icon
التغطية الحية

موجة اغتيالات في الجنوب السوري بعضها بالتسميم.. ما أهداف النظام من سياسة الفوضى؟

2022.01.15 | 06:15 دمشق

000_17h78f.jpg
درعا - محمد علي
+A
حجم الخط
-A

تكثفت في الآونة الاخيرة عمليات الاغتيال في محافظة درعا، في مسعى من النظام السوري عبر فروعه الأمنية ووكلائها المحليين للسيطرة على الجنوب السوري، بعد فشل مخططات النظام في التصعيد العسكري ومن ثم التسويات، في تقديم نتائج مأمولة.

عمليات الاغتيال بين الفعل ورد الفعل 

بعد عجزه عن التخلص منهم بالطرق السلمية أو المواجهات العسكرية، عمد النظام إلى الحل الأمني في تصفية واغتيال المعارضين له في درعا جنوبي البلاد، الأمر الذي اضطره لتجنيد عناصر سابقين في الجيش الحر لتنفيذ هذه العمليات. 

قُتل "إياد البكر" عضو لجنة درعا المركزية عن المنطقة الغربية، متأثراً بجراحه التي أصيب بها بتفجير عبوة ناسفة أمام منزله في كانون الأول الفائت، في بلدة المزيريب في ريف درعا الغربي.

 

 

اغتيال البكر افتتح سلسلة من عمليات الاغتيال في المحافظة، معظمها في الريف الغربي، فقد شهدت مدينة طفس في ريف درعا الغربي مقتل الشاب "رأفت أنور البدر" الذي ينحدر من عمورية في ريف درعا الغربي، إثر استهدافه بالرصاص المباشر من قبل مجهولين في المدينة، والبدر كان عنصراً سابقاً في فصيل "فجر الإسلام"، وبعد التسوية عمل ضمن صفوف الفرقة الرابعة.

كما لقي "محمد معراتي" حتفه بعد استهدافه بطلق ناري في مدينة نوى بريف درعا الغربي، و"المعراتي" نازح من مدينة دوما بريف دمشق، ومتهم بتجارة المخدرات في المدينة.

وأيضاً تعرض أمين فرقة "حزب البعث" في بلدة علما بريف درعا الشرقي "طلعت مسلماني" لمحاولة اغتيال، عقب استهدافه بإطلاق نار مباشر من قبل مجهولين.

معرفة عناصر الجيش الحر الذين جندهم النظام بتحركات المعارضين السابقة، ومعرفتهم بالطرق الرئيسية والفرعية، سهّل عليهم تنفيذ عمليات الاغتيال، ما يبعد الشبهات عن النظام، ويرجئ الأمر إلى تصفية حسابات قديمة، تاركاً المنطقة ضمن فلتان أمنىي منظم ومدروس.

اغتيالات بالجملة خلال يومين مسجلة ضد مجهولين

سلسلة عمليات الاغتيال التي جرت في كانون الأول من العام الماضي، تشير إلى أيادٍ خفية تديرها، للحيلولة دون ترسيخ الاستقرار في الجنوب السوري بحسب رواية ناشطين، وعزز هذه الرواية ازدياد وتيرة الاغتيالات التي شهدتها المحافظة في الأيام الماضية حيث نشرت مواقع محلية مقتل 6 أشخاص في أربع عمليات مختلفة، نُفذت من قبل مجهولين في مناطق متفرقة من المحافظة بأقل من يومين.

آخر العمليات كانت تستهدف كلاً من "محمد أحمد اللباد" الملقب "غليص" من الصنمين شمال درعا، و "زياد الزرقان" من بلدة كفر شمس في ريف درعا الشمالي، إثر استهدافهم بالرصاص المباشر بين قريتي القنية وتبنة على أوتوستراد "دمشق - درعا " الدولي.

وبحسب موقع "تجمع أحرار حوران"، فإن "غليص" انضم مؤخراً لفرع الأمن العسكري، بعد أن كان يشغل منصب قيادي في فصائل الجيش الحر قبل عمليات التسوية التي جرت منتصف 2018.

كما أشار موقع "تجمع أحرار حوران" إلى القبضة الأمنية المشددة على المنطقة التي وقعت فيها عملية الاغتيال، كما أنها لم تخرج عن سيطرته من قبل، ما يثير التساؤلات حول وقوف النظام خلف عملية الاغتيال.

فيما تشير بعض المصادر إلى أن المساعد أبو شادي هو الذي نفذ عملية الاغتيال، بتوجيه من العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري. 

المنطقة الغربية أيضاً شهدت عمليات متفرقة، حيث قتل كل من "محمد قاسم عودة السبروجي" و "هيثم عويضان" مساء الإثنين، من جراء استهدافهم من قبل مجهولين بالقرب من الشركة السورية الليبية للأبقار، في جلين غربي درعا.

"صالح جاسم الزوري" الذي ينحدر من قرية خربة قيس ويعمل لحساب الأمن القومي، قضى متأثراً بجراحه التي أصيب بها، من جراء استهدافه بالرصاص المباشر قرب بلدة المزيريب غربي درعا.

أما في مدينة درعا، فقد قام مجهولون باغتيال " أحمد محمد المصري " بالرصاص المباشر على الطريق الواصل بين درعا البلد وحي طريق السد في منطقة تدعى “خانوق الثور”، ما أدى إلى مقتله على الفور وإصابة آخر بجروح كان برفقته تم نقله إلى المشفى.

السم الروسي يحصد الأرواح في الجنوب

دون عمليات الاغتيال والخطف الممنهجة التي تنفذها فروع النظام الأمنية، فقد انتهجت تلك الفروع مذهب الروس في القتل غير المباشر والتخلص من المعارضين خلال عمليات التسميم، في أثناء الاعتقال، أو من خلال اللقاءات التي تجري بينهم بحكم عمليات المفاوضات والتنسيق في إدارة المناطق التي يسيطر عليها النظام عسكرياً. 

 وعلق اللواء "محمد الحاج علي" لموقع تلفزيون سوريا، حول عمليات الاغتيال التي تستهدف المعارضين في الجنوب السوري، "أن هذا النظام المافيوي يستخدم كل الأساليب والطرق لقتل معارضيه ولا يحفظ عهدا أو اتفاقا أو قيما أخلاقية".

وتوفي"مرعي الحمدان" عضو لجنة التفاوض في القنيطرة والقيادي السابق بفصائل المعارضة يوم 25 كانون الأول الفائت، بعد صراعه مع مرض تسببه جرثومة ناجمة عن سم دس له في القهوة قبل شهرين، من قبل ضباط من الأمن العسكري فرع سعسع، وينحدر "الحمدان" من بلدة دير ماكر في ريف دمشق الجنوبي.

وبالإضافة لـ "الحمدان" فقد تمت تصفية "أبو محمد القبعاني" الملقب بـ "الأخطبوط" بعد استدعائهم إلى مكتب العميد طلال العلي في فرع سعسع، وذلك بعد أن اعتُقلا لفترة قصيرة بدمشق خلال تشرين الأول الفائت إثر وقوع خلاف بينهم وبين ضباط النظام، و تواردت بعض الأنباء التي تشير إلى تعاونهما مع فرع الأمن العسكري في سعسع.

"أبو محمد القبعاني" توفي بتاريخ 31 تشرين الأول الفائت، بعد معاناته من آلام مختلفة بجسده تبعها شلل جميع أطرافه، منذ أن استُدعي إلى مكتب العميد طلال العلي، و ينحدر " القبعاني" من بلدة اركيس في ريف دمشق الغربي والذي كان يشغل عضوية لجنة التفاوض في القنيطرة، وقيادة " لواء الحق" تحت راية "جبهة ثوار سوريا" قبل تسوية عام 2018.

وعلى الصعيد نفسه فقد توفي" محمد معاوية الزعبي" القيادي السابق في "جبهة ثوار سوريا" بعد معاناة استمرت لخمسة أشهر مع المرض بسبب جرثومة ناجمة عن تسمم تعرض له خلال فترة اعتقاله لدى مكتب أمن الفرقة الرابعة بريف دمشق، وفرع الـ 215 بدمشق، حيث أفرج عنه النظام بتاريخ 30 آب من العام السابق بعد أن دفع ذووه مبلغاً كبيراً لضباط النظام ليفرج عنه بعد تسعة أشهر من الاعتقال.

 كما توفي القاضي السابق في محكمة دار العدل "سامر عبدو مساد"، من "بيت آره" غربي درعا، في 25 آذار من العام 2020 بعد غيبوبة دامت لأكثر من أسبوعين إثر تسمم انتشر بدمه، قال مقربون منه ومصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا إن السم وُضع له من قبل رئيس فرع الأمن العسكري بدرعا، العميد لؤي العلي.

هل يتخلص النظام من  الذين ينضمون لصفوفه؟

وفي سؤالنا للواء "الحاج علي" عن بعض الأنباء التي تشير إلى تصفية النظام للعناصر الذين كان يستخدمهم في عمليات الاغتيال، أكد إمكانية حدوث أمر كهذا في ظل بقاء هذا النظام وشدد على أن النظام يتبع كل الأساليب للتخلص من أعدائه ومناوئيه.

ففي الصنمين قُتل "علاء محمود اللباد" الملقب بـ "الجاموس" بشهر كانون الأول نهاية العام المنصرم، وكان قائد إحدى المجموعات المحلية المسلحة في الصنمين التي أسسها العميد لؤي العلي رئيس فرع الأمن العسكري في درعا، بعد تسوية 2018

وبحسب" أيمن أبو نقطة" الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" فإن "علاء اللباد" دخل في أعمال قتالية واشتباكات مسلحة مع عناصر معارضين للنظام، بعد التسوية مباشرة، كما أنه دخل في اشتباك مع وليد العتمة "أبو خالد الزهرة"، آخر المقاتلين المعارضين في الصنمين، الذي آثر البقاء والقتال إلى آخر رمق على مذهب سلفه أحمد الحصري، ابن معرة النعمان، وقتل الزهرة في آذار من عام 2020 خلال اقتحام قوات النظام مدينة الصنمين في ريف درعا الشمالي.

 

 

كما حدثنا "أبو نقطة" عن توارد الأنباء التي تفيد بعلاقة "اللباد" و"وسيم الزرقان" القيادي في الأمن العسكري، المباشرة بعملية الاغتيال التي استهدفت أدهم الأكراد أبو قصي القيادي في صفوف المعارضة في أكتوبر تشرين الثاني من العام 2020 بالقرب من مدينة الصنمين على الأوتوستراد الواصل بين دمشق و درعا.

من الجدير بالذكر أن "مكتب توثيق الشهداء في درعا " وثق ما مجموعه 508 عمليات ومحاولات اغتيال كحصيلة لعام 2021، أدت لمقتل 329 شخصا وأصيب فيها 135 آخرين، بينما نجا 44 شخصا من محاولات اغتيالهم، من بينهم 24 شخصاً في شهر كانون الأول نهاية العام.

وتوزعت عمليات ومحاولات الاغتيال جغرافيا بشكل متباين على امتداد المحافظة، فكانت 317 عملية ومحاولة اغتيال في ريف درعا الغربي، بينما بلغ العدد 150 في ريف درعا الشرقي، وفي مدينة درعا 41 عملية ومحاولة اغتيال.

وقعت غالبية عمليات ومحاولات الاغتيال باستخدام الأسلحة النارية الخفيفة بلغ عددها 401 عملية ومحاولة اغتيال من خلال إطلاق النار المباشر، بينما تمت 31 عملية من خلال الإعدام الميداني المباشر، وتم توثيق 56 عملية باستخدام العبوات الناسفة والأجسام المتفجرة، و20 عملية من خلال الهجوم بالقنابل اليدوية.