icon
التغطية الحية

من سوريا إلى أوكرانيا.. المدافعون عن الأسد ينقلون غرفة عملياتهم

2022.03.05 | 06:04 دمشق

448488bc-813d-4813-8ba0-8b2c60233d71.jpg
إسطنبول - عمر الخطيب
+A
حجم الخط
-A

في 9 شباط الماضي وفي أوج التوتر الدولي بسبب الحشود العسكرية الروسية على حدود أوكرانيا، خرجت تولسي غابارد، نائبة سابقة في الكونغرس الأميركي عن الحزب الديمقراطي، في مقطع فيديو على حسابها في تويتر لتهاجم من سمتهم بـ"دعاة الحرب" لأنهم يقولون إنه ينبغي حماية أوكرانيا لأنها "ديمقراطية"، ولتتهمهم بالكذب فأوكرانيا بحسب غابارد "ليست في الواقع دولة ديمقراطية" ولذا فهي متاحة للحرب، وبطبيعة الحال تجنبت غابارد توجيه أي لوم إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

موقف غابارد، المرشحة للرئاسة الأميركية في الدورة الماضية، ليس بمستغرب فهي معروفة بدفاعها عن بشار الأسد حتى أن صحيفة واشنطن بوست وصفتها بـ"الناطقة باسم الأسد في واشنطن" في كانون الثاني 2017 عقب قيام غابارد، وكانت عضواً بالكونغرس وقتئذ، برحلة إلى سوريا التقت فيها مع بشار الأسد وجالت في دمشق وحلب، وعادت لتدافع عن بشار الأسد ونظامه في تغريدات عديدة اتهمت فيها أميركا بأنها تشن حرباً على الأسد بهدف القضاء على نظامه، مستخدمة في كلامها الدعاية الروسية عن أن بديل الأسد سيكون داعش والقاعدة.

 

 

تولسي  عن الأسد.JPG

 

 

وكما فعلت مع سوريا تعود غابارد لتكرر الأمر ذاته مع أوكرانيا حيث ستعود غابارد بعد ثلاثة أيام على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، 24 شباط، لتتابع دفاعها عن روسيا وإن بطريقة أغرب من تغريدتها السابقة، فهي هنا تأخذ دور داعية السلام لكن من وجهة نظر روسيا فتدعو إلى "التوصل إلى اتفاق على أن أوكرانيا ستكون دولة محايدة... لا تحالف عسكرياً مع الناتو أو روسيا" أي تنفيذ المشيئة الروسية.

 

تولسي عن أوكرانيا.JPG

 

مع تصاعد التوتر قبيل الغزو الروسي لأوكرانيا أطلق الكرملين آلته الدعائية لتقديم روايته وتبرير حربه القادمة عن طريق بث الكثير من المعلومات المضللة بمختلف الأساليب ومن عدة شخصيات وجنسيات تابعة لموسكو بطريقة أو بأخرى، وعادت للظهور بكثافة أسماء وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي يعرفهم السوريون جيداً حيث أمضوا السنوات الماضية في الدفاع عن النظام السوري وعن التدخل العسكري الروسي وروجوا للرواية الروسية بدون توقف طوال الوقت.

واتبعت روسيا مع هؤلاء وسواهم من أذرعها الإعلامية طريقة مشابهة لما فعلته في سوريا وبمفردات متشابهة فداعش تصبح في أوكرانيا "النازيين الجدد" والمؤامرة الغربية على سوريا هي نفسها على أوكرانيا وإن اختلفت الأساليب، وهو ما ذكره بوتين في خطابه بتاريخ 21 شباط/فبراير الماضي، مع مظلومية تاريخية عن سعي الناتو لتطويق روسيا، من دون الاهتمام طبعاً بأننا نتحدث عن حرب وقصف ومدنيين ومدن يتم تدميرها.

ومن الأسماء التي عادت بقوة كان الصحفي الكندي "آرون ماتي" الذي لم يتوقف عن اتهام الغرب باختراع مؤامرة السلاح الكيماوي وبأن بشار الأسد لم يستخدم هذا السلاح بل تمت فبركة كل هذا الموضوع، ولعل السوريين يذكرون ماتي وهو يقف على أطلال دوما في أيار/مايو 2021 محتفلاً باستيلاء روسيا والنظام السوري على الغوطة الشرقية.

 

آرون في دوما.JPG

 

ولم يتأخر ماتي كثيراً عن صحبه فحسابه على تويتر لا يهدأ وهو يدافع عن بوتين ويهاجم الغرب ووسائل الإعلام وكل من يغطي الغزو الروسي لأوكرانيا، فهو يحتج أولاً على كلمة غزو، ويتهم الولايات المتحدة بأنها سبب كل شيء لأنها صنعت ما يسميه، وهي التسمية التي استخدمها بوتين، بانقلاب 2014 في أوكرانيا، ماتي هنا يتكلم عن مظاهرات شعبية ضخمة خرجت في أوكرانيا وأدت إلى إقالة الرئيس الأوكراني وقتئذ فيكتور يانوكوفيتش حليف بوتين، ويتابع بأن هذا الدعم جاء بالتنسيق مع "النازيين الجدد"، لينتهي بأن ما يحدث الآن في أوكرانيا هو بسبب الغرب وأميركا فقط، وفي تغريدة يرد بها على استخدام المتحدثة باسم الرئاسة البيت الأبيض في أثناء إجابتها على أحد الصحفيين بأن بايدن قال "إن الحفاظ على قيمنا لن يكون بدون ثمن"، فيسخر ماتي من كلام المتحدثة ومصطلح "قيمنا".

 

آرون عن أوكرانيا.JPG

 

أما الناشطة البريطانية "فانيسا بيلي"، المعروفة بهجومها المستمر على منظمة الخوذ البيضاء السورية فقد روجت لفبركات غريبة عن تبعية الخوذ البيضاء للمخابرات البريطانية حيناً وللأميركية حيناً وللقاعدة وداعش حيناً آخر، عادت بيلي مع بدء الغزو الروسي لهوايتها بإبداع سرديتها الخاصة وفي سلسلة تغريدات قامت بيلي بصناعة رواية أخرى للحرب الروسية على أوكرانيا فتتحدث عما تسميه "نظاماً نازياً" أسسه أوباما، الرئيس الأميركي السابق، وأن هذا النظام قام بتنفيذ إبادة جماعية ضد الناطقين بالروسية، حتى بوتين والإعلام الروسي لم يصل باتهاماته إلى هذا الحد، وتتابع في خيالها للقول بأن أميركا كانت تخطط لغزو دونباس!، بل إن أميركا أيضاً كانت تدير معامل للأسلحة البيولوجية وتجري التجارب على الجيش الأوكراني، وهذا يذكرنا بما كانت تروج له عن قيام الخوذ البيضاء بـ"تمثيل الأفلام" التي كانت تنشرها المنظمة عن أعمال الإنقاذ وآثار القصف الروسي للمدن والبلدات السورية.

 

فانيسا عن أوكرانيا.JPG

 

وتقوم الدعاية الروسية أيضاً بالترويج لمعلومات مضللة من نوع آخر غير التي رأيناها مع بيلي وماتي، ويندرج هذا الأسلوب تحت عنوان "وماذا عن"، ويعتمد على حرف التركيز نحو أحداث مشابهة جرت أو تجري بالوقت نفسه، وقام موقع "ريد فيش" التابع للسلطات الروسية بنشر إنفوغراف، تكرر بأشكال أخرى في عدة مواقع، مع تعليق "لا تسمح للإعلام الغربي بتضليلك حول ضحايا الحروب، إدانة الحرب في كل مكان" وفي الصورة نرى عدة مناطق مشتعلة من أوكرانيا إلى سوريا مع تعليق "إسرائيل تقصف سوريا" إلى اليمن مع تعليق "37 غارة سعودية على اليمن" إلى الصومال مع تعليق "غارات أميركية في الصومال".

موقع ريد فيش كان داعماً للعدوان الروسي على سوريا ويظهر ذلك في تعليقه على سوريا حيث اختار الغارات الإسرائيلية متجاهلاً الغارات الروسية التي استهدفت المشافي والأفران والمدارس السورية.

 

ريد فيش.JPG

 

يبدو أن عمل الماكينة الدعائية الروسية على نشر معلومات مضللة حول الغزو الروسي لأوكرانيا أقرب إلى نقل كادر فيلم روسي لتصوير فيلم آخر في مكان مغاير لكن مع الحفاظ على السيناريو نفسه والأبطال أنفسهم مع تجاهل الضحايا المدنيين في كلا الفيلمين مع التمجيد المستمر للديكتاتور.