هاكان فيدان والملفات الأربعة

2023.06.14 | 07:21 دمشق

هاكان فيدان والملفات الأربعة
+A
حجم الخط
-A

لا أظن أن أحداً سواء في الداخل التركي أو خارجه لم يسمع عن تلك الشخصية التي طالها كثير من القصص والحكاية منذ عقد حتى الآن، وزادت تلك القصص بشكل خاص بعد الانقلاب الفاشل على الرئيس التركي أردوغان عام 2016، إنه هاكان فيدان تلك الشخصية التي انتقلت من العمل الصامت إلى العمل المليء بالتصريحات واللقاءات العلنية، إنه وزير الخارجية التركي الجديد.

لا شك أن تعيين شخصية بهذا الحجم على هرم الخارجية التركية هدفه تحصيل مكاسب كان قد بدأ بها سابقه مولود جاويش أوغلو، وخاصة أن هذا الرجل على دراية كافية بكل الملفات، صغيرها قبل كبيرها ولذلك المفاوضات معه لن تكون سهلة أبداً، ولعل المرحلة القادمة ستهتم بملفات أربعة تشغل أولوية عند الرئيس أردوغان لاعتبارات عدة أساسها الاقتصاد والأمن، وهي الملف الروسي والخليجي والسوري والمصري.

يعتبر الملف الروسي من أهم الملفات الدقيقة والحرجة لتركيا في فترة حكم الرئيس أردوغان، فكلا البلدين يتمتعان بعلاقات ثنائية ممتازة علاوة على تشابك مصالح الطرفين في ملفات أخرى على الصعيدين الأمني والاستراتيجي مثل الملف السوري والأوكراني والليبي وغيره، ولذلك ومن أجل ضمان استمرارية سياسة أردوغان لا بد من تعيين شخص ملم بكل تفاصيل العلاقات الروسية التركية، بل إنه أحد مهندسيها عندما كان رئيساً للاستخبارات التركية، وبعد التطورات المقلقة في الحرب الروسية الأوكرانية أصبحت تركيا بحاجة أكبر لإقامة توازنات دقيقة بينها وبين الغرب الذي يحارب روسيا عبر الدعم الكامل لأوكرانيا.

العلاقات الخليجية التركية آخذة بالتزايد وخاصة على الصعيد الاقتصادي، وبعد التفاهمات السعودية الإيرانية أخذت المنطقة مساراً آخر نحو الهدوء والاستقرار الذي سيسهم بالنمو الاقتصادي

أما الملف الخليجي فلا يقل أهمية عن سابقه الروسي، فالعلاقات الخليجية التركية آخذة بالتزايد وخاصة على الصعيد الاقتصادي، وبعد التفاهمات السعودية الإيرانية آخذت المنطقة مساراً آخر نحو الهدوء والاستقرار الذي سيسهم بالنمو الاقتصادي، وهذا ما تسعى إليه تركيا لتحسين الوضع الاقتصادي السيئ الذي تمر به من تضخم وتراجع لليرة مقابل الدولار، إضافة لما وعد به الرئيس أردوغان من تحسين للوضع الاقتصادي واستجلابه السيد محمد شيمشك ليقود دفة الاقتصاد التركي، الذي يحتاج لعلاقات سياسية ناجحة تضمن له قطف ثمار التحسن الاقتصادي الذي يسعى له، وتعتبر دول الخليج العربية من أهم المستثمرين في تركيا.

ولا يختلف اثنان على أن الملف السوري كان الملف الأكبر في السجالات الانتخابية بين كل المرشحين للانتخابات الرئاسية في تركيا، وأن قضية اللاجئين السوريين باتت قضية ملحة على الرئيس أردوغان بعد فوزه بجولة الإعادة، ولو أضفنا على ذلك ملف قسد الذي يقلق تركيا أمنياً وسياسياً بعد الخلاف الواضح بينها وبين واشنطن حول قسد، والتعاون الأميركي غير المرحب به معها من قبل تركيا التي تدرك جيداً أن ماراثون المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية سيكون طويلاً، ولا يوجد أفضل من السيد هاكان فيدان لخوض غمار هذه المفاوضات، وأيضا في نفس الوقت مع دمشق التي رسم خطوط التقارب الأولية معها هو بنفسه.

نظراً لتمتع الطرفين بخواص مشتركة كعدد النفوس الكبير وإشراف كلا البلدين على قارتين وقناتين مائيتين مهمتين، يجعل فوائد التقارب أكبر بكثير من أي خلاف بينهما

ورابع الملفات وهو الملف المصري الذي بات يوماً بعد يوم أكثر أهمية وأكثر ضرورة، وخاصة أن مصر عقدة الحل والربط في العديد من الملفات الهامة لأنقرة في المنطقة، كالملف الليبي والسوداني واليوناني وحتى الخليجي، وبالطبع العكس صحيح لمصر وخاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية العسكرية في الداخل السوداني وملف سد النهضة في أثيوبيا، ونظراً لتمتع الطرفين بخواص مشتركة كعدد النفوس الكبير وإشراف كلا البلدين على قارتين وقناتين مائيتين مهمتين، يجعل فوائد التقارب أكبر بكثير من أي خلاف بينهما، ولعل هذا الملف أول ما سيباشر به السيد هاكان في أيام عمله القادمة التي ستظهر الكثير من النتائج الإيجابية التي ينتظرها الجميع في الداخل والخارج التركي.