ما هو المطلوب من المعارضة في ظل قراءة قمة بوتين وبايدن الباردة

2021.06.26 | 05:54 دمشق

bwtyn-baydn-aljlst-alawly.jpg
+A
حجم الخط
-A

للأسف لا تزال آفاق الحلول بخصوص الملف السوري غامضة، حتى بعد قمة الرئيسين فلاديمير بوتين وجو بايدين، والتي لم يرشح عنها أي معلومات جدية أو موقف، ولا عن مجريات الاجتماع بخصوص الملف السوري. وهذا يعكس شيئا من البرود على موقف الدولتين الأكثر تأثيراً بالملف السوري.

كذلك موقف الرئيس الروسي حول الملف السوري، والموقف الروسي من مسرحية الانتخابات الرئاسية، والسكوت عن خطورة التجديد لسبع سنوات مقبلة، المترافق مع إصرار النظام على تعطيل العملية السياسية في جنيف، وإصرار لجنته الدستورية على رفض الانخراط في مناقشة المبادئ الدستورية لصياغة مشروع دستور موقت جديد، مع الاستئناس بالدساتير السورية السابقة ومنها دستور 2012، تنفيذا لقرار مجلس الأمن 2254/2015.

طبعا لا بد من الإشارة إلى أن موقف جو بايدن أكثر وضوحاً والتزاماً بالقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية السورية، الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة.

إضافة إلى موقفه مما يسمى الانتخابات الرئاسية، وعدم الاعتراف بنتائجها، وهو موقف لا يقتصر على الرئيس الأميركي والسلطة التنفيذية، بل يشمل مجلسي النواب والشيوخ ووزارة الدفاع (البنتاغون)، خلافاً لما كان عليه الموقف الأميركي في عهد الرئيس ترامب وممارساته الانفرادية عبر التغريدات المفاجئة، خارج مؤسسات الدولة الأميركية.

ونفكر هنا، هل تراجعت روسيا عن مخرجات سوتشي واللجنة الدستورية ودورها في جنيف والعملية التفاوضية والقرار 2254، الذي يتطلب تنفيذ النظام لإجراءات بناء الثقة، كإطلاق سراح معتقلي الرأي والسجناء السياسيين، وبيان مصير المفقودين والمغيبين والانتقال السياسي وتوفير البيئة الآمنة والمحايدة التي يتطلبها تنفيذ القرار 2254.

النظام يعطل اللجنة الدستورية. وقد قرّر الانتخابات الرئاسية تحت سياسة الأمر الواقع. وأننا متأكدون أنه لا يمكن لهذا النظام أن يقدم أي تنازل بالعملية السياسية

حتى الآن باعتقادي أن الروس في النهاية يريدون عملية سياسية، وأعتقد أنهم سيسعون لتغيير سلوك النظام بعد تمثيلية الانتخابات، وما شهدناه من حملة كبيرة على النظام من قبل صحفي سوري مقيم بروسيا، ويحمل الجنسية الروسية وهو مستشار بالكرملين، يؤكد ما أقوله، رغم تأكدي من أن هذا النظام لا يمكن أن يغير من سلوكه. وهذا ما أخبرنا به نائبة المبعوث الأممي الدكتورة خولة مطر، وفريق من مكتب المبعوث بدمشق. في 2/6/2021 حين التقيناها في مكتب المبعوث الأممي بدمشق.

وشرحنا لها كيف أن النظام يعطل اللجنة الدستورية. وقد قرّر الانتخابات الرئاسية تحت سياسة الأمر الواقع. وأننا متأكدون أنه لا يمكن لهذا النظام أن يقدم أي تنازل بالعملية السياسية. وهمه الوحيد الاستمرار بالحكم. لهذا فالانتخابات لن تحدث أي تغيير. كما أخبرناها أننا نعمل من خلال (جود) على عقد مؤتمر موسع للمعارضة الديموقراطية في الفترة المقبلة.

فأجابت عن علمها بأن اللجنة الدستورية تأخرت.. وأنها تأمل خيراً بمقترح المبعوث الأممي الأخير الذي نتج عن لقاء الأفرقاء، مشيرة أن دور البعثة "التحريك" وعدم توقف العملية.

هناك الكثير من السلبيات ستترتب على التراخي الدولي في معالجة الوضع السوري، وسيزيد في مأساة السوريين وآثارها الخطيرة على الأوضاع الاجتماعية، الاقتصادية، المعيشية، والصحية واستمرار تدهور وتدني قيمة العملة السورية اتجاه العملات الإقليمية والدولية، كل ذلك سيضاعف معاناة الشعب السوري معارضة وموالاة، مدنيين وعسكريين، باستثناء الزمرة الحاكمة وأتباعها من المنافقين المشاركين في نهب ما بقي من أموال الناس وممتلكاتهم بكل الوسائل، بما فيها القوانين والأنظمة المخالفة حتى لدستور 2012 الذي فصله النظام على مقاسه ومصالحه.

كما أن تعقيدات الوضع الإقليمي (الكيان الإسرائيلي وإيران وتركيا) وتضارب المصالح واستمرار رهان النظام على الحل الأمني العسكري لحسم الصراع بديلا للحل السياسي في جنيف بدعم عسكري بري للحرس الثوري الإيراني والغارات الإسرائيلية المتواصلة، والسيطرة العسكرية التركية على مناطق محاذية لحدودها تحسبا لقيام كيان فدرالي، كل ذلك عرّض الأراضي السورية إلى حرب عبثية بالوكالة تهدد وحدة سوريا واستقرارها وتؤخر إنجاز الحل السياسي.

على المعارضة السورية أن تستكمل توحيد جهود القوى الوطنية الديمقراطية من خلال عمل الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) بعد نجاح مؤتمرها الإلكتروني

من جهة أخرى نحن على يقين، أن غالبية الشعب السوري في الداخل والخارج وفي مخيمات اللجوء والمنافي، كذلك القوى السياسية، هيئة التنسيق الوطنية، والجبهة الوطنية الديمقراطية (جود)، وكل القوى الوطنية الديمقراطية، التي قاطعت الانتخابات ورفضت نتائجها المفبركة، لن تقبل بالأمر الواقع والحوار مع النظام في دمشق، أو التخلي عن بيان جنيف1 والقرارات الدولية، وستصر على أن يكون الحوار في جنيف بإشراف المبعوث الدولي ونائبته د. خولة مطر وأعضاء البعثة وخبرائها الدوليين.

لذلك على المعارضة السورية أن تستكمل توحيد جهود القوى الوطنية الديمقراطية من خلال عمل الجبهة الوطنية الديمقراطية (جود) بعد نجاح مؤتمرها الإلكتروني، وتشكيل هيئاتها القيادية، المؤتمر التأسيسي، والهيئة المركزية، والهيئة التنفيذية، رغم محاولات منعه من قبل النظام. وعلى الهيئتين المركزية والتنفيذية بالمبادرة السريعة لتسمية ممثليها في لجنة تحضيرية جديدة، تضم لجانا للتواصل والحوار مع القوى الوطنية الأخرى، التي أيدت تشكيل جود وعبرت عن استعدادها لتشكيل تحالف أو تجمع واسع للقوى الوطنية الديمقراطية معها، للتوافق على صياغة مشروع رؤية سياسية مشتركة وبرنامج سياسي مشترك، ومشروع نظام أساسي (داخلي) مشترك، بالاستفادة من الزخم والتأييد الذي عبرت عنه هذه القوى من خلال دعم تشكيل جود، والوقوف معاً في مواجهة محاولات النظام لتعطيل الحل السياسي. وتطبيق قرارات الشرعية الدولية.

من هنا نرى أن المطلوب من المعارضة السورية، بالإضافة إلى التزامها بمصالح الشعب السوري أولا وأخيرا، تمكينه من ممارسة سلطته المسلوبة في اختيار النظام الذي يعبر عن مصالحه، وعن الدولة المدينة الديمقراطية التعددية التداولية لكل مواطنيها على انتماءاتهم القومية والدينية والطائفية، والابتعاد عن المحاصصة الحزبية والفئوية والذاتية الخاصة، لتكسب احترام وثقة الشعب السوري والدول العربية الفاعلة والمجتمع الدولي.