icon
التغطية الحية

ما الذي تريده روسيا من تأكيدها "تصدي" منظوماتها للقصف الإسرائيلي في سوريا؟

2021.08.22 | 13:53 دمشق

photo_2021-08-22_12-36-06.jpg
طائرة من طراز Sukhoi Su-30 خلال العرض الجوي MAKS 2021 في موسكو - رويترز
موسكو – طه عبد الواحد
+A
حجم الخط
-A

تؤكد الضربات التي وجهتها إسرائيل ضد أهداف تابعة لـ "حزب الله" و إيران، على الأراضي السورية يومي 18 و 20 آب الحالي، أن شيئا لم يتغير في "آليات التنسيق"، و"السلوك الحربي العملياتي" إن جاز التعبير، بين موسكو وتل أبيب في الأجواء السورية. والواضح أن التغيير الوحيد الذي طرأ على العلاقة بين "الشريكين" الروسي والإسرائيلي، يقتصر على لهجة خطاب الأول في التعليق على الضربات الإسرائيلية. وتريد موسكو من ذلك تحقيق جملة أهداف لخدمة مصالحها، إن كان فيما يتعلق بالموقف أمام وفي "الداخل السوري"، كما وبالنسبة لموقف قطاع الإنتاج الحربي الروسي في الأسواق العالمية.

تصريحات روسية متكررة

منذ أقل من شهر، وتحديداً في 22 تموز، وجهت إسرائيل ضربة جديدة لأهداف على الأراضي السورية. حينذاك وفي لهجة غير معتادة، سارع نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، العقيد البحري فاديم كوتيل، إلى التصريح بأن منظومات الدفاع الجوي السورية تمكنت من إسقاط جميع الصواريخ الإسرائيلية التي تم إطلاقها نحو سوريا، وركز بصورة خاصة على أنه تم تدميرها بواسطة "صواريخ من إنتاج روسي طراز "بوك-إم 2 ي". وأثارت تلك التصريحات موجة تكهنات في أوساط الخبراء والمحللين، الذين رأى جزء كبير منهم أن روسيا بذلك تعلن "تغيير قواعد اللعبة في سوريا"؛ وذهب آخرون للقول إن روسيا تعلن بذلك أنها لن تسمح بعد الآن لإسرائيل بتوجيه ضربات كالسابق. لكن في النهاية وضعت إسرائيل النقاط على الحروف في الجدل الدائر، وأكدت في الواقع العملي أنه لا شيء ولا أحد يمكن أن يرغمها على "تغيير القواعد"، وذلك حين قامت يوم 18 آب بقصف مواقع جنوب سوريا، ومن ثم بعد يومين في 20 آب، قصفت أهدافا في منطقة القلمون، تقول وسائل إعلام إنها عبارة عن مقار ومستودعات ذخيرة لـ "حزب الله".

في بيان حول استهداف مواقع في منطقة القلمون، عادت روسيا وأكدت أن وحدات الدفاع الجوي في قوات النظام السوري تصدت للقصف الإسرائيلي. إلا أن البيان الرسمي الروسي، الصادر على لسان نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، العقيد البحري فاديم كوليت نفسه، اكتفى هذه المرة بالإشارة إلى أن "قوات الدفاع الجوي السورية نجحت في تدمير 22 صاروخا إسرائيليا"، وركز مجددا على أن إسقاط تلك الصواريخ كان بواسطة  المنظومات الروسية "بوك - إم 2 ي"، و"بانتسير - س". وفي حين ذهب العقيد الروسي إلى الإشارة في بيانه، كما نقلته وكالة "سبوتنيك" الحكومية الروسية، إلى "عدم وجود ضحايا أو أضرار من جراء الهجمات الصاروخية الإسرائيلية في سوريا، تناقلت وسائل الإعلام مقاطع فيديو تظهر إصابة الصواريخ الإسرائيلية أهدافها بالقرب من مدينة قارة في القلمون. كما أن "سبوتنيك" نفسها نشرت معلومات نقلا عن مصادر في دمشق قالت إن "وحدات الدفاع الجوي تصدت لقصف إسرائيلي"، لكنها أكدت إصابة أهداف ووقوع أضرار "اقتصرت على الماديات" نتيجة ذلك القصف.

ما الذي تريده روسيا؟

 

لم يتغير أي شيء إذاً في"قواعد اللعبة" بين الروس والإسرائيليين في سوريا. الضربات الإسرائيلية ضد أهداف في سوريا مستمرة، وروسيا لا تزال عاجزة عن وقف تلك الضربات.  فما الذي تريده روسيا إذاً من تأكيدها التصديَ للقصف الإسرائيلي؟ في محاولة الإجابة عن هذا السؤال، يثير الانتباه أن التصريحات الروسية حول التصدي لجميع الصواريخ الإسرائيلية خلال الضربة يوم 22 تموز، تزامنت مع اليوم الثالث من فعاليات معرض "ماكس-2021" العسكري للطيران في روسيا، والذي يعول عليه قطاع الإنتاج الحربي الروسي في توقيع عقود جديدة مع مختلف دول العالم. ولما كانت الإشارة إلى "القدرات العالية التي أكدتها الأسلحة الروسية خلال العملية في سوريا" وهي مكون رئيسي في تسويق الصناعات الحربية الروسية طوال السنوات الماضية، فإن مثل تلك التصريحات حول "إسقاط جميع الصواريخ الإسرائيلية في سوريا بأنظمة روسية"، يصب في خدمة الترويج لتلك المنتجات. لذا يمكن القول إن تلك التصريحات في أحد جوانبها، أقرب ما تكون إلى جزء من "الحملة الدعائية" المرافقة لمعرض "ماكس".

في الوقت ذاته يبدو أن روسيا، التي ترى تزايد حالة الغضب الشعبي من النظام السوري، بسبب تدهور الظروف المعيشية في البلاد، لم يعد بإمكانها تجاهل الاستياء في أوساط السوريين، بما في ذلك من التزامها موقف المتفرج عمليا إزاء الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة والقصف الذي لم يتوقف منذ عدة سنوات، حتى بعد تسليم موسكو منظومة "إس-300" للنظام السوري، فضلا عن نشر منظومات دفاع جوي أخرى حديثة وتتمع بقدرات قتالية عالية، وفق التقديرات الروسية، مثل "بوك"، وبانتسير". بالتالي من شأن مثل تلك التصريحات امتصاص حالة الاستياء تلك في الداخل السوري، أو على الأقل التخفيف من حدتها.