icon
التغطية الحية

موازنة النظام لـ 2020.. عجز اقتصادي يدفعه المواطن

2019.11.11 | 13:38 دمشق

54844.jpg
هاني العبد الله - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

كشفت حكومة النظام قبل أيام عن مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2020، والتي عرضت فيها لأول مرة منذ عام 2013 تفاصيل كاملة عن الموازنة، من حيث نسب الإنفاق والإيرادات والعجز، وسط تساؤلاتٍ من قبل السوريين فيما إذا كانت تلك الموازنة ستعود عليهم بالسلب أم الإيجاب، في ظل تدني مستوى المعيشة لديهم.

ونشرت صحيفة "الوطن" الموالية تفاصيل موازنة عام 2020 والتي قُدّرت بمبلغ 4000 مليار ليرة سورية (6 مليارات دولار)، مقابل مبلغ 3882 مليار ليرة في موازنة عام 2019، أي بزيادة مقدارها 118 مليار ليرة وبنسبة زيادة 3.04%..

ولفت البيان الصادر عن وزارة المالية في حكومة النظام والمتعلق بمشروع الموازنة لعام 2020، إلى زيادة الضرائب بنسبة 44 %، إضافةً إلى زيادة العجز بمبلغ 514.61 مليار ليرة سورية، مقابل 397 مليار ليرة في موازنة عام 2019، أي أكثر من 12%، وبرر النظام ذلك بزيادة الاعتمادات المقدرة في مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ أكبر من مبلغ الإيرادات العامة.

عجز 2020 يفوق 2019

وقُدّرت الإيرادات العامة في مشروع موازنة عام 2020 بمبلغ 2546 مليار ليرة، بانخفاض 13.3 % عن إيرادات عام 2019، الأمر الذي جعل العجز المقدّر في مشروع موازنة عام 2020 يفوق العجز في موازنة عام 2019، كون تلك الإيرادات إحدى طرق تمويل الموازنة.

وأفاد الباحث الاقتصادي يونس الكريم، أن "موازنة 2020 تزيد فقط بـ 118 مليار ليرة سورية عن موازنة 2019، وهو مبلغ صغير في حال تحويله إلى الدولار، كون الليرة تراجعت كثيراً أمام الدولار، كما أن الموازنة الحالية تملك ثلاثة أسعار، وهي سعر السوق السوداء عند 675 ليرة أمام الدولار، وسعر تدخل التجار عند 605 ليرة، والسعر الرسمي عند 435 ليرة، وهو الذي قُيّمت الموازنة عليه، وهذا الاختلاف في أسعار الصرف، سيُربك مؤسسات النظام في احتساب حجم الموازنة المخصصة لكل منها، ما يفتح الباب للفساد والسرقات".

وأضاف الكريم لموقع تلفزيون سوريا أن "دعم القطاع الاجتماعي انخفض بمقدار 54% عن موازنة 2019، أي تخفيض الدعم عن المحروقات، ما يعني ارتفاعاً في أجور المواصلات وأسعار الخبز وكثير من السلع، كون الأفران والمعامل تعمل على المحروقات، الأمر الذي سيُحدث ارتفاعاً طفيفاً في سعر الخبز المدعوم، وارتفاعاً كبيراً في الخبز المتاح من القطاع الخاص، وهذا سيؤثر سلبياً على المواطن وسيزداد مستوى الفقر".

بدوره يرى المحلل الاقتصادي سمير طويل، أن "النظام يسعى من خلال هذه الموازنة للادعاء أمام الرأي العام، أنه جاهز لإعادة الإعمار وعودة الإنتاج، وهذا أمر غير واقعي، إذ إن كلفة إعادة إعمار سوريا تصل إلى 400 مليار دولار، فكيف لموازنة لا تتجاوز 6 مليارات دولار أن تكون قادرة على تمويل إعادة الإعمار، إضافةً إلى أن تلك الموازنة ترسّخ الوضع الاقتصادي المتدهور، إذ إن البطالة بلغت 78% في سورية، ونسبة التضخم 800%".

هل هناك زيادة في الرواتب؟

وعقب صدور مشروع موازنة 2020، تناقلت وسائل إعلام موالية للنظام، أنباء تتحدث عن زيادة مرتقبة بأجور الموظفين والعاملين في دوائر حكومة الأسد ومؤسسات القطاع العام.

وبلغت الاعتمادات المخصصة للرواتب والأجور والتعويضات في مشروع موازنة عام 2020 مبلغ 501.67 مليار ليرة، أي بزيادة مقدارها 19.06 مليار ليرة عن الاعتمادات المخصصة لهذا الباب في موازنة عام 2019، بما نسبته 3.59٪.

وعلّق وزير مالية الأسد مأمون حمدان على تلك الأنباء لوسائل إعلام موالية قائلاً: إن رفع أسعار المحروقات لن يتحوّل إلى زيادة في الرواتب رغم ضعفها وعدم كفايتها للحاجات اﻷساسية لموظفي الدولة، موضحاً أن على المواطنين الانتظار حتى تحقيق النمو الاقتصادي وتسريع عجلة الإنتاج في سوريا.

وفي هذا الإطار قال المحلل الاقتصادي محمد بكور: إن "النظام حدد مبلغ 501 مليار ليرة لكتلة الرواتب والأجور بزيادة 3% عن عام 2019، وهذه الزيادة ليست كفيلة بزيادة الرواتب، وإنما تلك النسبة بالكاد تكفي للترفيعات الدورية للموظفين، وحتى لو حصلت زيادة على الرواتب، فستكون عاملاً سلبياً وليس إيجابياً على المواطن، لأنه سيترافق معها ارتفاع كبير في الأسعار يأكل الزيادة وجزءاً كبيراً من الراتب أيضاً، لذا الأهم بدلاً من ذلك تحسين قيمة العملة المحلية"، مشيراً إلى أن "الموازنة العامة غابت عنها أيضاً، أية اعتمادات جارية لتثبيت سعر الصرف والحد من ارتفاع الأسعار، وهذا كله يجعل المواطن الخاسر الأكبر".

في المقابل قال يونس الكريم: "لو افترضنا أن عدد المواطنين في سوريا يبلغ 19 مليون نسمة، فبتقسيم قيمة الموازنة البالغة 4000 مليار ليرة على عدد السكان المفترض، سنجد حصة المواطن خلال العام القادم من هذه الموازنة تصل إلى 210 آلاف ليرة، أي ما يعادل 312 دولاراً فقط، وهو مبلغ منخفض جداً لا يساعد في تأمين أدنى مستلزمات الحياة الأساسية، طبعاً مع إهمال عوامل الفساد والسرقة التي قد تقلّص حصة المواطن أكثر".

طرق تمويل الموازنة

لكن كيف سيقوم النظام بتمويل موازنة 2020 في ظل وضعه الاقتصادي المتدهور، وفي هذا السياق قال سمير طويل: إن "النظام سابقاً حتى 2014 كان يُمول الموازنة العامة للدولة من خلال الفائض النفطي غير المعلوم، أو عبر ما يُعرف (التمويل بالعجز)، حيث يقترض الأسد من البنك المركزي لسد عجز الموازنة، مقابل سندات خزينة لصالح البنك".

وأضاف طويل لموقع تلفزيون سوريا أن "الأسد خلال السنوات الأربعة الأولى للثورة، استهلك كامل الاحتياطي الموجود في البنك المركزي والبالغ 18 مليار دولار، ثم لجأ بعد عام 2015 للاقتراض من الدول الأخرى والبنوك الخاصة مقابل سندات، إضافة إلى سعيه إلى طباعة عملة بلا رصيد، فضلاً عن تمويل الموازنة من خلال فرض ضرائب جديدة على المواطنين كضريبة إعادة الإعمار".

من جهته قال يونس الكريم: إن "سياسة التمويل بالعجز التي لجأ اليها النظام، ستساهم في استمرار زيادة التضخم وانخفاض سعر صرف الليرة، ولاسيما أن الاستيراد تراجع بسبب الأحداث الدائرة في العراق ولبنان اللتين تعتبران رئتي النظام للاستيراد، وهذا كلّه سينعكس سلباً على الوضع الاقتصادي السوري عموماً، وعلى المواطن خصوصاً وسيزداد فقراً، علماً بأن مستوى الفقر في سوريا وصل إلى 85%".

الجدير ذكره أن موازنة عام 2020 أعلى موازنة تم تقديمها حتى الآن بالليرة السورية، إلا أنها من حيث القيمة السوقية تعتبر أقل من الموازنات السابقة، حيث إن موازنة 2019 بلغت 3882 مليار ليرة، إلا أنها كانت تعادل وفق سعر الصرف الرائج حينها بـ8 مليارات دولار، في حين أن موازنة 2020 تقدّر وفق سعر الصرف الحالي بـ6 مليارات دولار، أي بفارق ملياري دولار، كما تبلغ موازنة 2020 قرابة ثُلث موازنة 2011 المقدرة بـ16 مليار دولار، رغم أنها كانت تبلغ 835 مليار ليرة سورية فقط.

 
كلمات مفتاحية