icon
التغطية الحية

من ورشات إلى شركات.. كيف تطورت صناعة المونة السورية في تركيا؟

2019.11.06 | 13:24 دمشق

photo_2019-11-06_14-24-59.jpg
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

وسط ظروف النزوح والغربة والصعوبات الاقتصادية التي يعيشها السوريون في أماكنهم الجديدة غاب "بيت المونة" وهو الاسم الذي تطلقه النساء السوريات على مكان حفظ المؤن في منازلهم عن كثير من البيوت، حيث لا يخفي كثير من السوريين وخاصة فئة الشباب منهم الذين يعيشون حياة العزوبية شوقهم إلى تلك المأكولات الشعبية، وفي مقدمتها "المكدوس".

وفي ظل الأعداد الكبيرة للسوريين في تركيا وأوروبا، وغياب هذه المنتجات في الأسواق المحلية اتجه بعض السوريين لاسيما النساء، لافتتاح ورشات لصنع هذه المؤونة وبيعها، وقام بعض التجار السوريين بالاستفادة من جهود هؤلاء النسوة  لترخيص شركات رسمية للتجارة بهذه المنتجات الغذائية في الأسواق، وحتى تصديرها إلى دول أخرى.

ورشات منزلية:

أم محمود واحدة من أوائل النساء السوريات اللواتي بدأن بهذا المشروع في العام 2013 في مدينة أنطاكيا عبر قطاف الملوخية وبيعها لجيرانها، ليتوسع عملها لاحقا مع وصول أعداد إضافية من السوريين إلى المدينة وزيادة الطلب على منتجاتها حتى أسست ورشة في منزلها تضم نساء أخريات لمعاونتها أيام الموسم.

أمّن هذا العمل لأم محمود دخلاً بسيطاً، لكنها استطاعت تطويره لاحقاً ليشمل معظم حاجات المونة كلٌّ في موسمه حيث بدأت مع زميلاتها بتجفيف البازيلاء والبندورة والكوسا والقرع والباذنجان وبيعه للمحال التجارية، لينتقلن بعد ذلك إلى صناعة المربيات بأنواعها المختلفة، مروراً بتجفيف الحليب واللبن وإنتاج السوركة واللبنة والدوبيركة المحفوظة بالزيت، وصولاً في الوقت الحالي إلى صناعة المكدوس، ودبس الرمان.

ووفق المرأة الأربعينية فإنّ تصريف الإنتاج بات اليوم أسهل من قبل مع تسابق المحال التجارية إلى شراء منتجاتهم، وإقبال السوريين على شرائه، حيث لا يخلو متجر من المنتجات السورية التي يحبها ويطلبها الجميع.

وتؤكد أم محمود في حديثها لموقع تلفزيون سوريا أنّ ميزة هذا العمل هو عدم حاجته إلى رأس مال كبير للبداية، ويمكن العمل به من المنزل، وهو يساعد الكثير من النساء السوريات على تخطي مصاعب الحياة، ويدّر عليهنَّ الأموال في ظروف صعبة فرضتها الحرب عليهن.

من جانبها تعمل عروبة (31 عاماً) وهي زوجة معتقل في صناعة المخللات ورب البندورة والفليفلة من منزلها، لصالح أحد التجار وتجد في هذا العمل فرصة مناسبة تعينها على تربية أبنائها، إلى جانب مساعدة "الهلال الأحمر التركي" .

ورغم أن التعب الذي تبذله لا يتناسب مع الربح الذي يصلها، فإنها سعيدة كما تقول لأنّ هذا المال تكسبه من تعبها الشخصي ويشعرها بالقدرة على الإنتاج والعمل.

تطور لافت:

وتنتشر في مدن الجنوب التركي حاليا كثير من الورشات المنزلية، والتي تحوّل بعضها إلى معامل وشركات مختصة تقوم بعمليات التصدير إلى ولايات تركية ودول أخرى.

وفي هذا السياق قال أيمن دروبي وهو تاجر يعمل في تصدير المنتجات الغذائية إنّ تطور صناعة المونة السورية جاء نتيجة الطلب الكبير عليها، مشيراً إلى أنه منذ العام الماضي قام بترخيص شركة تجارية لأجل تصدير هذه المنتجات إلى دول أخرى، وهناك العديد من الشركات الأخرى التي تقوم بنفس الأمر.

وأضاف دروبي "هذا العام قمنا بتصدير عشرات الأطنان من المكدوس السوري من مدينة الريحانية إلى جميع المحافظات التركية، وإلى دول أخرى يعيش فيها السوريون مثل ألمانيا والنمسا وبلجيكا والسويد، كنا بداية نعتمد على ورشات نسائية في المنازل لكنني اليوم قمت باستئجار مستودع كبير، وهنا عشرات الموظفات اللواتي يعملن على مدار العام".

ويوضح الدروبي أنّ "صناعة المونة السورية تنشط في أوقات معينة في السنة مثل موسم المكدوس المطلوب بشكل كبير، وموسم الملوخية، لكنهم أضافوا إلى منتجاتهم الكثير من المواد الأخرى مثل اللبنة المنشفة، والزعتر، والدبس، والفليفلة، والكشك".

وتختلف الأسعار كما يذكر الدروبي بين السوق المحلي والتصدير حيث يباع كيلو "المكدوس" المعبأ الجاهز بسعر 12 ليرة، بينما يصل سعر المُعدّ منه للتصدير إلى 15 ليرة بسبب وجود رسوم إضافية.

آلية التصدير:

من برلين إلى باريس ومالمو وفيينا انتشرت مخازن الأغذية السورية التي باتت تملؤها المعلبات السورية والملوخية و"المكدوس" وغيرها من "منتجات الدرة" المعروفة في سوريا، والبن المطحون كـ "الحموي" و"حسيب"، ساعد على ذلك تعاقد شركات أوروبية مع شركات محلية في سوريا أو دول الجوار بهدف التبادل التجاري نتيجة رواج هذه المنتجات وطلبها بشكل كبير من السوريين.

يشرح إبراهيم حمادة وهو صاحب شركة "عافية" التجارية في تركيا آلية تصدير المنتجات الغذائية السورية من تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي.

حيث يعتبر شرط ترخيص الشركة بداية في تركيا أمراً لابد منه، وبعد تجهيز المنتجات وتغليفها بشكل مطابق للشروط الصحية يحتاج التاجر وفق حمادة إلى "الفاتورة التجارية، وبوليصة الشحن، وشهادة المنشأ، ولوائح التعبئة، بالإضافة إلى شهادة صحية".

ويشير حمادة إلى أن العديد من الشركات السورية المرخصة تعمل في هذا المجال حالياً بالتعاون مع تجار سوريين في أوروبا، مضيفا: "هذا العام احتل المكدوس المكانة الأكبر في بضائعنا ووصل التصدير إلى عشرات الأطنان، هناك طلب متزايد على المنتجات السورية ليس المونة فحسب بل كل ما حفظ السوريون طعمه وأرادوه مجددا في حياتهم الجديدة".

 
كلمات مفتاحية