icon
التغطية الحية

نيويورك تايمز: الحرب وتغير المناخ يدمران الأراضي الزراعية في سوريا

2022.02.20 | 11:58 دمشق

ntanta.jpg
الجفاف في سوريا (نيويورك تايمز)
ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أوردت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريراً مطولاً سلّطت فيه الضوء على الأراضي والمحصولات الزراعية التي تشهد تدهوراً متسارعاً من جراء الجفاف واستمرار الحرب، بالإضافة إلى الفقر الذي يعاني منه أبناء محافظات شمال شرقي سوريا التي كانت تعرف سابقاً باسم "سلة الخبز في سوريا".

ويصف التقرير حال المخبز الآلي في مدينة الحسكة، وهو الأكبر في المحافظة، فيقول إن الخبز نفسه قد تغيّر عما كان في السابق. إذ إن تغير المناخ قد أثر على مكونات الخبز التقليدي (المرقّد) الذي كان يصنع من القمح الخالص، أما اليوم فصار دقيق القمح يُمزج بدقيق الذرة ليتحول لونه إلى أصفر باهت بدلاً من الأبيض التقليدي.

يقول مدير المخبز "ميديا ​​شيخو" إن هذه التجربة الجديدة "بدأناها قبل ثلاثة أو أربعة أشهر، فلتجنّب نقص الخبز كان علينا خلطه بالذرة." بينما يعلّق "خضر شعبان" (48 عاماً) بالقول: "نحن نطعم الذرة للدجاج. هل نحن دجاج؟".

في ذلك المخبز، يضيف التقرير، تلوح في الأفق صورة باهتة لرئيس النظام السابق حافظ الأسد فوق الآلات القديمة وسلاسل الحديد المتشابكة لخط الإنتاج. أما في الخارج، فينتظر طابور طويل من العائلات والرجال المعاقين أكياس الخبز المرقد المدعوم، الذي يباع بنحو ربع سعر السوق.

 

ننت.jpg
مخبز الحسكة الآلي (نيويورك تايمز)

 

في تلك المنطقة التي مزقها تنظيم "الدولة" والنزاع المسلح ، أدى جفاف التربة والأنهار إلى جعل الاستقرار أكثر خطورة. ويمكن رؤية نتائج تغير المناخ ببساطة من خلال خبز المدينة اليومي.

نصف سكان سوريا لا يملكون ما يكفي من الغذاء

في جميع أرجاء سوريا، أفاد برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في الصيف الماضي بأن ما يقرب من نصف السكان ليس لديهم ما يكفي من الغذاء، وهو رقم من المتوقع أن يرتفع إلى أعلى في هذا العام.

وترك المزارعون العديد من الحقول لعدم قدرتهم على شراء البذور أو الأسمدة أو الديزل لتشغيل مضخات المياه لتعويض انخفاض هطل الأمطار في السنوات السابقة. ويقول مزارعون ومسؤولون حكوميون ومنظمات إغاثة إن القمح الذي يزرعونه أقل جودة ويباع بسعر أقل بكثير مما كان عليه قبل الجفاف الحالي قبل نحو عامين.

وبحسب التقرير، فإن منطقة شمال شرقي سوريا شبه المستقلة، والتي تحتاج بشدة للحصول على السيولة وعلاقات مستقرة مع النظام، تبيع كثيرا من محصولها من القمح لحكومة الأخير، مما يترك القليل لسكانها.

جفاف الأنهار

منذ آلاف السنين، رعى نهر الفرات وأكبر روافده (الخابور) الذي يمر عبر محافظة الحسكة، بعض أقدم المستوطنات الزراعية في العالم. لكن الأنهار أصبحت تجف. وتقول وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، إن الجفاف الذي بدأ في عام 1998 هو الأسوأ الذي شهدته بعض أجزاء الشرق الأوسط منذ تسعة قرون.

 

نتنتت.jpg
جفاف الخابور (نيويورك تايمز)

 

اليوم، تظهر آثار الجفاف بوضوح في مدينة الشدادي الصغيرة على بعد 50 ميلاً جنوب مدينة الحسكة. وتم تحويل نهر الخابور الذي يتدفق عبر المدينة إلى برك من المياه العكرة، بعد أن كان حيوياً في العصور القديمة لدرجة أن الكتاب المقدّس (العهد القديم) أشار إليه.

ونقل التقرير عن رئيس البلدية محمد صالح قوله إن 70 في المئة من المزارعين في المنطقة تركوا حقولهم هذا العام لأن زراعة المحاصيل ستكلف أكثر مما سيحصلون عليه من بيعها.

غارات التحالف تسببت بدمار البنية التحتية

وقدّر صالح أن 60 في المئة من السكان المحليين يعيشون الآن تحت خط الفقر. وقال: "بعض الناس يأكلون وجبة واحدة فقط في اليوم. هذا التغير المناخي وهذا الجفاف يؤثران على العالم بأسره، ولكن هنا في مناطق (الإدارة الذاتية) ليس لدينا الاحتياطيات للتعامل معها".

ويذكر التقرير أن الحرب ضد (داعش) تركت أجزاء بكاملها من الشدادي في حالة خراب. إذ دمرت الغارات الجوية بقيادة الولايات المتحدة مجمعاً سكنياً كبيراً ومحطات ضخ مياه ومدارس ومخابز كان يستخدمها التنظيم، بحسب السلطات المحلية. في حين أعيد بناء المخبز الرئيسي وبعض المدارس.

الثروة الحيوانية وقلة العلف والمياه

في الأراضي الزراعية المحيطة، كانت أعواد القمح والشعير في الحقول القليلة المزروعة في الخريف الماضي أقل من نصف ارتفاعها في سنوات ما قبل الجفاف.

ويقول المزارع شعبان: "لا يسعنا إلا أن ينزل الله علينا المطر"، مشيراً إلى أنه اضطر إلى بيع أغنامه قبل عامين بأسعار مخفضة لأنه لا يستطيع تحمل العلف أو الماء. وأضاف: "كان علي أن أختار إعطاء الماء لعائلتي للشرب أو إعطائه للأغنام".

 

ننن.jpg
الأغنام في الشدادي (نيويورك تايمز)

 

وفي مزرعة مجاورة ، قال حسن الهروة  (39 عاماً) إن الكلفة المرتفعة للأعلاف تعني أن أغنامه كانت تعيش على القش الممزوج بكمية صغيرة من الشعير المغذي بدلاً من النظام الغذائي الذي يحتوي على نسبة عالية من الحبوب التي اعتادوا تناولها.

وختم الهروة بالقول إنه كان يحصل على 200 دولار للرأس من أغنامه. أما الآن، مع وجود أغنام نحيفة وأسعار منخفضة، يبيعون الرأس مقابل 70 دولارًا أو أقل.