icon
التغطية الحية

ماذا قال السوريون عن مجزرة التضامن؟

2022.04.29 | 02:39 دمشق

3232_0.jpg
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

أثار تحقيق صحيفة الغارديان البريطانية عن مجزرة التضامن والفيديو الذي نشرته، ردود فعل واسعة لدى السوريين، وأعاد إلى ذاكرتهم مئات التسجيلات المصورة المسربة عندما كان عنصار النظام يتلذذون بتعذيب السوريين حتى الموت.

في 16 من نيسان (أبريل) من العام 2013 أعدم كل من أمجد يوسف ونجيب الحلبي، 41 شخصاً عبر الإلقاء بهم في حفرة وسط أحد الشوارع في حي التضامن، ومن ثم إطلاق الرصاص المباشر عليهم وإحراق جثثهم بإطارات السيارات.

وفي التقرير التالي ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا للتحقيق كاملاً:

الفيديو المجتزء الذي عرضته صحيفة الغارديان، نشره ناشطون صباح اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي.

 

 

وقالت صحيفة "الجمهورية" في تحقيق لها إن هذا الفيديو الذي تم نشره هو واحد من 27 فيديو تم تسريبها، ويظهر فيها مقتل 288 مدنياً بينهم 7 نساء ومجموعة غير معروفة العدد من الأطفال، على يد يوسف والحلبي اللذين يعملان في  فرع المنطقة التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية، والمعروف أيضاً بالفرع 227.

ما السياق الذي ارتكبت فيه مجزرة التضامن؟

أوضح الصحفي السوري مطر إسماعيل في منشور على فيس بوك السياق الذي وقعت فيه مجزرة التضامن، حيث إنها ارتكبت خلال الفترة التي سادت فيها أجواء استعدادات الفصائل العسكرية للدخول إلى العاصمة دمشق وبدء معركة إسقاط النظام عسكريا.

وقعت المجزرة في الجزء الجنوبي الشرقي من التضامن، في منطقة كانت قريبة من خط التماس مع فصائل المعارضة في شارع دعبول- منطقة سليخة المدمرة، أي أن خط التماس هو جبهة قتال لا يوجد فيها سكان إطلاقا بعد تهجيرهم قبل عدة أشهر، والمنطقة التي نفذت فيها المجزرة ما زالت مستباحة لليوم، ويمنع الوصول إليها.

ويبعد موقع المجزرة عن حاجز مخيم اليرموك الفاصل بين المخيم وحي الميدان، تحديدا منطقة دوار البطيخة، قرابة 1 - 1.5 كم، وحينذاك كان الأهالي بعد سيطرة الجيش الحر على المخيم في كانون الأول/ديسمبر 2012، يضطرون للخروج بالمئات يوميا نحو دمشق لتأمين حاجياتهم بعد فرض حصار جزئي على المنطقة، ثم يعودون قبل المغرب، مع إغلاق الحاجز مساء من قبل النظام، ومنهم من كان يهرب من الحصار دون عودة.

عملية الخروج كانت خطيرة ومرعبة، حيث كانت تتخللها حالات قنص للمارة المضطرين إلى التوجه من ساحة الريجة نحو شارع اليرموك الرئيسي وصولا إلى الحاجز، مسافة قدرها نحو 400 - 600 متر، في أي سنتيمتر منها يمكن أن تسقط قتيلاً، كانت مكشوفة لقناصي النظام الذي كانوا يتسلّون في كثير من الأحيان باستهداف المدنيين مما أوقع عددا من القتلى.

ثم بعد وصول الأهالي إلى الحاجز يخضعون لعملية تفتيش دقيقة اشتدت بمرور الوقت، وهناك اختفى العشرات وربما المئات من المدنيين دون أن يعرف مصيرهم، وهناك في الغالب اختار المجرم أمجد اليوسف قائمة ضحاياه العشوائية، ليتسلى هو الآخر بهم في سبيل الانتقام والتشفّي من أبرياء عزّل.

وأضاف إسماعيل: "من المعلوم أن المنطقة المحيطة بحاجز قوات النظام كالثقب الأسود، فهي تمتد من منطقة بنايات القاعة، مسجد الماجد، مسجد البشير، وصولا للفرن الآلي بين الزاهرة والتضامن، هذه الخاصرة كانت مرتعا لأقذر شبيحة عرفتهم العاصمة، وهم شبيحة شارع نسرين، الذين انتسبوا لعدد من الأجهزة الأمنية والعسكرية أهمها "الدفاع الوطني"، وسُمّوا على اسم شارع نسرين في حي التضامن والذي تقطنه غالبية علوية".

شكّل الشارع/الدويلة حالة رعب للمناطق المحيطة، واشتهر شبيحة شارع نسرين في قمع المظاهرات ثم في حملهم السلاح باكرا وتشكيل ميليشيات ارتكبت مئات المجازر بحق المدنيين، وأخذت طابعا طائفيا كونها تشكّلت في الغالب من أبناء طائفة واحدة، كان من بينهم المجرم أمجد اليوسف الضابط في فرع المنطقة 227 التابع لشعبة الأمن العسكري.

وأشار الصحفي السوري إلى أن تحقيق الغارديان أظهر بشكل واضح أن "المجرم أمجد قرر أن يختار عينة عشوائية من ضحايا مدنيين، تثبت أزياؤهم وصحتهم أنهم لربما قد اعتقلوا في اليوم نفسه أو خلال أيام قليلة فائتة، لا تظهر عليهم علامات خوف أو تحضّر للإعدام، لا يبدو أن هناك شكّ حقيقي في أنهم سيرمون بالرصاص بعد قليل، شباب ورجال ونساء، ملابسهم توحي بفقر الحال و"العادية"، بمعنى أن الضحية ممكن أن تكون أي مواطن سوري يخرج عبر الحاجز يوميا، أو وجد مصادفة في الشارع، دون أن يُسأل عن موقفه السياسي، وربما بعضهم موالون للنظام أصلا".

مجازر غير معروفة حتى الآن

وقال الباحث السوري أحمد أبازيد: "إن أفظع ما تحكيه مجزرة التضامن هي المجازر التي لم تُعرف وربما لن نعرفها، عثر مجند على الفيديو صدفة وقام بتسريبه إلى أن انتشر اليوم، كم من مجزرة لم تصوّر، أو صوّرت ولم يعثر عليها أحد، أو رآها ولم يسربها، صدفة نادرة في عالم القمع الشامل ومصنع المذبحة حصلت في مجزرة التضامن، ولكنها نقطة ضوء في بحر العتمات المهول".

وتابع في منشور له على فيس بوك: "لم تُعرف مجزرة التضامن في حينها، والخبر الوحيد عن الحي في ذلك اليوم (16-4-2013) كان وجود اشتباكات ككل يوم... حتى المجازر التي عرفناها لم نعرف إلا النزر اليسير من تفاصيلها، ولم يمكن أن نتصور تفاصيل لحظات الأهوال التي عاشها الضحايا بينما يُساقون إلى المذبحة، وكأنها ليست من هذا العالم".

تطور غايات النظام في المذبحة السورية

وأوضح أبازيد أن النظام كان يقتل المتظاهرين بداية للترهيب، وكان يتم تشييعهم، لكن لاحقاً كان قناصة النظام يمنعون من يقترب من الجثث ويقتلونه، "كان يريد للجثث أن تُرى وتبقى أمام الناس".

أما في العام 2012 فكان النظام يقتل المدنيين في المناطق المنتفضة لمعاقبتهم وترهيبهم بشكل جماعي، وظهر وقتها الذبح الطائفي ومداهمة المناطق وقتل عوائل بكاملها ثم الانسحاب، وتواترت وقتها حوادث قنص الأطفال والنساء في الشوارع، كان بعضها يكتشف فوراً، وبعضها يستمر اكتشافه بعد أيام وأسابيع لأن الجثث في مناطق الاشتباك، مجازر مثل حي الرفاعي وكرم الزيتون في حمص اكتشفت الجثث فيها على مدى أيام وأسابيع، وكانت تتفسخ أحياناً أو تؤكل من الحيوانات قبل اكتشافها، "وكان النظام يريد أن تُرى وتسمع أيضاً، رأينا وقتها التريمسة والقبير والحولة وداريا وعرطوز وعشرات المذابح".

وأضاف الباحث السوري في منشوره: "في الجيل الثالث من المذبحة، كان القتل لأجل القتل والانتقام والتسلية، كان يتم إخفاء الجثث منذ بدايات الثورة، ولكنه لاحقاً أصبح أسلوباً ممنهجاً، المقابر الجماعية وحرق الجثث لإخفائها أصبح أكثر شيوعاً، في هذا الوقت حصلت مجزرة التضامن وجديدة الفضل والبيضا وبانياس، وبدأت تظهر القصص عن محارق الجثث الجماعية في السجون .. في الأجيال اللاحقة من المذبحة أصبح النظام وشبيحته يقتلون بكل الطرق بلا ملل، بالطيران والصواريخ والملغمات والسجون والإعدام على الحواجز، مجازر أمام الناس أو تحت الأرض، مجازر في البث المباشر، وأخرى لإشباع شهوات القتل في السر، عرفوا أن كل شيء مباح واستباحوا كل شيء.

ويستذكر مغني الراب الفلسطيني سلام ناصر ما تعرض له من تعذيب على يد نجيب الحلبي، في حي التضامن، وتعرضه للضرب، من قبل العديد من العناصر أحدهم "الحلبي". وسلام ناصر غنائي ومغني راب ومنتج، أصله من حيفا، ولد سلام ناصر ونشأ في مخيم اليرموك بدمشق، ومع تصاعد العنف في سوريا طلب اللجوء في درامن بالنرويج، حيث أتقن بسرعة اللغة النرويجية في عام 2019، فاجأ سلام مشهد الراب عندما بدأ المشاركة في معارك الراب ضد مغني الراب النرويجيين، مما يثبت أن موهبته لم تقتصر على لغته الأم. 

200000.jpg

 

300000111.jpg

وتحدث مراسل تلفزيون العربي عدنان جان ابن حي التضامن عن ذكرياته في شارع المجزرة وعن المجازر الأولى قائلاً: 

 

الجريمة اليومية.. تعذيب المعتقلين

قال الصحفي السوري رأفت الرفاعي في منشور على حسابه في فيس بوك: "أمجد يوسف وأمثاله في مسالخ الأسد - الفروع الأمنية- يرتكبون جرائم يومية ربما أكثر بشاعة من مذبحة التضامن الميدانية، هناك حيث تنعدم الكرامة الآدمية، ويُعذب المعتقل، جسديا ومعنويا، في موت بطيء يكون الموت برصاصة في الرأس أهون وأقل شراً".

 

وقال الصحفي السوري بشر أحمد: "الجريمة ارتكبت في العام 2013 والفيديو متوافر لدى مراكز حقوقية منذ ثلاث سنوات على الأقل والإفراج عنه الآن فضيحة للمجتمع الدولي.. لدى المجتمع الدولي آلاف الأدلة على إجرام نظام الأسد لكنه لا يحرك ساكناً ما لم تستدعِ الحاجة السياسية".

ما الذي أثبته التحقيق؟

وأشار المعارض السوري أسامة أبو  زيد في منشور له على فيس بوك إلى أن تقرير الغارديان "يفنّد لمنكري مذبحة الشعب السوري كيف أن كل عنصر من عناصر جيش النظام ومخابراته هو مجرم بالأصل وأنه لا وجود لشيء يسمى الجيش العربي السوري أو مؤسسة الجيش والأمن التي يجب أن يحافظ عليها السوريون عند بحثهم عن العدالة الانتقالية".

وأضاف: "يردّ التقرير على ما يطرحه العالم وكثير من السوريين وبعضهم من المحسوبين على الثورة حول الخطأ في اللجوء إلى السلاح خلال الثورة السورية .. أصحاب ذلك الطرح صارو مطالبين باستعمال مخيلتهم ليتصوروا أن فرداً من أفراد عائلتهم كان يساق إلى خندق الموت قبل أن يطلق عليه النار لتحرق جثته لاحقاً بالدواليب والنفايات".

وتابع: "يجيب التقرير في تتبعه لسيرة المجرم الذاتية هو ورفاقه على جمع كبير من الحمقى والمعتوهين ممن يحملون الثورة السورية مسؤولية تطييف الصراع".

ولفت أبو زيد إلى أن التقرير "يخرّب خطط المبعوث الأممي بيدرسون واللجنة الدستورية ومن خلفهم المعارضة الرسمية ويجبرهم على مواجهة مرآة الحقيقة في وقت يتم فيه السعي إلى اتفاق قد يجعل عشرات الآلاف من أشباه القتلة الذين فضحهم التقرير أبطالاً حاربوا الإرهاب ولهم دور أصيل في مستقبل سوريا".

وختم بالقول: "تفوق التقرير وصداه على ماكينة إنتاج سينمائي وتلفزيوني ضخمة حاولت من خلال دراما سخيفة تزوير التاريخ، مؤكداً التقرير أن النظام من رأس هرمه حتى أصغر تفصيل في قاعه النجس متورطون في قتل السوريين بكل دم بارد".

ونشر الناشط الإعلامي عز الدين العلي تفاصيل مطولة عن المجازر الطائفية المرتكبة في حي التضامن، وكيف عثرت مجموعات من الجيش الحر على الجثث المتفسخة والمتفحمة في الأبنية والأقبية والشوارع

 

 

لعبة الحبار السورية

وصف الصحفي السوري يوسف غريبي مجزرة التضامن والمجازر المماثلة التي ارتكبهتها قوات النظام بـ " لعبة الحبار السورية".

وقال في منشور على فيس بوك: "يموت السوريون بالمجان لإمتاع القتلة الذين يصورون مجازرهم لمتعة رؤسائهم أيضاً.. ويأتيك من يقول إن سوريا آمنة وصالحة للعيش".

 

وقال الصحفي قتيبة ياسين: "مرة سمعت أشخاصا من حماة عم يحكوا إنن وجدوا كميات عظام بشرية بأحد شوارع حماة في أثناء الحفر لتمديدات الصرف الصحي وقالوا إنها لوحدة من مجازر حماة في الثمانينات. الحقيقة استغربت إنو ليش النظام ليعمل مقابر جماعية بالشوارع وهو قادر ياخدن وين ما بدو. بعد ما شفت فيديو مجزرة التضامن عرفت ليش".

 

وأوضح المحامي والناشط الحقوقي فهد الموسى أن مجزرة التضامن تثبت أن المجرم أمجد يوسف هو جزء لا يتجزأ من منظومة إجرام النظام الأسدي وهذه المنظومة لديها تسلسل أوامر هرمي تبدأ من بشار الأسد وتنتهي بضابط المخابرات أمجد اليوسف وعناصر فرع المنطقة التابع لشعبة الأمن العسكري.

وأضاف: "في سورية ممنوع على أي ضابط مخابرات أو جيش أو شرطة أن يقوم بعمل فردي أو اجتهاد شخصي الكل يعمل ضمن منظومة هرمية تنتهي بتقرير يومي يقدم إلى القصر الجمهوري الذي يبارك هذه الأعمال ويشجع عليها ويمنح المجرمين أرقى الأوسمة على إجرامهم".

 

كلمات مفتاحية