icon
التغطية الحية

ما هو مخطط إيران وروسيا وتركيا لمستقبل سوريا بعد انسحاب أمريكا؟

2018.04.06 | 21:04 دمشق

الرؤساء الثلاثة التزموا بحماية وحدة الأراضي السورية مع استمرار وجودهم العسكري(رويترز)
واشنطن بوست - ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تقريراً عن القمة الثلاثية التي جمعت مؤخراً رؤساء كل من روسيا وتركيا وإيران في العاصمة التركية أنقرة لبحث مواضيع عدة من أهمها الملف السوري، وقالت الصحيفة إن قادة إيران وروسيا وتركيا اجتمعوا الأربعاء الماضي من أجل إجراء محادثات رفيعة المستوى تتمحور حول إنهاء "الحرب السورية"، وفرض نفوذهم في البلاد في فترة ما بعد الحرب، فضلا عن عزل الولايات المتحدة والنأي بها عن الدور المصيري للوسيط الدبلوماسي في المنطقة. وقد التقى الرؤساء الثلاثة، رجب طيب أردوغان، وحسن روحاني، وفلاديمير بوتين، في العاصمة التركية أنقرة، حيث تعهدوا بالتعاون من أجل إعادة إعمار سوريا وتقديم المزيد من المساعدات للشعب السوري.

وأضافت الصحيفة أن الرؤساء الثلاثة التزموا بحماية "وحدة الأراضي السورية"، في ظل استمرار تمركزهم العسكري داخل البلاد. من جهة أخرى ناشد القادة الثلاثة المجتمع الدولي إلى تقديم المزيد من الدعم لسوريا، مؤكدين معارضتهم للأجندات الانفصالية في البلاد. وفي هذا السياق، أفاد  الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال مؤتمر صحفي عُقد بعد انتهاء القمة قائلا: "لا يمكن ترك مستقبل سوريا ومنطقتنا لحفنة من الإرهابيين".

وقد ساهمت القوات التركية في القضاء على جماعات تنظيم الدولة الإسلامية المتمركزة في سوريا، كما دخلت في مواجهات مع "وحدات حماية الشعب"، التي تعتبرها على علاقة بالحركات "الكردية الانفصالية" في بلادها. من جانبه، أشار الرئيس التركي، إلى أنه "لا يمكن أن يكون هناك سلام في تركيا دون تحقيق السلام والأمن في سوريا. ولذلك ينتظرنا طريق صعب لبلوغ ذلك".

وأشارت الصحيفة إلى أن المفاوضات التي أجرتها كل من أنقرة وموسكو وطهران جاءت في ظل تصاعد التوتر بين هذه الدول وبين الولايات المتحدة الأمريكية التي تحظى بدورها بوجود عسكري في سوريا. وتعتبر هذه القمة المناسبة الثانية التي يلتقي فيها أردوغان وبوتين وروحاني في الأشهر الأخيرة لمناقشة تطورات الملف السوري، مما يؤكد مدى حدة تلك التوترات مع واشنطن وتضاؤل نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة.

وفي سياق متصل، أوضح مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، يوم الأربعاء الماضي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أصدر تعليمات للمسؤولين العسكريين بالتجهيز لسحب القوات الأمريكية من سوريا. وأضاف المصدر ذاته أن الرئيس لم يحدد جدولا زمنيا لهذه الخطوة، لكنه شدّد على أن القوات الأمريكية لا بد أن تعمل على مواصلة تدريب القوات المحلية التي تحمى المناطق المحررة من قبضة تنظيم الدولة.

وتقول واشنطن بوست "إنه في حال أصرت واشنطن على تنفيذ خططها، سيخلف انسحابها فراغًا في السلطة في أجزاء من سوريا، مما سيسرع بالفعل من عملية التهافت على النفوذ والأرض بعد مرور سبع سنوات على الصراع الذي بدأ خلال عام 2011 على شكل انتفاضة سلمية، ولكنه سرعان ما تحوّل إلى ثورة مسلحة. ومنذ ذلك الحين، قُتل ما يقارب عن نصف مليون سوري وشُرد أكثر من 11 مليون شخص، وانقسمت البلاد إلى مزيج من الإقطاعيات، التي يديرها العديد من المسلحين الذين يتسمون بتغيير ولائهم وفقا لمصالحهم".

في شمال وشرق سوريا، تخضع مناطق مختلفة إلى سيطرة الفصائل العسكرية المدعومة من قبل تركيا، والجماعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة، فضلا عن وحدات حماية الشعب وقوات سورية الديمقراطية الذين يتلقون المساعدة من طرف الولايات المتحدة. في الأثناء، يسيطر عدد من الوكلاء الإيرانيين وقوات النظام  والمرتزقة الروس على مناطق أخرى في البلاد.

ويتمثل الأمر اللافت للنظر في التدهور السريع الذي شهدته العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، اللتان تعتبران عضوتان في حلف الناتو، على الرغم من الجهود التي بذلها كلا الجانبين من أجل تحسين الروابط بينهما.

وتوضح الصحيفة "من جانبها، انتقدت تركيا تعاون البنتاغون الأمريكي مع الأكراد، الذين يطلق عليهم اسم وحدات حماية الشعب في سوريا، في حين رفضت الولايات المتحدة الخضوع لتهديدات تركيا بشأن مهاجمة مدينة منبج شمالي سوريا، والتي نجحت واشنطن بالتعاون مع القوات الكردية في تحريرها من قبضة تنظيم الدولة".

في الوقت ذاته، عمدت أنقرة إلى تعزيز علاقاتها بروسيا، حيث استضافت الحكومة التركية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإجراء محادثات قبل انعقاد القمة الثلاثية يوم الأربعاء. وقد أثار التقارب التركي الروسي قلق حلفاء تركيا الغربيين، على الرغم من الخلاف القائم بينهم وبين أنقرة منذ سنوات. وقد ساهم قرار أردوغان باستضافة خصمين للولايات المتحدة في تسليط الضوء على العداء الكامن بين مختلف الأطراف.

في هذا الصدد، أكد المحرر في "تي آر تي وورلد"، القناة الناطقة باللغة الإنجليزية التابعة لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون الرسمية التركية، أحمد البرعي، في إشارة إلى إيران وروسيا وتركيا أن "الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة في المنطقة، وتحركات إدارة ترامب المتهورة واللامبالية التي تشمل تجاهلها لمخاوف تركيا تمامًا، وإفساد جميع قنوات التواصل مع روسيا بشكل كلي، سيؤدي إلى تعزيز نفوذ هذه القوى الثلاثة".

على الرغم  من  الاجتماع  الذي عقدته هذه البلدان الثلاثة في أنقرة هذا الأسبوع، لا تزال مصالحها على ساحة المعركة متضاربة إلى حد ما. فلطالما عارضت تركيا الأسد ودعمت المعارضة المُناهضة لحكمه، لكن روسيا، التي تدعم النظام الاستبدادي، قاتلت من أجل قمع الأصوات المعارضة والحفاظ على موطئ قدم عسكري لها في سوريا. من جانبها، عارضت إيران العمليات العسكرية التي تشنها تركيا في البلاد. في سياق متصل، أكّد بعض المحللين أن "إيران ستدعم بقاء الأسد في السلطة مهما كلفها ذلك".

أحال أحد الدبلوماسيين الغربيين، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته نظرا لأنه غير مخول للحديث عن الصراع، مؤخرا إلى أن "هناك توترات حقيقية بين تركيا وإيران". كما أكد دبلوماسي آخر مختص في المجال السوري، أن "الأسد على الأرجح يعد الشخص الوحيد المستفيد من بروز قوة إيران داخل سوريا وخارجها. لذلك لا أعتقد أن إيران سترغب في حدوث أي إصلاح سياسي بأي شكل من الأشكال يُهدد موقف الأسد أو يُضعف نفوذ حكومته".

 

كلمات مفتاحية