icon
التغطية الحية

"محسن البرازي" عرّاب حكم العسكر وصاحب أول محاولة تطبيع مع إسرائيل

2022.08.29 | 06:38 دمشق

حسني
إسطنبول - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

"مذكّرات محسن البرازي.. رئيس الوزراء السوري الأسبق" كتابٌ صدر حديثاً عن دار "الآن ناشرون وموزعون"، وهو من إعداد وتقديم الكاتب والمؤرخ السوري محمد م. الأرناؤوط.

والكتاب الحالي هو الطبعة الثانية من مذكّرات السياسي السوري محسن البرازي، بعد الطبعة الأولى التي صدرت قبل نحو 70 عاماً (1952)، ويتناول خفايا السياسة العربية بين عامي 1947 و1949.

وتتميّز هذه النسخة بمقدّمتها التي تُلقي أضواء جديدة على البرازي بالاستناد إلى أرشيفه الشخصي، حيث نُشر منه وثائق وصُور للمرّة الأُولى، ولم تكن منشورة في الطبعة القديمة، كما تكشف هذه النسخة عن أوّل محاولة تطبيع بين نظام حسني الزعيم في سوريا والكيان الإسرائيلي.

جاءت المذكرات بصيغتها الحالية في 168 صفحة، وتغطي مرحلة هامة جداً من تاريخ المنطقة العربية عموماً، إذ أنها لا تتعلق فقط بتاريخ سوريا في السنوات التي أعقبت الاستقلال، بل السنوات التي شهدت تطورات دقيقة جداً على المسرح العربي وخاصة في مسار القضية الفلسطينية.

سيرة ومذكرات محسن البرازي

ولد الدكتور المحامي محسن البرازي في مدينة حماة وسط سوريا عام 1904، وكان الده خالد البرازي نائباً عن حماة في مجلس المبعوثان العثماني. 

حصل محسن على الشهادة الثانوية في حماة عام 1922 ثم على ليسانس في القانون من جامعة ليون ثم على الدكتوراه من جامعة السوربون 1929، وحملت رسالة الدكتوراه عنوان "الإسلام والاشتراكية".

تزوج من سيدة فرنسية ثم عاد إلى سوريا وعمل محامياً وأستاذاً للقانون الدولي بجامعة دمشق ولكنه بعد وفاة زوجته الفرنسية، تزوج من السيدة الحلبية مودة الجابري.

نشاط البرازي وعلاقاته السياسية

ترأس "الجمعية السورية العربية" خلال وجوده في فرنسا وهي جمعية كانت تنادي باستقلال سوريا. وفي سنة 1933 شارك مع عدد من المفكرين العرب بمؤتمر قرنايل في لبنان لتأسيس عصبة العمل القومي التي نادت بالعمل على استقلال الدول العربية ووحدتها.

عمل البرازي وزيراً للمعارف في الفترة القصيرة من نيسان إلى أيلول 1941 في وزارة خالد العظم الأولى، ثم عينه الرئيس شكري القوتلي مساعداً له بين عامي 1943 و1947، ثم أميناً عاماً للقصر الجمهوري ومبعوثاً خاصاً لرئيس  الجمهورية إلى الدول العربية، حيث كان يحمله رسائل خاصة إلى الملك فاروق  والملك عبد العزيز آل سعود، وبذلك قويت علاقاته مع السعودية ومصر.

اختير البرازي وزيراً للداخلية في حكومة جميل مردم بك عام 1947 رغم خلافات البرازي مع سعد الله الجابري عندما كان رئيسا للوزراء عام 1945، والجابري وجميل مردم من ذات تيار الكتلة الوطنية التي تولت الوزارة تلك الفترة وربما يكون ذلك اشارة لاستفادة البرازي من تناقضات الحكم بين الجابري ومردم بك داخل الكتلة الوطنية.

استطاع البرازي أن يتسلم منصب وزير الخارجية في حكومة جميل مردم الثانية عام 1948 التي تم تشكيلها بعد النكبة. وعندما شكّل خالد العظم الحكومة التالية في نهاية عام 1948 اختار البرازي لوزارة المعارف بتوصية من الرئيس شكري القوتلي الذي اعتبر البرازي مقرباً جداً منه.

البرازي.. عرّاب الانقلاب العسكري الأول في سوريا

تتقاطع أغلب الروايات في اتفاقها على دور البرازي الرئيسي في تدبير انقلاب حسني الزعيم (العسكري) على الرئيس القوتلي -بدعم سعودي أميركي مصري فرنسي. ليصبح الزعيم رئيساً للبلاد، وعيّن البرازي بالبداية سفيراً خاصاً لدى مصر للتواصل المباشر مع الملك في مصر، ثم ما لبث أن عيّن البرازي رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية والخارجية في ذات الوقت في حزيران 1949.

تحوّل السياسة السورية والتفاوض مع إسرائيل

وفي زمن سلطة الزعيم والبرازي، تغير التوجه السوري من دولة تدور في محور بريطانيا والعراق والأردن إلى دولة تدور في محور السعودية ومصر والولايات المتحدة.

أول نتائج هذا التحول توقيع الزعيم على اتفاقية مرور خطوط شركة أرامكو الأميركية للنفط السعودي عبر سوريا، بما سمي خطوط (التابلاين)، بعدما كان البرلمان السوري قد رفضها قبل الانقلاب بضغط من شركة النفط البريطانية في العراق. 

كما تشير مختلف المصادر والوثائق إلى أن البرازي كان أول من فاوض اسرائيل عام 1949، وتنسب إليه عملية تسليم أنطون سعادة (مؤسس وزعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي) إلى حكومة رياض الصلح في لبنان حيث تم إعدامه خلال ساعات.

إعدام البرازي

وبعد نجاح انقلاب سامي الحناوي في آب 1949 (بعد 137 يوماً فقط من انقلاب حسني الزعيم) حتى تم إعدام الزعيم ومحسن البرازي معاً رمياً بالرصاص، بشكل فوري وسري ومن دون أي محاكمة. ويقال أن العقيد أديب الشيشكلي (صاحب الانقلاب العسكري الثالث في سوريا- كانون الأول 1949، ثم رئيساً لسوريا 1953- 1954) هو من أطلق النار بمسدسه على البرازي.