icon
التغطية الحية

مخاوف "العودة القسرية" تتزايد بين اللاجئين السوريين في الأردن

2023.08.17 | 12:26 دمشق

لاجئون سوريون يركبون دراجات في مخيم الزعتري للاجئين شمالي الأردن - 1 من شباط 2020 (رويترز)
مخيم الزعتري للاجئين السوريين شمالي الأردن - 1 من شباط 2020 (رويترز)
تلفزيون سوريا ـ بديعة الصوان
+A
حجم الخط
-A

يعد ملف "عودة اللاجئين" من الملفات البارزة في اللقاءات بين الجانب الأردني والنظام السوري، أهمها اللقاء الذي صدر عنه بيان عمان، والذي جمع وزراء خارجية الأردن ومصر والعراق والسعودية، إذ اتفقوا فيه على مقاربة جديدة وفق منهجية "خطوة بخطوة"، والتي تتضمن "خطوات تبادلية"، بأن تُخفف العقوبات والعزلة عن النظام السوري، مقابل تبادل المختطفين والمعتقلين والبحث عن المفقودين وفق نهج مدروس، وتأمين العودة الآمنة والطوعية للاجئين، وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات من دون أي عوائق إلى كل المناطق.

يتصاعد اليوم خطاب عودة اللاجئين في الأردن إلى سوريا بشكل أكبر، بالرغم من أنه لم يسبق للأردن الحديث الرسمي عن إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالقوة، إذ يجري الحديث دائماً عن عودة طوعية وآمنة، إلا أن التطبيع الأردني مع النظام أثار مخاوف اللاجئين من الإعادة بالقوة، وأعاد الحديث للواجهة من جديد.

مخاوف الترحيل من الأردن

لا تخفي اللاجئة منى خليف مخاوفها من العودة إلى سوريا، بعد 10 سنوات من اللجوء في الأردن، خليف البالغة من العمر 50 عاما، فقدت ابنها في قصف على منزلها الكائن في محافظة درعا وفقد زوجها قدمه واحترق منزلهم، تقول لـ موقع تلفزيون سوريا " صحيح تغربنا، أنا هون وولادي بلبنان ومن 10 سنيين ما شفتهم، بتمنى لم الشمل بس مو بسوريا وبهذه الوضع".

خليف تقول إنها على اتصال دائم مع بعض أقاربها في درعا إذ يخبرونها بتفاصيل الحياة التي جعلتها تفضل "الموت على العودة إلى سوريا" على حد قولها، وتضيف: "الناس هناك بتنقتل بلحظة، ما في أمان ولا في معيشه، ما بنقدر نرجع على دولة ما بنعرف مصيرنا فيها، وبالوقت نفسه خايفين من فكرة إجبارنا على العودة".  

إبراهيم المحاميد فقد يده أثناء قصف كثيف على منزله وفقد أبناء عمومته فيقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "سوريا بلد تفتقد أدنى مقومات الحياة لا كهربا ولا مياه ولا عمل وين بدنا نرجع، ما دام النظام موجوداً ما في عودة كلنا عرضة للاعتقال، بعد زوال النظام بنرجع نعمرها".  

يشدد الموقف الأردني على مبدأ العودة الطوعية والآمنة، إلا أن الخط الفاصل بين ذلك والعودة القسرية غير واضح.

الباحث الأردني المختص بالشأن السوري صلاح الملكاوي يقول لـ موقع تلفزيون سوريا: "إن التاريخ السياسي الأردني لم يشهد إجبار اللاجئين  على العودة لبلادهم لا في حالة تحقق الأمن والاستقرار أو عدم تحققها، فالأردن شهد موجات لجوء ليبية يمنية وعراقية ولم يتبع سياسة الإجبار، بالتالي العودة القسرية أمر مستبعد".

ويضيف:"سوريا تفتقد بيئة إنتاجية توفر سبل الحياة الكريمة للاجئين السوريين".   

السوريون في الأردن الأكثر رفضا للعودة  

أفادت دراسة مسيحية نفذتها الأمم المتحدة ونُشرت مؤخرا، أن 1.1% من اللاجئين السوريين في أربع دول عربية يريدون العودة إلى بلادهم خلال الـ12 شهرا المقبلة، في الوقت الذي تتزايد فيه الجهود الرامية لمحاولة تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية للاجئين السوريين.

وتفيد الدراسة المنفذة من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في مصر ولبنان والأردن والعراق بين كانون الثاني وشباط 2023، أن 1.1% من اللاجئين السوريين الذين شملهم الاستطلاع ينوون العودة في الأشهر الاثني عشر المقبلة، مقارنة بنسبة 1.7% في 2022 و2.4% في 2021.

وأفاد 93.5% من اللاجئين المستجيبين للدراسة بعدم الرغبة بالعودة إلى سوريا خلال العام المقبل، مقابل 92.8% في 2022، في حين تعلن المفوضية عدم تشجيعها على العودة في الوقت الحالي.

اقرأ أيضا: انتهاء اجتماع عمّان التشاوري حول سوريا.. ما أبرز مخرجاته؟

وأظهرت الدراسة أن 97% من اللاجئين السوريين في الأردن المشاركين في الدراسة لا ينوون العودة إلى بلادهم خلال الـ12 شهرا المقبلة، مقابل 2.4% لم يقرروا بعد.

أما النسبة الإجمالية، لرغبة اللاجئين السوريين للعودة لبلادهم في أي وقت، فكانت 56.1%، وكانت نسبة اللاجئين الرافضين للعودة لسوريا في غضون عام واحد هي الأعلى في الأردن بواقع 96.8% في حين كانت العام الماضي 94.2%، مقابل 95% في مصر، و94% في العراق، و91% في لبنان.

في الأردن، أشار 65٪ من اللاجئين الذين شملهم الاستطلاع إلى رغبة عامة في العودة إلى سوريا في وقت ما، وهي النسبة الأعلى يليها لبنان والعراق، وكان أكبر تغيير في النوايا مقارنة باستطلاع العام الماضي في الأردن، بعد انخفاض نية العودة في الأشهر الـ12 المقبلة من 2.4% إلى 0.8% العام الحالي.

وشكلت قضايا السلامة والأمن وسبل العيش والعمل والخدمات الأساسية والإسكان في سوريا العوامل الرئيسية المؤثرة على عملية اتخاذ قرار العودة، وفق الاستطلاع الذي شارك فيه 2984 لاجئا.

سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين

لا يخفي حقوقيون أن مسألة العودة إلى سوريا أمر مقلق وخاصة بعد اختفاء أردنيين ذهبا للسياحة، إذ روج العديد من اليوتيوبرز العرب لزيارة دمشق، وقد بثوا ونشروا زياراتهم إلى سوريا، مصورين أن الوضع آمن تماما. 

وفي تقرير أعدته منظمة هيومن رايتس ووتش في عام 2021 تحت عنوان "حياة أشبه بالموت: عودة اللاجئين من لبنان والأردن" كشف تعرض من عادوا إلى سوريا لانتهاكات جسيمة واضطهاد من النظام والميليشيات التابعة له، مثل التعذيب، والقتل خارج نطاق القانون، والاختفاء القسري. أغلب من قابلتهم "هيومن رايتس ووتش" ناضلوا أيضا من أجل البقاء على قيد الحياة والحصول على احتياجاتهم الأساسية في بلد أنهكه النزاع والدمار الواسع.

هذا التقرير الذي يستند إلى 65 مقابلة مع لاجئين سوريين عادوا إلى بلادهم من الأردن ولبنان، أو مع أقارب لهم، يبيّن لماذا سوريا غير آمنة للعودة، ويوثق الانتهاكات الخطيرة والواقع الاقتصادي القاسي الذي يواجهونه عند العودة، ويشرح لماذا بعضهم يقرّر العودة رغم هذه الصعوبات. وجد التقرير أنّ العائدين يواجهون الكثير من الانتهاكات نفسها التي دفعتهم إلى الفرار من سوريا، ومنها الاضطهاد والاعتداءات، مثل الاعتقال التعسفي، والاحتجاز غير القانوني، والتعذيب، والقتل خارج نطاق القضاء، والاختطاف، وتفشي الرشوة والابتزاز على يد أجهزة النظام الأمنية والميليشيات التابعة له. يبحث التقرير أيضا في الممارسات التي تُسمى "التدقيق الأمني" و"اتفاقات المصالحة" – التي كثيرا ما يستخدمها النظام للتدقيق في شؤون العائدين والأشخاص الذين يعبرون نقاط التفتيش في سوريا – ويبيّن كيف أن هاتين العمليتين لا تحميان الأفراد من استهداف أجهزة الأمن الحكومية. كما ينظر التقرير في انتهاكات حقوق الملكية وغيرها من الصعوبات الاقتصادية التي جعلت العودة الدائمة مستحيلة بالنسبة للكثيرين.

اللاجئون الذين عادوا ولم يواجهوا تهديدات لحياتهم أو سلامتهم الجسدية يعيشون في خوف من استهداف قوات النظام وميليشياته لهم، لاعتقادهم أنهم ينتمون إلى المعارضة، أو يتعاطفون معها، أو أعربوا عن معارضتهم للنظام السوري.

أكدت مقابلات هيومن رايتس ووتش مع اللاجئين العائدين الفكرة التي عبّر عنها خبير بارز في شؤون سوريا بأن "كل من يعود تقريبا سيتعرض إلى شكل من أشكال الاستجواب، سواء أثناء تناول كوب شاي مع الأجهزة الأمنية أو أثناء جلسة تعذيب كاملة، فهم يريدون معرفة الأسباب التي دفعت الناس إلى المغادرة". تشير تقديرات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إلى أنّ نحو 150 ألف شخص تعرضوا إلى الاعتقال التعسفي والاحتجاز، ونحو 15 ألفا لقوا حتفهم بسبب التعذيب بين مارس/آذار 2011 وآذار 2021، أغلبهم على يد قوات النظام.

وأشار التقرير إلى أنه "وبالرغم أن بعض أجزاء سوريا لم تشهد أي أعمال عدائية منذ 2018، إلا أن سوريا ما زالت بلدا غير آمن"، منذ ذلك الوقت وحتى اليوم في ظل غياب أفق لحل سياسي في سوريا والحديث المستمر  عن إعادة اللاجئين".