياء إسطنبول مغلقة في وجههم.

 

 

فرصة للم الشمل

يهدف الشاب السوري أيهم (اسم مستعار) من انتقاله من تركيا لمصر إلى لم شمله بالفتاة التي ارتبط بها وخطبها منذ 3 سنوات ولم يحالفه الحظ بلقائها في تركيا.
وقرر في سبيل ذلك أن يضحي بعمله في تركيا وأن يبدأ مجددا من مصر، فقد عانى في خطبته الأولى عندما ارتبط أيضاً بفتاة تعيش في سوريا وحاولت الحصول على فيزا ولم تنجح فقررت خطيبته الانفصال.

ويمكن للسوري السفر إلى مصر عند الحصول على موافقة أمنية وهي المعادل للفيزا تستخرج مع مكاتب سياحية وتبلغ تكلفة الموافقة نحو 1300 دولار وتحتاج نحو 15 يوماً حتى تصدر.

عدد السوريين في تركيا

وكانت إدارة الهجرة التركية قد كشفت في بيانات أصدرتها في 4 نيسان الجاري، عن انخفاض ملحوظ في أعداد اللاجئين السوريين في البلاد خلال الشهرين الأخيرين.

وبحسب الإحصائية الصادرة من إدارة الهجرة التركية، فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في جميع أنحاء البلاد، 3 ملايين و120 ألفاً و430 شخصاً.

ومقارنةً مع آخر إحصائية أصدرتها دائرة الهجرة بتاريخ الـ22 من شباط الفائت، يتبيّن أن عدد السوريين في تركيا قد انخفض في أقل من شهرين بمقدار 39 ألف لاجئ تقريباً، حيث كان عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في الإحصائية السابقة  3 ملايين و158 ألفاً و724 شخصاً في عموم الولايات التركية.

وتوقفت عملية تجنيس السوريين استثائياً في تركيا منذ ما يقارب العام، في حين حصل عليها قبل ذلك 238 ألف سوري.