ما الذي ينتظر أردوغان في واشنطن؟

2019.11.09 | 17:14 دمشق

1024052106.jpg
+A
حجم الخط
-A

حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان موقفه وقرر التوجه إلى واشنطن في منتصف الأسبوع المقبل تلبية لدعوة نظيره الأميركي دونالد ترمب. الاتصال الهاتفي الأخير بين الرئيسين هو الذي فتح الأبواب أمام تراجع أردوغان عن تشدده في موضوع الزيارة وتليين مواقفه ومطالبه قبل الإقدام عليها. ما الذي دفع الرئيس التركي الذي كان يتحدث عن علامة استفهام قائمة حول زيارته لتبديل رأيه؟ ما الذي قدمه ترمب ليقنع الرئيس التركي بحسم موقفه وقبول الدعوة؟ هل هي الضمانات والتطمينات الكافية أن العلاقات التركية الأميركية مصانة ومحمية رغم كل التصعيد وسيناريوهات القطيعة التي يلوح بها الكونغرس الأميركي؟

أنقرة كانت تريد أن يحسم موضوع تراجع واشنطن عن دعوة مظلوم كوباني رجل حزب العمال الكردستاني إلى واشنطن أو اعتقاله وتسليمه لها طالما هو مطلوب من قبل أجهزة الأمن التركية بتهم المشاركة في تنفيذ هجمات إرهابية. وكانت تريد أيضا تراجع مجلس المندوبين الأميركي عن قراراته في مسألة الدعوة لفرض عقوبات جديدة ضدها أو لعب الورقة الأرمنية مجددا وكذلك تبديل واشنطن لسياستها حيال مجموعات الكيان الموازي وزعيمه فتح الله غولان الذي تتهمه تركيا بالإشراف على المحاولة الانقلابية الفاشلة قبل 3 سنوات وتعتبره أميركا رجل الدين التركي اللاجىء إليها. ثم حسم مسألة السلاح الأميركي بيد مجموعات "قسد" الذي استخدمته ضد القوات التركية الحليف المفترض لأميركا تحت سقف حلف الأطلسي. فهل قدمت إدارة ترمب أية تنازلات في هذه الملفات؟ المسألة بالنسبة للداخل التركي لم تعد فقط مسألة ذهاب الرئيس أو عدم ذهابه بل مسألة لماذا ذهب وما الذي استطاع إنجازه لتخفيف هذا الاحتقان بين البلدين؟

في الوقت الذي يتحدث البعض عن حسم الرئيس التركي موقفه بالتوجه إلى واشنطن للقاء

تفاهم الجمهوريين والديمقراطيين الواسع تحت سقف مجلس المندوبين يعني أن تركيا بعثرت عش الدبابير الأميركي في سوريا والمنطقة وعليها أن تدفع الثمن

نظيره الأميركي بدأ الإعلام الغربي يتحدث عن تجهيز رزمة عقوبات جديدة يعد لها الكونغرس ضد أنقرة بسبب عمليتها العسكرية. دون أن نغفل حقيقة وجود لوبي كبير داخل أميركا وخارجها يهمه أن لا تتم الزيارة أو أن تصل إلى الفشل.

تفاهم الجمهوريين والديمقراطيين الواسع تحت سقف مجلس المندوبين يعني أن تركيا بعثرت عش الدبابير الأميركي في سوريا والمنطقة وعليها أن تدفع الثمن. وهي اعتمدت سياسة تضر بمصالح إسرائيل. وأخطأت بزيادة حجم التنسيق مع موسكو وإيران وأفشلت مشروع الكيان الكردي المستقل في سوريا خصوصا على حدودها وتمسكت بإنجاز خطة "نبع السلام".

ترمب يشيد بدور "قسد" في الحرب على داعش ويستعد لاستقبال إحدى قيادات حزب الاتحاد الديمقراطي مظلوم كوباني كشريك محلي له في سوريا يزوده بالسلاح ومبيعات النفط السوري والغطاء السياسي الذي يحتاجه متراجعا عن رسائل ما قبل أيام حول انفراط عقد الشراكة وأن "قسد" قبضت ثمن خدماتها وأكثر. القناعة التركية الجديدة هي أن الهدف الأميركي بالتنسيق مع بعض العواصم الغربية والعربية وإسرائيل هو محاولة تدويل الملف الكردي بشقه السوري تماما كما حدث في العراق.

وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو يقول لن نقبل باستقبال أحد كبار الإرهابيين من قبل القيادة الأميركية. لكل رئيس جدول أعماله وأولوياته ومطالبه فكيف سيتم الاتفاق أمام نقاط مشتركة تخدم مصالح الطرفين وتبعد شبح القطيعة الذي يخيم مجددا؟ تعقيدات المشهد توحي أن التفاهمات ستكون صعبة كي لا نقول مستحيلة وأن الطريق المسدود هو الاحتمال الأقرب وأن ما يجري لا يتجاوز مسألة ربح المزيد من الوقت بالنسبة لكل طرف.

ترمب سيحاول أن يظهر أمام الكاميرات وهو يربت على كتف أردوغان لطمأنته وكأنه أقنعه بما عليه أن يقول ويفعل لكن المؤسسات الأميركية في غالبيتها تتحرك باتجاه آخر. هي تصر على مطاردة السياسة التركية السورية والروسية والإقليمية وتضييق الخناق عليها. موسكو تفعل ما بوسعها كالعادة لتأجيج التوتر فهي ذكرت أن عرض المقاتلات سو 35 ينتظر بدلا من صفقة إف 35.

شاووش أوغلو يعلن أن القرارين المتخذين من قبل مجلس النواب الأمريكي ضد بلاده، يشكلان محاولة للانتقام من أنقرة على خلفية إحباطها للمكائد التي استهدفتها في سوريا. من الذي كان يعد هذه المكائد وما دور الولايات المتحدة فيها؟ كيف سيرد أردوغان مثلا على رسالة ترمب التي أغضبت الداخل التركي في الحكم والمعارضة بعدما أرفقها برسالة مظلوم كوباني له متحديا المواقف التركية حيال هذه المسألة الحساسة؟

تشير التقارير الأمنية التركية إلى أن حجم الانفاق على تجهيز الأنفاق تحت مدن وأقضية مناطق شمال سوريا بلغت المليار دولار. بعض التقارير تتساءل إذا ما كان هناك أنفاق وصلت إلى داخل الأراضي التركية الحدودية. مثل هذه المبالغ لم تنفق حتما في

عودة أردوغان خالي الوفاض من البيت الأبيض تعني استمرار التوتر التركي الأميركي وتضارب المصالح والحسابات أكثر فأكثر

إطار خطط الحرب على داعش لأن وحدات الحماية استخدمتها ضد القوات التركية والجيش الوطني السوري في معركة "نبع السلام". من الذي موَّل هذه المشاريع وساهم في حفرها وتجهيزها وأشرف على التخطيط لها؟ هل تجد أنقرة لدى واشنطن إجابات مقنعة ومطمئنة؟

عودة أردوغان خالي الوفاض من البيت الأبيض تعني استمرار التوتر التركي الأميركي وتضارب المصالح والحسابات أكثر فأكثر. لكنها تعني أيضاً فتح الطريق أمام المزيد من الاصطفافات المتباعدة في سوريا والمنطقة.

ما إن تأكد للبعض أن العملية العسكرية التركية بالتنسيق مع قوى المعارضة السورية تتقدم بنجاح على الأرض حتى تحركت واشنطن وموسكو لإقناع أنقرة باتفاقيات ميدانية تنسحب بموجبها مجموعات "قسد" من المنطقة. الذي قد ينقذ أنقرة من ورطتها هذه هو احتمال أن لا يكون هناك تفاهمات أميركية روسية على حسابها لأن العكس سيكون كارثياً على مصالحها ونفوذها وحساباتها في أكثر من مكان.

ردت إحداهن على زوجها الساخر وهو يردد أن تعديلا جديدا دخل على القانون المدني يعطي المرأة الجميلة حق عدم الإنجاب حفاظا على رشاقتها فقالت ليت والدتك استفادت من هذه التعديلات أيضاً.