icon
التغطية الحية

ماحقيقة خيانة العرب للعثمانيين ولماذا رفض أتاتورك عرضهم؟

2018.05.29 | 17:05 دمشق

جمال باشا وأعيان مدينة دمشق عام 1916(الأرشيف السوري)
تلفزيون سوريا- متابعات
+A
حجم الخط
-A

فترة تاريخية حساسة في تاريخ المنطقة العربية وتركيا، مازالت تشهد جدلاً بين العرب والأتراك إلى يومنا هذا، إبّان الحرب العالمية الأولى واتفاق الشريف حسين مع الإنكليز لمحاربة الدولة العثمانية.

وينشأ إثر ذلك جيل الشباب التركي على فكرة تفيد بأن العرب خانوا الأتراك وغدروا بهم، إلا أن القضية التي يتم التغاضي عنها باستمرار هي أن شريف مكة المعروف بالشريف حسين لايمثل جملة العرب آنذاك، بل هو استثناء من جملتهم.

ويورد البحث الذي ترجمه مركز حرمون للدراسات المعاصرة للكاتب التركي قدير تشاندر أوغلو، أن الشريف حسين حرّض بعض القبائل العربية ضد الدولة العثمانية عام 1916، ويضيف البحث أن ذلك لم يحمل قيمة عسكرية لأن الدعم الذي حصل عليه الإنكليز بإعطائهم وعداً بالاستقلال جمع بعض القبائل التي قدمت الدعم للإنكليز في جبهة معان-مكة أي في الخطوط الخلفية وليست الأمامية للحرب.

 

فخر الدين باشا وحصار المدينة

حصار الإنكليز وحلفاؤهم من القبائل العربية للمدينة المنورة ودفاع القائد العسكري التركي فخر الدين باشا عنها مع 15 ألفا من جنوده إضافة لسكانها الذين عانوا الكثير، مازال يثير أزمات بين الدول العربية وتركيا في وقتنا الراهن لحساسية تلك المرحلة التاريخية، وبشأن ذلك يقول الكاتب فريدون كاندمير في كتاب"آخر الأتراك في ظل النبي" كان قيام جند "مهمتجيك " وهو لقب العسكر التركي وهي تصغير كلمة محمد"Mehmetçik"، قبل مغادرة المدينة بالرغم من جراح بعضهم وإصابات البعض الآخر بمساعدة بعضهم لإتمام الزيارة الأخيرة وإلقاء نظرة الوداع على الروضة المطهرة والحرم الشريف.

ويضيف أن ذلك كان أمرا مهيبا، حتى إن بعض "العرب في الظاهر" والحاقدين الناقمين على الترك والراهنين أنفسهم للذهب (المال)  لم يستطيعوا حبس دموع عينيهم تجاه هذا المشهد العظيم.

أما "العرب المحليون" الذين ظلوا معنا في المدينة وكابدوا ما كابدناه من شدة الحصار الذي فرض على المدينة واستمر لشهور بكل ما حمله فقد انتابتهم حالة من النحيب والبكاء والنواح، وبالأخص أغوات الحرم الذين نذروا أنفسهم لسنين طويلة لخدمة الحرم الشريف، حتى أنني عجزت في تلك اللحظة عن وصف حالة الذين شهدوا أمثالي مشهد معانقتهم (لمهمتجيك) بينما كان شهيق بكائهم يملأ المكان.

وبعد أن وصف شاهد عيان الواقعة العصاة "ببعض العرب في الظاهر" كما هو واضح، أفاد ببقاء "العرب المحليين" ومكابدتهم كل ما يحمله الحصار مع الجيش العثماني في المدينة الذي امتد لأشهر من معاناة وألم وجوع.

 

القومية العربية

يشير الباحث قدير تشاندر أوغلو إلى أن العراق وفلسطين وسوريا لم تشهد أيَّ انتفاضة كما لم تسجل أي واقعة تثبت "طعن القوات التركية من الخلف"، ويوضح أن الغالبية العظمى من العرب ظلوا أوفياء لتركيا.

ويؤكد البحث أن الغالبية العظمى من العرب المسلمين لم يكن في نيتهم الانفصال عن إدارة الدولة العثمانية، ويأتي ذلك في ظل انتشار الفكر القومي العربي بين العرب المسيحيين، وضعف الدولة العثمانية إضافة لدعم بريطانيا وفرنسا للحركات القومية في سوريا ولبنان، وسط رفض العرب المسلمين للقومية المستحدثة على الطريقة الغربية.

وفي هذه الظروف تركز هدف المثقفين العرب المسلمين على إجراء إصلاحات تعزز وتقوي مكانة الدولة العثمانية الدينية والسياسية، أكثر من ميلهم إلى الانفصال وإنشاء دولة مستقلة.

 

تعاون عربي تركي

الكاتب الأتاتوركي صباح الدين سلك قال في كتاباته إن دور العرب كان فعالاً ومؤثراً في تحقيق السلام معهم، وقاتلوا جنبا إلى جنب في حرب الاستقلال بوجه الفرنسيين، كما عدد "سلك" القادة والجمعيات الذين تعاونوا مع الأتراك ضد الفرنسيين.

وخففت الحركة القومية العربية التي برزت في سوريا ضد الفرنسيين  الكثير من الأعباء عن الجبهة التركية الجنوبية، إذ حوصر الفرنسيون بين القوات التركية والعربية وأجبروا على القتال ضد جبهتين معا، جبهة الأناضول في كيليكيا وجبهة شمال سوريا.

وكانت القوات العربية تدخل الأراضي التركية لتقاتل القوات الفرنسية بين الحين والآخر، بينما كانت تقوم القوات التركية بتوسيع هجماتها لتصل إلى الشمال السوري.

 

أتاتورك رفضا عرضا قدمه العرب 

ويفيد البحث بأن فيصل ابن الشريف حسين عرض آنذاك على كمال مصطفى أتاتورك ولاءه للعثمانيين، ولكن أتاتورك رفض عرض فيصل ويبدو ذلك واضحا في خطاب أتاتورك أمام المجلس بتاريخ 24 نيسان 1936 والذي جاء فيه:

"بعد أسلوب الإدارة الفرنسية المذلة والمهينة في سوريا، قدر الإنجليز أن أهل الإسلام في هذه الأجزاء ّ قد ، وقعوا في خطأ كبير، وفي إثر ذلك اتجه التفكير بهم إلى أن يستقل قسم منهم داخليا مع البقاء بشكل من  الأشكال تحت سلطان الجامعة العثمانية.

وبالطبع فإن الولاء والمربوطية لمقام الخلافة العالي كما لنا كلنا، هي وظيفة مقدسة لجملة أهل الإيمان، وذهب قسم آخر إلى أبعد من هذ وقال،  نحن ليس لدينا بأي شكل وبأية صورة حاجة إلى الاستقلال وأننا سنبقى تحت إمرة خليفتنا وسلطاننا ضمن إطار الجامعة العثمانية (...).

وبالنتيجة، حتى إن الأمير فيصل جلب مبعوثيه الخصوصيين ، للمباحثات معنا بلقاءات رسمية وأود إيضاح النقاط التي رأيناها في هذه المراجعة ، لقد تشكلت في الأحوال كلها، قناعة لدى السوريين بأن أي علاقة لهم مع أية دولة أجنبية هي بالنتيجة بمنزلة أسر وعبودية بالنسبة إليهم، ولهذا السبب توجهوا إلينا.

قلنا لهم؛ بأننا لم ن عد نرغب في صرف وإهدار الموارد البشرية والمنافع العموميةالموجودة داخل حدودنا الوطنية خارج هذه الحدود بعد الآن."

 

جمعية الاتحاد والترقي والاضطرابات

يشير البحث إلى أن مصدر عدم الاستقرار والاضطراب الذي ظهر لدى بعض العرب، كان بسبب مواقف جمعية الاتحاد والترقي ذات التوجه الماسوني- كما يقول البحث- والتي تجرأت على خلع السلطان عبد الحميد وسيطرت على إدارة الدولة.

أما المصدر الآخر للاضطراب فكان مبدأ نشر السلطة المركزية إلى أوسع نطاق ممكن في مناحي الحياة واستخدام لغة الدولة اللغة التركية، شرطا لايمكن الاستغناء عنه في الإصلاحات التي قام بها الاتحاديون.

إن هذه الإصلاحات كانت سببا في تعاظم الخلاف مع العرب واستحالته إلى نزاع مسييس في النتيجة، ثم إن إقدام الاتحاديين على تعيين رجالاتهم في الجهات الحكومية ّ وفرض تطبيق اللغة التركية ، للدولة في سورية "سياسة التتريك" في المدارس والمحاكم والوحدات الإدارية جعلت من "التعريب" أداة بيد المعارضين في سورية .

 

لقراءة البحث كاملا انقر هنا