icon
التغطية الحية

معادلة النفط الإيراني مقابل الذهب الفنزويلي

2020.06.04 | 11:22 دمشق

221-1200x675.jpg
ضياء قدور - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

في الآونة الأخيرة، أرسلت إيران خمس ناقلات صغيرة (فورتشن، بيتونيا، فوريست، فاكسون، كلافيل) تحتوي كلها على مادة البنزين وبعض المواد الكيميائية (معززات الأوكتان) إلى فنزويلا، حيث وصلت منها ثلاث ناقلات على الأقل حتى الآن، في حين يبدو أن بقية الناقلات ستنجح في الوصول لهدفها رغم التحذيرات والعقوبات الأميركية المطبقة على كلا البلدين.

وعلى الرغم من أن عملية دفع مستحقات عقود شحنات النفط الخام أو المنتجات البترولية تتم عادة من خلال تحويل جزء من قيمة البضائع قبل شهر من التحميل، وتكملة بقية المبلغ بعد وصول الشحنات لمقصدها، إلا أن العديد من التقارير الإعلامية أشارت لتلقي إيران تسعة أطنان من الذهب من فنزويلا (تعادل 500 مليون دولار)، وذلك قبل وصول أي ناقلة من الناقلات الخمس أعلاه، اللواتي يحملن 1.5 مليون لتر من البنزين والمواد الكيميائية ( ما يعادل 60 إلى 80 مليون دولار تقريباً).

صحيح أن قيمة عشرة أطنان من الذهب التي تسلمتها طهران تعادل سبعة أضعاف قيمة المواد المرسلة إلى فنزويلا تقريباً، إلا أن النقطة المهمة في إرسال الوقود الإيراني إلى فنزويلا هي اختيار الطريق الذي سلكته الناقلات الإيرانية الخمس، والذي يبدو بدوره استفزازياً ومحفوفاً بالمخاطر.

جميعنا يذكر حادثة توقيف ناقلة النفط الإيرانية غريس 1، التي كانت تتحرك للوصول نحو ميناء بانياس على السواحل السورية، حيث التفت هذه الناقلة حول القرن الأفريقي لتدخل المحيط الأطلسي، ثم مضيق جبل طارق حيث تم توقيفها من قبل السلطات البريطانية بناءً على طلب مباشر من الحكومة الأميركية.

هذه المرة، قطعت هذه الناقلات الخمس مساراً مختلفاً كلياً عن مسار غريس 1، دون أن تغلق أي ناقلة من الناقلات الخمس جهاز التتبع لديها خلال هذه الرحلة الطويلة الممتدة لأكثر من 14 ألف كيلو متر (مسيرة 45 يوماً).

فبعد عبور الناقلات الخمس لمضيق باب المندب وتخطي قناة السويس، قطعت جميعها مضيق جبل طارق، في حين كان بإمكان تلك الناقلات اتباع مسير غريس 1، لتصل إلى فنزويلا مع عامل خطر أقل نسبياً، ودون المرور بقناة السويس ومضيق جبل طارق.

 

IMG-20200516-WA0008.jpg



من ناحية أخرى، تتمتع القوات الأميركية الموجودة في المحيط الأطلسي بقدرات عالية، ناهيك عن امتلاكها وحدات خاصة لمكافحة تهريب المخدرات في البحر الكاريبي، وكان بإمكان تلك القوات بكل بساطة إيقاف تلك الناقلات الخمس أو إجبارهم على الرجوع على الأقل، لكن صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت أن عدداً من الضباط الأميركيين لم يفضلوا المواجهة العسكرية مع الناقلات الإيرانية، أو تعامل وحدات مكافحة تهريب المخدرات معها، مقترحين طرقاً مدنية بديلة، وذلك دون صدور أي رد رسمي من جانب الحكومة الأميركية على هذا الخبر حتى الآن.

احتمالات واستفسارات عديدة:
بغض النظر عن مبلغ 500 مليون دولار أو تسعة أطنان من الذهب، التي لا تبدو أنها تتوافق ولو نسبياً مع قيمة المواد المرسلة من إيران إلى فنزويلا، يبدو أن إصرار النظام الإيراني على إرسال ناقلات محملة بالوقود نحو فنزويلا هو مغامرة سياسية، وذلك في ظل عامل الخطر المرتفع، وصدور عدد من التحذيرات في العالم العربي حول إمكانية توقيف الناقلات الخمس من قبل الولايات المتحدة أو إرجاعها.
من ناحية أخرى، كان لتشغيل جهاز التتبع في الناقلات الخمس طوال هذه الرحلة الطويلة دعايات واسعة في وسائل الإعلام الإيرانية ولدى المسؤولين الإيرانيين، الذين سعوا لإظهار أن النظام الإيراني قادر على إرسال هذه الناقلات إلى أقصى نقطة في العالم على الرغم من وجود العقوبات الأميركية.

قد تكون هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر قد جلبت بعض النجاح السياسي للنظام الإيراني ونظام مادورو الذين يخضعان لعقوبات نفطية صارمة من قبل الولايات المتحدة، لكن الاحتمال الأكبر الذي لا يمكن إغفاله هو أن السماح للناقلات الإيرانية الخمس بالوصول نحو فنزويلا قاطعة كل هذه المضائق والمسافات الطويلة قد يكون جزءاً من صفقة أكبر من 500 مليون دولار أو تسعة أطنان من الذهب، خاصة مع حدوث تحولات سياسية هامة في كل من أفغانستان والعراق، حيث تتمتع كل من الولايات المتحدة وإيران بنفوذ كبير، ومن المستبعد حدوث تلك التحولات دون وجود اتفاق ضمني بين الطرفين.

أي أن السماح للناقلات الإيرانية الخمس بالوصول نحو فنزويلا قد يكون جزءاً من سياسة العصا والجزرة التي تتبعها الولايات المتحدة في تعاملها مع إيران، وذلك لدفع الأخيرة نحو التعاون في عدد من الملفات الساخنة في المنطقة، كوقف الهجمات الإيرانية ضد السفن التجارية في الخليج العربي مثلاً، أو وقف ضرب المصالح الأميركية في العراق، أو ملف إعادة تموضع الميليشيات الإيرانية أو إخراجها من سوريا... وغيرها من الملفات الأخرى.