icon
التغطية الحية

مدير الدفاع المدني يكشف عن عوائق "الإعادة الطوعية" للسوريين من تركيا

2022.05.25 | 06:37 دمشق

fmygl24wuauqf7o.jpg
حلب - خاص
+A
حجم الخط
-A

تحدث مدير منظمة الدفاع المدني السوري، رائد الصالح، عن عدة عوائق أمام تنفيذ مشروع "الإعادة الطوعية" لنحو مليون لاجئ سوري من تركيا، إلى منطقة شمال غربي سوريا، الذي أعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وسبق أن نشر موقع تلفزيون سوريا تقريراً تناول بشكل خاص الواقع الأمني في مناطق سيطرة المعارضة السورية، والمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها اللاجئون، سواء قصف روسيا والنظام السوري والميليشيات الإيرانية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أو التفجيرات التي تضرب مناطق متفرقة في الشمال السوري بين حين وآخر، أو الاشتباكات الداخلية بين بعض فصائل المعارضة.

لا يمكن النظر لسوريا إلا كجزء واحد

وقال الصالح لموقع تلفزيون سوريا: "عند الحديث عن سوريا لا يمكن النظر إليها إلا كجزء واحد، صحيح أن الواقع على الأرض حالياً مختلف لكن بالنهاية سوريا هي دولة واحدة ولا يمكن القبول بأي شيء يخالف ذلك، والتعامل مع عودة اللاجئين من ثم ينطلق من مبدأين أساسيين، الأول يرتبط بسبب هجرة السكان بالأصل، والثاني بالعودة للمكان الذي ينتمي إليه المهجر (المدينة أو البلدة أو القرية نفسها) أي عودته لمنزله وأرضه".

وأشار إلى أن أكثر من 12 مليون سوري خارج منازلهم الآن (بين نزوح داخلي وتهجير خارج سوريا)، ولا يوجد إنسان يرغب بالعيش خارج وطنه ولكن ظروفاً قاهرة هي ما يجبره على ترك كل شيء ليحمي أطفاله وأرواحهم، وهذا بالضبط ما حصل مع السوريين، الذين تركوا منازلهم ومدنهم لحماية أرواحهم وليس لأي أسباب أخرى، فالسوري موجود في الأردن أو لبنان أو تركيا أو الدول الأوروبية ليس ترفاً وحباً بالسياحة.

المتسبب بتهجيرهم ما زال موجوداً

ما زال المتسبب الأساسي بتهجير السوريين موجوداً، ويتمثل بنظام الأسد الذي مارس القتل والاعتقال والتهجير والإخفاء القسري بحق السوريين، ويؤكد "الصالح" أنه لا يمكن الحديث عن عودة السوريين إلى بلادهم قبل محاسبة نظام الأسد والبدء بحل سياسي وفق قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

ويضيف أن نظام الأسد يمنع حتى الآن كثيراً من سكان المناطق التي يسيطر عليها من العودة إليها، وهناك الكثير من الأمثلة، في دمشق كأحياء القابون وجوبر وأجزاء من مخيم اليرموك وفلسطين، وأحياء التضامن والحجر الأسود، وأجزاء من مدن حرستا وعين ترما وزملكا، وبلدات كاملة كعين الفيجة وبسيمة والزبداني في ريف دمشق الغربي، وفي مدينة حمص وريفها مثل تدمر والقصير، وأجزاء من مدينة دير الزور وعدة بلدات بأريافها، ومدن وبلدات ريف حماة الشمالي والشرقي وبلدات ومدن ريفي إدلب وحلب، وريف اللاذقية، وريف السويداء الشمالي الشرقي.
وأردف: "نحن نتحدث عن مجتمعات ومناطق كاملة مهجرة ويمنع النظام السوري بشكل مباشر عودة السكان إليها وهي عملية ممنهجة تأتي في سياق عقاب جماعي طويل الأمد لهذه المناطق المعارضة والتي شاركت في الانتفاضة السورية".

استمرار الهجمات الروسية

تشكل الهجمات من قبل النظام وحليفه الروسي عائقاً أساسياً أمام تحقيق الاستقرار في شمال غربي سوريا، ووفقاً لمدير الدفاع المدني فإنه منذ بداية قرار وقف إطلاق النار بإدلب في آذار 2020 وحتى اليوم لم تتوقف قوات النظام وروسيا والميليشيات الأخرى عن مهاجمة المدنيين والمدن السورية بالرغم من أن مستوى الهجمات تراجع بشكل نسبي، لكن القصف والهجمات ما زالت تأكل أجساد السوريين بهدوء ومن دون أي ضجيج يكترث له العالم.
وتستهدف الهجمات بشكل واضح المشافي والمرافق الحيوية وعوامل الاستقرار والإنتاج، وتتبع قوات النظام وروسيا سياسة ممنهجة تتلخص بالحفاظ على حالة من اللاحرب واللاسلم، بهدف منع أي حل سياسي على الأرض، وفرض واقع عسكري وإنساني يبعد الأنظار عن الحل السياسي، وهذا الواقع يمكن الحديث عنه بالأرقام لمعرفة مستوى الهجمات وما تخلفه من ضحايا.

الانتهاكات ونتائج الهجمات بالأرقام

منذ دخول قرار وقف إطلاق النار بإدلب في آذار 2020 حتى بداية العام الحالي، وثق الدفاع المدني أكثر من 2200 هجوم جوي ومدفعي على الشمال السوري، تسببت تلك الهجمات بمقتل أكثر من 340 شخصاً، من بينهم أكثر من 70 طفلاً، في حين أصيب من جراء تلك الهجمات أكثر من 1000 شخص.

اللافت للنظر -بحسب الصالح- هو امتداد هجمات قوات النظام وروسيا إلى مناطق ريف حلب الشمالي والغربي خلال الفترة الماضية، حيث تم استهدافها بالغارات الجوية والصواريخ بعيدة المدى والقصف المدفعي والصاروخي، مضيفاً أن هذه الهجمات بالتأكيد رسالة من نظام الأسد وروسيا بأنهم قادرون على زعزعة الاستقرار في أي منطقة يريدون وفي أي وقت.

التفجيرات كابوس آخر

فيما يخص العبوات الناسفة والانفجارات المجهولة، استجاب الدفاع المدني السوري خلال عامي 2020 و2021 لأكثر من 400 انفجار، تم فيها انتشال جثامين أكثر من 250 شخصاً فقدوا حياتهم.
وخلال العام الحالي، استجاب الدفاع المدني لأكثر من 216 هجوماً على المدنيين في شمال غربي سوريا من قبل قوات النظام وروسيا والميليشيات الأخرى وجهات أخرى، تسببت تلك الهجمات إضافة إلى الانفجارات بعبوات ناسفة، بمقتل أكثر من 69 شخصاً.
وقال مدير الدفاع المدني إن استمرار هجمات قوات النظام وروسيا جعلت من مناطق كثيرة في شمال غربي سوريا تفتقد للاستقرار وخاصة سهل الغاب وريف إدلب الجنوبي وريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي، مشيراً إلى أن هذه المناطق تتضمن مدناً كبيرة مثل الأتارب ودارة عزة وأريحا وحتى مدينة إدلب التي تعتبر أكبر تجمع سكاني في شمال غربي سوريا، ولا تبعد كثيراً عن خطوط التماس مع قوات النظام وروسيا.

الزيادة السكانية غير ممكنة

يؤكد رائد الصالح أن البيئة الحالية في شمال غربي سوريا غير قادرة في الوقت الحالي وبوضعها الراهن على استقبال المزيد من السكان، في ظل وجود أكثر من مليون ونصف مليون مهجر في المخيمات تتفاقم معاناتهم، ويعيشون في ظل غياب تام للخدمات والبنية التحتية، كما أن المنطقة تغيب عنها مقومات الحياة الاقتصادية بسبب غياب الاستقرار نتيجة الهجمات العسكرية للنظام وروسيا واستهدافهم المرافق الحيوية، وأي شيء يساعد على الاستقرار.

وتابع: "جميعنا نتفق على أهمية العودة الطوعية للمهجرين السوريين من دول الجوار إلى منازلهم وهذا حق لهم قبل أن يكون واجباً عليهم، ولكن قبل ذلك لا بد من إزالة العوائق أمام عودتهم وأولها محاسبة نظام الإرهاب والرعب الذي يمثله نظام الأسد، والبدء بخطوات الحل السياسي واتخاذ مسارات جديّة في تأمين العودة الطوعية للاجئين، عبر تأمين البيئة الآمنة والقادرة على استيعابهم، وربط عودة كل مهجر للمكان الذي هُجّر منه وليس لأي مكان آخر، وهذا الأمر يحتاج إلى دور كبير من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي".

وكشفت أنقرة رسمياً عن مشروع العودة الطوعية للاجئين في الثالث من الشهر الجاري، إذ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن المشروع يشمل 13 منطقة في الشمال السوري، من بينها اعزاز وجرابلس والباب وتل أبيض، عبر توفير الاحتياجات اللازمة من مدارس ومستشفيات ومنازل، بما يضمن العيش الكريم للسوريين العائدين، ويتيح "العودة الطوعية لمليون من الإخوة والأخوات السوريين الذين نستضيفهم في بلدنا".

وتقصد الحكومة التركية، بالمناطق السورية "الآمنة"، كلاً من "درع الفرات" و"غصن الزيتون" بريف حلب، ومنطقة عملية "نبع السلام" شرق الفرات، وهي مناطق خاضعة لسيطرة الجيش الوطني السوري والقوات التركية، وبالرغم من أنها تعيش حالة أمنية جيدة نسبياً، فإنها تتعرض جميعها من دون استثناء لهجمات صاروخية ومدفعية، وتفجيرات، وعمليات تسلل بريّة، سواء من جانب قوات النظام، أو قسد.