icon
التغطية الحية

مصر.. غلاء الإيجارات وسهولة التملّك يدفع السوريين لشراء العقارات

2023.12.28 | 07:17 دمشق

آخر تحديث: 28.12.2023 | 07:17 دمشق

العقارات في مصر
مشاريع سكنية في العاصمة المصرية القاهرة (تلفزيون سوريا)
مصر - آمنة رياض
+A
حجم الخط
-A

يقبل كثير من السوريين سواء المقيمين في مصر أو خارجها، على شراء العقارات، وسط تسهيلات من الحكومة المصرية، التي لا تفرض أيّة قيود على التملّك العقاري.

وبحسب مكاتب عقارية سوريّة في مصر، فإنّ ارتفاع الإيجارات الكبير الذي شهدته مصر، مؤخّراً، دفع العديد من السوريين إلى شراء العقارات، سواء نقداً بكل المبلغ أو بالتقسيط، خاصّة أولئك الذين مضى على وجودهم سنوات عديدة، بعد هجرتهم من سوريا.

وكانت الإيجارات مع وصول السوريين إلى مصر، عام 2011، تتراوح بين 400 و2500 جنيه مصري، لكن الآن ومع انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي (الدولار يساوي 30 جنيهاً، وفق تسعيرة البنك المركزي)، وصلت الإيجارات  إلى 3500 جنيه في مناطق عديدة على أطراف العاصمة القاهرة.

وينتشر السوريون في مناطق كثيرة بمصر، أبرزها: العبور والرحاب وستة أكتوبر والعاشر من رمضان والإسكندرية وبرج العرب، ووصلت أعدادهم إلى نحو مليون ونصف المليون، وفق آخر إحصائيات، حيث باتت بعض المناطق كمدن سوريّة مصغّرة.

وتختلف إيجارات الشقق السكنية من منطقة إلى أُخرى، ويعتبر أغلاها الرحاب ومدينة مدينتي ، ويعود ذلك بسبب انخفاض قيمة الجنيه والغلاء الذي تشهده مصر، فضلاً عن ازدياد الطلب على الشقق مع وصول أعداد كبيرة من السودانيين، بسبب الأوضاع التي تشهدها بلادهم.

سوق العقارات في مصر

قال "أبو عماد" سمسار سوري يعمل في منطقة العبور قرب القاهرة، لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّ سوق العقارات يشهد حالة من عدم الاستقرار، نتيجةً لتعويم الجنيه، حيث شهدت الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً في المبيع والإيجار بنسب متفاوتة حسب المنطقة أو الحي.

وأشار "أبو عماد"، الذي يعمل في هذا المجال منذ قدومه إلى مصر، عام 2012، إلى أنّ أسعار الشقق والإيجارات ارتفعت بنسبة 30 بالمئة، مرجعاً ذلك إلى زيادة الطلب والأزمة الاقتصادية، في حين لم يستبعد أن يستمر الارتفاع ولكن بنسبة أقل، لعدم وجود زيادة في الرواتب ولكون الأجور غير متناسبة مع انخفاض القوة الشرائية للجنيه المصري.

وخلال فترة بداية التعويم، عمد كثير من السوريين ممن يمكلون مبالغ مادية جيدة إلى شراء العقارات خوفاً من تدهور قيمة الجنيه أكثر، حيث اتبع الناس مبدأ "امتلاك العقار أكثر أمناً للحفاظ على الرأسمال"، بحسب أبو عماد".

من جانبه، أكّد محمد الحلبي -شاب سوري يعمل في مجال السمسرة في مدينة مدينتي- أنّ الإيجازات قفزت بشكل ملحوظ جداً، حيث ارتفع إيجار الشقة التي مساحتها 100 متر من 5000 جنيه إلى 8000 و9000 آلاف، في حين وصل إيجار الشقق المفروشة شهرياً إلى 3500 جنيه، مرجعاً ذلك إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري، ووصول أعداد ملحوظة من السودانيين ميسوري الحال واستقرارهم في المنطقة.

وقد دفع هذا الأمر العديد من العائلات السورية للخروج من مدينتي والتوجّه إلى مناطق قريبة  أقل كلفة مثل منطقة وصال والعبور والشروق، والتي من الممكن أن تتراوح أسعار الشقق بين 3000 و6000 جنيه.

تجدر الإشارة إلى أن معظم السوريين يتوزّعون في المناطق الغالية والمتوسطة في مصر، والقليل منهم في مناطق يُطلق عليها "شعبية"، حيث تكون الإيجارات منخفضة قليلاً مقارنة بالخدمات المقدمة.

ويفضّل السوري المناطق المتوسطة مثل أكتوبر والعبور والعاشر من رمضان، لكونها تحتوي على مختلف الخدمات والاحتياجات، مع وجود محال سوريّة توفّر كل احتياجات السوريين تقريباً.

وعمدت العديد من العائلات السورية بعد مضي سنوات على قدومهم إلى مصر، لشراء الشقق السكنية للتخلّص من الإيجارات المرهقة والوصول نوعاً ما إلى الاستقرار.

وقال أبو أنس -رجل ستيني من ريف دمشق- لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّه "باع كل ما يملك في سوريا من عقارات وسيارات واشترى بناءً كاملاً مؤلّفاً من أربعة طوابق له ولأولاده الثلاثة".

وتابع: "شراء العقار كان لأسباب عدة أهمها: التخلّص من دفع الإيجار الشهري حيث كانوا يدفعون جميعا ما يقارب 16 ألف جنيه، ولأنهم أيضاً لا يفكّرون بالعودة إلى سوريا، إذ باتت مصر وطنهم الثاني، خاصة أنهم افتتحوا مصنعاً صغيراً لهم وبات مردوده جيداً نوعاً ما".

من جانبها قالت ليلى العامر -من ريف دمشق- إنّ زوجها يسعى جاهداً لبيع قطعة أرض يملكها في سوريا، من أجل شراء شقة سكنية تؤويها مع أبنائها الأربعة.

وأضافت: "استنزفنا الإيجار الشهري الذي ندفعه منذ وصولنا إلى مصر قبل تسع سنوات، وزوجي موظف، جزء كبير من راتبه يذهب للإيجار، وأبنائي يدرسون في المدارس والجامعات المصرية، وحالياً لا نفكر بالعودة إلى سوريا نهائياً، لذا الحل الأصح بالنسبة لنا شراء منزل ووقف هدر الأموال في الإيجارات".

من أوروبا.. سوريون يقبلون على شراء العقارات في مصر

مصر ليست فقط وجهة السوريين المقيمين فيها لشراء المنازل، بل هناك العديد من العائلات التي لجأت إلى أوروبا تسعى لشراء عقارات في مصر، كما حصل مع علي الشامي، الذي أرسل أموالاً لعائلته من أجل شراء شقة، تكون مقصدا له في حال غادر أوروبا، ولتكون سكناً لعائلته حالياً والتخلّص من الإيجار المرتفع.

كذلك الحال مع "أبو حسام" الذي قصد مصر بزيارة قصيرة قادماً من هولندا، ليرى الأماكن التي يريد أن يشتري فيها منزلاً، حيث يخطّط لبيع بيته في سوريا وجمع ما لديه من أموال لشراء عقار في إحدى المدن المصريّة.

وأشار "أبو عماد" -السمسار السوري- إلى أنّه ساهم في شراء عشرات المنازل لسوريين مقيمين خارج مصر، حيث يرونها وجهة جيدة لهم في حال أرادوا الاستقرار.

تسهيلات في إجراءات تملّك العقارات بمصر

الحكومة المصرية لا تضع شروطاً على السوريين لتملّك العقارات، حيث يستطعون الشراء سواء بدفع المبلغ "كاش" أو عن طريق التقسيط على سنوات، ما شجّع كثيرين منهم على الشراء، كما حصل مع "أبو أحمد" صاحب معمل في منطقة العبور، والذي اشترى شقتين لأبنائه بالتقسيط في مجمع سكني قيد الإنشاء بمنطقة العبور.

وتبدأ أسعار الشقق السكنية من 200 ألف جنيه وتصل إلى عشرات الملايين، بحسب المنطقة والمساحة ونوع الشقق، والجهة التي تبني الوحدات السكنية.

عن كيفية تسجيل العقار، قال قتيبة أبو نسيب -سوري اشترى شقة مؤخّراً- لـ موقع تلفزيون سوريا، إنّه "يتم الاتفاق مع صاحب الشقة على السعر والتفاصيل، بعدها يذهب الطرفان إلى جهاز المدينة للكشف عن العقار والتأكّد من عدم وجود أية مشكلات أو ضرائب، والحصول على وثيقة تؤكّد ذلك".

وأضاف: "بعد ذلك، يذهب الطرفان إلى الشهر العقاري ليعمل البائع توكيلاً خاصاً للمشتري يؤكّد بأنّ للمشتري الحق في تسجيل العقار باسمه أو لغيره بعقد مسجل في جهاز المدينة، ويعطي التوكيل الصلاحية لنقل ساعة الكهرباء وغير ذلك من توابع العقار".

وبحسب عامل سوري في السجل العقاري بمدينة العبور، فإنّ السوريين يعاملون معاملة المصريين في عمليات بيع وشراء العقارات، مشيراً إلى أنّه "لا توجد أي مشكلات قانونية أو شروط إضافية مفروضة عليهم، باستثناء أن يكون حاملاً لجواز سفر سوري وإقامة سواء استثمارية أو سياحية أو سنوية".