icon
التغطية الحية

مقترح روسيا لإرجاع اللاجئين السوريين.. فقاعة إعلامية

2019.09.27 | 07:06 دمشق

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف(رويترز)
تلفزيون سوريا-سامر قطريب
+A
حجم الخط
-A

في جامعة غوتينغن التي درس فيها" أوتو إدوارد ليوبولد فون بسمارك" مؤسسس الرايخ الألماني الثاني، يتعلم اللاجئ السوري "رحيم حيدر" اللغة الألمانية، ويطمح لإكمال تعليمه العالي في كلية الإعلام وتطوير مهاراته الصحفية، إلا أن التصريحات الروسية الأخيرة بشأن عودة اللاجئين إلى سوريا بإشراف موسكو أثارت مخاوفه كما الكثيرين.

لجأ "رحيم" مع زوجته من مدينة اسطنبول في تركيا -حيث عمل صحفيا- إلى ألمانيا بحثا عن الإستقرار وبعض الحقوق والحريات التي كانت أساسا لانطلاق الثورة في سوريا، وبعد نحو سنتين من الاستقرار في مدينة غوتنينغن يدرس رحيم اللغة الألمانية بمنحة من منظمة DAAD، ويربي طفلته في أجواء يتمنى لوكانت موجودة في بلده.

حصل" رحيم" مع عائلته على الحماية المؤقتة، وحول تواصل موسكو مع برلين وباريس ودول الجوار السوري واقترح عودة اللاجئين بإشراف روسي يقول لموقع تلفزيون سوريا، "إن الدعوات التي توجهها روسيا والنظام وبعض المعارضين الموالين لروسيا، تمثل ضربة جديدة للاجئين الهاربين من الحرب في سوريا، وهي تؤثر سلبيا على إمكانية تأسيسهم لحياة جديدة في البلدان الأوروبية".

يحتاج الإندماج في ألمانيا إلى كثير من وقت وجهد اللاجئين، وبعد سنوات من موجة اللجوء الأخيرة التي بدأت عام 2013، حقق عديد من السوريين إنجارزات في مجال تعلم اللغة الألمانية والالتحاق بالجامعات والمدارس والمعاهد المهنية وغيرها، كما بدأ الأطفال بالتعلم في المدارس الألمانية.

 

المقترح الروسي والأحزاب اليمينية

يتناغم المقترح الروسي بشأن اللاجئين السوريين مع سياسة الأحزاب اليمينية المتطرفة في عموم دول الإتحاد الأوروبي، التي تثير بشكل مستمر موضوع اللاجئين ويخرج أنصارها في مظاهرات ضد سياسة استقبال المهاجرين غير الشرعيين.

ويضيف رحيم" أن فرض عودة اللاجئين إلى سوريا في ظل عدم تغير الوضع فعليا هناك يعتبر شيئا مدمر الكل تلك الجهود والمخاطرات التي بذلها السوريون من أجل الوصول إلى أروربا، كما أن هذه الدعوات تنعكس سلبيا على أوضاع السوريين أيضا بسبب صعود ظاهرة الأحزاب الشعبوية".

 ويوضح أن الأحزاب اليمنيية المتطرفي في ألمانيا مثل "حزب البديل لألمانيا" لا تهتم أساسا لكرامة أو مستقبل اللاجئين شأنها شأن وروسيا، ويفيد بأن دعوة بعض المعارضين السوريين اللاجئين إلى العودة للوطن، وتحدث روسيا كدولة عظمى عن ذلك قد يدفع اليمين إلى الضغط على الحكومة الألمانية بهدف  إعادة السوريين.

ويشير إلى أن الحديث عن ذلك يتم وسط الكشف عن مقتل مئات السوريين تحت التعذيب في معتقلات النظام، وسحب العشرات من الشباب الذين دخلوا في تسوية مع النظام إلى الخدمة الإلزامية.

ويتساءل رحيم؛ ماذا سيحدث للشبان الذين يشكلون أغلبية اللاجئين في أوروبا، هل سيتم استدعاؤهم للخدمة الإلزامية في جيش النظام؟ علما أن خدمة الإلزامية في سوريا مفتوحة وليست محددة بمدة معينة نتيجة سياسة الاحتفاظ.

لا يملك الروس أجوبة عن الطرق التي ستبعونها لحماية اللاجئين من النظام وميليشياته ولا عن سبل بناء منازل السوريين التي تهدمت خلال العمليات العسكرية للنظام، ويشير مراقبون إلى أن التحركات الروسية ما هي إلا سعي لعقد صفقة على حسا اللاجئين لاتجوز قانونا، لشد الغرب إلى إعادة الإعمار بعد رفض المجتمع الدولي المشاركة فيها دون تحقيق انتقال سياسي يرفضه الروس.

 

لا للعودة

قرب الحدود الفرنسية مع ألمانيا يعيش اللاجئ السوري الشاب "حذيفة فتحي" مع زوجته، في مدينة ستراسبورغ بعد مغادرته لمدينة دير الزور إلى تركيا حيث قضى عدة أعوام قبل أن تقبل السفارة الفرنسية طلب لجوئه.

ويقول لموقع تلفزيون سوريا إن أحد أسباب مغادرته من تركيا هو منع السوريين من حرية التنقل على عكس ما هو عليه الآن في فرنسا، ويتابع "قضية عودة اللاجئين إلى سوريا لا تثير مخاوفي لأن القانون الفرنسي يحميني، وأنا حاصل مع زوجتي على الإقامة الدائمة لمدة عشرسنين".

نال"فتحي" شهادة "هندسة بترول"من جامعة الفرات في مدينة دير الزور قبل أن سيطرة تنظيم الدولة عليها، إلى أن تقاسمتها قوات النظام وميليشياتها المساندة مع قوات سوريا الديمقراطية، ومازالت المنطقة مهيأة لبروز صراع جديد على أراضيها.

ويعتبر"فتحي" أن المقترح الروسي يحاول إعادة تأهيل النظام، وهو قدم طلب لجوئه بسبب اعتقاله وملاحقة النظام له، بالتالي فإن أسباب لجوئه كما الكثير من السوريين مازالت قائمة بقوة.

يرفض"فتحي" العودة إلى سوريا مهما كانت الظروف، بسبب الحقوق والحرية التي يتمتع بها في فرنسا، وهو يطمح إلى متابعة دراسته وتأسيس عائلة صغيرة مع زوجته، ويتابع"إن عدنا إلى سوريا سوف نبدأ من تحت الصفر وهذا ليس واردا مع بقاء النظام" مشيرا إلى أن الحياة العامة ستكون أسوأ من قبل.

 

فقاعة البلد الآمن

في القانون الدولي لايحق لأي دولة إرجاع أيّ لاجئ بشكل قسري إلى مكان فيه تهديد لحياته، إن كان عبر الإعتقال أو الأعمال العسكرية، ويوضح ابرهيم علبي مدير البرنامج السوري للتطوير القانوني لموقع تلفزيون سوريا" كل دولة أوروبية لديها قانون لجوء يختلف عن الآخر إلا أن معظمها لايسمح بإعادة اللاجئين لمكان قد يتعرضون فيه للخطر".

ويتابع" الحاصلون على الإقامات المؤقتة يتم مراجعة حالاتهم كل حالة بشكل منفرد، وما هو الوصف الذي حصل عليه اللاجئ، في بعض الأحيان يتم مراجعة الملف كل ثلاث سنيين أو خمس سنيين أو عشر سنيين، وإذا أقر القضاء وهو أمر يحتاج الذهاب إلى المحكمة في بريطانيا، أن البلد آمن ولا يوجد خطر  على اللاجئ من الممكن أن يتم إرجاعه".

ويشدد"علبي" على أن كل حالة تدرس بشكل منفرد، ولايمكن إرجاع اللاجئين بشكل جماعي، وأضاف أنه حتى يتم اعتبار أي بلد آمن، يحتاج ذلك إلى دراسات وتقارير منظمات حقوقية و مرافعات قضائية من الطرفين، وهولا يستند إلى قرار حكومي من أي طرف، و"من مهمة المنظمات الحقوقية تبيان أن سوريا ليست بلدا آمنا تحت حكم النظام، وأن السوريين لم يفروا من عمليات القصف والقتل فقط وإنما فروا أيضا من آلة النظام الإجرامية" يقول علبي.

تحاول روسيا جاهدة عقد صفقات غير مشروعة مع أوروبا مستغلة ارتفاع أصوات اليمين المتطرف الأوروبي، إلا أن المؤشرات الدولية تقول بأن تحركات روسيا ليست سوى فقاعة إعلامية لتجميل سيطرتها على أخطر بلد في العالم.