icon
التغطية الحية

منح دراسية في الأردن تترك الطلاب السوريين بمنتصف الطريق

2021.07.19 | 05:55 دمشق

-609029458.jpg
عمان – إياد محمد مظهر
+A
حجم الخط
-A

رسالة نصية واحدة كانت كفيلة بتوقف المشوار الدراسي ل "يزن توركو" ولعدد من الطلاب الذين انقطعت عنهم المنحة الدراسية في الأردن. "توركو" الذي تم فصله من المنحة من دون سابق إنذار وهو في سنته الدراسية الثالثة بتخصص "تصميم الغرافيك" في الجامعة العربية المفتوحة في عمان يقول لتلفزيون سوريا "توقفت المنحة عن ما يقارب 300 طالب، شكل نحو 140 طالبا منهم مجموعة وتواصلوا مع الجانب الكويتي المانح ومع إدارة الجامعة وقسم شؤون الطلبة، وكان كل جانب يرمي الكرة في ملعب الجانب الآخر، فإدارة الجامعة تقول إن الجانب الكويتي هو من أوقف المبالغ المخصصة للمنحة، وبعضهم يلقي اللوم على الجامعة ويعتبرها أوقفت المنحة للاستفادة المادية من خلال استمرار الطلاب على حسابهم الخاص".

يتابع توركو: "عند حصولنا على المنحة لم يتم إخبارنا بأن المنحة محددة بسنوات وقد يتم قطعها في وقت لاحق، هناك العديد من المفصولين من المنحة من سكان مخيم الزعتري أو من هم متزوجون ولديهم عائلة، وعدد كبير من الشبان يعمل في مهنة ما ليؤمن مصروفه ومصروف عائلته، فمن أين سيمكن لطالب بهذا الوضع المادي أن يكمل دراسته على حسابه الخاص، خاصة أن رسوم التسجيل في الفصل الواحد تصل إلى 500 دينار (705 دولار أميركي) عدا كلفة المواد التي يجب على الطالب دراستها".

ويضيف: "كل من تم فصله من المنحة أضاع الجهد والوقت، وحتى لو أراد الطالب أن يستمر في التعليم الجامعي من خلال منح أخرى فهذا صعب جدا، لأن المنح حاليا أصبحت قليلة جدا وشروطها صعبة، ومن أبرز تلك الشروط التي تفرضها المنح ألا يكون الطالب قد استفاد من منحة سابقة وبذلك يكون الطالب قد خسر سنوات دراسته السابقة وخسر فرصته في الحصول على منحة جديدة".

تراجع في التمويل

أفادت دراسة أطلقها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية سابقا، أن نصف الطلبة السوريين في الجامعات الأردنية يواجهون صعوبة في تغطية نفقات دراستهم. وأشارت الدراسة إلى أن 23 % غطوا العجز عن طريق العمل، واضطر 8 % منهم إلى تأجيل الدراسة، في حين لجأ 5 % إلى الحصول على منح ومساعدات.

حصل ما يقارب 20 % من الطلاب السوريين اللاجئين في الأردن على منح مالية مقدمة من منظمات دولية أو تبرعات خاصة للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي كل عام، وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والتي تعمل مع العديد من المنظمات والجامعات الموجودة في الأردن وخارجه، وتقدم منحاً أكاديمية للاجئين السوريين، فإن أعداد هذه المنظمات والجامعات تتغير من سنة إلى أخرى، تبعا لعدد المقاعد الجامعية والتمويل المتاحين.

إن تراجع تمويل الأطراف المانحة للاجئين دفع المنظمات الإغاثية أيضا إلى مراجعة حساباتها، وبدأ بعضها يقلل وجوده في البلدان المجاورة لسوريا ويحول اهتمامه إلى الداخل السوري، بالتزامن مع ترويج نظام الأسد، على مدار العام الماضي، فكرة مشارفة الحرب على الانتهاء، وأن العودة أصبحت آمنة للاجئين.

وهذا ما أكدته الدكتورة ناهد غزول عضو هيئة تدريس وباحثة في جامعة باريس نانتير والأستاذة السابقة في جامعة الزيتونة الأردنية، لـ تلفزيون سوريا مشيرة إلى أن لبنان أخذ جزءا من الاهتمام الدولي "حولوا المشروع من (اديو سيريا) إلى لبنان ليفتتح بعدها مشروع (اديو ليبانون)".

ظروف لا تسمح بالاستمرار

وقالت الدكتورة غزول "تواصل معي بعض طالبات الجامعة العربية المفتوحة، إحداهن تبقى لها مادتان للتخرج وهي يتيمة وتعمل في إحدى المولات ولها أخ وحيد مريض ولديه فتحة في القلب والوضع مأساوي توقفت عنها المنحة، بالإضافة إلى رفع رسوم وأقساط التسجيل وسعر المواد وثمن الكتب الذي يصل إلى المئات فالمادتان مكلفتان وهي غير قادرة على دفع رسومهما فما هو حال من بقي أمامه فصل أو فصلان؟"

وعن ذلك يقول توركو: "لو كنت أمتلك المال الذي سأكمل به دراستي على حسابي في الجامعة لما دفعته، لأنني كنت سأدفعه للتسجيل في دورة (أدوبي) المعترف بشهادتها، والمصرح لها بالتدريس العالي المستوى من البرنامج نفسه".

وفيما يخص الجهة المانحة قالت الدكتورة غزول "مؤسسة الغرير الكويتية هي أكثر مؤسسة دعمت الطلاب وقدمت منحا في الجامعة الأميركية ومنحا في الجامعة العربية المفتوحة، ولكن يا للأسف بعد تواصلي مع مسؤولين في الجامعة الأميركية والعربية المفتوحة وجامعة عمان العربية تفاجأت بأن الطالب يحصل على سنة أو سنة ونصف أو سنتين ثم تتوقف المنحة".

وهذا ما أكدته إحدى الطالبات التي تخرجت الشهر الماضي في الجامعة ذاتها، فقالت لـ تلفزيون سوريا إن الجامعة تبرر ذلك بأن الطالب يحسب عليه أنه تم تسجيله في الفصل الصيفي التابع للعام الذي سبق تاريخ دخوله للجامعة بحسب تبرير بعض الإداريين في الجامعة.  وأضافت "بذلك يخسر الطالب عاما دراسيا كاملا وهذا ما حدث عندما وصلت رسائل إلى المفصولين من المنحة على أنه دخل الجامعة عام 2017 وإلى 2021 يكون قد أنهى المنحة، ومن يود الاستمرار عليه دفع ما تبقى من رسوم للمواد المتبقية للتخرج". وهذا ما أكده توركو أيضا "بعد قبولنا في المنحة، دخلنا الجامعة عام 2018 وتم تسجيلنا في العام الدراسي 2017".

مصير مجهول

إن محدودية المنح المقدمة للطلاب السوريين في الأردن من جهة، وتوقف بعض المنظمات عن تقديم منح جديدة من جهة ثانية، سيخلق أزمة أو تحديا صعبا أمام العدد الكبير من الطلاب السوريين الذين اجتازوا امتحان الشهادة الثانوية العامة، وسيضعهم أمام مصير مجهول، إلى جانب أن بعض هذه المنح لا تتكفل بتغطية تكاليف دراسات معينة مثل الطب والهندسة، ومن هذه المنح منحة "دافي"  التي تستوعب عدداً محدوداً من الطلبة الراغبين في مواصلة تعليمهم العالي، لكن يبدو أنها لن تفتتح أبواب التسجيل فيها هذا العام لأسباب قد تكون متعلقة بنقص التمويل.

تقول الدكتورة غزول: "هناك غياب في قنوات التواصل، فالجامعة لا تزود الطلاب بأي رقم من الجهة الكويتية للتواصل معهم وكتابة رسالة استرحام والوصول إلى رأس الهرم والمطالبة بتوضيح قطع المنحة وما سبب عدم دراسة ملفات الطلاب، هم يدعمون أقل من 100 طالب فمن السهل متابعة ملفات الطلاب ووضعهم الدراسي، أوصلت بعض الطلاب إلى مدير مكتب الأمير، ووعدهم خيرا لكن إلى الآن لم يظهر أي شيء، طلبت منهم كتابة رسالة وتقديمها لرئيس الجامعة لكن هناك منع لمقابلة رئيس الجامعة فترفع عن طريق عميد الكلية والرد يكون للأسف ليس هناك أي استجابة".

تستفيد الجامعات من المنح لضمان استمراريتها خصوصا بعد تردي الوضع الاقتصادي وتراجع عدد الطلاب المسجلين، فوزارة التعليم تطلب عددا معينا في كل قسم وإلا فتطالب بإغلاقه، بحسب الدكتورة غزول، التي أضافت: "لا أعلم ما الحل لكن يجب أن يوجد تواصل مباشر مع الجهة المانحة وهي مؤسسة الغرير ومن الممكن التوجه إلى السفارة الكويتية والمطالبة بمقابلة الملحق الثقافي ويشرحون الوضع لربما تأتي الحلول".

"عليكم أن تضعوا أموالكم في المكان الصحيح عليكم ألا تدعموا الحروب بل ادعموا التعليم لأننا حين نعطيهم قلم رصاص نمنع عنهم حمل السلاح والرصاص أو أن يكونوا هدفا يستغله المتطرفون. إن الاستثمار في التعليم هو استثمار في المستقبل. ادعموا تعليمهم ليكون لديهم أمل ومستقبل" هذا ما قالته الدكتورة غزول في 30 /6 حزيران الماضي ضمن فعالية دولية كبيرة برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والأمين العام للأمم المتحدة وحضور لفيف ضخم من رؤساء وقادة العالم والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة والمساواة بين الأجيال في اللوفر.

وتختم غزول حديثها لـ تلفزيون سوريا "لا بد من توافر المبادرات الفردية فنحن قمنا بمبادرة دعمنا من خلالها خمسة طلاب والآن نقوم بمبادرة سادسة من دون أن نترك الطالب، هي تبقى مبادرات فردية لكن نأمل أن نكمل المشوار ونقدم لهم شيئا، من الرائع أن ترى نفسك تزرع بذرة علم والبذرة تنبت شجرة جميلة".