icon
التغطية الحية

مشاريع صغيرة: سوريان يتخليان عن كل ما يملكانه لتحقيق أحلامهما التجارية

2022.04.14 | 06:59 دمشق

v5icuuiw6vivhhqi7di2fjmboe.jpg
سيفتيد - ترجمة وتحرير: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تخيل كيف سيكون وضعك وأنت تواجه صعوبات في الحصول على تمويل لتطلق مشروعك عندما تكون الإنكليزية لغة ثانية بالنسبة لك، وذلك بمجرد وصولك إلى أوروبا التي لا تعرف فيها أحداً؟

تلك هي الحقيقة التي يواجهها معظم رواد الأعمال من اللاجئين الذين يحاولون تأسيس مشروع ناشئ في ظل كل المتناقضات التي تعترضهم والتي لا يمكن أن يتعرض لها أي منافس محلي.

لا تمويل

يرى نور مواقي مؤسس منصة Wizme المتخصصة بتنظيم الاجتماعات والمناسبات بأن الحصول على تمويل يعدّ مشكلة كبيرة بالنسبة لأي لاجئ يحاول أن يؤسس مشروعاً، ويعلق على ذلك بقوله: "لا يوجد دعم من هذه الناحية".

فقد انتقل نور من سوريا إلى لندن في عام 2009 ليكمل دراسة الماجستير في التسويق بجامعة دورهام للأعمال، قبل أن يحصل على عمل في مجال تطوير الأعمال لدى مجموعة فنادق دولية بالمملكة المتحدة، ولكن بعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011، تقدم نور بطلب لجوء في عام 2014 ليبقى ضمن دائرة الأمان بما أن الجهة التي تشغله هي من تقوم برعايته وتمويله، ويضيف: "كنت أريد أن أطلق مشروعي الخاص بي أيضاً، ولكن لسوء الحظ، عندما تكون ممولاً من قبل جهة أخرى، فإنك سترتبط بتلك الشركة التي تعمل لديها دون أن تتمكن من إطلاق مشروعك".

Nour Mouakke, founder of Wizme

السوري نور مواقي مؤسس منصة Wizme

وحتى بوجود أكثر من عشر سنوات من الخبرة في مجال إقامة الحفلات والضيافة، يخبرنا نور بأن شبكة العلاقات المهنية تعدّ من التحديات الكبيرة التي تواجه المرء عند قدومه إلى بلد جديد، وعن ذلك يقول: "ثمة مشكلة أخرى وهي العلاقات، فلقد انتقلت من بلد لدي فيه شبكة علاقات وأعرف فيه أشخاصاً يمكن أن يساعدوني في تأدية ما يصعب عليّ من مهام لأجد نفسي فجأة  في خضم عالم جديد حيث يتعيّن على المرء أن يعثر على طريقه بنفسه وأن يجد الأشخاص المناسبين الذين بوسعه أن يتواصل معهم".

إلا أن هنالك كثيراً من المبادرات والبرامج المخصصة لدعم رواد الأعمال اللاجئين التي سيتم إطلاقها قريباً، فقد أطلقت شبكة الأمان الإنسانية منذ فترة قريبة حاضنة تركز على اللاجئين في باريس، في حين يقدم مشروع Vifre موارد عبر الشابكة للناشئين من رواد الأعمال الذين استقروا في بلدان جديدة، وهنالك أيضاً حاضنات مخصصة للمهاجرين في هولندا، إلى جانب مخبر SINGA Business Lab للمشاريع التجارية في برلين.

ضغوط مختلفة

لا يتعرض مؤسسو المشاريع لتمييز من قبل المؤسسات فحسب، وذلك لأن رامي قلعي الذي شارك في تأسيس منصة  Composeلإدارة البريد الوارد، والذي يقيم في لندن، وتعود أصوله إلى سوريا، يصف كيف عقّدت جنسيته الأمور عليه وخلقت عقبات لا يمكن أن يتعرض لها غيره من رواد الأعمال، إذ يقول: "أصبحت الأمور معقدة بشكل أكبر عندما بدأنا بجمع الاستثمار الأولي لمشروعنا لأننا أردنا أن نحصل على رأس مال المخاطرة في الولايات المتحدة، ولكن بما أننا سوريون لذا لم نستطع دخول البلاد بسبب حظر السفر المفروض علينا".

بعد ذلك تمكن رامي من العثور على مستثمرين مستعدين لمشاركته في المملكة المتحدة، ولهذا فهو يشعر بالامتنان لوجوده في بريطانيا حيث بوسعه أن يؤسس مشروعاً تجارياً بصورة آمنة.

Rami Kalai, cofounder of Compose

السوري رامي قلعي أحد مؤسسي منصة COMPOSE

يعلق رامي على تجربته بقوله: "لا توجد طائرات ميغ تحلق فوق رؤوسنا، فقد كانت طائرات الميغ تحلق فوقنا في بلدي، ورأيتها وهي تطلق الصواريخ على أحد الشوارع، إلا أن هذا لا يحصل هنا، ولهذا  من الضروري أن يحس المرء بالامتنان والقدرة على الاستفادة مما لديه".

ولكن في الوقت الذي عبّر فيه رامي عن امتنانه للأمان الذي ينعم به، أخبرنا بأن الضغوط العادية التي يتعرض لها المرء عند افتتاح أي مشروع جديد يمكن أن تتحول إلى أمور معقدة بالنسبة للاجئين، وهنا يتذكر الحوار الذي دار بينه وبين والده، بعدما أنفقت أسرته مدخراتها من أجل إرساله إلى الكلية الإمبراطورية بلندن لدراسة الهندسة الكهربائية، حيث يقول: "لقد باع أهلي بيتنا في دمشق بثمن بخس أدنى من السعر الذي دفعوه عندما اشتروه، وذلك من أجل إرسالي حتى أدرس في أوروبا. يومئذ قال لي أبي كلاماً يستحيل أن أنساه، وذلك عندما خاطبني قائلاً: "هذا ما لدينا من مال، وسنستثمره في مستقبلك؛ لأن كل شيء بنيناه على مدار عقود خسرناه بسبب الحرب، لذا يمكنك أن تبني شيئاً آخر في مكان آخر بإذن الله".

إلا أن نبرة ذلك الحديث تغيرت بعدما رفض رامي وظيفة في مصرف جي بي مورغان حتى يتفرغ لإطلاق شركته الناشئة، ويحدثنا عن ذلك فيقول: "عرض عليّ بنك جي بي مورغان العودة إلى العمل، وذلك قبل أن نحصل على أي تمويل لإطلاق شركتنا، لكني رفضت ذلك"، ثم يتذكر: "جن جنون والدي، لأن كل ما أراده لي وقتئذ هو أن أنعم بشيء من الاستقرار، فكان كمن يقول لي: تلك وظيفة ثابتة، ونحن لا نملك المال، لذا عليك أن تقبل بها، ولذلك وقع شجار كبير بيننا امتد لبضعة أيام، وعندما حصلت على الاستثمار الأولي أحسست به وكأنه يقول لي: حسناً، لعله بإمكانك أن تقوم بذلك".

إمكانات

يحدثنا نور مواقي مؤسس منصة Wizme عن تجربة مماثلة تعرض من خلالها لضغط من قبل أهله وهو يقوم بتطوير مشروعه التجاري، حيث يقول: "تخلّيت عن أمور كثيرة كما يفعل أي مؤسس لشركة ناشئة، أي الوظيفة والراتب، ثم وضعت كل مدّخراتي وجهدي وخاطرت بكل ما لدي حتى أحقق هدفي، ونجحت في ذلك، إلا أن الفرق هنا هو أني خاطرت بالرغم من أن لدي أهلاً وأصدقاء في سوريا بحاجة إلى دعمي، ولكنني تخليت عن فكرة الراتب الثابت حتى أستطيع أن أدعمهم، إذ لدي أربعة إخوة يصغرونني بالسن، وهذا ما يجعل الأمور أصعب بالنسبة لي".

في حين يرى رامي قلعي أنه في الوقت الذي ينبغي فيه على المستثمرين ورواد الأعمال أن ينتبهوا للتحديات التي يتعرض لها مؤسسو المشاريع من المهاجرين واللاجئين، يجب عليهم أن ينتبهوا لما لديهم من إمكانات، حيث يقول: "عندما أقابل مؤسس مشروع حاصل على صفة لاجئ أو تقدم بطلب لجوء أو مهاجر، أفكر بذلك الحمل الذي ينوء به كاهله، لأني عشت هذه التجربة، وأعتقد بأنهم لديهم الحافز عينه الذي يتمثل بالتفوق على المنافسين، ولكن هنالك عنصر آخر يحفزهم أكثر من غيرهم، ولهذا أعتقد بأننا إن تمكنا من بناء بيئة تساعد على تسهيل أمور تلك العملية، عندئذ يمكن أن نحقق أموراً عظيمة".

ولهذا أقصى ما يتمناه هؤلاء المؤسسون، بعيداً عن حياتهم الشخصية والرحلة التي اضطروا لقطعها، هو أن تبلي المنتجات التي قدموها للسوق خير بلاء.

المصدر: سيفتيد